موضوع: فتاوى إمام المفتين " تتعلق بالكسب وبعض الأعمال الخميس سبتمبر 16, 2010 6:12 pm
فتاوى عن الكسب وبعض الأعمال ====================
وسئل صلى الله عليه وسلم أي الكسب أفضل ؟ قال : عمل الرجل بيده ، وكل بيع مبرور . [ذكره أحمد]. وسأله صلى الله عليه وسلم رجل ، فقال : إن لي مالاً وولداً ، وإن أبي يريد أن يجتاح مالي ، قال : أنت ومالك لأبيك ، إن أطيب ما أكلتم من كسبكم ، وإن أولادكم من كسبكم ، فكلوه هنيئاً . [ذكره أبو داود وأحمد] .
وسألته صلى الله عليه وسلم امرأة ، فقالت : إنا كل على آبائنا وأبنائنا وأزواجنا ، فما يحل لنا من أموالهم؟ قال: الرطب تأكلينه وتهدينه . [ذكره أبو داود] . وقال عقبة : الرطب : يعني به ما يفسد إذا بقي .
وسئل صلى الله عليه وسلم: إنا نأخذ على كتاب الله أجراً ، فقال: إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله . [ذكره البخاري في قصة الرقية].
وسئل صلى الله عليه وسلم عن أموال السلطان ، فقال : ما أتاك الله منها من غير مسألة ولا إشراف فكله وتموله . [ذكره أحمد] . وسئل صلى الله عليه وسلم عن أجرة الحجام ، فقال : أعلفه ناضحك وأطعمه رقيقك . [ذكره مالك].
وسأله صلى الله عليه وسلم رجل عن عسب الفحل ، فنهاه ، فقال : إنا نطرق الفحل فنكرم ، فرخص له في الكرامة . [حديث حسن ذكره الترمذي] .
ونهى عن القسامة بضم القاف ، فسئل عنها فقال : الرجل يكون على الفئام من الناس ، فيأخذ من حظ هذا وحظ هذا . [ذكره أبو داود] .
وسئل صلى الله عليه وسلم : أي الصدقة أفضل ؟ قال : سقي الماء .
وسألته صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت : يا رسول الله إني أحب الصلاة معك ، قال : قد علمت أنك تحبين الصلاة معي ، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك ، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك ، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك ، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي ، فأمرت فبني لها مسجد في أقصى شيء في بيتها وأظلم، فكانت تصلي فيه حتى لقيت الله عز وجل .
وسئل صلى الله عليه وسلم : أي البقاع شر ؟ قال : لا أدري حتى أسأل جبريل ، فسأل جبريل ، فقال : لا أدري حتى أسأل ميكائيل ، فجاء فقال : خير البقاع المساجد ، وشرها الأسواق . وقال : في الإنسان ستون وثلاثمائة مفصل ، عليه أن يتصدق عن كل مفصل صدقة ، فسألوه من يطيق ذلك ؟ قال : النخامة تراها في المسجد فتدفنها، أو الشيء فتنحيه عن الطريق ، فإن لم تجد فركعتا الضحى يجزيانك .
وسئل صلى الله عليه وسلم عن الصلاة قاعداً ، فقال : من صلى قائماً فهو أفضل ، ومن صلى قاعداً فله نصف أجر القائم، ومن صلى مضطجعاً فله نصف أجر القاعد . قلت : وهذا له محملان : أحدهما : أن يكون في النافلة عند من يجوزها مضطجعاً . والثاني : على المعذور ، فيكون له بالفعل النصف والتكميل بالنية .
وسأله صلى الله عليه وسلم رجل ، فقال : ما يمنعني أن أتعلم القرآن إلا خشية أن لا أقوم به ، فقال : تعلم القرآن واقرأه وارقد ، فإن مثل القرآن لمن تعلمه فقرأه وقال به كمثل جراب محشو مسكاً يفوح ريحه على كل مكان ، ومن تعلمه ورقد وهو في جوفه كمثل جراب وكي على مسك . وقال عن رجل توفي من أصحابه : ليته مات في غير مولده ، فسئل ، لم ذلك ؟ فقال : إن الرجل إذا مات في غير مولده قيس له من مولده إلى منقطع أثره في الجنة . ذكر هذه الأحاديث أبو حاتم وابن حبان في صحيحه .
وسئل صلى الله عليه وسلم : أيغني الدواء شيئاً ؟ فقال سبحان الله ، وهل أنزل الله تبارك وتعالى من داء في الأرض إلا جعل له شفاء . وسئل صلى الله عليه وسلم عن الرقى والأدوية ، هل ترد من قدر الله شيئاً ؟ قال : هي من قدر الله .
وسئل صلى الله عليه وسلم عن رجل من المسلمين طعن رجلاً من المشركين في الحرب ، فقال خذها وأنا الغلام الفارسي ، فقال : لا بأس في ذلك ، يحمد ويؤجر . [ذكرهما أحمد] .
وسأله صلى الله عليه وسلم رجل أن يعلمه ما ينفعه ، فقال : لا تحقرن من المعروف شيئاً ، ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي ، ولو أن تكلم أخاك ووجهك منبسط إليه ، وإياك وإسبال الإزار ، فإنها من المخيلة ، ولا يحبها الله ، وإن امرؤ شتمك بما يعلم فيك فلا تشتمه بما تعلم منه ، فإن أجره لك ، ووباله على من قاله .
وسئل صلى الله عليه وسلم عن لحوم الحمر الأهلية ، فقال : لا تحل لمن شهد أني رسول الله . [ذكره أحمد] . وسئل صلى الله عليه وسلم عن الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها ، كيف يصنع معهم ؟ فقال : صل الصلاة لوقتها ، ثم صل معهم ، فإنها لك نافلة . [حديث صحيح] .
وسألته صلى الله عليه وسلم امرأة صفوان بن المعطل السلمي ، فقالت : إنه يضربني إذا صليت ، ويفطرني إذا صمت ، ولا يصلي صلاة الفجر حتى تطلع الشمس ، فسأله عما قالت امرأته ، فقال : أما قولها : يضربني إذا صليت ، فإنها تقرأ بسورتين ، وقد نهيتها عنهما، فقال صلى الله عليه وسلم : لو كانت سورة واحدة لكفت الناس ، وأما قولها : يفطرني إذا صمت ، فإنها تنطلق فتصوم ، وأنا رجل شاب ولا أصبر ، فقال صلى الله عليه وسلم يومئذ : لا تصوم امرأة إلا بإذن زوجها . قال : وأما قولها : لا أصلي حتى تطلع الشمس ، فإنا أهل بيت لا نكاد أن نستيقظ حتى تطلع الشمس ، فقال : صل إذا استيقظت . [ذكره ابن حبان] . قلت : ولهذا صادف أم المؤمنين في قصة الإفك ، لأنه كان في آخر الناس ، ولا ينافي هذا الحديث قوله في حديث الإفك ، والله ما كشفت كنف أنثى قط ، فإنه إلى ذلك الوقت لم يكشف كنف أنثى قط ثم تزوج بعد ذلك .
وسئل صلى الله عليه وسلم عن قتل الوزغ ، فأمر بقتله . [ذكره ابن حبان] . وسئل صلى الله عليه وسلم عن رجل نذر أن يمشي إلى الكعبة ، فجعل يهادى بين رجلين ، فقال : إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه وأمره أن يركب .
واستفتاه صلى الله عليه وسلم رجل في جار له يؤذيه ، فأمر بالصبر ، ثلاث مرات ، فقال له في الرابعة : اطرح متاعك في الطريق ، ففعل ، فجعل الناس يمرون به ويقولون : ما له ؟ ويقول : آذاه جاره ، فجعلوا يقولون : لعنه الله ، فجاءه جاره فقال : رد متاعك ، والله لا أوذيك أبداً . [ذكره أحمد وابن حبان] .
وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال : إني أذنبت ذنباً كبيراً ، فهل لي من توبة ؟ فقال له : ألك والدان ؟ فقال : لا ، قال: فلك خالة؟ قال: نعم ، قال : فبرها . [ذكره ابن حبان] .
وسئل صلى الله عليه وسلمض عن رجل قد أوجب ، فقال : اعتقوا عنه رقبة يعتق الله بكل عضو منها عضواً منه من النار . [ذكره ابن حبان] . أوجب : أي استوجب النار بذنب عظيم ارتكبه .
