قصة وفاة عجيبة .. أكملوا للنهاية تفضلوا و لن تندموا

السلام عليكم
كانت جدتي " الياقوت " عجوزا بقلب صبية ، كانت رحمها الله أجمل امرأة صادفتها في حياتي .
لطالـما حكت لي أمي عن طفولتها في ذاك المنزل الريفي البسيط ، تحكي لي كيف كان الـمجاهدون الجزائريون يتسللون ليلا لأخذ الطعام و الفراش و الدواء ، كيف كانت أمي طفلة بعمر 05 سنوات تحظر رغيف الكسرة و صحون الزبدة مع جدتي خلسة لحين قدوم الـمجاهدين .
و كبرت جدتي و صارت كل مساء تسدل لي شعري و أتكئ على حجرها الدافئ و تقص لي حكاياتها البريئة مع أمها و تبكي عند قولـها : أمي ، رغم كبر سنها رحمها الله لكنها تبكي بحرارة عندما تحكي عن أمها رحمها الله .
لازلت أذكرها كأني أراها الآن ، تتوضأ في خشوع في كل لحظة بساحة منزلنا التي تزينه باقات النعناع و شجيرات الورد التي ترويها كل مساء .
كان الوضوء سـمتها التي ميزتها دائما .
لـم تغب عن عيناي صورتها في آخر مساء لـها في بيتنا ، قدم خالي لأخذها ، ودعتنا بحرارة كعادتها لكن فرحها كان غريبا و وجهها يعتريه نور جميل ، ترسل دعوات لنا و عيناها تقبل زوايا البيت في فرح غامر لـم ننتبه إلى مدلوله إلى يوم وفاتها.
كانت الليلة 15 من ليالي رمضان المبارك ،الساعة الرابعة ، إتصال هاتفي من زوجة خالي تخبرنا أن جدتي تحتضر ، هرعت أمي و خالتي إلى المدينة التي يقطن بها خالي
جدتي بالمشفى و التعب أخذ منها قسطا كبيرا ، وجهها متعب ويداها ترجفان كانت تتنفس بصعوبة بالغة ، تخبر أمي و خالتي أن المغرب قد أقيم آذانه فأفطرن لقد تعبتن يا حبيباتي ،تطمئنها خالتي في بكاء مختبئ لقد أفطرنا يا أمي لا تشغلي بالك
و إرتاحي .
تنفست جدتي نفسا عميقا ، أخت رجلاها ترجفان رجفا قويا ثم توقفت
وصلت روحها الطاهرة إلى صدرها ، أرادت أن تقف بكل قوتها ، قوة لـم تكن جدتي أبداااااا تقوى عليها ، ثم أرخت جسمها النحيل ، كانت خالتي في جنبها الأيـمن و أمي في جنبها الأيسر من سرير الـمشفى .
وجهت عيناها إلى خالتي و هي تبتسم ، تسألها خالتي أمي ما بك ؟؟ وجدتي لا تجيب كأنها لا تراها أبدا و تبقى مبتسمة و عيناها في السماء .

مدت جدتي يدها إلى السماء و كأنها تلتقط ثمرة من أعلى شجرة ثم تـمسكها
و تحاول أكلها ( ثـمار الجنة ) ثم تعيد الكرة لثلاث مرات متتالية ، ثم أخذت يدها اليمنى و كأنها تغرف غرفة ماء من الأرض و تغسل به وجهها أيضا لثلاث مرات
و الله تقسم خالتي تقول كنا نحسبها تتوضأ ( يحشر المرء على ما كان يفعله في حياته ) تقول أيضا : كنا نشم رائحة عطرة جدااااااا لـم نشم مثلها من قبل ( عطر الجنة ) ، ثم نطقت بالشهادة ثم أرخت جسمها و أغمضت عيناها ، إنا لله و إن إليه راجعون
دخل الطبيب بعد دقيقتين .تحكي أمي أنه بقي خمس دقائق لـم يتحرك والغرفة تملأها تلك الرائحة العطرة و النور يملأ المكان و جدتي بالغطاء الأبيض الذي حاكى ثوب العروس في جماله .
رحمها الله و جعل مثواها الجنة و أحسن خاتـمة كل مسلم نطق بلا إله إلا الله سيدنا محمد رسول الله