najat المشرفة المميزة
عدد المساهمات : 857 تاريخ التسجيل : 13/12/2009
| موضوع: الماء في القرآن الكريم الأحد مارس 21, 2010 8:39 am | |
|
الماء في القرآن الكريم ================ د. زغـلول النجـار قال سبحاته وتعالى : " وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون"*
الماء سائل شفاف تقوم عليه الحياة, وهو في نقائه لا لون له, ولا طعم ولا رائحة, وقد وهبه الله( تعالي) من الصفات الطبيعية والكيميائية ما يمكنه من القيام بدوره الأساسي في أجساد كل صور الحياة. والهمزة في اسمه مبدلة من الهاء لأن أصله( موه) وجمعه( أمواه) في القلة, و(مياه في الكثرة), وتصغيره( مويه), والنسبة إلي( ماء) هي( مائي) أو( ماوي).
ولفظة( ماء) وردت في القرآن الكريم(63) مرة, وهي لفظة تدل علي الجمع والمفرد معا( فتقول ماء البحر كما تقول قطرة ماء). ومن هذه المرات الثلاث وستين والتي جاءت ـ في معظمها ـ بمعني السائل المعروف الذي يشربه كل من الإنسان والحيوان, ويروي به النبات, جاءت لفظة( ماء) في القرآن الكريم أربع مرات بمعني النطفة( أي: ماء التناسل), كما جاءت كلمة( ماء)59 مرة غير متصلة بضمير,4 مرات متصلة بضمير من الضمائر.
وهذه المرات الثلاث وستون التي جاء فيها ذكر لفظة( ماء) أو( الماء) في كتاب الله( في إحدي وستين آية مباركة ورد في اثنتين منها ذكر الماء مرتين) يمكن تصنيفها في المجموعات العشر التالية: أولا: آية واحدة تدل علي أن عرش الله( تعالي) كان علي الماء هود:7.
ثانيا: آية واحدة تدل علي أن أصل ماء الأرض كله من داخل الأرض( النازعات:3). ثالثا: آيتان كريمتان تثبتان أن الله( تعالي) قد خلق كل شيء من الماء الأنبياء:30, النور:45.
رابعا: ثمان وعشرون آية كريمة تصف دورة الماء حول الأرض بإنزاله من السماء, ودور كل من الرياح والسحاب في تلك الدورة التي جعلها ربنا( تبارك وتعالي) لتطهير ماء الأرض, ولسقيا كل من الإنسان والحيوان وإنبات مختلف أنواع النباتات وريها بانتظام البقرة:164,22, الأنعام:99, الأعراف:57, الأنفال:11, الرعد:17,4, إبراهيم:32, الحجر:22, النحل:65,10, طه:53, الحج:63,5, الفرقان:48, النمل:60, العنكبوت:63, الروم:24, لقمان:10, السجدة:27, فاطر:27, فصلت:39, الزخرف:11, ق:9, الواقعة:68, المرسلات:27, النبأ:14, عبس:25. خامسا: خمس آيات تصف خزن ماء المطر تحت سطح الأرض بتدبير من الله( سبحانه وتعالي) وتقدير حكيم منه,( منها آية واحدة الملك:30 ذكر فيها الماء مرتين البقرة:74, المؤمنون:18, الكهف:41, الزمر:21, الملك:30.
سادسا: ثماني آيات مباركات تشير إلي ماء له علاقة بأحداث تاريخية هود:44,24,23, القصص:23, القمر:28,12,11, الحاقة:11. سابعا: آيتان كريمتان تشيران إلي التيمم في غيبة وجود الماء النساء:43, المائدة:6.
ثامنا: خمس آيات مباركات تذكر الماء في الآخرة إما في الجنة أو في النار( أشير في إحداها محمد:15 إلي الماء مرتين. الأعراف:50, إبراهيم:16, الكهف:29, محمد:15, الواقعة:31). تاسعا: خمس آيات كريمات استخدمت للتشبيه أو لضرب المثل يونس:24, الرعد:14, الكهف:45, النور:39, الجن:16.
عاشرا: أربع آيات تشير بالماء إلي النطف أي: ماء التناسل( الفرقان:54, السجدة:8, المرسلات:20, الطارق:6).
