قصيدة: الرواسي
شعر: م. صالح بن علي العمري - الظهران
(تحيّة إلى العلماء وطلبة العلم.. أوتاد الأرض.. وسياج الأمن..)
ذهبَ الزمانُ .. ودينُنا لنْ يذهبا = وسَنا الرسالةِ لا ادْلّهمَّ ولا خَبَا
ولئنْ نبا سيفٌ، فسيفُ العلمِ ما = فقَدَ المضاءَ ولا استكانَ ولا نَبـَا
ولئن مضى جيلٌ ففي أعقابِهِ = جيلٌ يُمسّكُ بالكتابِ المُجْتَبى
والصحوةُ الكبرى يشيدُ كيانَها = علمٌ يصونُ.. ويستجيلُ الغيهَبا
بعزائمِ العلماءِ.. في وجدانِهم = نورٌ.. وفي أخلاقِهم سننُ الإبا
بالعلمِ يُخشى الله جلّ جلالُه = فرضاهُ خيرُ منىً وأشرفُ مطلبا
والعلمُ كالغيثِ المُغيثِ إذا همى = أحيا الرياضَ الظامئاتِ وأعشبا
والعلمُ بابُ الأمنِ في الدنيا إذا = عصفَ الجهولُ بنا.. فجارَ وأرهبا
والعلمُ يجبرُ صرحَ وحدتِنا إذا = صدعَ الخلافُ جدارها فتشعّبا
والعلمُ ساريةُ الجهادِ إذا عثَتْ = أيدي الأعادي في المدائنِ والرُّبا
وإذا فضاءُ الأرضِ ضاق من الضنى = فالعلمُ يبسطُها فضاءً أرحبا
والعلم يسمو بالقلوب إلى العُلا = فالنفسُ تُشرقُ همّةً وتوثّبا
وإذا تقارعت العقولُ رأيتهُ = أجلى بيانا في النفوسِ وأعذبا
وإذا تضاربت المعارفُ رُمْتهُ = أعلى دليلا في الخطابِ وأصوبا
والعلمُ جندٌ.. كم جيوشٍ دُمّرتْ = بالرأي.. كنت تخالها لن تُغلبا
والعلمُ ملكٌ لا حراسةَ حولَه = يعلو العقولَ ديانةً وتمذْهُبا
هو روضةُ الأروح في حُللِ الرِّضا= كالشهدِ.. كالزّهرِ المُعطِّرِ.. كالصَّبا
هو نزهةُ الوجدان في غدواتِهِ = بين العصورِ مُشرِّقا ومُغرِّبا
هو كسوةُ النفسِ الزكيّةِ بالتقى = إنْ غرَّ شخصا عطفُهُ فتجلبَبا
والعلمُ نورٌ واجتلاءُ بصيرةٍ = إن أعجمتْ ظُلُمُ المصائبِ أعربا
*************
أرأيتَ إبراهيمَ يبني للورى = صرحَ العقيدةِ فاشمخرَّ وأطنبا!
أو أنبياءَ الله كيف تألقوا = وتخيّروا الأخرى فنالوا المطلبا!
أرأيتَ يوسفَ إذ يديرُ خزائنا = حين اجتباه الله حينا واجتبى!
ما علمُ داوودَ؟ وما فَهْمُ ابنهِ؟ = سبحان من قَسَمَ العلومَ وأوجبا!
ما سورُ يأجوجَ؟ وما قطرانُهُ؟ = ما قصّةُ الصرحِ المُمرّدِ في سبا؟
أرأيتَ ميراثَ النبي محمدٍ = لمعارج الجنّاتِ قاد الموكبا
واذكر أبا بكرٍ ووثبةَ رأيهِ = في رِدّةِ الأعرابِ حين تغلّبا
وانظر لحبرِ العلمِ في عين الردّى = يسنقذُ الآلافِ ممن قد صَبا! (1)
وفتى بني شيبان حين تجهّمت = في فتنة القرآن كان الأصلبا (2)
واذكر صلاحَ الدينِ في صولاتِهِ = كم حرّضَ الصّيدَ الأُباةَ وألَّبا (3)
فتفجّر البركانُ في وجه العِدا = وفلولُهم في البيد تبغي المهربا
واذكر فتى حرّان في عزماتِهِ(4) = وفتى تميم.. معلّما ومؤدِّبا (5)
واذكر فتاوى الباز قيدَ أدّلة ٍ = وابن العثيمين الجليلَ الأشيبا
وانهل من الجبرين أعذبَ موردٍ = واسرج إلى عَلَم الحديثِ المركبا (6)
وارفع إلى العلماءِ ألف تحيّة ٍ = أهلا بمن ركب الصعاب ومرحبا
هذا هو النسبُ المُعلّى في الورى = أعلمتَ كالإسلامِ أمّا أو أبا؟!
واللهِ لولا العلم لم تسمعْ لهم = مجدا.. وما بلغوا المقامَ الأصعبا
همْ كالجبالِ الشُّم أوتادِ الدّنا = عن أن تميدَ الأرضُ أو تتذبذبا
فجزاهم اللهُ الكريمُ بفضلِهِ = في جنّةِ الفردوسِ عيشا أرحبا..
**********
يا طالب العلمِ ارتقيتَ منازلا = وكفى بعلمِكَ طاعةً وتقرُّبا
تدعو لك الحيتانُ في أعماقها = حُبّا.. وإن كنّ الخراس الغُيّبا
وعلى طريقِكَ للملائكِ مشهدٌ = يُزجي لمركبكَ الثناءَ الأطيبا
لا تُبدِ في درب العلوم قناعةً = واحذرْ من المُنبّت كيف تنكّبا!!
مهرُ المعالي عزمةٌ ومرارة ٌ = لا مجد إلا أن تجدَّ وتتعبا
واستصحب الإخلاصَ خبرَ مطيّةٍ = لايُفسدُ الشيطانُ داخلةَ الخِبا!
في صدركَ النبأُ العظيمُ مسطّرٌ = فأجب سؤال الحائرينَ عن النبا
واصدعْ بأمر اللهِ واخرس حاقدا = فتلكؤُ الآسادِ يُغري الثعلبا!
وتجلَّ إن جنّ الظلامُ بأرِضنا = نجما يؤم السائرينَ وكوكبا
أنت الطبيبُ بشرعِ من برأ الملا = تهدي الحيارى.. أو تكفُّ المُذنبا
واسموا بوحدتكم على خُلْفِ الأنا = ردّوا ظنونّ أولي الضلالةِ خُيّبا
لأبي رُغال غوايةٌ ووشايةٌ = فارعوا – بربّكم – الإخاء الأقربا
هي أمّةٌ تشكو الجوى في ذلّةٍ .. = عارٌ علينا أن تذلَّ وتُنكبا
والأرضُ من دون الشريعةِ غابةٌ = والجيلُ من دون المباديء للهبا!!
******
أشباب أمتنا تحيّة مشفقٍ .. = قوما إلى العليا سراعا وثّبا
العلمُ يُؤتى في شريعةِ من مضى = واليوم شأنُ العلم أن يتغربا
ها قد أتانا العلمُ بين ظهورنا = فلأنتمُ العلماءُ إلا من أبى
..