أقسم أنك تأثم أن لم تدخل ......... موسوعة شاملة ......... القدس قضية كل مسلم
4 مشترك
كاتب الموضوع
رسالة
مقبول حسون الادارة
عدد المساهمات : 2413 تاريخ التسجيل : 08/12/2009
موضوع: أقسم أنك تأثم أن لم تدخل ......... موسوعة شاملة ......... القدس قضية كل مسلم الخميس فبراير 25, 2010 6:43 am
موسوعة شاملة القدس قضية كل مسلم
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى، وسلام على رسله الذين اصطفى، وعلى خاتمهم المجتبى، محمد وآله وصحبه أئمة الهدى، ومصابيح الدجى، ومن بهم اقتدى فاهتدى… (أمّا بعد)
فهذه هي الرسالة العاشرة من (رسائل ترشيد الصحوة) وهي تتحدث عن قضية في غاية الأهمية والخطورة علينا نحن العرب والمسلمين، حيثما كنا في أرض الله.
فالقدس في مهب الريح، في مواجهة الخطر الدّاهم، الخطر الصهيوني الذي بيت أمره، وحدد هدفه، وأحكم خطته، لابتلاع القدس، وتهويدها، وسلخها من جلدها العربي والإسلامي، وقد أعلن قراره ولم يخفه، وتحدى وتصدى وتعدى، ولم يجد من أمة الإسلام –على امتدادها واتساعها- من يصده ويرده، وقديما قالوا في الأمثال: قيل لفرعون: ما فرعنك؟ قال: لم أجد من يردني!
إننا في هذه الصحائف نريد أن ننبه الغافلين، أن نوقظ النائمين، أن نذكر الناسين، أن نشجع الخائفين، أن نثبت المترددين، أن نكشف الخائنين، أن نشد على أيدي المجاهدين، الذين رفضوا الاستسلام، وتحرروا من الوهن، وصمموا على أن يعيشوا أعزاء، أو يموتوا شهداء.
إن القدس ليست للفلسطينيين وحدهم، وإن كانوا أولى الناس بها، وليست للعرب وحدهم، وإن كانوا أحق الأمة بالدفاع عنها، وإنما هي لكل مسلم أيًا كان موقعه في مشرق الأرض أو مغربها، في شمالها أو جنوبها، حاكما كان أو محكوما، متعلما أو أميا، غنيا أو فقيرا، رجلا أو امرأة، كل على قدر مكنته واستطاعته.
فيا أمة الإسلام، هبوا، فقد جد الجد، ودقت ساعة الخطر، القدس، القدس، الأقصى، الأقصى. ﴿وقل: اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون، وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون﴾
§ مقدمة
1. القدس في اعتقاد المسلمين
2. القدس تهوّد جهارا
3. حقيقة المعركة بيننا وبين إسرائيل
4. هل عرفنا عدونا
5. هذا هو عدونا
6. الصهيونية خطر على العالم كله
القدس: القبلة الأولى
القدس في الاعتقاد الإسلامي، لها مكانة دينية مرموقة، اتفق على ذلك المسلمون بجميع طوائفهم ومذاهبهم وتوجهاتهم، فهو إجماع الأمة كلها من أقصاها إلى أقصاها. ولا غرو أن يلتزم جميع المسلمين بوجوب الدفاع عن القدس، والغيرة عليها، والذود عن حماها، وحرماتها ومقدساتها، وبذل النفس والنفيس في سبيل حمايتها، ورد المعتدين عليها. وقد اختلف المسلمون، والعرب، والفلسطينيون في الموقف من قضية السلام مع إسرائيل، هل يجوز أو لايجوز؟ وإن جاز، هل ينجح أو لا ينجح؟ ولكنهم جميعا –مسلمين وعربًا وفلسطينيين- لم يختلفوا حول عروبة القدس، وإسلاميتها، وضرورة بقائها عربية إسلامية، وفرضية مقاومة المحاولات الإسرائيلية المستميتة لتهويدها، وتغير معالمها، ومسخ شخصيتها التاريخية، ومحو مظاهر العروبة والإسلام والمسيحية منها. فللقدس قدسية إسلامية مقدورة، وهي تمثل في حس المسلمين ووعيهم الإسلامي: القبلة الأولى، وأرض الإسراء والمعراج، وثالث المدن المعظمة، وأرض النبوات والبركات، وأرض الرباط والجهاد كما سنبين ذلك فيما يلي:
القدس: القبلة الأولى
أول ما تمثله القدس في حس المسلمين وفي وعيهم وفكرهم الديني، أنها (القبلة الأولى) التي ظل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يتوجهون إليها في صلاتهم منذ فرضت الصلاة ليلة الإسراء والمعراج في السنة العاشرة للبعثة المحمدية، أي قبل الهجرة بثلاث سنوات، وظلوا يصلون إليها في مكة، وبعد هجرتهم إلى المدينة، ستة عشر شهرًا، حتى نزل القرآن يأمرهم بالتوجه إلى الكعبة، أو المسجد الحرام، كما قال تعالى:﴿ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره﴾ البقرة:150. وفي المدينة المنورة معلم أثري بارز يؤكد هذه القضية، وهو مسجد القبلتين، الذي صلى فيه المسلمون صلاة واحدة بعضها إلى القدس، وبعضها إلى مكة. وهو لا يزال قائمًا وقد جدد وتُعهد، وهو يزار إلى اليوم ويصلى فيه.
وقد أثار اليهود في المدينة ضجة كبرى حول هذا التحول، ورد عليهم القرآن بأن الجهات كلها لله، وهو الذي يحدد أيها يكون القبلة لمن يصلى له، ﴿سيقول السفهاء من الناس: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟ قل: لله المشرق والمغرب، يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم﴾ إلى أن يقول: ﴿وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه، وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله، وما كان الله ليضيع إيمانكم﴾ البقرة:142،143. فقد قالوا: إن صلاة المسلمين تلك السنوات قد ضاعت وأهدرت، لأنها لم تكن إلى قبلة صحيحة، فقال الله: ﴿وما كان الله ليضيع إيمانكم﴾ أي صلاتكم، لأنها كانت صلاة إلى قبلة صحيحة مرضية عنده.
القدس أرض الإسراء والمعراج
وثاني ما تمثله القدس في الوعي الإسلامي: أن الله تعالى جعلها منتهى رحلة الإسراء الأرضية، ومبتدأ رحلة المعراج السماوية، فقد شاءت إرادة الله أن تبدأ هذه الرحلة الأرضية المحمدية الليلية المباركة من مكة ومن المسجد الحرام، حيث يقيم الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن تنتهي عند المسجد الأقصى، ولم يكن هذا اعتباطًا ولا جزافا، بل كان ذلك بتدبير إلهي ولحكمة ربانية، وهي أن يلتقي خاتم الرسل والنبيين هناك بالرسل الكرام، ويصلي بهم إمامًا، وفي هذا إعلان عن انتقال القيادة الدينية للعالم من بني إسرائيل إلى أمة جديدة، ورسول جديد، وكتاب جديد: أمة عالمية، ورسول عالمي، وكتاب عالمي، كما قال تعالى: ﴿وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين﴾ الأنبياء:104 ، ﴿تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا﴾ الفرقان:1
لقد نص القرآن على مبتدأ هذه الرحلة ومنتهاها بجلاء في أول آية في السورة التي حملت اسم هذه الرحلة (سورة الإسراء) فقال تعالى: ﴿سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا﴾ الإسراء: 1 . والآية لم تصف المسجد الحرام بأي صفة مع ماله من بركات وأمجاد، ولكنها وصفت المسجد الأقصى بهذا الوصف ﴿الذي باركنا حوله﴾ ، وإذا كان ما حوله مباركًا، فمن باب أولى أن يكون هو مباركًا.
وقصة الإسراء والمعراج حافلة بالرموز والدلالات التي توحي بأهمية هذا المكان المبارك، الذي ربط فيه جبريل البراق، الدابة العجيبة التي كانت وسيلة الانتقال من مكة إلى القدس، وقد ربطها بالصخرة حتى يعود من الرحلة الأخرى، التي بدأت من القدس أو المسجد الأقصى إلى السموات العلا، إلى "سدرة المنتهى"، وقد أورث ذلك المسلمين من ذكريات الرحلة:الصخرة، وحائط البراق.
لو لم تكن القدس مقصودة في هذه الرحلة، لأمكن العروج من مكة إلى السماء مباشرة، ولكن المرور بهذه المحطة القدسية أمر مقصود، كما دل على ذلك القرآن الكريم والأحاديث الشريفة.
ومن ثمرات رحلة الإسراء: الربط بين مبتدأ الإسراء ومنتهاه، وبعبارة أخرى بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى، وهذا الربط له إيحاؤه وتأثيره في وعي الإنسان المسلم وضميره ووجدانه، بحيث لا تنفصل قدسية أحد المسجدين عن قدسية الآخر، ومن فرط في أحدهما أوشك أن يفرط في الآخر.
القدس ثالث المدن المعظمة
والقدس ثالث المدن المعظمة في الإسلام. فالمدينة الأولى في الإسلام هي مكة المكرمة، التي شرفها الله بالمسجد الحرام. والمدينة الثانية في الإسلام هي طيبة، أو المدينة المنورة، التي شرفها الله بالمسجد النبوي، والتي ضمت قبر الرسول صلى الله عليه وسلم. والمدينة الثالثة في الإسلام هي القدس أو بيت المقدس، والتي شرفها الله بالمسجد الأقصى، الذي بارك الله حوله، وفي هذا صح الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ﴿لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا﴾.
فالمساجد كلها متساوية في مثوبة من صلى فيها، ولا يجوز للمسلم أن يشد رحاله، بمعنى أن يعزم على السفر والارتحال للصلاة في أي مسجد كان، إلا للصلاة في هذه الثلاثة المتميزة. وقد جاء الحديث بصيغة الحصر، فلا يقاس عليها غيرها.
وقد أعلن القرآن عن أهمية المسجد الأقصى وبركته، قبل بناء المسجد النبوي، وقبل الهجرة بسنوات، وقد جاءت الأحاديث النبوية تؤكد ما قرره القرآن، منها الحديث المذكور، والحديث الآخر: ﴿الصلاة في المسجد الأقصى تعدل خمسمائة صلاة في غيره من المساجد، ما عدا المسجد الحرام، والمسجد النبوي﴾ (متفق عليه) ومنها، ما رواه أبوذر، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: ﴿ أي المساجد بُني في الأرض أول؟ قال:"المسجد الحرام"، قيل ثم أي؟ قال: "المسجد الأقصى﴾ .
والإسلام حين جعل المسجد الأقصى ثالث المسجدين العظيمين في الإسلام، وبالتالي أضاف القدس إلى المدينتين الإسلاميتين المعظمتين: مكة والمدينة، إنما أراد بذلك أن يقرر مبدأ هاما من مبادئه، وهو أنه جاء ليبني لا ليهدم، وليتمم لا ليحطم، فالقدس كانت أرض النبوات، والمسلمون أولى الناس بأنبياء الله ورسله.
القدس أرض النبوات والبركات
والقدس جزء من أرض فلسطين، بل هي غرة جبينها، وواسطة عقدها، ولقد وصف الله هذه الأرض بالبركة في خمسة مواضع في كتابه.
أولها: في آية الإسراء حين وصف المسجد الأقصى بأنه ﴿الذي باركنا حوله﴾ .
وثانيها: حين تحدث في قصة خليله إبراهيم، فقال: ﴿ونجيناه ولوطًا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين﴾ الأنبياء:71.
وثالثها: في قصة موسى، حيث قال عن بني إسرائيل بعد إغراق فرعون وجنوده: ﴿وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها، وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا﴾ الأعراف:137 .
ورابعها: في قصة سليمان وما سخر الله له من ملك لا ينبغي لأحد من بعده، ومنه تسخير الريح، وذلك في قوله تعالى: ﴿ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها﴾ الأنبياء:81 .
وخامسها: في قصة سبأ، وكيف منّ الله عليهم بالأمن والرغد، قال تعالى: ﴿وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة، وقدرنا فيها السير، سيروا فيها ليالي وأيامًا آمنين﴾ 18. فهذه القرى التي بارك الله فيها هي قرى الشام وفلسطين.
قال المفسر الآلوسي: المراد بالقرى التي بورك فيها: قرى الشام، لكثرة أشجارها وثمارها، والتوسعة على أهلها. وعن ابن عباس: هي قرى بيت المقدس، وقال ابن عطية: إن إجماع المفسرين عليه .
وقد ذهب عدد من مفسري القرآن من علماء السلف والخلف في قوله تعالى :﴿والتين والزيتون. وطور سنين. وهذا البلد الأمين﴾ (التين:1-3 ( إلى أن التين والزيتون يقصد بهما الأرض أو البلدة التي تنبت التين والزيتون، وهي بيت المقدس.
قال ابن كثير: قال بعض الأئمة: هذه محالّ ثلاثة بعث الله من كل واحد منها نبيًا مرسلاً من أولى العزم، أصحاب الشرائع الكبار. فالأول: محل التين والزيتون، وهو بيت المقدس، الذي بعث الله فيه عيسى ابن مريم عليهما السلام، والثاني: طور سيناء، الذي كلم الله عليه موسى بن عمران، والثالث: مكة، وهو البلد الأمين الذي من دخله كان آمنًا. وبهذا التفسير أو التأويل، تتناغم وتنسجم هذه الأقسام، فإذا كان البلد الأمين يشير إلى منبت الإسلام رسالة محمد، وطور سينين يشير إلى منبت اليهودية رسالة موسى، فإن التين والزيتون يشير إلى رسالة عيسى، الذي نشأ في جوار بيت المقدس، وقدم موعظته الشهيرة في جبل الزيتون .
أرض الرباط والجهاد
والقدس عند المسلمين هي أرض الرباط والجهاد. فقد كان حديث القرآن عن المسجد الأقصى، وحديث الرسول عن فضل الصلاة فيه، من المبشرات بأن القدس سيفتحها الإسلام، وستكون للمسلمين، وسيشدون الرحال إلى مسجدها، مصلين لله متعبدين.
وقد فتحت القدس –التي كانت تسمى إيلياء- في عهد الخليفة الثاني في الإسلام عمر بن الخطاب، واشترط بطريركها الأكبر صفرونيوس ألا يسلم مفاتيح المدينة إلا للخليفة نفسه، لا لأحد من قواده، وقد جاء عمر من المدينة إلى القدس في رحلة تاريخية مثيرة، وتسلم مفاتيح المدينة، وعقد مع أهلها من النصارى معاهدة أو اتفاقية معروفة في التاريخ بإسم "العهد العمري" أو "العهدة العمرية" أمنهم فيها على معابدهم وعقائدهم وشعائرهم وأنفسهم وأموالهم، وشهد على هذه الوثيقة عدد من قادة المسلمين، أمثال: خالد بن الوليد، وعبدالرحمن بن عوف، وعمرو بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان .
وقد أعلم الله نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم بأن هذه الأرض المقدسة سيحتلها الأعداء، أو يهددونها بالغزو والاحتلال، ولهذا حرض أمته على الرباط فيها، والجهاد للدفاع عنها حتى لا تسقط في أيدي الأعداء، ولتحريرها إذا قدر لها أن تسقط في أيديهم. كما أخبر عليه الصلاة والسلام بالمعركة المرتقبة بين المسلمين واليهود، وأن النصر في النهاية سيكون للمسلمين عليهم، وأن كل شيء سيكون في صف المسلمين حتى الحجر والشجر، وأن كلا منهما سينطق دالاً على أعدائهم، سواء كان نطقًا بلسان الحال أم بلسان المقال . وقد روى أبو أمامة الباهلي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من جابههم، إلا ما أصابهم من لأواء (أي أذى) حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك"، قالوا: وأين هم يا رسول الله؟ قال: "ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس" .
[quote]
مقبول حسون الادارة
عدد المساهمات : 2413 تاريخ التسجيل : 08/12/2009
موضوع: القدس تهوّد جهارًا الخميس فبراير 25, 2010 6:54 am
مقدمة
في الثاني من سبتمبر 1997 دعيت من قبل (مجمع البحوث الإسلامية بلندن) للمشاركة في مؤتمره العلمي الأول عن (القدس) وألقاء كلمة فيه بهذه المناسبة. فحضرت وقلت في بداية كلمتي:
في هذه السنة (1997م) تتزاحم ذكريات مهمة وبارزة تخص قضيتنا الأولى: قضية القدس وفلسطين.
في هذه السنة تمر ذكرى مرور قرن (100سنة) على عقد المؤتمر الصهيوني الأول في "بازل" بسويسرا برياسة "هرتزل" عام 1897م، وظهور المؤسسة الصهيونية العالمية.
كما تمر ذكرى (80) ثمانين عامًا على مرور وعد بلفور المشؤوم بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين (نوفمبر 1917م).
وكذلك ذكرى نصف قرن على قرار تقسيم فلسطين (1947م) الذي كان تمهيدًا لقيام إسرائيل (1948م). وأيضًا ذكرى مرور ثلاثين سنة على احتلال القدس والضفة الغربية وغزة سنة (1967م) بعد حرب الأيام الستة المعروفة في 5 حزيران (يونيو) 1967م.
وأخيرًا ذكرى مرور عشرين عامًا على زيارة الرئيس السادات إلى إسرائيل (1977 م)، التي مثلت بداية الخلل في وحدة الموقف العربي تجاه إسرائيل.
ونحن الآن نجني ثمار هذه الأحداث المريرة، وأشد هذه الثمار مرارة: محاولة إسرائيل "تهويد القدس" العربية الإسلامية، وفق تخطيط معلوم، ونهج مرسوم، وعلى مرأى ومسمع من أكثر من مائتين وخمسين مليونًا من العرب، ووراءهم أكثر من مليار من المسلمين. وعلى الرغم من قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي. وبمساندة وتأييد من أمريكا القوة الأولى والوحيدة، والمتألهة في العالم اليوم.
ولا تزال إسرائيل تتابع (حفرياتها) تحت المسجد الأقصى، وتنشئ مدينة سياحية تحته، فيما زعموا. وقد سمعت في مؤتمر القدس المذكور من الأخ الشيخ رائد صلاح، رئيس بلدية أم الفحم في فلسطين المحتلة، ورئيس الحركة الإسلامية هناك، أنه أتيح له الاطلاع على هذه الحفريات، ورأى المسجد الأقصى مهددًا بالانهيار في وقت غير بعيد.
وهذا يؤكد ما قلته وأعلنته مرارًا من أن إسرائيل تعرف متى ينهار المسجد، وهي محددة له وقتًا معينًا، توقع فيه ذلك وتعلنه، وهي ستختار الوقت المناسب لهذا الفعل، بحيث يكون العرب والمسلمون مشغولين في هموم أخرى تلهيهم عن هذا الخطب الجسيم، أو تجعل احتجاجهم عليه مجرد صراخ لا يرد حقًا، ولا يقاوم باطًلا! ويكون العالم أيضًا مشغوًلا بخطب آخر،قد تكون إسرائيل أو الصهيونية العالمية هي صانعته ومدبرته.
وهكذا تتعرض القدس العربية الإسلامية: مدينة المقدسات، وأرض النبوات، وبلد الإسراء والمعراج، ودار المسجد الأقصى، الذي بارك الله حوله والذي هو عند كل مسلم بمنـزلة سواد العين، وسويداء القلب. تتعرض هذه المدينة للتهويد المبيت، والانتهاب المخطط، والالتهام المدبر، ويتعرض المسجد الإسلامي المعظم للخطر المؤكد، بما يقع تحته وحوله من حفريات مستمرة، تهدف في النهاية إلى إزالته، وإقامة هيكل اليهود المزعوم على أنقاضه.
