التزام وفاء وسام العطاء
عدد المساهمات : 469 تاريخ التسجيل : 06/01/2010
| موضوع: فتح عمر لبيت المقدس ، ومن نزله من الأكابر ومن توفى به الأربعاء أكتوبر 20, 2010 4:05 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة والسلام على أشرف المرسلين
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
في فتح عمر بيت المقدس
في سنة خمس عشرة من الهجرة أمر عمر ابن الخطاب عمرو ابن العاص لمناجزة صاحب ايلياء،
فنزل على الروم وهم في حصونهم وعليهم الارطبون. وكان أدهى الروم وأبعدهم غوراً،
وكان قد وضع بالرملة جنداً عظيماً وبايلياء جنداً عظيماً، وأقام عمرو على أجنادين لا يقدر
من الأرطبون على شيء، ثم أقبلوا على أجنادين فانهزم أرطبون، فأوى إلى إيلياء، وكتب إليه الأرطبون:
لا تتعب فإنما صاحب الفتح رجل اسمه على ثلاثة أحرف. فعلم أنه عمر، فكتب إليه عمرو يعلمه
بأن الفتح يذخر له، فنادى في الناس وخرج حتى نزل الجابية، فقال له يهودي: والله لا ترجع حتى تفتح إيلياء،
فصالحوه على الجزية وفتحوها له فانتهى إلى بيت المقدس، ودخل المسجد، ومضى إلى محراب داود،
فقرأ سجدة داود وسجد. فلما قدم عمر بيت المقدس كتب لأهل بيت المقدس:
إني قد امنتكم على دمائكم وأموالكم وذراريكم وصلاتكم وبيعكم ولا تكلفوا فوق طاقتكم.
ومن أراد منكم أن يلحق لامنه فله الأمان. وأن عليكم الخراج كما على مدائن فلسطين.
شهد عبد الرحمن ابن عوف وعلي ابن أبي طالب وخالد ابن الوليد ومعاوية وكتب. أنبأنا أبو المعمر،
حدثنا أبو الحسين ابن الفراء، حدثنا عبد العزيز ابن أحمد، حدثنا أبو بكر محمد ابن أحمد الخطيب،
حدثنا عمر، حدثنا أبي، حدثنا رشد ابن سعد، عن عقيل، عن الزهري، عن قبيصة ابن ذويب،
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تقبل رايات سود من قبل خراسان،
ولا يردها أحد حتى تنصب بايلياء.
القاضي ابو سعد الهروي قاضي دمشق في الديوان ببغداد، وأورد كلاماً أبكى الحاضرين. فندب
من الديوان من يمضي إلى المعسكر، ويعرفهم حال هذه المصيبة، فندب لذلك أعيان العلماء مثل
ابن عقيل وغيره، فتعللوا واعتذروا، ووقع التقاعد، وقال أبو المظفر الأبيوردي قصيدة يصف فيها الحال:
وَكَيفَ تَنامُ العَينُ مِلءَ جُفونِها ... عَلى هَفواتٍ أَيقَظَت كُل نائِمِ
وأَخوانَكُم بِالشامِ يُضحى مَقيلَهُم ... ظُهورَ المَذاكي أَو بُطون القَشاعِمِ
يَسومَهُم الرومِ الهَوانِ وَأَنتُم ... تَجُرّونَ ذ؟َيلَ الخَفضِ فِعلَ المَسالِمِ
وَتِلكَ حُروبُ مَن يَغب عَن غِمارِها ... لَيسلَمَ يَقرعُ بَعدَها سَن نادِمِ
يَكادُ لَهُنّ المُستَجنِّ بِطيبةٍ ... يُنادي بِأَعلى الصَوتِ يا آلَ هاشِمٍ
أَرى أُمَتي لا يَشرُعونَ إِلى العِدى ... رِماحُهُم وَالدينُ واهي الدَعائِمِ
وَيَجتَنِبونَ النار خَوفاً مِنَ الرَدى ... وَلا يَحسَبونَ العارَ ضَربَةَ لازِمِ
أَتَرضى صَناديدُ الأَعاريبِ بِالأَذى ... وَيُغضي عَلى ذُلّ كَماةَ الأَعاجِمِ
فَلَيتَهُم إِذ لَم يَذودوا حِميّةً ... عَن الدينِ ضَنوا غِيرَةً بِالمَحارِمِ
وَاِن زَهَدوا في الأَجرِ إِذ حُمِيَ الوَغى ... فَهلا أَتوهُ رَغبَةً في المَغانِمِ
وما زالت بيت المقدس مع الكفار إلى سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. فقصده صلاح الدين النائب هناك
عن أمير المؤمنين الناصر لدين الله بعد أن ملك ما حوله، فوصل الخبر إلينا في سابع وعشرين
من رجب سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة أن يوسف ابن أيوب الملقب بصلاح الدين فتح بيت
المقدس وخطب فيه بنفسه وصلى فيه.
في ذكر من نزله من الأكابر وأقام به ومن توفي به
نزله أبو ذر وأكثر الصلاة فيه. وصلى فيه عمر. أنبأنا أبو المعمر، أنبأنا القاضي أبو الحسين ابن الفراء،
أنبأنا عبد العزيز ابن أحمد، حدثنا أبو بكر محمد ابن أحمد الخطيب، حدثنا عمر ابن الفضل، حدثنا أبي،
حدثنا الوليد، حدثنا إبراهيم ابن محمد، حدثنا عبد الله ابن صالح، حدثنا معاوية ابن صالح،
عن أزهر ابن سعيد، عن كعب، قال: اليوم في بيت المقدس كالف يوم، والشهر كألف شهر،
والسنة فيه كألف سنة. ومن مات فيه فكأنما مات في سماء الدنيا، ومن مات حوله فكأنما مات فيه.
قال إبراهيم ابن محمد: حدثنا محمد ابن عبد الرحمن، عن ثور ابن يزيد، عن خالد ابن معدان، قال:
سمعت كعباً يقول: مقبور بيت المقدس لا يعذب. أنبأنا ابن ناصر، أنبأنا عبد الرحمن ابن منده، حدثنا أبي،
حدثنا أحمد ابن محمد ابن إبراهيم، حدثنا محمد ابن النعمان، حدثنا سليمان حدثنا أبو عبد الملك، عن مقاتل،
عن وهب ابن منبه، قال: أهل بيت المقدس جيران الله، وحق على الله أن لا يعذب جيرانه،
ومن دفن في بيت المقدس نجا من فتنة القبر وضيقه. ومات ببيت المقدس عبادة ابن الصامت،
وشداد ابن اوس، وأبو أبي ابن أم حرام، وأبو ريحانة واسمه شمعون، وذو الأصابع، وأبو محمد النجاري.
هؤلاء من أهل بيت المقدس ماتوا به. والذي أعقب منهم عبادة وشداد وسلامة ابن قيصر فيروز الديلمي.
والذين لم يعقبوا منهم أبو ريحانة وذو الأصابع أبو محمد النجاري.
الكتاب : فضائل القدس
المؤلف : جمال الدين عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى : 597هـ)
| |
|