"هو الذي انزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم" الفتح 4
سكينة النفس هي الينبوع الأول للسعادة مصدرها واحد لا شريك له هو الإيمان بالله واليوم الأخر. الإيمان الصادق العميق، الذي لا يكدره شك، ولا يفسده نفاق. فهي نفحة من السماء ينزلها الله على قلوب المؤمنين من أهل الأرض، ليثبتوا إذا اضطرب الناس، ويرضوا إذا سخط الناس، ويوقنوا إذا شك الناس، ويصبروا إذا جزع الناس، ويحلموا إذا طاش الناس.
وأسباب السكينة :
1 - الاهتداء إلى الفطرة التي فطر الناس عليها ألا وهي فطرة الله ووحدانيته في الوجود كله
فال ابن القيم رحمه الله : "في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله، وفيه وحشة لا يزيلها إلا الأنس بالله، وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته،وفيه قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار إليه، وفيه نيرات حسرات لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه ومعانقة الصبر على ذلك إلى وقت لفائه، وفيه فاقة لا يسدها محبته والإنابة إليه ودوام ذكره وصدق الإخلاص له ولو أعطى الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة أبدا."
"اعبدوا الله مالكم من اله غيره" الأعراف 59
2- الاستجابة إلى سر الوجود : حيث يقول الله سبحانه في القران الكريم :
" وما خلقنا السموات والأرض لاعبين. ماخلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون." الدخان38-39
" فأقم وجهك للدين حنيفا، فطرة الله التي فطر الناس عليها"الروم 30
3- سلامة المؤمن من الشك والحيرة والاضطراب :
فقد عرف ان له ربا خالق كل شيء، وجعله خليفة وكفل له رزقه وسخر له ما في السموات وما في الأرض وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة. وان هذه الحياة القصيرة وممزوج فيها الخير بالشر والعدل بالظلم والحق بالباطل، ليست هي الغاية، وانه لم يخلق فيها عبثا ولم يترك سدى حيث بعث الله للناس رسلا بالبينات مبشرين ومنذرين فيعرفوا ما يرضي الله فيتبعوه وما يسخطه فيتقوه.
4- غاية واضحة المعالم: العبودية لله تعني :
الانقياد لحكمه سبحانه، مع رضا النفس ، وتسليم القلب لثقة المؤمن بان تدبير الله له خير من تدبيره لنفسه وانه تعالى ارحم به من أمه وأبيه،
"وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم"الأحزاب 36
5- الارتباط بالوجود كله:
حيث انه مجال تفكره واعتباره ومظهر نعم الله وأثار رحمته، وان هذا الكون الكبير كله يخضع كما يخضع هو لنواميس الله وكذا يسبح كما يسبح لذا فقلب المؤمن يتسع بهذه النظرة الرحبة للوجود الذي يعيش فيه والوجود الأزلي الأبدي.
6- استشعار معية الله : مما يجعله في انس دائم بربه ، ونعيم موصول بقربه
"إن معي ربي سيهدين" الشعراء 62
"لانحزن إن الله معنا"التوبة 407- معية وصحبة النبيين والصديقين : في صلاته وبعمله الصالح
" ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن اولئك رفيقا" النساء 69
"ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان" الحشر 10
8- الصلاة والدعاء من بواعث السكينة :
" يا أيها الذين امنوا استعينوا بالصبر والصلاة ، إن الله مع الصابرين" البقرة 152
الصلاة شيء عملي فعال لأنها تحقق ثلاثة أمور لا يستغني عنها إنسان سواء أكان مؤمنا أو ملحدا :
-الصلاة تعين على التعبير بأمانة ودقة عما يشغل نقسك فإذا كنا نريد حلا لمشكلاتنا وجب أن نجريها على ألسنتنا واضحة المعالم فهذا ما نفعله حيث نبث شكوانا إلى الله.
-والصلاة تشعرك بأنك لست منفردا بحل مشكلاتك وهمومك حيث نذكرها لله عز وجل ولا نأبى أن ذكرها لأقرب الناس.
-الصلاة تحفزنا إلى العمل والإقدام
أي سكينة يشعر بها المؤمن حين يلجأ إلى ربه في ساعة العسرة ويوم الشدة
9- المؤمن لا يعيش بين لو وليت
ان من أهم عوامل القلق الذي يفقد الإنسان سكينة النفس وأمنها ورضاها هو تحسره على الماضي وسخطه على الحاضر وخوفه من المستقبل
"لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما أتاكم ، والله لا يحب كل مختار فخور"الحديد 23
السكينة روح من الله، ونور، يسكن اليه الخائف ويطمئن عنده القلق، ويتسلى به الحزين ويستروح به المتعب ويقوى به الضعيف ويهتدي به الحيران.
__________________
ياايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما