لقد دعت الشريعة الإسلامية إلى العمل، وأكّدت الحثّ بما لا مزيد عليه من النصوص والمفاهيم والمواقف العمليّة .
منها قوله تعالى : (هو الذي جعل لكم الارض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النّشور ) . (الملك / 15)
ومنها قوله تعالى: (فإذا قُضيت الصّلاة فانتشروا في الارض وابتغوا من فضل الله). (الجمعة/ 10)
ومنها قوله تعالى: (وابتغ فيما آتاك الله الدّار الآخرة ولا تنسَ نصيبك من الدّنيا). (القصص/ 77)
وكما دعت الشريعة الإسلاميّة الى العمل والانتاج، أوضحت اختلاف الطّاقات والمؤهِّلات البشريّة، وضرورة التكامل بتبادل المنافع بين أفراد النوع البشريّ، قال تعالى: (ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتّخذ بعضهم بعضاً سخريّاً ) . (الزخرف / 43)
وكما حثّ القرآن على العمل والإنتاج وتبادل المنافع، اعتبر الرسول محمّد (ص) العمل والإنتاج جهاداً وعبادة، فقد جاء ذلك في ما رُوي عنه (ص) من قوله :
«الكادّ على عياله كالمجاهد في سبيل الله»(25) .
«العبادة سبعة أجزاء، أفضلها طلب الحلال»(26).
وقد كرّس الفقهاء جهداً كبيراً من دراساتهم وتحليلاتهم للعمل والانتاج ، فاستنبطوا أحكام الشريعة وموقفها من العمل الانتاجي والخدمي، وقسّموه من حيث الحكم الشرعيّ إلى خمسة أقسام هي :
1 ـ الوجوب:اعتبرت الشريعة الإسلامية العمل من أجل سدِّ الحاجة وإشباعها للنفس، أو لمن تجب إعالته، واجباً، بل أوجبت على المدين القادر على العمل أن يعمل من أجل قضاء دينه .
2 ـ اعتبرت العمل من أجل التوسعة في النفقة، وتوفير الرّفاه، وعمل البرّ والمعروف، من المستحبّات التي حثّت الإنسان على مزاولته .
3 ـ حرّمت الشريعة الإسلامية العمل في الأشياء المحرّمة؛كصناعة الخمر والمخدِّرات والرّقص والزِّنا..الخ،كما حرّمت كل عمل يقود الى الوقوع في الحرام،وإن كان محلّلاً بذاته.
4 ـ اعتبرت الشريعة الإسلامية بعضاً من الاعمال عملاً مكروهاً بذاته، أو لاجل غيره .
5 ـ وفيما عدا ما ذكرنا آنفاً،فانّ الاصل الذي ثبّتته الشريعة الإسلامية في العمل هو الإباحة، وبذا يكون العمل من أجل جمع المال وزيادة الثروة أمراً مباحاً،ما زال يجري وفق المباح في الشريعة.
وعند دراسة وتحليل مفاهيم الآيات والنصوص لا نجد فيها ما يمنع المرأة من العمل، ويخصِّص الإباحة بالرّجل، وإن ورد حثّ الرّجل ومخاطبته في بعض النصوص .