وسأله رجل ، فقال : إن أبوي قل هلكا ، فهل بقي من بعد موتهما شئ ؟ فقال : نعم الصلاة عليهما ، والاستغفار لهما ، وإنفاذ عقودهما من بعدهما ، وإكرام صديقهما ، وصلة رحمهما التي لا رحم لك إلا من قبلهما . قال الرجل : ما ألذ هذا وأطيبه ! قال : فاعمل به . وسئل صلى الله عليه وسلم عن رجل شد على رجل من المشركين ليقتله ، فقال : إني مسلم ، فقتله ، فقال فيه قولاً شديداً ، فقال : إنما قاله تعوذاً من السيف ، فقال : إن الله حرم علي أن أقتل مؤمناً . [حديث صحيح] .
وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال : يا رسول الله أخبرنا بخيرنا من شرنا ، فقال : خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره ، وشركم من لا يرجى خيره ، ولا يؤمن شره . [ذكره ابن حبان] .
وسأله صلى الله عليه وسلم رجل : ما الذي بعثك الله به ؟ فقال : الإسلام ، فقال : وما الإسلام ؟ قال : أن تسلم قلبك لله ، وأن توجه وجهك لله ، وأن تصلي الصلاة المكتوبة ، وتؤدي الزكاة المفروضة ، أخوان نصيران ، لا يقبل الله من عبد توبة أشرك بعد إسلامه . [ذكره ابن حبان] .
وسأله صلى الله عليه وسلم الأسود بن سريع ، فقال : أرأيت إن لقيت رجلاً من المشركين فقاتلني ، فضرب إحدى يدي بالسيف ، فقطعها ، ثم لاذ مني بشجرة ، فقال : أسلمت لله ، أفأقتله بعد أن قالها ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقتله ، فقلت : يا رسول الله إنه قطع إحدى يدي ، ثم قال ذلك بعد أن قطعها أفأقتله ؟ قال : لا تقتله ، فإنك إن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وأنت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال . [حديث صحيح] .
وسأله صلى الله عليه وسلم رجل ، فقال : يا رسول الله مررت برجل ، فلم يضفني ولم يقرني ، أفأحتكم ؟ قال : بل أقره . ذكرهما ابن حبان . وقوله : أحتكم أي : أعامله إذا مر بي : بمثل ما عاملني به .
وسأله صلى الله عليه وسلم أبو ذر ، فقال : الرجل يحب القوم ، ولا يستطيع أن يعمل بعملهم ، قال : يا أبا ذر ، أنت مع من أحبت . قال : فإني أحب الله ورسوله ، قال : أنت يا أبا ذر مع من أحببت .
وسأله صلى الله عليه وسلم ناس من الأعراب ، فقالوا : أفتنا في كذا ، أفتنا في كذا ، أفتنا في كذا ، أفتنا في كذا ، فقال: أيها الناس، إن الله قد وضع عنكم الحرج ، إلا من اقترض من عرض أخيه ، فذلك الذي حرج وهلك ، قالوا : أفنتداوى يا رسول الله ؟ قال : نعم إن الله لم ينزل داء إلا أنزل له دواء ، غير داء واحد ، قالوا : يا رسول الله وما هو ؟ قال : الهرم . قالوا : فأي الناس أحب إلى الله يا رسول الله ؟ قال : أحب الناس إلى الله أحسنهم خلقاً . [ذكره أحمد وابن حبان] .
وسأله صلى الله عليه وسلم عدي بن حاتم ، فقال : إن أبي كان يصل الرحم وكان يفعل ويفعل ، فقال : إن أباك أراد أمراً فأدركه ، يعني الذكر ، قال : قلت : يا رسول الله ، إني أسألك عن طعام لا أدعه إلا تحرجاً ، قال : لا تدع شيئاً ضارع النصرانية فيه ، قال : قلت : إني أرسل كلبي المعلم ، فيأخذ صيداً فلا أجد ما أذبح به إلا المروة أو العصا قال : أهرق الدم بما شئت ، واذكر اسم الله . [ذكره ابن حبان] .
وسألته صلى الله عليه وسلم عائشة عن ابن جدعان ، وما كان يفعل في الجاهلية من صلة الرحم ، وحسن الجوار ، وقري الضيف ، هل ينفعه؟ فقال : لا ، لأنه لم يقل يوماً رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين .
وسأله صلى الله عليه وسلم سفيان بن عبد الله الثقفي أن يقول له قولاً لا يسأل عنه أحداً بعده ، فقال : قل آمنت بالله ثم استقم . وسئل صلى الله عليه وسلم من أكرم الناس ؟ فقال : أتقاهم لله ، قالوا : لسنا عن هذا نسألك ، قال : فعن معادن العرب تسألوني ؟ خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا .
وسألته صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت : إني نذرت إن ردك الله سالماً أن أضرب على رأسك بالدف ، فقال : إن كنت نذرت فافعلي ، وإلا فلا ، قالت : إني كنت نذرت ، فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فضربت بالدف . [حديث صحيح] . وله وجهان : أحدهما : أن يكون أباح لها الوفاء بالنذر المباح تطييباً لقلبها وجبراً وتأليفاً لها على زيادة الإيمان وقوته ، وفرحها بسلامة رسول الله صلى الله عليه وسلم . والثاني : أن يكون هذا النذر قربة لما تضمنه من السرور والفرح بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم سالماً مؤيداً منصوراً على أعدائه قد أظهره الله وأظهر دينه ، وهذا من أفضل القرب ، فأمرت بالوفاء به .
وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال : يا رسول الله ، الرجل يريد الجهاد في سبيل الله وهو يبتغي من عرض الدنيا ، فقال : لا أجر له ، فأعظم ذلك الناس ، فقالوا للرجل : أعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلعلك لم تفهمه ، فقال الرجل : يا رسول الله ، الرجل يريد الجهاد في سبيل الله وهو يبتغي من عرض الدنيا ، فقال : لا أجر له ، فأعظم ذلك الناس ، فقالوا : أعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأعاد ، فقال : لا أجر له .
وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال : أقاتل أو أسلم ؟ قال : أسلم ثم قاتل ، فأسلم ثم قاتل فقتل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : هذا عمل قليلاً وأجر كثيراً .
وسأله صلى الله عليه وسلم رجل : ما أكثر ما تخاف علي ؟ فأخذ بلسانه ثم قال : هذا .
وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال : قل لي قولاً ينفعني الله به ، وأقلل لعلي أفعله ، فقال : لا تغضب ، فردد مراراً ، كل ذلك يقول له : لا تغضب .
وسألته صلى الله عليه وسلم امرأة ، فقالت : إن لي ضرة ، فهل علي جناح إن استكثرت من زوجي بما لا يعطيني ؟ فقال : المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور . وكل هذه الأحاديث في الصحيح .
وسأله صلى الله عليه وسلم رجل فقال: إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأوصني بشيء أتشبث به ، فقال : لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله . [ذكره أحمد] .
وسأله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أرسل ناقتي وأتوكل على الله ؟ فقال : بل اعقلها وتوكل . [ذكره ابن حبان والترمذي] .
وقال له صلى الله عليه وسلم رجل : ليس عندي يا رسول الله ما أتزوج به ، قال : أو ليس معك قل هو الله أحد ؟ قال : بلى ، قال : ثلث القرآن ، قال : أليس معك ، قل يا أيها الكافرون ؟ قال : بلى ، قال : ربع القرآن ، قال : أليس معك إذا زلزلت الأرض ؟ قال : بلى ، قال : ربع القرآن ، قال : أليس معك إذا جاء نصر الله ؟ قال : بلى ، قال : ربع القرآن ، قال : أليس معك أية الكرسي ؟ قال : بلى ، قال : ربع القرآن ، قال : تزوج ، تزوج ، تزوج ، ثلاث مرات . [ذكره أحمد] .
وسأله صلى الله عليه وسلم معاذ فقال: يا رسول الله أرأيت إن كان علينا أمراء لا يستنون بسنتك ، ولا يأخذون أمرك ، فما تأمرنا في أمرهم؟ قال : لا طاعة لمن لم يطع الله .
وسأله صلى الله عليه وسلم أنس أن يشفع له ، فقال : إني فاعل ، قال : فأين أطلبك يوم القيامة ؟ قال : اطلبني أول ما تطلبني على الصراط ، قلت : فإذا لم ألقك على الصراط ؟ قال : فأنا على الميزان ، قلت : فإن لم ألقك عند الميزان ؟ قال : فأنا عند الحوض، لا أخطئ هذه الثلاث المواطن يوم القيامة . [ذكرهما أحمد] .