الهدف واضح وصريح، والخطة معلومة، والعمل معلن، اتفق عليه اليهود جميعا، أيا كان انتماؤهم واتجاههم: دينيين كانوا أم علمانيين، من حزب (الليكود) الصريح المتعجرف، أم من حزب ( العمل) المناور المراوغ.
ومع هذا لازلنا نركض ونسابق الريح، سعيًا إلى سلام بائس، لا يقيم لفلسطين دولة، ولا يعيد إليها مشردًا، ولا يرد إليها قدسها وعاصمتها، ومع هذا الغبن الفاحش، والظلم المبين، تركل إسرائيل، ويركل بنيامين نتنياهو السلام المزعوم بقدميه، رضي القتيل ولم يرض القاتل!
وهكذا كلما تنازلنا عن حق مؤكد لنا، أصرت إسرائيل على باطل مدعى لها، وهي في كل يوم تأخذ منا ما تريد، ونحن لا نأخذ نقيرًا ولا قطميرًا، إلا وعودًا مزعومة، أشبه بما قال الشاعر:
كانت مواعيد عرقوب لهـا مثلا وما مواعيدها إلا الأبـاطيل
فلا يغرنك مـا منّت وما وعدت إن الأماني والأحلام تضليل
بل الواقع أن إسرائيل في عهد الليكود أمست تضن علينا حتى بالوعود، وإن كانت سرابًا. فهي تتبجح بالرفض المطلق، ولا تخاف ولا تستحي. وقد قال رسول الإسلام:" إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت! "
إن إسرائيل تستكبر وتبغي في الأرض بغير الحق، لأنها لم تجد من يردها ويقفها عند حدها .
فهي تريد سلاما من منظورها هي ، ووفق مصلحتها، وتبعا لاستراتيجيتها التوسعية، وأطماعها الإقليمية، المتمثلة في إسرائيل الكبرى: من الفرات إلى النيل، ومن الأرز إلى النخيل! ولكنها قد تخفي ذلك أو تسكت عنه في وقت ما، تبعًا لسياسة (المراحل) التي تجيدها إسرائيل من قديم.
ولقد ساعدت الظروف العالمية والإقليمية والمحلية القائمة اليوم، إسرائيل على هذا التجبر والطغيان الذي نشهده، وتتمثل تلك الظروف في الاستسلام الفلسطيني، والعجز العربي، والوهن الإسلامي، والغياب العالمي، والتفرد الأمريكي، والتحيز الأمريكي أيضًا .
ولكن هل تضمن إسرائيل أن تبقى هذه الظروف المساعدة لها باقية إلى الأبد؟ وهل أخذت صكًا على القدر الأعلى أن تبقى الرياح في الاتجاه الذي تهوى؟
نحن بقراءة سنن الله في الكون، وقراءة التاريخ من قبل، واستقراء الواقع في عالمنا: نؤمن بأن الدنيا تتطور، وأن العالم من حولنا يتغير، بل يتغير بسرعة غير محسوبة ولا متوقعة، كما رأينا في انهيار الاتحاد السوفيتي، وفي ظهور الاتحاد الأوروبي، وفي ظهور قوى اقتصادية جديدة في العالم. وهو ما عبر عنه الناس عندنا من قديم فقالوا: دوام الحال من المحال. وما عبر عنه القرآن في صورة سنة كونية عامة، فقال: ﴿وتلك الأيام نداولها بين الناس﴾ آل عمران: 140 قال ذلك في أعقاب غزوة أحد التي انكسر فيها المسلمون في عصر النبوة، وقدموا فيها سبعين من أغلى شهدائهم، بعد انتصار مبين قبلها في غزوة بدر، التي سمى القرآن، يومها ﴿يوم الفرقان يوم التقى الجمعان﴾ الأنفال: 41.
الإستـسلام الفلسطيني
ان الاستسلام الفلسطيني الذي دفع إليه تسرب الوهن إلى بعض الأنفس، والبأس إلى بعض القلوب و الشعور بالمرارة من تخاذل الكثيرين من العرب، وارتماء بعضهم في أحضان الأمريكان، وسقوط السوفيت، والإحساس بالرعب من الوحش الأمريكي، وتحيزه الدائم لربيبته إسرائيل، واستطالة طريق الجهاد، وكثرة تكاليفه، وضحاياه، كل أولئك سارع بدفع عدد من القادة الفلسطنين إلى قبول ( السلام الأعرج) الذي عرضته إسرائيل، تحت عنوان (الأرض مقابل السلام) . يعنون أن تتخلى إسرائيل عن الأرض الفلسطينية والسورية واللبنانية التي احتلها عام (1967 م) في مقابل سلامها، بحيث لا يناوشها أحد ولا ينازعها. باختصار: هذا القول يعني: أرض العرب في مقابل سلام إسرائيل.
أي يردّون إلينا أرضنا المحتلة لينعموا بالسلام، معنى هذا: أن الأرض التي أخذوها بقوة السلاح وبالدم والعنف أمست ملكا لهم، وأمسى لهم الحق عليها، وهم يتنازلون عنها ليفوزوا بالسلام!
وقَبِل العرب المفاوضات على هذا الأساس الأعوج، وأعطوا إسرائيل السلام، ولكنها لم تعطهم شيئا، باعت لهم (الترام)! كما تحكي الحكايات عن القاهري الماكر والصعيدي الساذج.
ما معنى سلام يترك المشاكل الكبرى الأساسية كلها معلقة:
o مشكلة القدس
o مشكلة الاستيطان
o مشكلة اللاجئين
o مشكلة الحدود
هذه المشكلات الخطيرة معلقة مؤجلة، لا تبحث إلا في نهاية المفاوضات، ولم يسأل أحد: وإذا لم نتفق عليها في النهاية فماذا يكون الموقف؟
والحقيقة أن هذه المشاكل كانت معلقة ومؤجلة عند العرب، ولم تكن مؤجلة ولا معلقة عند إسرائيل، فقد أعلن اسحاق رابين عشية توقيع الاتفاق في (أوسلو) قائلا ومصرحا: جئتكم من أورشليم (القدس) العاصمة التاريخية والأبدية والموحدة لشعب إسرائيل!
وكذلك لم يؤجل موضوع الاستيطان، بل ظل مستمرا في أكثر من مكان في فلسطين، إلى أن فجرته المحاولة الصريحة الجريئة بإنشاء مستوطنة (هارحوما) في جبل أبو غنيم وكذلك في رأس العامود في القدس الشرقية، ولا يزال الاستبطان يتوسع وينمو، في حين لا يسمح للفلسطينيين أهل البلد وأصحاب الدار، بأي نمو أو توسع.
وكم رأينا بأعيننا البيوت تهدم على مرأى ومسمع، لأن إسرائيل لم تسمح بها. ولن تسمح يوما.
إن الفلسطينيين اليوم أدركوا أن إسرائيل تخدعهم وتلعب بهم، وأن انسحابها الجزئي المحدود جدا لم يكن إلا خدعة كبيرة، وأنها تستطيع أن تعود إلى احتلال المواقع التي أخْلتها في ساعات قلائل، وان زمام الأمور كلها بيديها، وأن لا حول لهم ولا طول، وأن السلطة التي منحتها إسرائيل لهم سلطة وهمية، هدف إسرائيل منها: إن تضرب الفلسطينيين بعضهم بعض، وأن تسلط بعضهم على بعض، وأن يكون بأسهم بينهم شديدا، لتقف هي متفرجة على صراع الأخ مع أخيه، وأن بندقية الفلسطيني لم تعد موجهه إلى صدر غاصب أرضهم بل إلى فلسطيني مثله. وهذا مراد إسرائيل.
ولما لم يتحقق لإسرائيل كل ما تريد، طلبت بصراحة من السلطة: تدمير حماس، وتحطيم كل قوة لها، وإعانة إسرائيل عليها. وهذا شرط أساسي وضروري اليوم للعودة للجلوس على مائدة السلام المزعوم.
إن إسرائيل ماضية في خطتها وإصرارها على تهويد القدس، وهي خطة ليست بنت اليوم ولا وليدة الأمس. وقد حددت هدفها، ورسمت سياستها، ومارست تنفيذها، بمحاصرتها بالمستوطنات، والعمل الدائب على تفريغها من أهلها العرب، مسلمين ومسيحيين ووضع العوائق والعقبات في سبيل نموّهم وامتدادهم عمرانيًا وبشريًا، والوقائع كلها شاهدة قاطعة، والعرب لا يملكون إلا الشجب والاحتجاج والاستنكار، وهذه كلها لا تجدي فتيلاً، ولا تحيي قتيلاً، ولا تشفي عليلاً. لقد احتج العرب على مستوطنة أبو غنيم، واحتجوا على احتلال بيت رأس العامود، ولكن احتجاجاتهم ذهبت أدراج الرياح.
لم يبق من شئ تخافه إسرائيل إلا الشباب الذين حملوا رؤوسهم على أكفهم، بائعين أرواحهم لله، لا يبالون أوقعوا على الموت أم وقع الموت عليهم، من الذين أقلقوا إسرائيل بعملياتهم الاستشهادية، وقذفوا الرعب في قلوب أبنائها، وأطاروا النوم من أجفانهم، ولا يفل الحديد إلا الحديد.
لهذا قامت إسرائيل – على أعلى مستوى فيها- بالانتقام من هؤلاء الأبطال، فقتلت الدكتور الشقاقي، والمهندس يحيى عياش، وشرعت أخيرا في قتل خالد مشعل، بسلاح كيماوي متطور، وفي بلد معاهد لهم، هو الأردن، ليعلم الجميع أن هؤلاء قوم لا عهد له ولا ذمة، كما قال تعالى في أسلافهم :﴿ الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون﴾ الأنفال:56
وهم من قديم يقتلون كل من يقف في طريقهم أو ينتقدهم، أو يكشف أحابيلهم، من مدنيين وسياسين ومفكرين، فقد قتلوا اللورد موين، وقتلوا الكونت برنادوت، وقتلوا المفكر الإسلامي الدكتور اسماعيل الفاروقي وزوجته أشنع قتلة، هذا ما تقوله الوقائع ، ولا يزالون يهددون ويتوعدون كل من يقول كلمة لا تعجبهم، حتى الرسائل الأكاديمية أو البحوث العلمية، التي تتحدث عن مذابح النازية معهم، وتحاول أن تبين حجمها الحقيقي، لا يسمح لها أن تبرز وترى النور، حتى إن كاتبيها يتعرضون للمساءلة والمحاكمة بله المضايقة والإيذاء والتهديد، وآخرهم المفكر الفرنسي المعروف روجيه جارودي.
إن الذين ظلوا يحملون روح الشعب الفلسطيني المجاهد، وعناد مقاومته، واستعداده للتضحية، إنما هم تلك الفئة المؤمنة التي وهبت حياتها وكل ما تملك من نفس ونفيس، لتحرير الأرض المقدسة ومسجدها الأقصى. إنما هم أبناء حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإخوانهم وأعوانهم في (الجهاد) المقدس ومن يشد أزرهم من أبناء الشعب. إنهم الذين باعوا أرواحهم لله ليشتروا الجنة، ولقد ابتلوا وأوذوا وسجنوا وعذبوا في سبيل الله، فصبروا وصابروا ورابطوا، ﴿ فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين. وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين﴾ آل عمران: 146 ـ 147
وظني أن الاستسلام الذي جر إليه الفلسطينيون لن يستمر، فقد طفح الكيل، وبلغ السيل الزبى، وأوشك الصبر أن ينفد، وحينئذ لا يكون أمام هؤلاء إلا عودة الانتفاضة الشاملة أشد وأقوى مما كانت، ويفرض الواقع الجديد نفسه، وتنضم السلطة إلى الشعب، ويقف الجميع في وجه العدو صفًا واحدًا كالبنيان المرصوص. وصدق الشاعر:
إذا لم يكن إلا الأسنة مركب فما حيلة المضطر إلا ركوبها!
العجز العربي
أما العجز العربي الذي نراه ونلمسه ، فليس هو بالقدر الذي لا مهرب منه. إنما هو أمر طارئ لا بد أن يزول.
وأظهر أسباب هذا العجز هو التفرق، الذي أصاب دول العرب، منذ شرخ (كامب ديفيد) واتفاقيته التي أخرجت الشقيقة الكبرى: مصر، من المعركة المصيرية للأمة، وقد استغل في ذلك: تخلي العرب عن مصر، وعدم وقوفهم معها ومعاونتهم لها، وقد خاضت أربع حروب من أجل فلسطين كلفتها الكثير من المال والرجال.
وزاد هذا التفرق بعد ( حرب الخليج ) الثانية، التي مزقت العرب شر ممزق، وخسروا فيها تضامنهم ووحدة مواقفهم، كما خسروا أموالهم، حتى استدانت البلاد الغنية، بل خسر كثير منهم حرية إرادتهم واستقلال قرارهم، إلى حد احتلال أراضيهم. كان هذا كله بضربة واحدة ـ ضربة معلم كما يقال ـ وكان الرابح الواحد في ذلك هو إسرائيل، وأمريكا وحلفاؤها، الذين تخلصوا من أسلحتهم القديمة في أرضنا، وجربوا أسلحتهم الجديدة في شعوبنا، وهدموا ديارنا بفلوسنا، وبطلبنا، وخربوا بيوتنا بأيدينا، ليعودوا فيشيدوها من جديد بأموالنا أيضًا.
وقد انقسم العالم العربي في هذه القضية انقساما لم يحدث مثله في قضية أخرى، لما فيها من تداخل وتعقيد، فإن الذي يرفض التدخل الأجنبي كأنما يؤيد الاحتلال العراقي للكويت، والذي يقبل التدخل العسكري الأمريكي والغربي كأنما يؤيد تدمير العراق، ويساند الاحتلال الأجنبي للمنطقة!
وضاع الرأي الوسط الذي ينكر الاحتلال ويطالب بالجلاء، كما ينكر التدخل الأجنبي المكثف المسيطر، سواء بسواء. وهو ما نادت به مجموعات من أهل العلم والفكر من المصريين نشروا بيانهم على صفحات الأهرام وغيره ( ضمن المقال الأسبوعي للكاتب الكبير الأستاذ فهمي هويدى ).
المهم أن العالم العربي منذ ذلك اليوم المشؤوم قد تصدع بنيانه، ولم يجد من يرمّمه إلى اليوم، رغم مناداة كثير من العقلاء بوجوب تخطي هذه الأزمة، التي لا يجوز أن تحكمنا عقدتها أبد الدهر، ، وهو ما يفرضه الدين والقومية، والأخلاق والمصلحة المشتركة، بل ما يفرضه وجودنا ومصيرنا، إن أردنا أن يكون لنا وجود ومصير في هذا العالم، الذي لم يعد فيه مكان للكيانات الصغيرة، ولا للكيانات المتفرقة والمبعثرة، ولهذا رأينا المتفرقين تاريخيا يتحدون ويتناسون الماضي ونزاعاته وثاراته، استجابة لنداء المصلحة المتبادلة، كما هو شأن الاتحاد الأوروبي.
ولكننا نرى اليوم بشائر لا يمكن تجاهلها، وهي وقوف العالم العربي كله ضد الولايات المتحدة التي تريد توجيه ضربة عسكرية للعراق، إن هذه الوقفة العربية ضد التألّه الأمريكي، يدلنا على أن هذه الأمة لن تموت.
الوهن الإسلامي :
وإذا كان العجز العربي عرضا لا يدوم، فكذلك الوهن الإسلامي، إنه أمر يعرض للأمم كما تعرض الأمراض للجسم الصحيح، لا يلبث أن يعالج منه ويشفى.
وكم أصابت هذه الأمة من آفات وأمراض، في أدوار من التاريخ، حسب أعداؤها أنها لن تبرأ منها، وأنها هي القاضية والقاتلة. ولكنها خرجت منها كما يخرج الذهب من النار، أشد صفاء، وأكثر لمعانا.
وحسبنا من ذلك: غزوات الصليبين من الغرب، وهجمات التتار من الشرق، في فترة ضعف من الأمة، وتفرق بين أقطارها، وغفلة من حكامها، حتى سقطت قلاعها أمامهم أول الأمر، وتحكموا في رقاب أهلها، وأقاموا لهم ممالك وامارات، وبقى (المسجد الأقصى) أسيرا في أيدي الصليبين (تسعين عاما) كاملة.
ثم هيأ الله رجالا لم يكونوا من جنس العرب، ولكن عرّبهم الإسلام، منهم التركي مثل عماد الدين زنكي، وابنه نور الدين محمود، والكردي مثل صلاح الدين الأيوبي، وغيرهم مثل سيف الدين قطز والظاهر بيبرس من قادة المماليك.
فعاد الصليبيون يجرون أذيال الخيبة، ودخل التتار في دين الله أفواجا.
وفي العصر الحديث احتل الاستعمار الغربي الزاحف ديار الإسلام، من إندونيسيا إلى المغرب، وحسب جنرالاته العسكريون، وزعماؤه السياسيون، ـ ومن ورائهم المبشرون والمستشرقون ـ أن هذه الديار قد دانت لهم إلى الأبد، حتى إن بعضها اعتبروها جزءا من أوطانهم كما في الجزائر. ثم ما لبث الإسلام الذي يدينون به أن أيقظهم من رقود، وحركهم من جمود، ونفخ فيهم من روحه، فكانت (معارك التحرير) في كل بلد، وكان للدين القدح المعلى في الإيقاظ والتحريك والتجنيد والتجميع، وآخر ملحمة مع الاستعمار كانت ملحمة ثورة التحرير الجزائرية من سنة 1954 حتى نالت استقلالها سنة 1961 .
لقد نبهنا الرسول المعلم على سبب الوهن الذي يصيب الأمة، وبين أنه سبب نفسي وأخلاقي، وذلك في الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود عن ثوبان "يوشك أن تتداعى عليكم الأمم من كل أفق، كما تتداعى الأكله على قصعتها، قالوا: أمن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن. قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت "
هذا هو سر الوهن وعلّتة : حب الدنيا وكراهية الموت. فإذا غيرت الأمة ما بنفسها، ولم تعد الدنيا أكبر همها ومبلغ علمها، ولم تعد تبالي: أوقعت على الموت أم وقع الموت عليها، هنالك يغير الله ما بها، ويبدل حالها من ضعف إلى قوة، ومن ذلة إلى عزة، ومن هزيمة إلى نصر وتمكين .
وأرى بشائر ذلك قد بدت وتجلت في هذه الصحوة الإسلامية المعاصرة التي جددت العقول بالمعرفة، والقلوب بالإيمان، وأثرت في شباب الأمة ـ ذكورا وإناثا ـ تأثيرًا يشبه تأثير الغيث في الأرض الهامدة، حتى إذا نزل عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج .
وقد بينا في دراسة سابقة لنا :
أن الأمة المسلمة تملك مقومات القوة والرقى والسيادة من: الثروة البشرية (مليار وثلث من البشر) والثروة المادية ( من سهول وجبال ومعادن وبحار وأنهار . . الخ) والثروة الحضارية من خلال موقعها في ملتقى القارات، ومنبت الحضارات ومهبط الرسالات. في أرضها نبتت الحضارات الفرعونية والفينيقية والآشورية والبابلية والفارسية . . . ) بالإضافة إلى الحضارة الإسلامية العربية. وفيها نشأت الرسالات السماوية الكبرى: اليهودية والمسيحية والإسلام.
هذا إلى الثروة الروحية الكبرى، التي تتميز بها دون الأمم، فهي وحدها التي تملك رسالة الشمول والتوازن والعمق، المتمثلة في رسالة الإسلام .
وقد بدأت بعض شعوب هذه الأمة وأقطارها في النهوض ومحاولة كسر حاجز التخلف الذي وضعت فيه الأمة زمنا طويلا، وإن مع اليوم غدًا، وإن غدًا لناظره قريب.
التفرّد الأمريكي
وأما التفرد الأمريكي بالنفوذ والهيمنة على العالم، حيث غدت هي القطب الأوحد.
والعلم المفرد، في توجيه السياسة الدولية، وفق مصالحها وأهوائها، وتسخير الأمم المتحدة وأجهزتها ومؤسساتها لخدمة أهدافها ورغباتها. التي لا يجوز لأحد الخروج عنها، أو التمرد عليها، وإلا كان العقاب له بالمرصاد، اقتصاديا وسياسيا، بل وعسكريا عند اللزوم. . أقول:
هذا التفرد ليس قدرا مفروضا على البشرية، يجب أن تتقبله طوعا أو كرها، صوابا أو خطئا، عدلا كان أو جورا. إنما هو وليد ظروف معينة مرت بالعالم قابلة لأن تتغير.
ومن سنة الله: أن القوي لا يظل قويا أبد الدهر، وأن الضعيف لا يظل ضعيفا أبد الدهر، وكم رأينا من قوي أصابه الضعف، وضعيف أدركته القوة، وكم من عزيز ذل، وذليل عز، وفي التاريخ الحافل، وفي الواقع الماثل: نماذج وأمثلة لا تخفى.
كما أن من عدل الله تعالى وحكمته في خلقه: ألايدع قوة واحدة تتحكم في خلقه، وتفرض عليهم سلطانها رغبا ورهبا. بل من سنته تعالى: التدافع بين الناس، حيث يدفع ظلم بعضهم ببعض، وشر بعضهم ببعض، وإلا لتسلط عليهم الطغاة والجبارون فأهلكوهم، أو ساموهم سوء العذاب. يقول تعالى: ﴿ولولا دفع الله الناس بعضهم بعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين ﴾ البقرة: 251
وقال سبحانه: ﴿ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرًا ﴾ الحج: 40
وعلى ضوء هذه السنة قام الاتحاد السوفيتي الشيوعي عدة عقود بمدافعة التجبر الأمريكي -الأوروبي- الرأسمالي، وأدى ذلك إلى قدر من التوازن استفادت منه الشعوب الضعيفة والأوطان المهضومة، وإن كان كل من الطرفين الشيوعي والرأسمالي ظالما في نفسه، ولكن الله يدفع ظالما بظالم. كما قال الشاعر :
وما من يد إلا يد الله فوقها ولا ظالم إلا سيُـبلى بظالم!
ومن هنا كان المسلمون قديما يدعون الله قائلين: اللهم اشغل الظالمين بالظالمين، وأخرجنا من بينهم سالمين.
ومن الأمثال المأثورة: إذا اصطلحت الهرة والفار خربت دكان البقّال.
فمن مصلحة البشر ـ وخصوصا الضعفاء منهم ـ اختلاف الأقوياء الظالمين وتعارض مصالحهم. وليس من مصلحتهم أن يتفقوا، فإن اتفاقهم نقمة واختلافهم رحمة. كما ليس من مصلحتهم أن ينفرد أحدهم بالقوة، ويزول خصومه من الميدان.
وبمقتضى هذه السنة لا بد أن تظهر قوة، أو قوى جديدة أخرى تنازع أمريكا وتغالبها وتدافعها، حتى لا تفسد الأرض، وربما كان من دلائل ذلك: الاتفاق الروسي الصيني، الأخير والشهير، الذي يؤذن ببروز قوة جديدة، ربّما لم تتكامل الآن كل أدوات قدرتها التي تنافس بها أمريكا، ولكنها ـ على الأقل ـ تملك قوة عسكرية وبشرية هائلة، في مقابل التفوق التكنولوجي والاقتصادي الفارع الذي تتمتع به الولايات المتحدة الأمريكية.
وإذا كان من شأن التفرد الأمريكي ألا يستمر، فكذلك شأن التحيز الأمريكي الدائم لإسرائيل، فهو موقف غير أخلاقي، وغير إنساني، وغير مبرَّر. وأحسب أن الشعب الأمريكي المضلل عن الحقيقة بصُنع الإعلام المكثف الذي يوجهه ويسيطر عليه اللوبى اليهودي في أمريكا، سيأتي يوم تنكشف فيه الغشاوة عن عينيه، ويرى الحقيقة مجردة بلا تمويه ولا تزييف، ويومئذ لن يكون مع الظالم ضد المظلوم، ولا مع الغاصب ضد المغصوب، ولا مع اللص ضد صاحب الدار.
الغياب العالمي
وكذلك يقال في الغياب العالمي، فهو ـ في الواقع ـ أثر للتسلط الأمريكي على العالم، بسيف المعز وذهبه. وعدم وجود زعماء أقوياء يقولون كلمة الحق، ولا يخافون لومة لائم، ولا ظلم ظالم. فقد بات العالم قرية عمدتها رئيس الولايات المتحدة. ووزير الدفاع الأمريكي هو شيخ خفرائها، ووزير الخارجية الأمريكي هو شيخ البلد فيها.
حتى أوروبا لم يعد لها تأثير يذكر في سياسة العالم وقضاياه الكبرى، وإن حاولت بعض دولها أن يكون لها موقف تميز عن أمريكا، كما نرى فرنسا أحيانا.
أما كتلة ( عدم الانحياز ) فلم يعد لها علم مرفوع، ولا صوت مسموع.
إن العالم الذي ربا عدد سكانه على ستة مليارات أصبح (أحجارا على رقعة (الشطرنج) تحركها أصابع أمريكا حيث تشاء، لا تبالي بفيل ولا حصان ولا (طابيه) بل لا تعبأ بوزير ولا ملك. فهي تحي منهم من تشاء وتميت من تشاء، وقتما تشاء.
هل سيبقى العالم لعبة في يد أمريكا إلى الأبد؟ مستحيل: وهل يستمر هذا الغياب العالمي طويلا؟ ما أظن ذلك .
إن الظروف المساعدة لإسرائيل – عالميًا وإسلاميًا وعربيا وفلسطينيا- لن تبقى إلى الأبد، فالدهر قلب، والدنيا دول، ودوام الحال من المحال، وصدق الله إذ يقول :﴿وتلك الأيام نداولها بين الناس﴾ آل عمران :140.
ومن المبشرات العاجلة: ما قضت به محكمة العدل الدولية في قضية (لوكربى) التي اتخذت ذريعة ضد ليبيا، وقد كان حكم المحكمة صفعة للولايات المتحدة وبريطانيا، وانتصارا للجمهورية الليبية، مما يوحي بأن في الزوايا خبايا، وأن في العالم رجالا أحرارا، لا يشترون، ولا يخافون.
ربما انتقدنا بعض رجال السياسة، واتهمونا ـ نحن علماء الدين ورجال الفكر الإسلامي ـ بأننا ( رومانسيون) نعيش في مثاليات ونسبح في بحار الأماني والأحلام، ولا نرضى بالواقع. وقد قال علي بن أبي طالب لابنه: إياك والاتكال على المنى، فإنها بضائع النوكى ( الحمقى).
وقال الشاعر :
ولا تكن عبد المنى، فالمنى رؤوس أمــوال المفاليـس!
وأود أن أقول لهؤلاء: إن من شأن الإنسان الحي أن يتخيل وأن يحلم، وعلى قدر همة المرء وطموحه تكون أحلامه صغرًا وكبرًا.
وما لنا لا نحلم، وقد حلم اليهود فبلنا بإقامة دولتهم، وقد أقاموها في ديارنا، ولم يكن هناك أي شيء على الأرض يدل على ذلك، وقد عاشوا حتى غدت أحلام الأمس حقائق اليوم.
فما علينا إذا حلمنا بالانتصار على عدونا، واستعادة أرضنا وحقنا، حتى تكون أحلام اليوم حقائق الغد، ولا سيما وحقائق الوجود، ووقائع التاريخ، وسنن الله في الكون كلها تؤيدنا.
كل ما ينقصنا هو ( إرادة الصمود والتحدي) والتحرر من اليأس والضعف، والثورة على الرضا بالهون، والعيش الدون، والقدرة على أن نقول بملء فينا، وبأعلى صوتنا: لا ثم لا.
إننا إذا قلناها ـ مجتمعين ـ صارخة مدوية، عالية متحدية، ستزلزل قلوب أعدائنا ويكون لها ما بعدها. إن كل ما نريده اليوم:
أن ننتصر على ضعف أنفسنا، وأن نستعيد ثقتنا بالله تعالى، ونستجيب لقول الله تعالى: ﴿ فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون، والله معكم ولن يتركم أعمالكم﴾ محمد: 35
[quote]
مقبول حسون الادارة
عدد المساهمات : 2413 تاريخ التسجيل : 08/12/2009
موضوع: حقيقة المعركة بيننا وبين إسرائيل الخميس فبراير 25, 2010 7:03 am
حقيقة المعركة بيننا وبين إسرائيل
§ هل نعادي إسرائيل لأنها سامّية؟
§ هل نعادي إسرائيل لأنها يهودية؟
§ اليهود أقرب إلى ملة إبراهيم من النصارى
§ سوء موقف اليهود من دعوة الإسلام
§ السبب الحقيقي لمعركتنا مع اليهود
§ الطابع الديني للمعركة
§ الفتح الإسلامي
هل نعادي إسرائيل لأنها سامية؟
أود أن أُبين هنا بوضوح: نقطة مهمة، كثيرًا ما يشوبها الغموض أو الالتباس في أذهان كثير من الناس، ولا سيما من المتدينين المسلمين. وكثيرًا مما تستغلها إسرائيل في دعايتها الصهيونية، لكسب الرأي العام ـ وخصوصًا الغربي ـ إلى صفها. هذه النقطة تتعلق بأسباب المعركة بيننا وبين اليهود وحقيقتها، فما هذه الأسباب التي أشعلت نار الحرب بيننا وبين اليهود في فلسطين، قبل أن تقوم إسرائيل في سنة 1948 م وبعد قيامها إلى اليوم؟
هل نعادي إسرائيل لأنها سامّية؟
هل سبب العداوة والحرب المستعرة بيننا ـ نحن العرب والمسلمين ـ وبين إسرائيل: أنها دولة سامية؟
والجواب: أن هذا أبعد ما يكون عن تفكير المسلمين، ولا يتصور أن يرد هذا بخواطرهم؛ لسببين أساسيين:
الأول: أننا ـ نحن العرب ـ ساميون، ونحن مع بني إسرائيل في هذه القضية أبناء عمومة، فإذا كانوا هم أبناء إسرائيل ـ وهو يعقوب ـ ابن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، فنحن أبناء إسماعيل ابن إبراهيم عليهما السلام.
ولا تستطيع إسرائيل أن تزايد علينا في ذلك، ولا أن تتهمنا بأننا أعداء (السامية) التي تتاجر بها في الغرب، ونشهرها سيفًا في وجه كل من يعارض سياستها، أو ينـتقد سلوكياتها العدوانية واللاأخلاقية ، بل اعتبر القرآن المسلمين كافة أبناء إبراهيم ﴿هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم﴾ الحج:78
والثاني: أن المسلمين عالميون إنسانيون بحكم تكوينهم العقدي والفكري، وليسوا ضد أي عرق من العروق أو نسب من الأنساب، وقد علمهم دينهم أن البشرية كلها أسرة واحدة، تجمعهم العبودية لله، والبنوة لآدم، كما قال تعالى: ﴿يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، إن الله عليم خبير﴾ الحجرات:13 وقال رسولهم الكريم: "أيها الناس، إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم، وآدم من تراب" رواه أحمد.
على أن اليهود اليوم لم يعودوا كلهم ساميين، كما يزعمون، فقد دخل فيهم عناصر شتى من سائر أمم الأرض، كما هو معروف عن يهود (مملكة الخزر) وغيرهم. وهذا طبيعي، فاليهودية ديانة، وليست جنسية.
هل نعادي إسرائيل لأنها يهودية؟
وإذا كانت (السامية) ليست واردة في أسباب حربنا وعداوتنا لإسرائيل، فكذلك (اليهودية) باعتبارها ديانة ليست هي السبب. إن اليهودية في نظر المسلمين (ديانة كتابية) من الديانات السماوية، جاء بها رسول الله موسى الذي اصطفاه الله برسالاته وبكلامه، وأنزل عليه التوراة فيها هدى ونور، وهو من أولى العزم من الرسل، وفي القرآن نقرأ قوله تعالى: ﴿قال: يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي، فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين. وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلاً لكل شيء، فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها﴾ الأعراف:144 ـ 145. والقرآن اختار لليهود والنصارى (لقبًا) يوحي بالقرب والإيناس منهم، وهو (أهل الكتاب) ويناديهم بذلك (يأهل الكتاب) ويعنى به: التوراة والإنجيل، إشعارًا بأنهم ـ في الأصل ـ أهل دين سماوي، وإن حرفوا فيه وبدلوا.
اليهود أقرب إلى ملة إبراهيم من النصارى
بل أزيد على ذلك فأقول: إن اليهود ـ من الناحية الدينية ـ أقرب إلى المسلمين في كثير من الأمور، من النصارى المسيحيين، لأنهم أقرب منهم إلى ملة إبراهيم عليه السلام، سواء في العقيدة أم في الشريعة.
فإن النصارى غيروا كثيرًا من أصول الدين وفروعه، على حين احتفظ اليهود ببعض هذه الأشياء مما ورث من ملة إبراهيم أبي الأنبياء عليه السلام.
فاليهود لا يقولون بالتثليث الذي يقول به النصارى، ولا يؤلهون موسى كما يؤله النصارى المسيح عيسى عليهما السلام .
وإن وقع اليهود في تشبيه الخالق بخلقه، كما يبدو ذلك بجلاء لكل من يقرأ أسفار التوراة، وحديثها عن الألوهية.
على أن كل ما يؤمن به اليهود فيما يتعلق بالألوهية والنبوة، يؤمن به المسيحيون، لأن التوراة وملحقاتها (كتاب مقدس) عندهم.
ويزيدون على اليهود ما انفردوا به من تأليه المسيح أو القول بالتثليث.
واليهود يختنون أبناءهم على سنة إبراهيم عليه السلام كما يختن المسلمون، والنصارى لا يختنون.
واليهود يشترطون الذبح لحل أكل الحيوانات والطيور. كما يفعل المسلمون، والمسيحيون لا يذبحون لأن (بولس) قال لهم: كل شيء طاهر للطاهرين!
واليهود يحرمون الخنزير، كما يحرمه المسلمون في حين أحلّه النصارى.
واليهود يحرمون التماثيل التي تصنع للملائكة أو للأنبياء والقديسين، كما يحرمها المسلمون، في حين لا يحرمها النصارى، ولذلك امتلأت كنائسهم ومعابدهم بهذه الصور والتماثيل من كل حجم ولون.
فلو كنا نحارب اليهود من أجل العقيدة، لحاربنا النصارى المسيحيين أيضًا.
ومن أجل هذا يتبين لنا خطأ بعض عوام المتدينين الذين يتوهمون أن الحرب القائمة بيننا وبين اليهود حرب من أجل العقيدة، ومعنى هذا: أننا نقاتل اليهود، لأنهم يهود كفروا برسالة محمد، وحرفوا كلام الله عن موضعه، وشوهوا حقيقة الألوهية في كتابهم، فقد شبهوا الخالق بالمخلوق، كما شبه النصارى بعدهم المخلوق بالخالق، ولوثوا صورة الرسل والأنبياء . . . إلى آخر ما هو معروف عنهم، مما حكاه القرآن من قتلهم الأنبياء بغير حق، وتطاولهم على الله حتى قالوا: يد الله مغلولة، وقالوا: إن الله فقير ونحن أغنياء!
وهذه النظرة التي قد تخطر في بال بعض الناس خاطئة تمامًا، فاليهود كما رأينا يعتبرهم الإسلام أهل كتاب، يبيح مؤاكلتهم، ويبيح مصاهرتهم، وقد عاشوا قرونًا بين ظهراني المسلمين، لهم ذمة الله تعالى، وذمة رسوله، وذمة جماعة المسلمين، وقد طردهم العالم، ولفظهم لفظ النواة، من أسبانيا وغيرها، ولم يجدوا صدرًا حنونًا، إلا في دار الإسلام، وأوطان المسلمين، ولم يفكر المسلمون يومًا أن يحاربوا اليهود.
بل هم قد بلغوا في بعض الأقطار الإسلامية من النفوذ والغنى والقرب من الخلفاء والأمراء مبلغًا عظيمًا، جعل بعض المسلمين يغبطونهم عليه أو يحسدونهم، وقال في ذلك الشاعرالمصري الساخر الحسن بن خاقان:
يهـود هذا الزمـــان قد بلغوا غايــة آمـــالهم وقد ملكـوا
يـا أهل مصر، إني نصحت لكم تهـوّدوا، قــد تهـودّ الفـلك!
سوء موقف اليهود من دعوة الإسلام
وربما كان سبب اعتقاد كثير من المسلمين أن اليهود أسوأ في العقيدة من النصارى: هو سوء موقف اليهود من دعوة الإسلام، ومن رسول الإسلام، عليه الصلاة والسلام. كما يتجلّى ذلك في موقف يهود المدينة: بني قينقاع، وبني النضير، وبني قريظة.
فهو موقف في غاية السوء والعداوة للدين الجديد، والنبي الجديد، رغم أنهم كانوا يبشرون قبل ذلك بنبي قد قرب زمانه، وكانوا يهددون جيرانهم من العرب ـ الأوس والخزرج ـ أنهم سيؤمنون به، وينضمون إليه، ويقتلونهم معه قتل عاد وإرم. ويبدو أنهم كانوا يظنونه من بني إسرائيل، فلما وجدوه من بني إسماعيل، منعهم البغي والحسد أن يؤمنوا به.
وجاء في ذلك قول الله تعالى : ﴿ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به، فلعنة الله على الكافرين. بئسما اشتروا به أنفسهم: أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينـزل الله من فضله على من يشاء من عباده، فباؤوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين. وإذا قيل لهم: آمنوا بما أنزل الله، قالوا: نؤمن بما أنزل علينا، ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقًا لما معهم﴾ البقرة: 89 ـ 101
ومع كفرهم برسالة محمد، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم، بعد الهجرة، عاهدهم وأقام معهم اتفاقية تقوم على التعايش والتناصر معًا، وكتب معهم (الصحيفة) الشهيرة التي اعتبرها الكثيرون بمثابة (الدستور) الذي يحدد العلاقة بينهم وبين المسلمين. كما يحدد علاقة المسلمين بعضهم بعض.
ولكنهم سرعان ما غلبت عليهم طبيعتهم في نقض العهود، وتعدي الحدود، والكيد للرسول وأصحابه والانضمام إلى الوثنيين في حربهم للرسول، حتى تحالفت بنو قريظة مع المشركين المغيرين على المدينة، الذين أرادوا استئصال شأفة المسلمين، وإبادة خضرائهم.
وكان لا بد أن يقع الصدام بين الفريقين، الذي انتهى بجلاء بني قينقاع، وإجلاء بني النضير، وقتل مقاتلة بني قريظة، وقتال أهل خيبر.
ونزلت آيات القرآن في سور: البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والحشر وغيرها، تندد بموقف اليهود وشدة عداوتهم للمسلمين، كما في قوله تعالى: ﴿لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا﴾ في حين تبين قرب مودة النصارى للمسلمين، حيث تقول الآية نفسها: ﴿ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا، الذين قالوا: إنا نصارى، ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون﴾ المائدة: 82
ولهذا تجد الذين دخلوا في الإسلام من اليهود معدودين، نتيجة لتعصبهم وغرورهم وزعمهم أنهم شعب الله المختار، على حين دخلت شعوب كاملة من النصارى في الإسلام، مثل الشام ومصر وشمال أفريقية والأناضول وغيرها.
ثم كان من كيد اليهود للمسلمين بعد ذلك ما يحفظه التاريخ، وما ترك أثره العميق في أنفس المسلمين.
السبب الحقيقي لمعركتنا مع اليهود
والواقع أن المعركة بدأت بينـنا وبين اليهود، بسبب واحد لا شريك له، وهو: أنهم اغتصبوا أرضنا ـ أرض الإسلام، أرض فلسطين ـ وشردوا أهلنا، أهل الدار الأصليين، وفرضوا وجودهم الدخيل بالحديد والنار، والعنف والدم . . تكلم السيف فاسكت أيها القلم! وستظل المعركة قائمة بيننا وبينهم ما دامت الأسباب قائمة، وسيظل الصلح مرفوضًا إذا كان مبنيًا على الإعتراف بأن لهم حقًا فيما اغتصبوه من الأرض، إذ لا يملك أحد أن يتنازل عن الأرض الإسلامية، إنما يمكن إقامة هدنة بيننا وبين إسرائيل، لفترة من الزمن، تقصر أو تطول، يكف فيها الطرفان عن الحرب، ويسود فيها الأمن، وتتبادل بعض العلاقات مع بعض.
أما مبدأ (الأرض مقابل السلام) فهو مبدأ غريب حقًا، فرضه منطق القوة الغاشمة للعدو، لا غير. لأن الأرض أرضنا، لا أرضه، حتى يتفضل بتنازله عنها، مقابل سلامه!
وحتى هذا السلام الأعرج، رفضته إسرائيل في النهاية. فهي تريد أن تأخذ ولا تعطي شيئًا.
الطابع الديني للمعركة
وهذا لا ينفي الطابع الديني عن المعركة، فالمعركة ـ وإن كانت من أجل الأرض ـ لها بواعثها الدينية، وأهدافها الدينية.
فكل معركة يدخلها المسلم للدفاع عن حق، أو لمقاومة باطل، أو لإقامة عدل، أو للثورة على ظلم، فهي معركة دينية، لأنها معركة في سبيل الله. قال تعالى: ﴿الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت﴾ النساء: 76.
والإسلام يوجب على المسلمين ـ بالتضامن ـ الدفاع عن أرض الإسلام، ويعتبر ذلك من أقدس أنواع الجهاد، كما يعد من قُتِل في ذلك شهيدًا من أعظم الشهداء. والجهاد ـ دفاعًا عن الأرض ـ فرض عين على أهلها حتى تتحرر، وإذا لم يكف أهلها للدفاع عنها، وجب على من يجاورهم، حتى يشمل المسلمين كافة في النهاية، ولا يجيز شرع الإسلام للمسلمين أن يتنازلوا عن ذراع واحد من أرض الإسلام.
فإذا كانت أرض الإسلام هي أولى القبلتين، وثالث المسجدين المقدسين، كان الجهاد في سبيل تحريرها أوجب وأعظم وأشرف، وأعلى مكانًا في دين الله.
وإذا كان مغتصبوها يحاربوننا بدوافع دينية، وأحلام دينية، كان أوجب علينا: أن نحاربهم بمثل ما يحاربوننا به، فإذا حاربونا بالتوراة حاربناهم بالقرآن، وإذا رجعوا إلى تعاليم التلمود رجعنا إلى البخاري ومسلم، وإذا قالوا: نعظَّم السبت، قلنا: نعظم الجمعة، وإذا قالوا: الهيكل، قلنا: الأقصى. وبالجملة إذا قاتلونا تحت راية اليهودية قاتلناهم تحت راية الإسلام، وإذا جندوا جنودهم باسم موسى: جندّنا جنودنا باسم موسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام، فنحن أولى بموسى منهم!
وقد تحدث القرآن الكريم عن هاتين النهايتين: تدمير سيادتهم بالأسر البابلي، وإنهاء وجودهم بالسحق الروماني، وذلك في الآيات الكريمة:
﴿وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين، ولتعلن علوًا كبيرًا﴾ .
﴿فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادًا لنا أولى بأس شديد، فجاسوا خلال الديار، وكان وعدًا مفعولاً﴾ .
﴿ثم رددنا لكم الكرة عليهم، وأمددناكم بأموال وبنين، وجعلناكم أكثر نفيرًا﴾ .
﴿إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم، وإن أسأتم فلها﴾ .
﴿فإذا جاء وعد الآخرة، ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوا أول مرة، وليتبروا ما علوا تتبيرًا . . ﴾ الإسراء: 4 ـ 8
وقد ذهب بعض علماء العصر مثل الشيخ الشعراوي والشيخ عبد المعز عبد الستار وغيرهما إلى أن المرة الأولى في إفساد بني إسرائيل كانت في عصر النبوة بعد البعثة المحمدية، وهي ما قام به بنو قينقاع وبنو النضير وبنو قريظة، وأهل خيبر، من كيد وبغي على الرسول وأصحابه، وقد نصرهم الله عليهم.
وكان العباد المسلطون عليهم هم النبي والصحابة. بدليل مدح هؤلاء بإضافتهم إلى الله بقوله (عبادًا لنا). أما إفسادتهم الثانية فهي ما يقومون به اليوم من علو كبير وطغيان عظيم، وانتهاك للحرمات، وإهدار للحقوق، وسفك الدماء، وغيرها.
وسيتحقق وعد الله تعالى بتأديبهم وعقوبتهم وتسليط المسلمين عليهم كما سلطوا من قبل.
ورأيي أن هذا التفسير ضعيف لعدة أوجه:
أولاً: أن قوله تعالى : ﴿وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب﴾ أي أنهينا إليهم واعلمناهم في الكتاب، والمراد به: التوراة، كما قال قبلها : ﴿وآتينا موسى الكتاب﴾ وما جاء في الكتاب أي أسفار التوراة يدل على أن هاتين المرتين قد وقعتا، كما في سفر تثنية الاشتراع.
ثانيًا: أن قبائل بني قينقاع والنضير وقريظة لا تمثل بني إسرائيل في قوتهم وملكهم، إنما هم شرائح صغيرة من بني إسرائيل بعد أن قطَّعوا في الأرض أمما.
ثالثًا: أن الرسول والصحابة لم يجوسوا خلال ديار بني إسرائيل، ـ كما أشارت الآية الكريمة ـ إذ لم تكن لهم ديار، وإنما هي ديار العرب في أرض العرب.
رابعًا: أن قوله تعالى (عبادًا لنا) لا يعني أنهم من عباده الصالحين، فقد أضاف الله تعالى الكفار والعصاة إلى ذاته المقدسة، كما في قوله تعالى : ﴿أأنتم أضللتهم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل﴾ الفرقان: 17
وقوله: ﴿قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنتطوا من رحمة الله﴾ الزمر: 53 خامسًا: أن قوله تعالى: ﴿ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرًا﴾ الإسراء: 6 يتضمن امتنان الله تعالى عليهم بذلك، والله تعالى لا يمتن على بني إسرائيل بإعطائهم الكرة على المسلمين.
سادسًا: أن الله تعالى قال في المرة الآخرة ﴿وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علو تتبيرًا﴾ الإسراء:7
والمسلمون لم يدخلوا مسجدهم قبل ذلك بالسيف والقهر ولم يتبروا ما علوا تتبيرًا، بل لم يكن شأن المسلمين أبدًا التتبير والتدمير في حروبهم وفتوحهم. إنما هو شأن البابليين والرومان الذين سلطوا على الإسرائيليين.
سابعًا: أن ما أجمع عليه المفسرون القدامى أن مرتي الإفساد قد وقعتا، وأن الله تعالى عاقبهم على كل واحدة منهما، وليس هناك عقوبة أشد وأنكى عليهم من الهزيمة والأسر والهوان والتدمير على أيدي البابليين الذين محوا دولتهم من الوجود، وأحرقوا كتابهم المقدس، ودمروا هيكلهم تدميرًا، وكذلك ضربة الرومان القاصمة التي قضت على وجودهم في فلسطين قضاء مبرما، وشردتهم في الأرض شذر مذر، كما قال تعالى: ﴿وقطعناهم في الأرض أممًا﴾ الأعراف: 168
ولو مشينا على التفسير الجديد، لكان معناه أن القرآن لم يشر إلى هذه الأحداث الكبيرة والهائلة في تاريخ بني إسرائيل، مع ما كان لها من آثار مادية ومعنوية في حياتهم الدينية والسياسية والاجتماعية.
والواضح أنهم اليوم يقعون تحت القانون الإلهي المتمثل في قوله تعالى: ﴿وإن عدتم عدنا﴾ (الإسراء: 8 ) وهاهم قد عادوا إلى الإفساد والعلو والطغيان، وسنة الله تعالى أن يعود عليهم بالعقوبة التي تردعهم وتؤدبهم، وتعرفهم قدر أنفسهم، كما قال الشاعر:
إن عادت العقرب عدنا لها بالنعل والنعل لها حاضرة!
يؤكد ذلك قوله تعالى: ﴿وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب﴾ الأعراف:167
وهذا الدمار الأول، الذي تم على أيدي البابليين، وتحدث عنه القرآن الكريم على النحو الذي نراه، كان بالغ التأثير على اليهود . . فقد أزال معظم الوجود اليهودي من فلسطين. وظهر من السهولة التي أجلى بها البابليون سكان (منطقة إسرائيل)، على يد "سرجون" ثم سكان (منطقة يهوذا) على يد "نبوخذ نصر". أن جذور هؤلاء القوم لم تكن عميقة في أرض فلسطين. وإذا استثنينا المعبد وقصرسليمان، فلا تكاد تذكر لهم آثار خلال تسعة قرون قبل هذا الإجلاء. وكل ما يمكن أن نقوله: إنهم أقاموا في جزء من أرض كنعان، بما فيها من قرى صغيرة . . وحتى المدن كانت أشبه بالقرى، باستثناء أورشليم وشكيم (نابلس) .
الفتح الإسلامي
وقد فتح المسلمون القدس في عهد عمر، كما ذكرنا من قبل، ولم يتسلموها من اليهود، بل لم يكن فيها يهودي واحد، فقد حرمها الرومان عليهم، بعد أن أنهوا وجودهم منذ أكثر من أربعة قرون، وكان من الشروط التي أقرها عمر لبطريك القدس: ألا يساكنهم فيها يهود.
وظل العهد العمري محترمًا معمولاً به خلال التاريخ الإسلامي، لأن المسلمين مأمورون أن يتبعوا سُنَّة الخلفاء الراشدين المهديين، ولا ريب أن عمر منهم، إلى أن ظهر عهد آخر مزور على عمر رضي الله عنه، حذف منه النص بعدم إقامة اليهود في بيت المقدس، ولا ندري متى زور هذا العهد ، ومن ثم بدأ التسلل اليهودي إلى المدينة المقدسة في غفلة من المسلمين. وقد ذكر لنا تاريخ الحروب الصليبية: ماذا أصاب المدينة المقدسة عندما احتلها الصليبيون، وقتلوا ستين ألفًا في مسجدها، وبقيت تحت أيديهم تسعين عامًا، إلى أن حررها. القائد المسلم المظفر صلاح الدين الأيوبي رحمه الله.
[quote]
مقبول حسون الادارة
عدد المساهمات : 2413 تاريخ التسجيل : 08/12/2009
موضوع: هل عرفنا عدوّنا الخميس فبراير 25, 2010 7:06 pm
هل عرفنا عدوّنا
1. مقدمة
2. مصادر أساسية لمعرفة عدونا
o المصدر الأول: القرآن الكريم
o المصدر الثاني: كتبهم المقدسة عندهم
o المصدر الثالث: التاريخ
o المصدر الرابع: كتابات المعاصرين عنهم
o المصدر الخامس: الواقع المعيش لليهود
o المصدر السادس: كتابات اليهود عن أنفسهم
. مقدمة
من الواجب على كل من يحارب عدوا: أن يعرفه على حقيقته معرفة محيطة ومستوعبة، بحيث يعرف جذوره وأصوله، ومقومات شخصيته، وأخلاقه وصفاته الأساسية، ومفاهيمه وقيمه وأحلامه وطموحاته، وكيف يفكر، وكيف يخطط، وكيف ينفذ، وبمن يستعين من الناس، وبماذا يستعين من الوسائل، وما يجوز عنده وما لا يجوز، وما الذي يجمع شعبه وما الذي يفرقه؟ وما الذي يحركه وما الذي يسكّنه؟ وماذا يملك من أسباب ذاتية، وماذا يستطيع أن يجلب من أسباب ومعونات خارجية . . . إلى غير ذلك مما يكشف العدو، ويعرّف بحقيقته على ما هي عليه من قوة أو ضعف.
ونحن نعلم أن الدول في عصرنا ومجالس أمنها القومي وأجهزة مخابراتها ومؤسساتها الاستعلامية والأمنية والعسكرية المختلفة، تعمل جاهدة على أن تعرف كل ما تستطيع عن عدوها: جغرافيًا وتاريخيًا، ماديًا وبشريًا، اقتصاديًا وسياسيًا، اجتماعيًا وثقافيًا، فكريًا وروحيًا، حتى تبني استراتيجيتها على أساس علمي صحيح مستمد من الواقع.
كما نعلم أن إسرائيل ـ ومن وراءها من القوى الغربية المساندة لها وبخاصة الأمريكان ـ قد كشفونا حتى النخاع، وأمسوا يعرفون عنا أكثر مما نعرف عن أنفسنا في كثير من الأحيان. وعندهم من الوسائل والآليات ما يساعدهم على ذلك بيسر.. ولا سيما أن كل ما عند هذه القوى الجبارة من معلومات متاح ـ بلا ريب ـ لإسرائيل وأجهزة إسرائيل.
الحقيقة أننا لم نحسن التعامل مع عدونا، كما ينبغي، وكما تفرضه علينا طبيعة الصراع المرير والمديد، مع هذا العدو العتيد.
أما أننا لم نحسن التعامل مع عدونا، فلأننا لم نعرف مواطن القوة عنده، لنتحاشاها، أو نقاومها بمثلها أو أشد منها إن استطعنا، ولم نعرف نقاط الضعف فيه لنهاجمه منها، وذلك لأننا لم نحاول بصدق أن نتعرف على شخصيته، ونسبر أغوارها، ونعرف خصائصها ومقوماتها، ونظرتها إلى الأديان وإلى القيم وإلى الناس، ولم ندرس المؤثرات الحقيقية على هذه الشخصية، وبذلك نعرف كيف تفكر، وكيف تخطط، وكيف تنفذ، لم نعرف ماذا تريد، وكيف تصل إلى ما تريد.وربما تبين لنا بعض ما كان خافيا من قبل، ولكن لم نصل إلى ما كان يجب الوصول إليه من معرفة عدونا.
وكان في إمكاننا بسهولة الرجوع إلى عدد من المصادر الأساسية الميسورة لنا لتعرفنا بحقيقة عدونا. أما هذه المصادر فهي:
القرآن الكريم:
المصدر الأول القرآن الكريم: القرآن الكريم الذي أفرد للحديث عن بني إسرائيل مساحة واسعة بيَّن فيها خصالهم، وكشف اللثام عن سماتهم النفسية والخلقية، التي توارثوها خلفًا عن سلف، حتى أصبحت كأنها طبيعة ثابتة. نجد ذلك واضحا في سورة البقرة بتفصيل، وفي سورة آل عمران، والنساء، والمائدة، من السور المدنية، وفي سورة الأعراف وسورة الإسراء ـ وتسمى: سورة بني إسرائيل ـ وغيرها من السور المكية.
وصفهم القرآن الكريم بالقسوة والجبن في الوقت ذاته وبالحسد والبغي، وصفهم بنكث العهود والغدر، والتطاول حتى على رسل الله، بل على الله نفسه، وعدم الخضوع إلا للقوة، واستباحتهم لأموال من عداهم وحرماته.
أقرأ مثل قوله تعالى : ﴿ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو اشد قسوة﴾ البقرة: 74. وقد ظهرت هذه القسوة في دير ياسين وفي صبرا وشاتيلا وغيرها. وقوله سبحانه: ﴿فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية﴾ المائدة: 13. ﴿الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون﴾ الأنفال: 56.
والواقع يصدق القرآن بما نقضوه من الهدنات والاتفاقيات. وقوله: ﴿لا يقاتلونكم جميعًا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر، بأسهم بينهم شديد، تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتى﴾ الحشر: 14.
فهم لا يقاتلون مواجهة حرصًا على حياتهم، كما قال تعالى: ﴿ولتجدنهم أحرص الناس على حياة﴾ البقرة: 96 ولكن يختبئون وراء الحصون والحواجز. . وهم في خلاف وتناقض فيما بينهم، ولكنهم قادرون على إخفائه، بحيث يحسبهم من ينظر إليهم من الخارج صفًا واحدًا، رغم أن قلوبهم شتى، ووجهاتهم متباينة.
وقال تعالى :﴿لقد سمع الله قول الذين قالوا: إن الله فقير ونحن أغنياءُ، سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق﴾ آل عمران: 181.
فهذا يدل على تبجحهم وتطاولهم وقلة أدبهم، حتى مع الله جل جلاله.
وقال سبحانه: ﴿ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا، إلا بحبل من الله وحبل من الناس، وباءوا بغضب من الله، وضربت عليهم المسكنة، ذلك بأنهم كانوا يفكرون بآيات الله، ويقتلون الأنبياء بغير حق، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون﴾ آل عمران: 112.
فهذا يدل على أن الذلة مضروبة عليهم أينما كانوا إلا إذا اعتصموا بحبل من الله، فآمنوا حقًا، أو بحبل من الناس يحمونهم كالأمريكان في عصرنا. وذلك جزاء كفرهم وقتلهم أنبياء الله. واستمرارهم على العصيان والعدوان.
﴿ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا مادمت عليه قائمًا، ذلك بأنهم قالوا: ليس علينا في الأميين سبيل، ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون﴾ آل عمران: 75.
وهذه هي مقولتهم مع العرب ومع سائر الأمم: أن لا حرج عليهم إذا أكلوا أموالهم، ونهبوا ديارهم، واستحلوا حرماتهم، فليس عليهم في الأميين سبيل!.
وصفهم القرآن بالغرور والزهو حيث قالوا : ﴿نحن أبناء الله وأحباؤه﴾ المائدة: 18. فرد عليهم القرآن بقوله: ﴿قل: فلم يعذبكم بذنوبكم؟! بل أنتم بشر ممن خلق﴾ المائدة:18. ﴿وقالوا: لن تمسنا النار إلا أيامًا معدودة﴾ ! البقرة: 80. ورد عليهم القرآن دعواهم بقوله: ﴿قل: أتخذتم عند الله عهدًا فلن يخلف الله عهده، أم تقولون على الله ما لا تعلمون﴾ البقرة: 80. ووصفهم القرآن بأنهم فئة لا تخضع إلا لمنطق القوة، حتى أمر الله تعالى ونهيه لا يدينون له ما لم تكن فوقهم قوة مادية قاهرة تجبرهم على الطاعة، وفي ذلك يقول القرآن : ﴿وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون﴾ الأعراف: 171.
وحديث القرآن عن القوم حديث طويل، ينبغي ان يراجع في مظانه من كتب التفسير القديم الحديث، وقد ألفت في ذلك كتب خاصة .
ولقد قال بعض المفسرين قديمًا: كاد القرآن يكون لموسى وبني إسرائيل! وذلك لكثرة ما ردّد قصتهم.
المصدر الثاني: كتبهم المقدسة عندهم
الثاني: كتبهم أنفسهم، المقدسة عندهم، "التوراة" التي وصفتهم بأنهم الشعب "الصلب الرقبة" وأفهمتهم أنهم "شعب الله المختار" وأن من حقهم إذا دخلوا قرية أن يستبيحوها. . .
وأسفار الأنبياء: حزقيال وأشعيا وغيرها، التي شحنتهم وهيأت عقولهم وأنفسهم للعودة إلى "الأرض" التي هي أحد "الأقانيم الثلاثة" عندهم: الإله والشعب والأرض!