من الدلالات العلمية للآية الكريمة من الدلالات العلمية التي يمكن استخلاصها من قول الحق( تبارك وتعالي) .. وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون الأنبياء:30 ما يلي:
أولا: أن الماء سابق في وجوده علي جميع الخلائق, فقد أثبتت دراسات علوم الأرض أن هذا الكوكب يرجع عمره إلي أكثر من4.6 بليون سنة مضت, بينما يرجع عمر أقدم أثر للحياة في صخور الأرض إلي3.8 بليون سنة مضت, وهذا يعني ان عملية إعداد الأرض لاستقبال الحياة استغرقت أكثر من ثمانمائة مليون سنة ـ وربنا تبارك وتعالي قادر علي أن يقول للشيء كن فيكون, وإنما جاء الخلق علي مراحل متطاولة من الزمن بهدف إعانة الإنسان علي تتبع سنن الله في الأرض, وعلي حسن توظيفها في عمارة الحياة, لأن كلا من الزمان والمكان إذا كان من أبعاد المادة, وحدود الإنسان, فهو من خلق الله, والمخلوق لا يحد الخالق أبدا... فالله( تعالي) فوق جميع خلقه بما في ذلك المادة والطاقة والزمان والمكان.
وخلال هذه الفترة الطويلة من إعداد الأرض لاستقبال الحياة فجر الله( تعالي) الأرض بالثورات البركانية التي أخرجت كلا من أغلفة الأرض الصخرية, والمائية, والهوائية, كما كونت السلاسل الجبلية التي اندفعت من قاع المحيط الأولي الغامر للأرض. حتي أصبح كوكبنا مهيأ ليكون محضنا لنوع الحياة الأرضية. ثانيا: إن الله( تعالي) خلق كل صور الحياة الأرضية الباكرة في الماء, لأن الأوساط المائية في بدء خلق الأرض كانت أنسب البيئات لاستقبال الحياة, ودراسات بقايا الحياة في صخور الأرض تشير إلي أن الحياة المائية استمرت علي الأرض قرابة3360 مليون سنة( في الفترة من3800 مليون سنة مضت إلي440 مليون سنة مضت) قبل خلق أول نباتات علي اليابسة.
ثالثا: كذلك أثبتت دراسات علوم الأرض أن خلق النبات كان دوما سابقا لخلق الحيوان, وأن عملية الخلق قد توجها الله( تعالي) بخلق الإنسان, وعلي ذلك فإن خلق النباتات البحرية كان سابقا لخلق الحيوانات البحرية, وكذلك خلق النباتات الأرضية علي اليابسة كان سابقا لخلق الحيوانات علي اليابسة, وكل ذلك كان سابقا لخلق الإنسان وهو المخلوق الذي كرمه الله( سبحانه وتعالي) فقال( عز من قائل):
ولقد كرمنا بني آدم... والحكمة من ذلك جلية, بينة واضحة, لأن الإنسان يعتمد في غذائه علي كل من النبات والحيوان. ولأن كلا من الإنسان والحيوان يعتمد في غذائه علي النبات, ولأن النباتات لعبت ـ ولا تزال تلعب ـ الدور الرئيسي في إمداد الغلاف الغازي للأرض بالأوكسجين الذي بدونه ما كانت حياة أي من الحيوان أو الإنسان ممكنة...!! يضاف إلي ذلك أن النبات الأخضر هو المصنع الرباني الذي تتخلق فيه الجزيئات العضوية اللازمة لبناء اجساد كل صور الحياة النباتية والحيوانية والانسية وذلك بواسطة الماء المقبل مع العصارة الغذائية المستمدة من الأرض, وثاني أوكسيد الكربون المستمد من الغلاف الغازي للأرض, والطاقة المستمدة من الشمس وعملية التمثيل الضوئي في النباتات الخضراء لا تتم في غيبة الماء, الذي يتكون كل جزيء فيه من ذرتي إيدروجين, وذرة أوكسجين واحدة, والنبات يستمد الماء من العصارة الغذائية التي تمتصها جذوره من تربة وصخور الأرض, ويستمد الطاقة من ضوء الشمس بواسطة الصبغة الخضراء التي أودعها الله( تعالي) في خلايا النبات والمعروفة باسم اليخضور, والتي أعطاها الله( سبحانه وتعالي) القدرة علي تحليل جزيء الماء إلي أيون من الإيدروجين يحمل شحنة كهربائية موجبة, وأيون آخر من الإيدروكسيد يحمل شحنة كهربائية سالبة, وباتحاد كل اثنين من أيونات الإيدروكسيد يتكون جزيء من الماء وذرة من ذرات الأوكسجين الذي ينطلق إلي الغلاف الغازي للأرض لتعويض ما تستهلكه بقية الكائنات الحية من هذا الغاز الضروري للحياة عن طريق التنفس.
وتتحد أيونات الإيدروجين الناتجة عن عملية تحلل الماء مع جزيئات ثاني أوكسيد الكربون الذي يستمده النبات من الجو المحيط به ليكون جميع أنواع الجزيئات العضوية اللازمة لبناء الخلايا الحية, مبتدئا بأبسطها, وهو سكر العنب( الجلوكوز) وغيره من السكاكر والنشويات( الكربوهيدرات), منتهيا إلي البروتينات, والزيوت, والدهون, ومركبات ذلك من الأحماض الأمينية, والأحماض النووية التي تكتب بها الشفرة الوراثية لكل كائن حي. وبهذه العملية يختزن جزء من طاقة الشمس علي هيئة روابط كيميائية تلعب الدور الرئيسي فيها أيونات الإيدروجين الموجودة في الماء, بينما الأوكسجين المنطلق من الماء إلي الجو عن طريق عملية التمثيل الضوئي فإنه يستخدم بواسطة بقية الكائنات الحية في عملية التنفس وهي عملية ينتج عنها أكسدة المواد العضوية في الطعام والمأخوذة أصلا من النبات مباشرة( أو بطريقة غير مباشرة عن طريق الحيوان إلي ثاني أوكسيد كربون وماء, وبذلك يسترجع الغلاف الغازي للأرض ثاني أوكسيد الكربون الذي أخذه منه النبات, كما يسترجع قدرا من طاقة الشمس التي استفاد بها النبات علي شكل حرارة ناتجة عن جميع الأنشطة التي تقوم بها الكائنات الحية, أو تتركها علي هيئة بقايا وفضلات تتأكسد وتعود هي الأخري إلي الجو.
من هنا يتضح أن الماء ضروري لبناء أجساد كل الكائنات الحية, كما أنه ضروري لمساعدتها علي الاستمرار في القيام بمختلف نشاطاتها ومظاهرها الحيوية. رابعا: أن الماء أعظم مذيب يعرفه الإنسان ولذلك يشكل الوسط المذيب للعديد من العناصر والمركبات التي يقوم بنقلها من تربة وصخور الأرض إلي مختلف أجزاء النبات, ومن الطعام إلي مختلف أجزاء جسم كل من الإنسان والحيوان. وذلك بما له من درجة عالية من اللزوجة والتوتر السطحي, وخاصية شعرية فائقة..
خامسا: أن الماء يشكل العنصر الأساسي في بناء أجساد جميع الكائنات الحية, فقد ثبت بالتحليل أن نسبة الماء في جسم الإنسان تتراوح بين حوالي71% في الإنسان البالغ, و93% في الجنين ذي الأشهر المحدودة, بينما يكون الماء أكثر من80% من تركيب دم الإنسان, وأكثر من90% من أجساد العديد من النباتات والحيوانات. سادسا: أن جميع الأنشطة الحياتية وتفاعلاتها المتعددة من التغذية إلي الإخراج ومن النمو إلي التكاثر لا تتم في غيبة الماء بدءا من التمثيل الغذائي, وتبادل المحاليل بين الخلايا وبعضها البعض, وبينها وبين المسافات الفاصلة بينها, وذلك بواسطة الخاصية الشعرية للمحاليل المائية التي تعمل من خلال جدر الخلايا, وانتهاء ببناء الخلايا والأنسجة الجديدة مما يعين علي النمو والتكاثر, وقبل ذلك وبعده التخلص من سموم الجسم وفضلاته عن طريق مختلف صور الإفرازات والإخراجات.