وسأله صلى الله عليه وسلم الحجاج بن علاط ، فقال : إن لي بمكة مالاً، وإن لي بها أهلاً ، وإني أريد أن آتيهم . فأنا في حال إن أنا نلت منك ، أو قلت شيئاً ؟ فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول ما شاء . [ذكره أحمد] .
وفيه دليل على أن الكلام إذا لم يرد به قائله معناه ، إما لعدم قصده له ، أو لعدم علمه به ، أو أنه أراد به غير معناه ، لم يلزمه ما لم يرده بكلامه ، وهذا هو دين الله الذي أرسل به رسوله ، ولهذا لم يلزم المكره على التكلم بالكفر الكفر ، ولم يلزم زائل العقل بجنون أو نوم أو سكر ما تكلم به ، ولم يلزم الحجاج بن علاط حكم ما تكلم به ، لأنه أراد به غير معناه ، ولم يعقد قلبه عليه ، وقد قال تعالى : لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ، ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان ' المائدة : 89 ' وفي الآية الأخرى : ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم ' البقرة : 225 '، فالأحكام في الدنيا والآخرة مرتبة على ما كسبه القلب ، وعقد عليه ، وأراده من معنى كلامه .
وسألته صلى الله عليه وسلم امرأة ، فقالت : يا رسول الله إن نساء أسعدنني في الجاهلية ، يعني في النوح أفأساعدهن في الإسلام ؟ فقال : لا إسعاد في الإسلام ، ولا شغار في الإسلام ، ولا عقر في الإسلام ، ولا جلب في الإسلام ، ومن انتهب فليس منا . [ذكره أحمد] . والإسعاد : إسعاد المرأة في مصيبتها بالنوح . والشغار : أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته ، والعقر : الذبح على قبور الموتى ، والجلب : الصياح على الفرس في السباق ، والجنب : أن يجنب فرساً إلى فرسه ، فإذا أعيت فرسه انتقل إلى تلك في المسابقة .
وسأله صلى الله عليه وسلم بعض الأنصار ، فقالوا : قد كان لنا جمل نسير عليه ، وإنه قد استصعب علينا ومنعنا ظهره ، وقد عطش الزرع والنخل ، فقال لأصحابه : قوموا . فقاموا ، فدخل الحائط والجمل في ناحيته ، فمشى النبي صلى الله عليه وسلم نحوه ، فقالت الأنصار : يا نبي الله إنه قد صار مثل الكلب الكلب ، وإنا نخاف عليك صولته ، فقال : ليس علي منه بأس ، فلما نظر الجمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل نحوه حتى خر ساجداً بين يديه ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بناصيته أذل ما كان قط حتى أدخله في العمل ، فقال له الصحابة: يا نبي الله هذا بهيمة لا تعقل ، تسجد لك ، ونحن نعقل ، فنحن أحق أن نسجد لك ، فقال : لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر ، ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر ، لأمرت امرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها ، والذي نفسي بيده لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه يتنجس بالقيح والصديد ، ثم استقبلته تلحسه ما أدت حقه . [ذكره أحمد] . فأخذ المشركون مع مريديهم بسجود الجمل لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتركوا قوله : لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر ، وهؤلاء شر من الذين يتبعون المتشابه ويدعون المحكم .
وسئل صلى الله عليه وسلم فقيل له : إن أهل الكتاب يحتفون ، ولا ينتعلون في الصلاة ، قال: فاحتفوا وانتعلوا ، وخالفوا أهل الكتاب، قالوا: فإن أهل الكتاب يقصون عثانينهم ويوفرون سبالهم ، فقال : قصوا سبالكم ووفروا عثانينكم وخالفوا أهل الكتاب . [ذكره أحمد] .
وسأل صلى الله عليه وسلم رجل فقال : يا نبي الله مررت بغار فيه شيء من ماء ، فحدثت نفسي بأن أقيم فيه ، فيقوتني ما فيه من ماء وأصيب ما حوله من البقل وأتخلى عن الدنيا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إني لم أبعث باليهودية ولا بالنصرانية ، ولكني بعثت بالحنيفية السمحة ، والذي نفس محمد بيده لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها ، ولمقام أحدكم في الصف خير من صلاته ستين سنة .