والتلمود الذي جعل منهم أمة فوق خلق الله جميعًا، تستعلي عليهم، وتستحل دماءهم وأموالهم وأعراضهم، وتستخدم في ذلك كل وسيلة مهما تكن دناءتها، فهي شريفة ومشروعة في سبيل أغراضهم.
وكتبهم حافلة بأوصافهم والإنكار عليهم، وعلى مواقفهم وأخلاقهم. ومن قرأها وجد فيها العجب، من تمردهم على الله وعلى رسله.
أقرأ مثل هذه النصوص:
تقول التوراة (سفر التثنية: 32،33) في هؤلاء القوم: "جيل أعوج ملتوٍ. الربَّ تكافئون بهذا يا شعبًا غبيًا غير حكيم؟" . . "انظر ماذا تكون آخرتهم؟ إنهم جيل متقلب. أولاد لا أمانة فيهم".
"إنهم أمة عديمة الرأي ولا بصيرة فيهم"
ويقول موسى نبيهم لهم وقد فاض به الكيل من سوء ما صنعوا معه: "لأني أنا عارف تمردكم، ورقابكم الصلبة. هو ذا وأنا بعد حي معكم اليوم قد صرتم تقاومون الرب، فكم بالحرى بعد موتى! " وغيرها كثير وكثير.
زيارة البابا حائط البراق في القدس في 21 ديسمبر
المصدر الثالث: التاريخ
وهو مخزن العبر، ومعلم الأجيال، وقد علمنا التاريخ أن اليهود يعيشون بين الشعوب عيشة الطفيليات في الأجسام، تتغذى منها ولا تغذيها، وتأخذ منها ولا تعطيها، وأنها تبني نفسها على أنقاض غيرها. فهم أنانيون لا يعرفون إلا مصلحتهم، ولا يؤمنون إلا بأنفسهم، ولا يحكِّمون إلا منافعهم، أما القيم والمبادئ والمثل العليا وغيرها مما يتشدق به الناس، فلا تحترم عندهم إلا إذا كانت أداة للوصول إلى غاياتهم. وإلا فهي تحت الأقدام.
ومن قرأ تاريخ اليهود ـ أو بني إسرائيل كما يسمونهم ـ من أسفارهم المقدسة عندهم ذاتها، تبينت له هذه الحقيقة جلية جلاء الصبح لذي عينين، كما أبرز ذلك الأستاذ محمد عزت دروزة في كتابه عنهم "تاريخ بني إسرائيل من أسفارهم" .
ومن قرأ تاريخهم معنا وتاريخنا معهم، عرف ذلك جيدًا، وعرف معه أنهم وراء كل فتنة، ومصدر كل بلية، حتى قال من قال: فتش عن اليهود!
المصدر الرابع: كتابات المعاصرين عنهم
المصدر الرابع: كتابات المعاصرين عن اليهود وأطماعهم وعن الصهيونية وأخطارها، وعن شخصية الإنسان اليهودي وما تنطوي عليه بين جوانحها.
ولا أقصد كتابات العرب والمسلمين عنهم فحسب، فقد يقال: إنها كتابة خصم عن خصمه، وعدو عن عدوه. بل أقصد كتابات الغربيين عنهم، وهم الذين هيأوا المناخ لدولتهم حتى ولدت، وغذوها حتى شبت، وأمدوها بكل أسباب القوة حتى طغت وتحدّت وتعدّت.
وآخر من كتب عنهم المفكر الفرنسي الكبير الذي هداه الله، فانتقل من النصرانية والماركسية إلى الإسلام، روجيه ـ أو رجاء ـ جارودي، في كتابه "أحلام الصهيونية وأضاليلها" الذي نشرته في مقالات متتابعة عدة صحف عربية.
صحيح أنه نشر كتابه بعد أن أسلم، ولكنه كتبه قبل أن يسلم، وهي كتابة تعكس قراءة ومعايشة ومعاناة طويلة لأفكار القوم ومشاعرهم وأحلامهم وطموحاتهم وأخلاقهم .وكتب بعد ذلك كتابه الشهير (الأساطير المؤسسة لدولة إسرائيل) الذي هيّج عليه الصهاينة في أنحاء العالم، وانتهوا به إلى أن يحاكم في بلده فرنسا، وأن يحكم عليه.
وليحذر في الكتابات المعاصرة من أمر على غاية من الأهمية، نقع نحن في شباكه دون أن ندري. ألا وهو المبالغة في إبراز قوة اليهود ومكرهم، كما تبرزه كتب مثل "الدنيا لعبة إسرائيل" و "وأحجار على رقعة الشطرنج" وغيرهما. فإن هذا يؤدي في النهاية إلى لون من الجبرية السياسية، يدعو إلى قبول الأمر الواقع، والقضاء النافذ، والاستسلام للقوة الخفية التي تحكم العالم القوي، فكيف بنا نحن الضعفاء؟!.
المصدر الخامس: الواقع المعيش لليهود
المصدر الخامس:هو الواقع، واقعنا المعيش معهم، وهو كتاب لم تتم فصوله بعد، وهم يضيفون إليه كل حين فقرة أو فصلاً أو بابًا أو جزءًا. ونحن مع هذا به جاهلون وعنه غافلون.
واجهنا القوم في عدة حروب، وعقدنا معهم هدنات واتفاقيات، وحضرنا معهم مفاوضات، وتخاطبنا معهم بالكلام والسلاح.
وقد عرّفنا هذا الواقع أن القوم لا يعترفون بقوة المنطق، بل بمنطق القوة، فهم بالقوة أخذوا الأرض من أصحابها، وبالقوة حققوا حلم الوطن القومي، وبالقوة أقاموا فيه دولتهم، وبالقوة أضافوا إلى هذه الدولة أراضي جديدة: الجولان والقدس والضفة الغربية. وبالقوة غزوا لبنان من قبل على مرأى ومسمع من العرب والمسلمين والعالم، وفرضوا إرادتهم على المجتمع العربي والدولي بإخراج المقاومة الفلسطينية من بيروت فخرجت، ولم يكتفوا بذلك حتى عملوا على ذبح الفلسطينيين العزل في مخيمات اللاجئين، فذبحوا جهارًا نهارًا، وما زالوا يعدون لمعارك أو مذابح أخر!
وآخر ما حملته الأنباء وأنا أكتب هذه السطور (19/10/1982م) ما قاله مناحم بيجن رئيس وزرائهم في خطاب له بمناسبة افتتاح الدورة الشتوية للكنيست الإسرائيلي، فقد أعلن أنه "لا حاجة مطلقًا لمبادرات سلام جديدة في الشرق الأوسط، ما دام لا يوجد خطر أية مجابهة بين إسرائيل وجيرانها العرب خلال المستقبل المنظور".
وأضاف: "ولذلك فإن السؤال المطروح هو: لماذا نهدم الهيكل الحالي للسلام؟ ولماذا نخلق شروطًا جديدة يمكن أن تؤدي إلى تجدد الحروب وإراقة الدماء" !
ومعنى هذا بصراحة: أن العجز العربي عن شن أي حرب هو وحده الذي يضمن سلام إسرائيل. ومعنى هذا كذلك: أن القوة في نظر بيجن ومؤسسته العسكرية هي الأصل، وهي الفيصل وهي الحكم. "تكلم السيف فاسكت أيها القلم!" .
وبيجن الواقعي لم ينس أن يقيد كلامه بقوله: "خلال المستقبل المنظور" يعني: ما لم تحدث متغيرات من حوله غير محسوبة ولا متوقعة، كأن يصحو النائمون، أو يجتمع المتفرقون، أو يخطط المرتجلون، أو يقدم المترددون ويعمل القاعدون!
وواقعنا المعيش مع عدونا يعلمنا أن العنصر الديني له أكبر الأثر في تكوين شخصيته، وفي تحديد أحلامه وطموحاته، وفي دفعه إلى بذل المال ـ برغم ما عرف عن اليهود من شح به وحرص عليه ـ وفي تحميسه للهجرة من وطن طال مقامه فيه، وارتبطت مصالحه به، وفي حفزه للمغامرة في أعمال عسكرية قبل قيام الدولة وبعدها، برغم ما عرف عن الإنسان اليهودي من جبن وحرص على حياة.
إنهم اختاروا فلسطين وطنًا لهم بناء على أحلام ونبوءات دينية يؤمنون بها، فهي في نظرهم "أرض الميعاد" . إنهم يستقون أفكارهم وآمالهم من تعاليم تورانية تلمودية.
وقد بلغ من عنايتهم بالعنصر الديني في قضيتهم: أنهم أثروا في الغرب المسيحي، وأقنعوه بأنهم يلتمسون حقًا قرره لهم الدين، وبشرتهم به التوراة التي يؤمن بها المسيحيون، وأن من لم يساعدهم في تحقيق أمانيهم القومية يكون متنكرًا للتوراة، جاحدًا بتعاليم الأنبياء!
ولعل اقرب مثل يصدق هذا ما نشره الرئيس الأمريكي السابق "جيمي كارتير" في مذكراته التي نشرت ـ منذ سنوات ـ حول اتفاقيات كامب ديفيد.
فهو يتحدث عن أول زيارة له إلى إسرائيل (مايو/1973م) وكيف أعطته فرصة "لتعلم المزيد عن (أرض الإنجيل) التي درسنا عنها منذ أيام طفولتنا المبكرة" كما قال.
"وظللت ثلاثة أيام أبدا من قبل الفجر تجوالي في شوارع القدس القديمة، وأملأ فراغي كل يوم وليلة بزيارات رائعة للأماكن المقدسة التي شهدت التاريخ القديم، وللأماكن التي ما يزال يصنع التاريخ فيها".
"تركت هذه الزيارة لإسرائيل انطباعًا كبيرًا عليّ، فعندما بدأت أعد حملتي الانتخابية لرئاسة الولايات المتحدة ـ فيما بعد ـ واصلت دراستي للتاريخ المعقد لمنطقة الشرق الأوسط، وعندما أعلنت ترشيحي للرئاسة خصصت بالذكر تأييدي لالتزام الولايات المتحدة بأمن لإسرائيل!
ويقول: "كانت الأخلاق اليهودية النصرانية ودراسة "التوراة" أواصر بين اليهود والنصارى، وقد ظلت هذه الأواصر جزءًا من حياتي. كذلك قد كنت اعتقد اعتقادًا راسخًا بأن اليهود الذين لم تقض عليهم جائحة النازية يستحقون أن يكون لهم وطن خاص، كما أن لهم الحق في أن يعيشوا في سلام بين جيرانهم، واعتبرت أن هذا الوطن القومي لليهود يتماشى مع تعاليم "التوراة"!
ولذا فإنه أمر شرعه الله!! وقد جعلت اعتقاداتي الخلقية والدينية هذه التزامي بأمن إسرائيل التزامًا لا يتزعزع " !!
ولقد نشرت الصحف منذ سنوات تصريحًا للجنرال الإسرائيلي المعروف موشى ديان يبرر به ضم القدس إلى إسرائيل وإنشاء مستوطنات جديدة فيقول: (إن على الذين يعارضون هذه السياسة مراجعة موقفهم من الإنجيل والتوراة!)
وقد أثرت هذه الدعاية في كثيرين في مختلف القارات ممن يعتنقون النصرانية، حتى نقل الأستاذ كامل الشريف في كتابه "المغامرة الإسرائيلية في إفريقيا" عن زعيم سياسي نيجيري في كتاب له عن إسرائيل قال فيه:
(إن إسرائيل ليست اسمًا جديدًا في تاريخ العالم. فقد عُلِّمْت في مدرسة الأحد في قريتي: أن شعب إسرائيل هو شعب الله المختار)!
ولقد بلغ من تركيز عدونا على الجانب الديني أنه حاول أن يستغل ديننا ذاته لتأييد قضيته، حتى إنهم بعد حرب سبع وستين كانوا يرفعون أمام بعض ضباطنا وجنودنا لافتات كتب عليها قوله تعالى في القرآن: ﴿كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين﴾ البقرة: 249.
وأحيانًا قوله تعالى : ﴿وكان حقًا علينا نصر المؤمنين﴾ الروم: 47
ومن عجائب ما سمعناه وقرأناه أن مناحيم بيجن حينما خطب ـ معقبًا على خطاب الرئيس: "أنور السادات" في الكنيست الإسرائيلي ـ ليؤكد حق اليهود في إقامة وطن في فلسطين، كان مما قاله: "إن حق إسرائيل في فلسطين حق أبدي تاريخي تشهد له الكتب، ومنها القرآن نفسه"
واستدل هنا بالآية الكريمة التي جاءت في سورة المائدة (آية 21) على لسان موسى عليه السلام: " يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم، ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين". وقال: " إن الله فرض لنا الأرض المقدسة دون سائر الخلق، فلا يجوز لأحد دينيًا أن ينازعنا فيها" !!
والآية تعني: أنه كتب لهم دخولها، أي قدره سبحانه، وقد دخلوها بالفعل، وأنفذ الله قدره، بعد ما ضرب عليهم التيه أربعين سنة جزاء نكوصهم، وقولهم لنبيهم ومنقذهم في وقاحة متناهية: ﴿إنا لن ندخلها أبدًا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا، إنا ههنا قاعدون﴾ المائدة: 24.
ولا تعني الآية أن الله كتب لهم البقاء الدائم فيها، وإلا لتناقض هذا مع الواقع، فقد أخرجوا منها منذ ألفي سنة!!
المصدر السادس: كتابات اليهود عن أنفسهم
المصدر السادس: ما يكتبه يهود اليوم عن أنفسهم: عن شخصية اليهودي، عن هويته وتكوينه، عن انتمائه وولائه، عن طموحاته وأحلامه؛ عن دوافعه وغاياته. .
وحسبي أن أسجل هنا بعض مقتطفات من كتاب صدر حديثًا في "الكويت" عن "الأيديولوجية الصهيونية" اعتمد مؤلفه على كتابات اليهود ـ من مختلف الاتجاهات الدينية والعلمانية ـ عن أنفسهم، وتفسيراتهم لكتبهم، ونبوءات أنبيائهم، وتاريخهم البائد، وواقعهم القائم، وتطلعاتهم الجامحة، عن "الأقانيم الثلاثة" التي تتكون منها أيديو لوجيتهم: الشعب. . التوراة. . الأرض. يقول المؤلف: من المعروف أن التيار الحلولي في اليهودية القديمة عبر عن نفسه في إدراك العلاقة بين اليهودي والأرض والله). وإذا كان تاريخ اليهود هو حجر الزاوية في تاريخ العالم، فالأرض المقدسة هي مركز الدنيا. والمعادل الجغرافي للتصور اليهودي للتاريخ.
وسنورد فيما يلي بعض الاقتباسات من كتابات بعض الصهاينة، لنبين أن بنية الحلولية اليهودية التقليدية هي البنية الكامنة الواضحة في موقف الصهاينة من الأرض، وسنكتفي بالحد الأدنى من التعليق:
(تظهر الحلولية القديمة، بشكل حاد وكامل، في كلمات الحاخام حاييم لانداو: إن روح شعبنا لا تستطيع التعبير عن نفسها إلا إذا عادت الحياة القومية إلى أرضنا من جديد، لأن "القبس الإلهي" لا يؤثر في شعبنا إلا وهو في أرضه).
أما الحاخام الصهيوني كوك فيقول: "ليست أرض إسرائيل شيئًا منفصلاً عن روح الشعب اليهودي. إنها جزء من جوهر وجودنا القومي. ومرتبطة بحياتنا ذاتها، وبكياننا الداخلي ارتباطًا عضويًا . . . إن ما نعنيه أرض إسرائيل يمكن فهمه فقط من خلال روح الرب المنتشرة في شعبنا كله، والتي تشع بتأثيرها على كل العواطف السليمة" هذه الحلولية الثلاثة قد لا تظهر واضحة في كتابات الصهاينة العلمانيين، ولكنها تظهر بشكل واضح في كتابات بوبر، الذي كتب لغاندي يقول:
"إننا لم نستطيع، ولا نستطيع أن نتخلى عن المطلب اليهودي، فهناك شيء، أسمى حتى من حياة شعبنا، مرتبط بهذه الأرض، إنه عمل الشعب ورسالته المقدسة". "إنني أؤمن بتزاوج الإنسان والأرض . . . إن هذه الأرض تعترف بنا لأنها ـ بواسطتنا ـ تصبح مثمرة".
إن المطلق الذي يعلو على الإنسان قد ربط الشعب بالأرض ربطًا لا فكاك للشعب منه.
واستعارة عبارة الزواج التي استخدمها بوبر، تحيط بها هالة من القداسة في التراث اليهودي، فعلاقة الله بالشعب قد وصفت في العهد القديم بأنها علاقة زواج، ولا يختلف موقف بوبر، برغم إنسانية مصطلحه الزائفة، عن موقف الحاخام القبالي: " نحن شعب لا يليق بنا أن نلقب بإسرائيل (المدافعين عن الله) إلا إذا كنا في أرض إسرائيل"
ويقول جوردون "المتمرد": "إن البعث القومي لن يتم إلا عن طريق العودة إلى حقول وطننا القومي وتحت سمائه. . . إننا نأتي إلى وطننا لنُزرع في تربتنا الطبيعية التي نزعنا منها، ولنضرب بجذورنا عميقة في مصادرها الحياتية. ولنمد فروعنا بعيدًا خلال هواء وطننا القومي وتحت شمسه"
"وحينما سئل وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، وهو عالم آثار يهودي أيضًا، ومفسر غير متفرغ للتوراة، عما إذا كانت مطالب إسرائيل "الدينية" "والتاريخية" بخصوص بعض أجزاء الأرض المحتلة يجب أن يكون لها دور في السياسة الإسرائيلية، أجاب قائلاً: " هذا هو أساس الوجود الإسرائيلي، وهي: الشعب اليهودي، والكتاب المقدس وأرض اليهود". (ولذلك) إذا اجتمعت التوراة وأمة التوراة فلا بد أن تكون معهما أيضًا أرض التوراة".
ويتحدث المؤلف عن العنف وفلسفته عند الصهاينة، إلى أن يقول: "وهذا الجانب من الفكر الصهيوني يتضح بجلاء في كتاب الثورة، الذي كتبه مناحم بيجن. يقول فيلسوف العنف: "أنا أحارب، إذن أنا موجود"
"من الدم والنار والدموع والرماد سيخرج نموذج جديد من الرجال، نموذج غير معروف البتة للعالم في الألف والثماني السنين الماضية: اليهودي المحارب أولا وقبل كل شيء، يجب أن نقوم بالهجوم: نهاجم القتلة. بالدم والعرق سينشأ جيل متكبر كريم قوي".
"والعنف عند بن جوريون، يقوم بالوظيفة نفسها في إعادة صياغة الشخصية اليهودية؛ إذ يصف الرواد الصهاينة بهذه الكلمات: "كنا ننتظر مجيء الأسلحة ليلاً ونهارًا، ولم يكن لنا حديث إلا الأسلحة، وعندما جاءتنا الأسلحة، لم تسعنا الدنيا لفرط فرحتنا، كنا نلعب بالأسلحة كالأطفال ولم نعد نتركها أبدًا . . . كنا نقرأ ونتكلم والبنادق في أيدينا أو على أكتافنا". وموقف بن جوريون مبنى على تصور جديد للشخصية اليهودية على أنها شخصية محاربة منذ قديم الأزل: "إن موسى، اعظم أنبيائنا هو أول قائد عسكري في تاريخ أمتنا"، ومن هنا يكون الربط بين موسى النبي وموشى ديان مسألة منطقية، بل حتمية، كما لا يكون من الهرطقة الدينية في شيء أن يؤكد بن جوريون أن خير مفسر ومعلق على التوراة هو الجيش؛ فهو الذي يساعد الشعب على الاستيطان على ضفاف نهر الأردن، فيفسر بذلك كلمات أنبياء العهد القديم ويحققها. (ولنلاحظ كيف يكتسب العنف هو الآخر شيئًا من القداسة!).