هذا بالإضافة إلي ما يقوم به الماء من أدوار أساسية في عمليات بلع الطعام, وهضمه, وتمثيله, ونقله, وتوزيعه, ونقل كل من الفيتامينات, والهرمونات, وعناصر المناعة, ونقل الأوكسجين إلي جميع أجزاء الجسم, وإخراج السموم والنفايات إلي خارج الجسم, وحفظ حرارة الجسم ورطوبته وما يقدم لذلك أو يترتب عليه من العمليات الحيوية, وعلي ذلك فلا يمكن للحياة أن تقوم بغير الماء أبدا, فمن الكائنات الحية ما يمكنه الاستغناء كلية عن أوكسجين الهواء, ولكن لا يوجد كائن حي واحد يمكنه الاستغناء عن الماء كلية, فبالإضافة إلي منافعه العديدة وفي مقدمتها أنه منظم لدرجة حرارة الجسم, بما له من سعة حرارية كبيرة, ومنظم لضغط الدم, ولدرجات الحموضة, فإن في نقصه تعطش الخلايا ويضطرب عملها, وتتيبس الأنسجة, وتتلاصق المفاصل, ويتجلط الدم ويتخثر, ويوشك الكائن الحي علي الهلاك ولذلك فإن أعراض نقص الماء بالجسم الحي خطيرة للغاية, فإذا فقد الإنسان علي سبيل المثال1% من ماء جسده أحس بالظمأ, وإذا ارتفعت نسبة فقد الماء إلي5% جف حلقه ولسانه, وصعب نطقه, وتغضن جلده, وأصيب بانهيار تام, فإذا زادت النسبة المفقودة علي10% أشرف الإنسان علي الهلاك بالموت.
وفي المقابل فإن الزيادة في نسبة الماء بجسم الكائن الحي علي القدر المناسب له قد تقتله, فالزيادة في نسبة الماء بجسم الإنسان قد تسبب الغثيان, والضعف العام وتنتهي بالغيبوبة التي تفضي إلي الموت. سابعا: يغطي الماء في زماننا الراهن حوالي71% من مساحة سطح الأرض المقدرة بنحو(510) ملايين كيلو متر مربع, بينما تشغل مساحة اليابسة حوالي29% من تلك المساحة.
والأرض هي أغني كواكب المجموعة الشمسية بالماء الذي تقدر كميته علي السطح بنحو1,4 بليون كيلو متر مكعب, بالإضافة إلي مخزون يقدر بمئات أضعاف هذا الرقم في نطاق الضعف الأرضي, يخرجه لنا ربنا( تبارك وتعالي) بقدر معلوم مع ثورات البراكين. ويتوزع أغلب الماء علي سطح الأرض( حوالي97,22%) في البحار والمحيطات التي تغطي مساحة تزيد علي362 مليون كيلو متر مربع, بمتوسط عمق يقدر بحوالي3800 مترا مما يعطي لبحار ومحيطات الأرض حجما يزيد قليلا علي(1375) مليون كيلو متر مكعب من الماء المالح.
هذا بالإضافة إلي كم من الجليد يغطي قطبي الأرض, وقمم الجبال بسمك يصل إلي أربعة كيلو مترات في القطب الجنوبي وإلي3800 متر في القطب الشمالي, ويقدركم الماء في هذا الغطاء الجليدي بحوالي(2,15%) من مجموع الماء علي سطح الأرض, والنسبة الباقية وتقدر بحوالي(0,63%) من مجموع ماء الأرض تمثل أغلبها بالمخزون المائي في صخور قشرة الأرض ونسبته0,613% ويمثل الباقي( وتقدر نسبته بحوالي0,017%) بمخزون البحيرات الداخلية, وكم الماء الجاري في الأنهار والجداول, ورطوبة كل من الجو والتربة, التي تعين الأرض علي الإنبات, وتلعب دورا مهما في تكوين السحب التي تدفع عن الأرض جزءا كبيرا من حرارة وأشعات الشمس بالنهار, كما ترد إلي الأرض معظم الدفء الذي تشعه صخورها إلي الجو بمجرد غياب الشمس. وهذا التوزيع المعجز للماء علي سطح الأرض لعب ـ ولا يزال يلعب ـ دورا أساسيا في تهيئة مناخ الأرض لاستقبال الحياة, فلولا هذه المساحات المائية والجليدية الشاسعة لاستحالت الحياة التي نعرفها علي سطح الأرض, لأن درجة حرارة نطاق المناخ كان من الممكن أن تصل إلي أكثر من مائة درجة مئوية بالنهار, وأن تنخفض إلي ما دون المائة درجة تحت الصفر المئوي بالليل, وهو تباين لا تقوي عليه كل صور الحياة المعروفة لنا, ولكن شاءت إرادة الله ورحمته أن تحمينا من هذه المخاطر بواسطة الغلاف المائي للأرض الذي ينظم درجة حرارتها, وحرارة الهواء المحيط بها في نطاق المناخ, وذلك بتكرار عمليات التبخير بكميات كبيرة من الماء( تقدر سنويا بحوالي380,000 كيلو متر مكعب), وتكثيف هذا الكم الهائل من بخار الماء علي هيئات السحاب والضباب والندي, وإنزاله إلي الأرض علي هيئة المطر, والثلج والبرد, وما يصاحب ذلك من رعد وبرق, وما ينزل معهما من مركبات النيتروجين وغيره من العناصر التي تثري تربة الأرض بما يحتاجه النبات من مركبات, وما يصاحب كل ذلك من إحياء للأرض بعد موتها, بتقدير من الخالق البارئ المصور الذي خلق فسوي* والذي قدر فهدي*( الأعلي:2 و3).