(وإذا كان العنف هو البوتقة التي يولد من خلالها اليهودي الجديد، فهو أيضًا البوتقة التي يولد فيها المجتمع الصهيوني الجديد. فالجيش الإسرائيلي لا يقوم بالدفاع عن إسرائيل فحسب، بل إنه المكان الذي تولد فيه الحضارة الإسرائيلية ذاتها: "عن الجيش مدرسة للشباب الناشئ". دار حضانة لتفرد الأمة، لحضارتها وشجاعتها، "وهنا في الجيش يجب أن يجند معلمونا بكل ما أوتينا من قوة". والجيش هو أكبر معهد تعليمي في أرض الميعاد؛ فالمهاجرون يلتحقون بهذا المعهد حال وصولهم إلى إسرائيل، حيث يكتسبون الخبرات، ويتعلمون العبرية، ويطرحون عنهم قصور المنفى ليصبحوا مواطنين إسرائيليين عاديين وحسب كلمات بن جوريون لعب الجيش دورًا حضاريًا أساسيًا في مزج جماعات المهاجرين بعضها بالبعض الآخر)
ويتحدث المؤلف عن الولاء عند اليهود ولمن يكون، فكان مما قاله: (وقد وعدّ ليفي أشكول المساهمات اليهودية التي تتم على " أرض أجنبية" محض خيانة للروح اليهودية الخالصة، ومثل هذا الطرح يثير قضية ولاء اليهود، ولمن يكون؟ والإجابة الصهيونية على هذا السؤال واضحة تمام الوضوح؛ فولاء اليهود الموجودين في كل مكان هو لشعبهم اليهودي ولوطنهم القومي فحسب، وليس لأوطانهم التي يعيشون فيها. ولذا حذر كلاتزكين الشعب الألماني من أن حدود ألمانيا لا تستطيع، بأي صورة من الصور، أن تحد من حركة الشعب اليهودي أو ولائه، لأن ولاء اليهودي ليهوديته شيء يسمو على الحدود الوطنية:" إن اليهودي المخلص لا يمكنه إلا أن يكون مواطنًا يهوديًا، ولا يمكن أن تجد في الوجدان اليهودي أدنى أثر للقومية الألمانية، ثم يضيف كرتزكين " أن كل يهودي يدعو بلدًا أجنبيا وطنه إنما هو خائن للشعب اليهودي" .
وبيّن وايزمان أن في أعماق كل يهودي صهيونيًا كامنًا، وأن أولئك الذين يتساوى ولاؤهم القومي اليهودي مع ولائهم لأوطانهم جدير بالرثاء والاحتقار).
(ولعل تقسيم العالم إلى يهود وأغيار، الذي يتبناه الصهاينة، ثم يعطونه مضمونًا زمنيًا، يأخذ شكلاً اجراميًا في كلمات الحاخام موشيه بن صهيون اوسبزاي، الذي يفسر التلمود بطريقة تسوغ القضاء على الفلسطينيين واحتلال كل فلسطين، ويأخذ هذا التقسيم ذاته شكلاً عرقيًا قبيحًا في كلمات الحاخام أبراهام أفيدان (زامل)، حاخام القيادة المركزية الإسرائيلية، حينما نصح بعدم الثقة في العرب، لأن على اليهود ـ في رأيه، وحسب الشريعة الدينية ـ ألا يثقوا في الأغيار. ولكن حينما يخبر الحاخام الجنود الإسرائيليين أنه " مصرح لكم، بل من واجبكم، طبقًا للشريعة، أن تقتلوا المدنيين (من الأغيار) حتى لو كانوا من الخيرين، أو بمعنى أصح، المدنيين الذين قد يبدو أنهم خيرون، حينما يقتبس لهم من التلمود هذه الكلمات: "ينبغي عليك أن تقتل أفضل الأغيار" فالمسألة تتوقف عن كونها عنصرية قبيحة، لتصبح تحريضًا على الإبادة).
[quote]
مقبول حسون الادارة
عدد المساهمات : 2413 تاريخ التسجيل : 08/12/2009
موضوع: رد: أقسم أنك تأثم أن لم تدخل ......... موسوعة شاملة ......... القدس قضية كل مسلم الخميس فبراير 25, 2010 7:40 pm
هذا هو عدوّنــا
§ الآفات المنبثقة عن العقلية والنفسية الصهيونية
1. العنصرية
2. العنف والعدوانية
3. التوسعية
4. اللا أخلاقية
5. الشح وعبادة المال
§ الصهيونية أعلى مراحل الإستعمار
العنصرية
إن مشكلة إسرائيل أنها وليدة الصهيونية، وأنها مصابة بآفات أو عاهات أساسية ملازمة لها، وهي جزء من كيانها، وليست أعراضًا طارئة عليها، وهي التي تقف حائلاً وحاجزًا بيننا وبينهم.
وإذا كان التعرف على عدونا المغتصب لأرضنا، المهدد لوجودنا واجباً دينيًا وقوميًا، فلا يتم لنا ذلك إلا إذا حاولنا التعرف على هذه الآفات الخطيرة، المنبثقة عن العقلية والنفسية الصهيونية، التي كونتها تعاليم التلمود الخطرة، مضافًا إليها تطلعات الصهيونية الأشد خطرًا.
1. العنصرية:
أولى هذه الآفات هي: العنصرية، وهذه آفة في بنية الفكر الديني اليهودي الذي أنشأته أسفار التوراة وملحقاتها ، وغذته ونمته تعاليم التلمود. الذي يقدسه اليهود أكثر من تقديسهم للتوراة. فاليهود ديانة شعب، والتوراة كتاب شعب، بل الله سبحانه رب شعب، هذا الشعب هو شعب إسرائيل.
نرى القرآن يعلن في صراحة ويقين: إن الله هو ﴿رب الناس﴾ ، و ﴿رب كل شئ﴾ ، و﴿رب العالمين﴾ ، لم يقل: إنه رب العرب، أو رب المسلمين، في حين تقول التوراة في تأكيد عن الله: إنه "رب إسرائيل"!.
بل إن التوراة من أولها إلى آخرها لا تهتم إلا ببني إسرائيل، وتاريخ بني إسرائيل، وأحلام بني إسرائيل، فلا ذكر فيها للآخرة ولا للجنة أو النار، إنما العناية فيه بملك إسرائيل، ومجد إسرائيل.
إن التوراة تقول عن هذا الشعب: إنه "الشعب المختار"، ونحن نقول هذا عنه أيام كان يحمل رسالة التوحيد، ويحارب الوثنية، وينفّذ تعاليم الأنبياء، حتى إذا غير ما بنفسه غير الله ما به، فقد انحرف في عقيدته، وانحرف في سلوكه، ووقف في وجه الأنبياء والرسل، كما قال القرآن: ﴿أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقًا كذبتم وفريقا تقتلون﴾ البقرة:87، ولهذا قال يوحنا المعمدان، وقال المسيح عليهما السلام لهم: يا أولاد قتلة الأنبياء!
والقرآن الذي أعلن أن الله فضل بني إسرائيل على العالمين، أي عالمي زمانهم، هو نفسه الذي قال : ﴿لعن الذين كفروا من بين إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون، كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون﴾ المائدة:78،79، ﴿ضربت الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس، وباؤو بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة، ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله، ويقتلون الأنبياء بغير حق، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون﴾ آل عمران:112.
وقد توهم بعض الناس أن تسمية إسرائيل "الشعب المختار" أشبه بتسمية الأمة الإسلامية :﴿خير أمة أخرجت للناس﴾ ، وهذا خطأ يقينًا، فالأمة الإسلامية ليست أمة عنصرية، بل هي أمة رسالة وأهداف ومبادئ من آمن بها واعتنقها، فهو من هذه الأمة، من أي عرق أو أي لون أو أي وطن كان.
لقد استدر اليهود عطف العالم عليهم باعتبارهم جنسًا مضطهدًا مشردًا، شهروا سيف الاتهام الذي استغلوه استغلالاً بشعًا، وهو "معادة السامية".
والحقيقة أن معظم يهود اليوم ليسوا ساميين، وليسوا من نسل إسرائيل، بل هم كما أثبت كثير من الباحثين المنصفين من الغربيين الذين قالوا: إن يهود اليوم ليسوا يهودًأ، أي ليسوا ساميين ولا إسرائيليين، بل إن نسبة كبيرة من اليهود هم من سلالة يهود مملكة الخزر، التي نشأت في شرق أوروبا، حين اعتنق بعض قبائل التتار الدين اليهودي، وبعد سقوط مملكة الخزر انتشر عدد منهم في منطقة القرم، وغدت بولندا مهجرهم الرئيسي، حيث قدر عددهم فيها عام (1650م) بحوالي نصف المليون، وكانوا يتمتعون فيها بقسط وافر من الحكم الذاتي، حتى أعملت فيهم جيوش شمبيلتكي الأوكراني المذابح، ودمروا جاليتهم في سنة (1658م).
إن اليهود طالما شكوا إلى العالم والقوى المؤثرة فيه من معاداة الساميّة، وهم الآن يعادون (السامية الحقيقة) المتمثلة في شعب فلسطين العربي الساميّ، الذي أخرج من دياره، وشرد في الآفاق بغير حق.
وإن اليهود الذين شكوا من (العنصرية النازية) المتعالية، يجسدون اليوم (عنصرية نازية جديدة) متعصبة لا ترى إلا نفسها، ولا تعترف بحق لغيرها، وخصوصًا إذا عارض اتجاهاتها.
العنف والعدوانية
وإذا كانت (العنصرية) هي الآفة الأولى في إسرائيل، والكامنة في البنية الأساسية لفكرها واعتقادها الديني، فإن الآفة الثانية هي (العنف) أو الطبيعة العدوانية، التي تتميز بالقسوة والغلظة والعناد، حتى سمتهم التوراة كتابهم نفسه (الشعب الصلب الرقبة).
وعبر عن ذلك القرآن فخاطبهم بقوله: ﴿ثم قست قلوبهم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة، وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار، وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء، وإن منها لما يهبط من خشية الله، وما الله بغافل عما تعملون﴾ البقرة:74.
وفي موضع آخر بين القرآن أن هذه القسوة كان عقوبة من الله لهم على نقضهم لما عهد به إليهم من مواثيق، فقال تعالى: ﴿فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية﴾ المائدة:13 والمصادر الدينية لإسرائيل من شأنها أن تصنع هذه الطبيعة العدوانية، التي لا تبالي في سبيل تحقيق أهدافها بما تسفك من دماء، وما تنتهك من حرمات، وما تخرب من ديار، وما تهدر من أموال، واعتبار الناس كأنما هم أدوات لخدمة إسرائيل.
وهذا التوجه واضح في أسفار التوراة الخمسة، وفي أسفار الأنبياء الملحقة بهذا الأسفار، وبخاصة سفر أشعيا، الذي أعجب به الإسرائيليون، وسموه (النبي المحارب).
وهو أشد وضوحًا في (التلمود) الذي يرجع إليه اليهود أكثر مما يرجعون إلى التوراة ذاتها، وربما يقدسونه أكثر من تقديس التوراة.
يعبر عن ذلك مناحم بيجين الذي كان أحد أركان العصابات الصهيونية الإجرامية قبل قيام إسرائيل، ورئيسًا لائتلاف الليكود بعد قيام إسرائيل، بكلمته المعبرة في كتابه (التمرد): أنا أحارب إذن أنا موجود!
ومن استقرأ تاريخ إسرائيل حديثًا، مع شعب فلسطين خاصة، ومع العرب عامة، يجد هذه الطبيعة ظاهرة غير خافية، ترجمت عنها: المجازر البشرية التي أجبرت بها الشعب الفلسطيني على الخروج من دياره، وتشريده في آفاق الأرض، وما تقوم به إلى اليوم من أعمال عدوانية تقوم بها الحكومة، ويقوم بها المستوطنون، وما تضمة من أراض فلسطينية –بغيا وعدْوا- إلى دولتها، وما تضمه من مستوطنات في القدس وفي الضفة وفي غزة، وما أشعلوه من مذابح في صبرا وشاتيلا ، وفي مسجد (الخليل) في فجر رمضان للصائمين الركع السجود، وفي (قانا) بلبنان، وفي قتلى النفق في (القدس)، وما كشفت عنه الوقائع قبل ذلك من القتل الجماعي للأسرى المصريين وقتل تلامذة بحر البقر في مصر. وفيما يحدث كل يوم من اعتقال وتعذيب، وعقاب جماعي، وعقاب أسرة الفدائي وهدم بيت أهله، ثم في محاولة الدولة –بأمر رئيس وزرائها السابق والحالي- قتل الأفراد واغتيالهم وتصفيتهم، كما فعل رابين في قتل فتحي الشقاقي، ويحيى عياش، وكما فعل نتينياهو في محاولة قتل خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس، وفضيحته هو وجهازه الموساد على رؤوس الأشهاد. كل ذلك بمنطق القوة لا بقوة المنطق، فالمنطق الفذ الذي تفهمه إسرائيل هو منطق العنف والإرهاب.
وأنا لنعجب من الشعب الذي طالما شكا من الاضطهاد والعدوان من النازية وغيرها، كيف يضطهد شعبًا بأكمله، ويعتدي على أرضه وسيادته وحرماته، ولا ذنب له إلا تمسكه بوطنه، ودفاعه عن ملكه؟!
التوسعية
وثالث الآفات الكامنة في طبيعة إسرائيل، هي: الأحلام أو الأطماع التوسعية.
إنها لا تكتفي بما اغتصبت من أرض، وما نهبت من أملاك الغير، بل هي لا تشبع من غصْب، ولا تسأم من نهْب، إنها كجهنم، يقال لها: هل امتلأت، وتقول هل من مزيد؟
إنها لا تزال تحلم بإسرائيل الكبرى: من الفرات إلى النيل.
بل هناك من يقولون: ملكك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل، ومن الأرز إلى النخيل.
من نهر الفرات في العراق إلى نهر النيل في مصر.
ومن شجر الأرز في لبنان إلى شجر النخيل في المملكة العربية في المدينة وخيبر، حيث كان يعيش أجدادهم هناك.
وهذا ما قاله رجل منهم بصراحة، هو إسرائيل شاحاك الأستاذ بجامعة تل أبيب، الذي كشف النقاب عما يخبئه الإسرائيليون في ضمائرهم، وسجله في كتاب نشر بالإنجليزية، يبين فيه أن إسرائيل التي يحلم بها قومه تمتد إلى أجزاء من سوريا، ولبنان، وتركيا، والعراق، والسعودية، واليمن، والكويت، ومصر إلى الإسكندرية!
بل هم في الواقع يريدون السيطرة على العالم، ولكن سياستهم المعهودة هي: الوصول إلى الهدف البعيد خطوة خطوة.
قد يقول البعض: إن هذا حلم بعيد المنال، ولا يتصور من إسرائيل أن تركض وراء وهم وسراب، لا يمكن تحقيقه في أرض الواقع، وهي الآن أعقل من أن تتحدث عن هذه الأحلام.
ونقول: إن قيام إسرائيل نفسها كان حلمًا، أو خيالاً، منذ مائة عام، ثم غدا حقيقة واقعة، وقد لا تتحدث إسرائيل عن ذلك اليوم، لما يجلبه ذلك عليها من مشكلات، فهي تصمت عن ذلك لفترة ما، وفقًا لسياسة المراحل.
وكم رفضنا من أشياء، لأنها دون ما نؤمن به من حقوق لنا، مثل قرار التقسيم، ثم بعد ذلك تمنينا لو قبلنا ما كنا رفضنا.
إن إسرائيل تسعى أبدًا لتحقيق أهدافها وأحلامها، التي كنا نعتقدها في وقت ما ضربًا من المحال، ولكنها تحققت، أما أحلامنا نحن، فهي دبر آذانها، وتحت أقدامها.
ولا ينبغي أن ننسى أن هناك قوى كبرى ساعدت – ولا زالت تساعد- إسرائيل على تحقيق ما تريد، ابتداء من بريطانيا العظمى التي وعدت بإقامة وطن قومي لهم في فلسطين على لسان وزير خارجيتها (بلفور) في وعده المشهور في (2/11/1917م)، والذي قيل فيه: من لا يملك، وعد من لا يستحق.
وانتهاء بالولايات المتحدة الأمريكية القوة العظمى والقطب الأوحد في عالم اليوم، والتي تقف وراء إسرائيل بالمال والسلاح و(الفيتو)! ولولا المال الأمريكي، والسلاح الأمريكي، والفيتو الأمريكي، ما وصلت إسرائيل إلى ما وصلت إليه اليوم.
ومرورًا بالاتحاد السوفييتي الذي قال في إبان قوته: إن إسرائيل خلقت لتبقى!
اللا أخلاقية
وتعتمد إسرائيل مبدأ (اللا أخلاقية) في تعاملها مع العرب والفلسطينيين، ففلسفتها قائمة على أن الأخلاق تتغير، فلا ثبات لها وأنها تتجزأ، فلا عموم لها، فلا غرو أن تتعامل بمعيار مزدوج، معيار مع النفس، ومعيار مع الأغيار، وهذا للأسف ما قررته توراتهم، وسفر التثنية فيها: إن للإسرائيلي أن يقرض بربا مع غير الإسرائيلي، وليس له ذلك مع الإسرائيلي، على خلاف ما قرره الإسلام: أن الحلال حلال للجميع، وأن الحرام حرام على الجميع، ولقد سجل القرآن على هؤلاء استباحتهم لمن عداهم، وعدم تأثمهم في ذلك دينًا، كما قال تعالى :﴿ذلك بأنهم قالوا: ليس علينا في الأميين سبيل يقولون على الله الكذب وهم يعلمون﴾ آل عمران:75.
وإسرائيل تقرر كذلك المبدأ الجاهلي: (يحلونه عامًا ويحرمونه عامًا)، والتحليل والتحريم وفق هواها ومنافعها الخاصة، كما تتبنى الفلسفة الميكافيلية: الغاية تبرر الوسيلة، فكل الوسائل عندها مباحة ومشروعة في سبيل تحقيق غايات إسرائيل، بغض النظر عن احتجاجات المحتجين، واستنكارات المستنكرين.
والعرب والمسلمون قوم أخلاقيون، فقد علمهم دينهم ضرورة الالتزام بالعنصر الأخلاقي في كل جوانب الحياة ومعاملاتها، فالعلم لا ينفصل عن الأخلاق، والتشريع لا ينفصل عن الأخلاق، والاقتصاد لا ينفصل عن الأخلاق، والحرب لا تنفصل عن الأخلاق، والسياسة لا تنفصل عن الأخلاق.
ولا يقبل الإسلام بحال مبدأ: الغاية تبرر الوسيلة، بل يوجب شرف الغاية، وطهر الوسيلة، ولا بد من الوسيلة النظيفة لتحقيق الغاية الشريفة، ولا يرضى الإسلام الوصول إلى الحق بطريق الباطل، فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا.
ولا غرابة أن نرى إسرائيل تحترم العهود والمواثيق إذا كانت في صالحها، وتضرب بها عرض الحائط إذا خالفت مصالحها، وهاهو بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل يسأل عن "أتفاقات أوسلو" وما بعدها – والتي نرفضها نحن أساسًا – فيقول بصراحة: أنها قد ماتت!
وهكذا تحقق في هؤلاء ما قاله القرآن في أسلافهم: ﴿الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة، وهم لا يتقون﴾ الأنفال:56.
وهم بهذا يطبقون ما قاله بعض الساسة الأوروبيين من قبل: إن المعاهدات ليست إلا حجة القوي على الضعيف!
إن (الأخلاق) المشروعة في إسرائيل هي أخلاق العنف والإرهاب والاستحلال، هذا ما تقوم به الدولة، التي لا يزال تسيطر عليها روح رجال العصابات، وما يقوم به المستوطنون، الذين يسندون ظهورهم إلى قوة الدولة وحمايتها. والحق أن إسرائيل التي تصف الفلسطينيين الذين يدافعون عن وطنهم وأهليهم وحرماتهم بأنهم (إرهابيون) هي في الواقع (الإرهابي الأكبر) في العالم؛ لأنها تأخذ حق غيرها، وأرض غيرها، بالقوة والسلاح والعنف، فهو إرهاب معتدٍّ ظالم باغ في الأرض بغير الحق، وقد بين ذلك كتاب "الإرهاب يؤسس دولة: نموذج إسرائيل" .
وهناك مواقف وأمثلة لا تحصى تدل على (الاتجاه اللاأخلاقي) عند إسرائيل، لعل أحدثها وآخرها ما قامت به نحو رئيس المكتب السياسي لحماس في الأردن الأخ المجاهد خالد مشعل، والذي حاولت اغتياله عن طريق جهاز علمي متطور، يسلط على دماغه مادة كيماوية قاتلة، مستخدمة في ذلك جوازات سفر كندية مزورة، احتجت كندا عليها، كما لم تبال أن تقوم بذلك على أرض الأردن الذي عقدت معه معاهدة سلام، ولولا رعاية الله وحمايته، ثم تنبه الأخ خالد، ويقظة مرافقه، لذهب ضحية الغدر، دون أن يدري أحد أنه قد اغتيل عمدًا. هذا هو الإرهاب الذي تمارسه إسرائيل من قديم، ولا زالت.
وهاهو اليوم آريل شارون –وزير البنى التحتية في إسرائيل- يعلن في جرأة ووقاحة عارية: أن محاولة قتل خالد مشعل، إذا كانت قد فشلت في المرة السابقة، فإنها ستتكرر وتتكرر، حتى تتحقق. هكذا قال الإرهابي العريق، ولم يبال بأحد. وإذا لم تستح فاصنع ماشئت!
﴿وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم﴾ الأنفال:60، فهو إرهاب للدفاع والمقاومة لا لاستباحة الحرمات!
واللاأخلاقية عند اليهود ليست شيئًا عارضًا في سلوكهم، بل هي أصيلة عميقة الجذور، ضاربة في أغوار تاريخهم من قديم، حتى عند أنبيائهم كما تحكي كتبهم المقدسة نفسها.
فقد جاء في العهد القديم على لسان كتبته: أن يعقوب وأمه خدعا إسحاق حتى يحصلا على بركته ليعقوب بدلاً عن عيسى أخيه الأكبر… وأن راحيل زوجة يعقوب سرقت من أبيها لأبان–خال يعقوب- أصنامه حين رحيلهما عنه…
وجاء قبل ذلك –في سفر التكوين أيضًا- أن ابنتي لوط عاشرتاه بعد أن أسكرتاه.. وأنجبتا منه المؤبيين والعمونيين.. فهم أولاد زنى.
وجاء في سفر يشوع عن سقوط أريحا على يد بني إسرائيل: دمَّروا المدينة … واقضوا بحد السيف على كل من فيها من رجال ونساء وأطفال وشيوخ… حتى البقر والغنم والحمير…
ثم جاء في سفر صموئيل الأول: أنا الذي أرسلني الرب لأنصبك ملكًا على إسرائيل.. فاذهب الآن، وهاجم عماليق.. ولا تبق على أحد منهم.. بل اقتلهم جميعًا.. رجالاً ونساءً وأطفالاً ورضعًا.. بقرًا وغنمًا وجمالاً وحميرًا…
ثم جاء في نفس السفر: أن الملك شاول طلب من داود مهرًا لابنته مائة غلفة من غلف الفلسطينيين… فراق داود الأمر.. وقتل مائتي رجل من الفلسطينيين.. وأتى بغلفهم كاملة.. مهرًا لمصاهرة الملك..
وفي نفس السفر أيضًا: انقلب داود على الملك شاول، وانضم إلى الفلسطينيين في حربهم ضد الملك الإسرائيلي.. ولكن رفض الفلسطينيون انضمام داود لجيشهم.. فتوسل داود لملكهم أخيش قائلاً: ماذا جنيت؟ وأي علة وجدت في عبدك حتى لا أشترك في محاربة أعداء الملك؟
وفي سفر صموئيل الثاني: اغتصب أمنون أخته ثامار – وهما ابنا داود- ثم عاشر أبشالوم بن داود محظيات أبيه، وحارب أبشالوم أباه داود طمعًا في الملك، وقُتل الابن في القتال.
وفي سفر الملوك.. جاء عن سليمان أنه عبد عشتاروت إلهة الصيدونيين..وملكوم إله العمونيين.. وأقام مرتفعات ذبائح لجميع آلهة نسائه الغربيات!
هذا ما قالته أسفارهم المقدسة، ولم نقله نحن!
ولا غرو قال المسيح عليه السلام: لكم الويل أيها الكتبة المراؤون، أيها الحيات أولاد الأفاعي، أبناء قتلة الأنبياء، كيف تفلتون من عقاب جهنم؟! …
الشح وعبادة المال
ومن الآفات الخلقية الملازمة للطبيعة الإسرائيلية: عبادة المال، والشح به، والحرص عليه، وقديما عبدوا العجل الذهبي، وهو يشير إلى مدى تعلقهم بالذهب وبريقه.وقد وصفهم القرآن بالبخل وسجله عليهم في قوله تعالى: ﴿أم لهم نصيب من الملك؟ فإذن لا يؤتون الناس نقيرا﴾ النساء:53
يقول العلامة رشيد رضا رحمه الله في تفسير هذا الآية في المنار:
﴿أم لهم نصيب من الملك﴾ قالوا إن (أم) هنا منقطعة، وهي عند جمهور البصريين للاضراب والاستفهام، والمراد بالاضراب هنا: الانتقال من توبيخهم على الإيمان بالجبت والطاغوت وتفضيل المشركين على المؤمنين، إلى توبيخهم على البخل والشح والأثرة . واختار الأستاذ الإمام أن (أم) إذا وقعت في أول الكلام تكون للاستفهام المجرد، والاستفهام هنا للانكار، والتوبيخ يستفاد من قرينة المقام، أي ليس لهم نصيب من الملك كما لهم نصيب من الكتاب، بل فقدوا الملك كله بظلمهم وطغيانهم ﴿فإذا لا يؤتون الناس نقيرا﴾ أي ولو كان لهم نصيب من الملك لسلكوا فيه طريق البخل والاثرة بحصر منافعه ومرافقه في أنفسهم، فلا يعطون الناس نقيرا منه إذ ذاك. والنقير هو النقرة أو النكتة في ظهر نواة التمر، وهي الثقبة التي تنبت منها النخلة، شبهت بما نقر بمنقار الطائر أو منقار الحديد الذي تحفر به الأرض الصلبة، والنقير كالفتيل في الآية السابقة: ﴿ولا تظلمون فتيلا﴾ النساء:47 يضرب به المثل في الشيء القليل والحقير والتافه. وكذلك يضرب المثل بالقطمير، وهي القشرة الدقيقة التي على النواة بينها وبين التمرة.
وحاصل المعنى: أن هؤلاء اليهود أصحاب اثرة شديدة، وشح مطاع، يشق عليهم أن ينتفع منهم أحد غير أنفسهم، فإذا صار لهم ملك حرصوا على منع الناس أدنى النفع وأحقره، فكيف لا يشق عليهم أن يظهر نبي من العرب، ويكون لأصحابه ملك يخضع لهم فيه بنوا إسرائيل. هذه الصفة لا تزال غالبة على اليهود ظاهرة فيهم فإن تم لهم ما يسعون إليه من إعادة ملكهم إلى بيت المقدس وما حوله، فإنهم يطردون المسلمين والنصارى من تلك الأرض المقدسة، ولا يعطونهم منها نقيرا من نواة، أو موضع زرع نخلة، أو نقرة في أرض أو جبل، وهم يحاولون الآن - وحاولوا قبل الآن - ذلك بقطع أسباب الرزق عن غيرهم. فالنجار اليهودي في بيت المقدس يعمل لك العمل بأجرة أقل من الأجرة التي يرضى بها المسلم أو النصراني، وإن كانت أقل من أجرة المثل، ولعل جمعياتهم السياسية والخيرية تساعدهم على ذلك، فالدلائل متوفرة على أن القوم يحاولون امتلاك الأرض المقدسة، وحرمان غيرهم من جميع أسباب الرزق فيها، يفعلون هذا وليس لهم نصيب من الملك "هذا وما كيف لو".
وهل يعود إليهم الملك كما يبغون؟ الآية لا تثبت ذلك ولا تنفيه، وإنما تبين ما تقتضيه طباعهم فيه لو حصل، وسيأتي البحث في ذلك في تفسير سورة الإسراء التي تسمى أيضا (سورة بني إسرائيل) ويدخل في ذلك ما تقتضيه من الكثرة وهم متفرقون ومتعلقون بأموالهم في كل الممالك، ومن الاستعداد للحرب والزراعة، وقد ضعف ذلك في أكثرهم، ولكنهم يعتقدون اعتقادا دينيا أنهم سيقيمون الملك أو سوف يقيمونه في البلاد المقدسة، وقد ادخروا لذلك مالا كثيرا، فيجب على العثمانيين أن لا يمكنوا لهم في فلسطين، ولا يسهلوا لهم طرق امتلاك أرضها، وكثرة المهاجرة إليها، فإن في ذلك خطرا كبيرا كما نبهنا في تفسير الآية السابقة من عهد قريب اهـ .كتب هذا الشيخ رشيد رضا في تفسيره الذي كان يصدّر به (مجلة المنار) وكان ذلك في ج11 –المجلد الثالث عشر- الجمعة 30 ذو القعده 1328هـ 2 ديسمبر 1910م.
الصهيونية أعلى مراحل الإستعمار
هذه الآفات النفسية، والعاهات الخلقية، والأمراض السلوكية، التي تجسمت في الشخصية اليهودية التلمودية ـ ولا سيما بعد ظهور الحركة الصهيونية وتوجهاتها الخطيرة ـ أفرزت العصابات الإرهابية اليهودية في عهد الانتداب البريطاني، وقبل قيام إسرائيل في 15/5/1948م وأفرزت المجازر البشرية، والهجمات العدوانية، والأساليب الشيطانية، التي قامت عليها سياسة إسرائيل في سلمها وحربها مع الفلسطينيين ومع العرب والمسلمين.
أفرزت هذه الآفات شر أنواع الاستعمار في التاريخ، وهو الاستعمار الصهيوني، الذي قال فيه من قال: الصهيونية هي أعلى مراحل الاستعمار.
وذلك لما تميز به الاستعمار الصهيوني اللعين عن أنواع الاستعمار الأخرى، التي عرفها العالم قديمًا وحديثًا، والتي أشار القرآن إلى آثاره على لسان ملكة سبأ حين قال:﴿ إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون﴾ سورة النمل:34 أشارت إلى دخول الملوك فاتحين مستعمرين، فهم يفسدون البلاد، ويذلون العباد. وفي العصور الحديثة عرف الناس الاستعمار البريطاني والفرنسي والإيطالي والهولندي وغيرها، وكلها شر على من استعمروهم.
ولكن الاستعمار الصهيوني أشد وأنكى، فهو، كما يقول أخونا. د. حسان حتحوت : استعمار إحلالي توسعي عنصري إرهابي ظالم.
1 ـ استعمار إحلالي:
أي هو استعمار استيطاني، يريد تفريغ البلاد من أهلها ليحل هو محلهم ما استطاع. ويزعجه أن يرى معدل المواليد العرب أعلى منه لدى اليهود بما في ذلك من تهويد ديموجرافي . .
وليس مثل الصليبيين يملك وطنًا آخر يستطيع أن يعود، إليه فلا نية لديه إلا البقاء. وهو لا يحاول التخلص من العرب بالتهجير أو الاضطرار إليه أو هدم البيوت أو تغيير الجغرافيا فقط، بل بجلب مزيد من اليهود من أنحاء العالم ليحلوا محل العمالة الفلسطينية، وهي الخط الحيوي الباقي للفلسطينيين. وقد صرح بهذا ساستهم ومفكروهم، مثل البروفسور "بن زيون دينور" الذي أعلن أن ليس في بلادنا متسع لشعبين.
ومثل " يوري لبراني" (مستشار بيجن للشؤون العربية) الذي قال: سنختزل الجالية العربية إلى طائفة من الحطابين وجرسونات المطاعم! ومثل " شيب الداود" الذي قال: إما "إسرائيل الكبرى" وإما " إسماعيل الكبرى". (يعني بإسماعيل الكبرى: الدولة العربية التي تجمع العرب تحت راية واحدة، وهذا يعني: إنتهاء إسرائيل).
2ـ استعمار توسعي:
وهو ثانيًا استعمار توسعي. ما زالت خريطة من النيل إلى الفرات في الكنيسيت. والخطان الأزرقان في أعلى وأسفل العلم اليهودي يرمزان للنيل والفرات. وسئلت "جوولدا مائير" عن حدود دولة إسرائيل كما تراها فقالت: عندما نصل إلى الحدود سنخبركم. وصرح "بن جوريون" بأن الدولة اليهودية تطمح أن تشمل حدودها جنوب لبنان وجنوب سوريا والأردن وشبه جزيرة سيناء.(ولهذا لم يضم اتفاق "أوسلو" شيئا عن "الحدود" وستظل سرا عند قادة إسرائيل، لا يفصحون عنه، إلا عندما تتحقق الأحلام).
3ـ استعمار عنصري:
وهو استعمار عنصري. وفي تصريح سابق "لرفائيل ايتان" الذي كان رئيس الأركان قال: إن من يتهم البيض في جنوب إفريقيا بالعنصرية كذاب . . السود هناك هم الذين يريدون التحكم في الأقلية البيضاء ، تمامًا مثلما يريد العرب أن يتحكموا فينا. وعندما صوتت الدول الإفريقية بجانب قرار الأمم المتحدة باعتبار الصهيونية عنصرية في عام 1975 (القرار الذي تم لحسه فيما بعد)، كان تعليق "بيجن": كيف تحسب الشعوب التي كانت إلى عهد قريب تعيش فوق الأشجار أنها أصبحت تقود العالم؟
بل إن العنصرية قائمة في اليهود بين بعضهم والبعض. "الأشكينازي" وهو اليهود الأوروبي الأبيض يرى نفسه أرقى من (السفارديم). وبينما يشكل السيفارديم سبعين بالمائة من اليهود، فقد رسم نظام للتعليم والمصروفات الدراسية بحيث لم يسمح لهم بأكثر من ستة بالمائة في الجامعات وثلاث بالمائة عند التخرج.
أما اليهود الأحباش الذين طنطنوا بهم فحثالة المجتمع، لدرجة أنه عند التبرع بالدم تنتقي زجاجات دم اليهود الأحباش فتراق، ويرمي بالدم حتى لا يستعمل، وعندما اكتشفت هذه الفضيحة أحدثت مرارة كبيرة لدى الأحباش، وإحساسًا بالاضطهاد والتفرقة العنصرية " تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتى" بل إن اليهود الأرثوذكس أصدروا من قريب فتوى بأن المحافظين واليهود الإصلاحيين ليسوا يهودا.
4 ـ استعمار ظالم:
وأما استعمار ظالم، فبديهية لا تحتاج إلى تدليل. لكن نحب أن يشهد شاهد من أهلها. فالأستاذ "جودا ماجنس" أول رئيس للجامعة العبرية يقول: إن لليهود أكثر من حق في مطالبة العالم بالعدالة، ولكنني على غير استعداد للحصول على العدل لليهود عن طريق الظلم للعرب. ويقول البروفسور "بنيامين كوهين" الأستاذ بجامعة تل أبيب: لقد كان اليهود على الدوام ضحايا القسوة فكيف جاز لهم أن يكونوا على هذه القسوة. وهنالك الكثيرون منهم يرون هذا الرأي. وفي أمريكا حركتان يهوديتان كبيرتان اسمهما " السلام الآن" و "الأرض مقابل السلام"، وينكرون الظلم الواقع على الفلسطينيين ويرون إعطاءهم وطنًا والعيش معهم في حسن جوار. ومثلهم عدد ضخم من اليهود داخل فلسطين.
5 ـ استعمار إرهابي:
وهو كذلك استعمار إرهابي، فهذا أشد وضوحا، فالارهاب لحمته وسداه، الإرهاب هو الذي مهد لقيام الدولة منذ عهد العصابات المعروفة: الهاجاناة ، والأرجون، والاسترن، التي اقترفت الفظائع.
والإرهاب هو الذي أسس الدولة، وأقامها بالحديد والنار، فقتل النساء والأطفال والشيوخ بطرق وحشية لم يعرف التاريخ لها مثيلا، حتى كانوا يراهنون على ما في بطون الحوامل: أذكر هو أم أنثى؟ ثم يبقرون بطنها –وهم يتضاحكون-، ليروا من الفائز منهم؟ ثم يذبحون الأم والطفل معا!
والإرهاب هو الذي وسع الدولة؟ بأكثر مما أعطاهم قرار التقسيم، ثم ضم إليها ما ضم في حرب يونيو سنة 1967م.
والإرهاب هو الذي يهدد الجيران من العرب، أن يملكوا أي قوة نووية أو غير نووية، يجب أن يملكوا هم القوة وحدهم، ولهذا ضربوا من قديم المفاعل النووي العراقي، بل هم يقتلون الشبان النوابغ من العرب في المجال النووي، كما دل على ذلك أكثر من حادثة. بل هو يهدد المسلمين جميعا، إذا حاولوا ذلك، كما نرى في الموقف من محاولة باكستان امتلاك قنبلة نووية، كما فعلت جارتها وغريمتها الهند.
والإرهاب هو الذي يقتل –بيد الدولة وأجهزتها وبأمر رؤسائها وقادتها- أبطال المقاومة الذين يدافعون عن أرضهم ومقدساتهم وأهليهم، كما رأينا في اغتيال الشقاقي وعياش والشريف، ومحاولة اغتيال مشعل.
الإرهاب الصهيوني هو الذي قتل –من قديم- المصلين في مسجد يافا، وهو الذي صنع مجزرة دير ياسين، وهو الذي قتل أطفال مدرسة (بحر البقر) في مصر، وهو الذي قتل المصلين بعد ذلك في مسجد الخليل في فجر رمضان، وهو الذي قتل من قتل في النفق، وقتل من قتل في (قانا) بلبنان، وقتل أخيرا العمال البرآء بالقرب من حاجز (ترقوميا) بمنطقة الخليل، ولا زال يقتل ويقتل ولا تزال يده مغموسة بدماء الأبرار.
والعجب أن يفعل الإرهاب الصهيوني ذلك كله، ويدعي أننا نحن الإرهابيون، أما هو فبريء من كل تهمة، براءة أخوة يوسف من إلقائه في الجب! .
[quote]
مقبول حسون الادارة
عدد المساهمات : 2413 تاريخ التسجيل : 08/12/2009
موضوع: رد: أقسم أنك تأثم أن لم تدخل ......... موسوعة شاملة ......... القدس قضية كل مسلم الخميس فبراير 25, 2010 7:54 pm
الصهيونية خطر على العالم كله
· ماذا تقول اليهودية في المسيحية ؟
· وماذا تقول المسيحية في اليهودية ؟
· الرئيس فرانكلين يحذر من اليهود
§ أمريكا وإسرائيل
§ فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون
§ توصيات ماذا تقول اليهودية في المسيحية؟
والحقيقة التي يجب التنبيه عليها: أن اليهودية الصهيونية التي نتعامل معها اليوم، ليست خطرًا على المسلمين أو العرب وحدهم، بل هي خطر على العالم كله، وعلى البشرية كلها بما تحمل من روح التعصب، وما تحمل من أفكار هدّامة، معادية لكل الديانات، وخصوصا السماوية منها، ومعادية لكل الشعوب. هذه الأفكار التي غذتها التعاليم التلمودية الخطرة، إنها خطر على المسيحية كما هي خطر على الإسلام، ولننظر في رأي كل من اليهود في المسيحية، والمسيحيين في اليهودية، ليتضح لنا ذلك.