ثامنا: الماء يساعد علي حفظ درجات الحرارة في البحار والمحيطات في الحدود التي تعين الحياة البحرية علي النشاط, وذلك باختلاط التيارات البحرية الدافئة والباردة, وبامتصاص جزء كبير من آشعة الشمس ومما تنتجه الأحياء البحرية من حرارة نتيجة لمختلف أنشطتها الحيوية, والعمل علي إعادة توزيعها, وكذلك توزيع الحرارة الناتجة عن ثورات البراكين فوق قيعان كل محيطات الأرض, وقيعان أعداد من بحارها, وقبل ذلك وبعده وقاية الأحياء البحرية من مختلف التقلبات الجوية خاصة عندما تنخفض درجات الحرارة إلي ما دون الصفر المئوي, وهنا يلحظ كل عاقل دور القدرة المبدعة في الخلق والتي أعطت الماء عددا من الخصائص الفيزيائية والكيميائية التي لا تتوافر لغيره من العناصر ومركباتها, وأبرزها قلة كثافة الماء عند تجمده مما يضطره إلي الطفو علي سطح مياه البحار والمحيطات في المناطق الباردة والمتجمدة بدلا من الغوص إلي قيعانها والقضاء علي مختلف صور الحياة فيها, ويقوم الجليد الطافي علي سطح الماء بدور العازل بين درجات حرارة الهواء الشديد البرودة من فوقه, والماء الدافئ نسبيا من تحته وما فيه من حياة زاخرة. هذا قليل من كثير مما حبا الله( تعالي) به الماء من صفات طبيعية وكيميائية فريدة, التي من أهمها أيضا قدرته الفائقة علي إذابة أعداد كبيرة من المواد الصلبة والسائلة والغازية, وبناؤه الجزيئي ذو القطبية المزدوجة والمقاوم للتحلل والتأين, ودرجتا التجمد والغليان المتميزتان, والحرارة النوعية المرتفعة, والحرارة الكامنة العالية, واللزوجة والتوتر السطحي الفائقان, وقلة كثافته عند التجمد, وقدرته الكبيرة علي الأكسدة والاختزال, وعلي التفاعل مع العديد من المركبات الكيميائية, وعلي تصديع التربة وشقها لمساعدتها علي الإنبات, وبذلك هيأه الله( سبحانه وتعالي) للقيام بدوره الرئيسي في أجساد كل أنواع الحياة النباتية والحيوانية والإنسية مما يعتبر معجزة كبري من معجزات الخالق( سبحانه وتعالي) الذي أنزل في محكم كتابه من قبل ألف وأربعمائة سنة قوله الحق:
...وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون وجاء ذلك مباشرة بعد تقرير خلق السماوات والأرض بعملية فتق الرتق وهي من أعظم معجزات الخالق( سبحانه) في إبداعه للكون, والخطاب في مطلع الآية الكريمة موجه للذين كفروا, ولذلك ختمت بهذا الاستفهام التقرير, التقريعي, التوبيخي: أفلا يؤمنون. وهذه حقائق لم يصل إليها علم الإنسان الكسبي إلا في منتصف القرن العشرين, وورودها في كتاب الله بهذه الدقة العلمية المبهرة, والإيجاز المعجز, مع الشمول والإحاطة لمما يقطع بأن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق, ويشهد بالنبوة والرسالة للرسول والنبي الخاتم الذي تلقاه, فصلي الله وسلم وبارك عليه, وعلي آله وصحبه, ومن تبع هداه, ودعا بدعوته إلي يوم الدين, والحمد لله رب العالمين. ============================ | |
|