ماذا تقول اليهودية في المسيحية؟:
ينقل لنا الأستاذ محمد السماك في كتابه (الأصولية الإنجيلية أو الصهيونية المسيحية والموقف الأمريكي) هذه النصوص:
(يسمح لليهودي أن يكذب ويشهد زورًا للإيقاع بالمسيحي، فاسم الرب لا يدنس ولا يحلف به، حين نكذب على المسيحيين).
(يجب على اليهود السعي الدائم لغش المسيحيين)
( من يفعل خيرًا للمسيحيين، فلن يقوم قبره قط)
( .." والآن دعونا نوضح لكم كيف مضينا في سبيل الإسراع بقصم ظهر الكنيسة الكاثوليكية، فاستطعنا التسرب إلى دخائلها الخصوصية، وأغوينا البعض من رعيتها "كهنتها الداخليين" ليكونوا روادًا في حركتنا، ويعملون من أجلنا.
أمرنا عددًا من أبنائنا بالدخول في جسم الكاثوليكية، مع تعليمات صريحة بوجوب العمل الدقيق والنشاط الكفيل بتخريب الكنيسة من قلبها، عن طريق اختلاق فضائح داخلية، ونكون بذلك عملنا بنصيحة أمير اليهود، الذي أوصانا بحكمة بالغة: دعوا بعض أبنائكم يكونوا كهنة ورعاة أبرشيات، فيهدموا كنائسهم. ومع الأسف الشديد، لم يبرهن جميع اليهود من أبناء العهد عن إخلاصهم للمهمة الموكولة إليهم، فخان كثيرون العهد، لكن الآخرين حافظوا على عهدهم، ونفذوا مهمَّاتِهم بشرف وأمانة.
نحن آباء جميع الثورات التي قامت في العالم، حتى تلك التي انقلبت علينا أحيانًا، ونحن أيضًا سادة الحرب والسلام، بدون منازع. ونستطيع التصريح اليوم بأننا نحن الذين خلقنا حركة الإصلاح الديني للمسيحية، فكالفين كان واحدًا من أولادنا؛ يهودي الأصل، أمر بحمل الأمانة، بتشجيع المسؤولين اليهود ودعم المال اليهودي، فنفذ مخطط الإصلاح الديني، كما أذعن مارتن لوثر لإيحاءات أصدقائه اليهود، وهنا أيضًا نجح برنامجه ضد الكنيسة الكاثوليكية بإرادة المسؤولين اليهود وتمويلهم.
ونحن نشكر البروتستانت على إخلاصهم لرغباتنا، برغم أن معظمهم ـ وهم يخلصون الإيمان لدينهم ـ لا يعون مدى إخلاصهم لنا، إننا جد ممتنّين للعون القيّم الذي قدموه لنا في حربنا ضد معاقل المسيحية، استعدادًا لبلوغ مواقع السيطرة الكاملة على العالم. حتى اليوم تمكنا من قلب الأنظمة القائمة في معظم ممالك أوروبا، والبقية آتية لا ريب عما قريب. فروسيا شرعت في تمهيد الطريق لمسيرتنا، فرنسا بحكومتها الماسونية تحت إصبعنا.
إنجلترا باعتمادها على تمويلنا تحت قدمنا، ولكونها بروتستانتية فهي معولنا في القضاء على الكنيسة الكاثوليكية. أما إسبانيا والمكسيك فهما دميتان بأيدينا، وثمة دول عديدة، علاوة على الولايات المتحدة الأمريكية، واقعة في شراكنا.
إن معظم صحف العالم تعمل تحت سيطرتنا، فلنغذّ عن طريقها ـ بقوة وفعالية أكثر ـ الحقد العالي على الكنيسة الكاثوليكية.
ولنمض، لدعم وتقوية مخططاتنا، بتسميم أخلاق الأغيار، ننشر روح الثورة بين الجماهير، نشجعها على احتقار الوطنية، وازدراء وحدة العائلة والارتباط بمحبتها، واعتبار الدين، أي دين، هراء ومضيعة للوقت، وقضية سبقها العصر، ولم تعد تتماشى مع متطلباتهثم أخيرًا، لنتذكر دائمًا أن ملك اليهود المنتظر لن يرضى بحكم هذا العالم، قبل خلع البابا عن كرسيه في روما، والإطاحة بجميع ملوك العالم" ).
<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<
وماذا تقول المسيحية في اليهودية؟
أما ماذا تقول المسيحية في اليهودية، فهاك بعضه موثقًا.
لنقرأ هذه النصوص التي سجلها الأستاذ السّـمَّاك:
" يعتبر اليهود خطرًا على جميع شعوب العالم، وخاصة على الشعوب المسيحية"
" إن القوى ذاتها التي " صلبت المسيح" طيلة (1900) سنة، تسعى اليوم إلى "صلب" كنيسته، لقد فُرِضَ على المسيحية، في عصرنا الراهن، نضال عظيم، نهايته ستحدِّد مصير المسيحية، حياة أو موتًا، لكن معظم القادة المسيحيين لم يعوا ذلك بعد، إن الشيوعية ـ اليهودية العالمية ـ التي نجحت في إذلال شعوب الأرض، تترقب الفرصة المواتية الآن لسحق المسيحية سحقًا كاملاً ".
" كل ما أتى به المسيح، بوحي من الرب، لا يعني أي شيء عند اليهود! لقد أضناني البحث الطويل عبثًا في معظم كتب اليهود عن عبارة تعكس شيئًا من شعور إنساني نبيل نحو المسيح . . وأنا أعترف بأنني، أن أفعل ذلك، لم أكن أتوقع إطلاقًا أن أجد شيئًا عن احترام المسيح بين صفحات هذه الكتب، لكني عرفت أن اليهوديّ الذي ينتابه مثل هذا الشعور النبيل يفقد يهوديته فورًا، ويغدو غير يهودي بالمرة.
ففيما نجد في قرآن محمد أفكارًا تعبر عن الاهتمام بالمسيح والاحترام العميق لشخصه ، نقرأ ليهودي في القرن التاسع عشر "غرايتيس" من المفروض أنه من المثقفين، وصفه للمسيح بقوله: إنه " المولود الدجيد المقتنع بالموت" . . أما عن فكرة الصليب فيقول عنه: " إن اليهود ليسوا في حاجة إلى مثل هذا الرمز الذي يولد شعورًا متشنجًا . . من أجل رفع مستوى عقائدهم الروحية"، بل إن هناك ما هو أخطر من ذلك بكثير، ففي كتاب أصدره سنة (1880م) يهودي إسباني، وهو موسى دوليون، يصف المسيح بأنه "كلب ميت"، وأنه " مدفون في كومة روث"!
في أواخر القرن التاسع عشر، راح اليهود يصدرون طبعات بالعبرية يوضحون فيها " الفقرات السرية" من التلمود، كي لا يثيروا حقدنا عليهم، فحذفت من الطبعات غير العبرية الألقاب والنعوت التي اصطلحوا على تسمية المسيح بها، مثل: المجنون، الساحر، النجس، الكلب، ابن الحرام، الوثني، ابن الشهوة. . . إلخ، إلى جانب مسمياتهم لأمه العذراء الطاهرة" .
" يتضمن التلمود كل الكفر والإلحاد والخسة" أ. هـ
. وقد رأينا كبار الأدباء العالميين يحذرون من الشخصية اليهودية المصاصة للدماء، كما في مسرحية " شكسبير" الشهيرة " تاجر البندقية".
وكذلك رأينا موقف الأديب والقصاص الروسي الكبير " فيودورا يستوفسكي" من المسألة اليهودية، كما نشر في رسالة ترجمها موفق الديلمي .
إن بني إسرائيل حرفوا أو بدلوا كلام الله في التوراة، فزادوا ونقصوا، ثم حرفوه مرة أخرى، ففسروه بحسب أهوائهم، وأخضعوه لمطامعهم الدنيوية، وأغراضهم العنصرية، وهذا ما سجله عليهم القرآن الكريم: ﴿فبما نقضهم ميثاقهم لعنّاهم وجعلنا قلوبهم قاسية، يحرّفون الكلم عن مواضعه، ونسوا حظا مما ذكروا به.. ﴾ المائدة:13
إنهم يزعمون أنهم أمة (الكتاب المقدس)، ولكن أين هو الكتاب المقدس الذي أنزله الله تعالى على موسى نورًا وهدى للناس؟
وحتى الكتاب القائم الآن –على ما به تحريف وتبديل- لا يأخذون منه إلا ما يحقق مآربهم، ويوافق أغراضهم. فهم –كما وصفهم القرآن- يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض.
إن الكتاب يقول:"أحبَّ الله من كل نفسك، وكل قلبك" ولكنهم لا يحبون إلا أنفسهم ومصالحهم ولا يعرفون من الكتاب إلا ما حشاه به أجدادهم من فقرات العنف والقسوة والتذبيح والتقتيل، واستباحة كل من عاداهم من الأمم والشعوب، وخصوصا شعب كنعان! لا يعرفون منه إلا ما احتواه من التفرقة العنصرية التي تجعل من بني إسرائيل، شعب الله المختار، وتجعل غيرهم أدنى درجة منهم، بل تجعل بعضهم عبيدًا لهم إلى الأبد.
فمن ذلك: أن الإسرائيليين يحرم عليهم أن يقتل بعضهم بعضًا، وأن يُخرج بعضهم بعضًا من ديارهم، على حين أنه مباح للإسرائيليين، بل واجب عليهم غزو الشعوب الأخرى، وخاصة شعب كنعان، وواجب عليهم بعد انتصارهم على بلد ما أن "يضربوا رقاب جميع رجالها البالغين بحد السيف" فلا يبقوا على أحد منهم، ويسترقوا جميع نسائها وأطفالها، ويستولوا على جميع ما فيها من مال وعقار ومتاع أو "ينهبوه نهبًا" حسب تعبير أسفارهم(التثنية:20/13،14). بل إن اسفارهم تقرر أن شعب كنعان قد كتب عليه في الأزل، أن يكون رقيقًا لبني إسرائيل، وأنه لا ينبغي أن يكون لأفراد هذا الشعب وظيفة ما في الحياة غير هذه الوظيفة، فإن تمردوا عليها أو طمحوا إلى الحرية وجب على بني إسرائيل أن يردوهم إليها بحد السيف. وتقرر أسفارهم أن هذا الوضع قد فرض عليهم لدعوة دعاها نوح على كنعان ونسله وإذا كان هذا في أسفار التوراة. فكيف بما حواه التلمود، الذي يجعل غير اليهود(الغوييم) أحط من البهائم وأذل من الكلاب؟!
وللمسيحيين العرب موقفهم من إسرائيل والصهيونينة، وهوموقف يدين الطغيان الإسرائيلي، وينكر بغيه في الأرض بغير الحق.
وقد شاركت في مؤتمر في بيروت جمع بين المسلمين والمسيحيين العرب. وقد انعقد تحت شعار: " مسلمون ومسيحيون معًا من أجل القدس"
ولقد استمعت فيه إلى كلمات قوية معبرة من عدد من الآباء المسيحيين، منهم الأب المعروف (كابوتجى) مطران القدس الذي طرده الإسرائيليون منها وبابا الإسكندرية الأنبا شنودة زعيم الكنيسة القبطية في مصر،الذي تكلم فأجاد، وآخرون تكلموا فأحسنوا.
ومنهم من كتب عن الصهيونية كتبا لها قيمتها العلمية والدينية.
اقرأ ما يقوله الأب بولس حنا مسعد في كتابه (همجية التعاليم الصهيونية):
" للنصراني إنجيل يبشر به العالم، وللمسلم قرآنه ينشره بين جميع الشعوب، أما الإسرائيلي فله كتابان: كتاب معروف لا يعمل به، وهو التوراة، وآخر مجهول عند العالم، يدعى (التلمود) يفضله على الأول ويدرسه خفية، وهو أساس كل مصيبة!"
لقد بينا أن العنصرية لدى اليهود جزء لا يتجزأ من كيانهم النفسي، وإن العالم مقسم إلى (يهود وأغيار) واليهود هم الأخيار،والأغيار هم الأشرار، وإن استباحة حرمات الآخرين أو (الأغيار) جزء لا يتجزأ من تراثهم الديني.
إن الله ذاته –تعالى وشأنه- عندهم عنصري! يقول الأب بولس حنا: (إن النصارى يؤمنون بأن الله هو أبو الجميع، والمسلمون يؤمنون بأن الله رب العالمين، أما الصهيونيون فلا يريدون أن يكون الإله إلا لهم وحدهم، ولهذا عرف عندهم أنه (إله إسرائيل).
<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<
الرئيس فرانكلين يحذر من اليهود
ومن السياسيين الذين أدركوا ببصيرتهم النافذة خطر اليهود على مجتمعاتهم: الرئيس الأمريكي فرانكلين.
ففي القرن الثامن عشر وعلى التحديد في عام (1789م) أصدر بنجامين فرانكلين رئيس الولايات المتحدة الأمريكية وثيقة رسمية لتحذير الأمريكان من اليهود، وقد ألقاها في خطاب رسمي عند وضع دستور الولايات المتحدة جاء فيها: " هناك خطر عظيم يتهدد الولايات المتحدة الأمريكية، وهو خطر اليهود، وفي كل أرض حلّ فيها اليهود أطاحوا بالمستوى الخلقي، وأفسدوا الذمة التجارية، وهم منعزلون لا يندمجون مع غيرهم، وهم منذ أكثر من (1700) عام يندبون حظهم، لأنهم طردوا من ديار آبائهم، ولو ردت إليهم فلسطين فلن يذهبوا جميعهم إليها، لأنهم طفيليات لا يعيش بعضهم على بعض، ولا بد لهم من العيش بين المسيحيين وغيرهم ممن لا ينتمون إلى عرقهم، وإذا لم يبعد هؤلاء اليهود عن الولايات المتحدة بنص دستورها، فإن سيلهم سيتدفق إليها في غضون مائة سنة، وسيتمكنون من أن يحكموا شعبنا ويدمروه، ويغيروا شكل الحكم الذي بذلنا في سبيله دماءنا، وضحينا له بأرواحنا وممتلكاتنا وحرياتنا، ولن تمر مائتا سنة حتى يكون مصير أحفادنا العمل في الحقول لإطعام اليهود، على حين يظل اليهود مسيطرين على المؤسسات المالية، وإذا لم يبعد الشعب الأمريكي اليهود نهائيًا، فسوف يلعنهم أبناؤهم وأحفادهم في قبورهم، كما أن اليهود لن يمارسوا المثل الأمريكية العليا، ولو عاشوا بين الأمريكيين عشرة أجيال، لأن الفهد لا يستطيع إبدال جلده الأرقط. إن اليهود خطر على أمريكا إذا سمح لهم بحرية الدخول، وسيقضون على المؤسسات الأمريكية، وعليه يجب استبعادهم بنص الدستور.
إن ما جاء في هذا الخطاب في القرن الثامن عشر ينطبق تمام الانطباق على اليهود في هذه الأيام، فقد سيطروا على اقتصاد أمريكا وسياسة أمريكا، وقد حل بالشعب الأمريكي ما تنبأ به الزعيم الراحل بنجامين فرانكلين .
وما تخبئه الأيام لأمريكا من كيد اليهود أعظم وأعظم، وكما قال الشاعر العربي قديمًا:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد!
أو كما قال الشاعر الآخر:
أمر تهمو أمري بمنعرج اللِّـوى فلم يستنبوا النصح إلا ضحى الغد!
<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<
أمريكا وإسرائيل
إن إسرائيل لم تقم على أي حق أو منطق، من الدين أو الخلق أو التاريخ، أو الشرعية، فهي دخيلة على المنطقة، غريبة عنها، وإنما فرضت نفسها، بالعنف والدم والحديد والنار، مستغلة ضعف العرب والمسلمين، وتفرقهم، ومستندة إلى قوة الاستعمار ومساندته، ولا سيما أن دول الاستعمار تدين بالمسيحية التي تؤمن بما في كتب اليهود وأسفارهم على ما فيها من تحريف وتناقض.
فالغرب في الحقيقة هو صانع إسرائيل، وممدها بالمال والسلاح، كما في غرب أوروبا وأمريكا، أو بالرجال كما في الاتحاد السوفييتي وشرق أوروبا.
ولولا المليارات الدائمة والمستمرة من الغرب، ولولا المساعدات المالية الأمريكية، والمعونات العسكرية الأمريكية، والتأييدات السياسية الأمريكية، المتمثلة أوضح ما تكون في الفيتو الأمريكي، ما قامت إسرائيل، ولا استمرت بعد قيامها.
وآخر ما شاهدناه في هذه المسرحية المأساة أو الملهاة هو موقف أمريكا من نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، وتخصيص (100) مائة مليون دولار لذلك، وتعليل البرلمان الأمريكي ذلك بعلل واهية مردودة، نقدها الصحفي المعروف أحمد يوسف القرعي في صحيفة " الأهرام" القاهرية، فقال:
لم يكن قرار مجلس النواب الأمريكي الصادر في (10 يونيو) الماضي إلا مجرد إجراء تشريعي ضمن إجراءات أخرى في برنامج زمني محدد لعملية تمويل بناء السفارة ونقلها. وقد أورد قانون الكونجرس خطوات هذا البرنامج مشفوعة بعدد من المزاعم والادعاءات التاريخية والقانونية والسياسية بشأن عروبة القدس، ويعجب المرء كيف يجرؤ مجلس تشريعي لدولة كبرى أن يسجل في متن قوانينه مثل هذه الافتراءات.
وبعد المغالطة التاريخية التي وقع في شراكها الكونجرس الأول في الفقرة الأولى من الديباجة بشأن حق إسرائيل في اختيار عاصمتها، بالرغم من أن القدس أرض محتلة وتخضع لقانون الحرب.
وبعد ما أكد الكونجرس جهله بالتاريخ في الفقرتين الثانية والثالثة عندما زعم أنه ومنذ عام (1950م) كانت مدينة القدس ـ ولا تزال ـ عاصمة لدولة إسرائيل دون أن يحدد أية قدس مقصودة.
بعد هذا وذاك يفاجئنا قانون الكونجرس في الفقرات التالية (من 4 إلى من الديباجة بادعاءات دينية باطلة من الأفضل تذكير القارئ بها:
4ـ أن مدينة القدس هي المركز الروحي لليهودية، وتعتبر أيضًا مدينة لكل معتنقي الأديان!
5ـ أنه منذ عام (1948م) وحتى عام (1967م) كانت تحت القدس مدينة مقسمة، وكان المواطنون الإسرائيليون من كل المعتقدات، بالإضافة إلى المواطنين اليهود من كل الدول لا يسمح لهم بالدخول إلى الأماكن المقدسة، التي كانت سيطرة الأردن
. 6ـ أنه ومنذ عام (1967م) تمت إعادة توحيد مدينة القدس أثناء صراع ما عرف بحرب الأيام الستة!
7ـ أنه ومنذ عام (01967م) كانت القدس ـ ولا تزال ـ مدينة موحدة تديرها إسرائيل التي تكفل الحقوق الكاملة للجميع من الأديان المختلفة، لدخول الأماكن المقدسة داخل المدينة!
8ـ أن هذا العام (1995م) يعتبر العام الثامن والعشرين على التوالي الذي يشهد أن القدس كانت ـ وتزال ـ تدار كمدينة موحدة وتحترم وتؤمن فيها حرية الجميع من الأديان المختلفة!
والكونجرس بمثل هذه الادعاءات والافتراءات جعل من القدس المركز الروحي لليهودية دون سواها من الأديان السماوية، وجعل من إسرائيل دون سواها حامية حمى الأماكن المقدسة، وحامية حريات دخول معتنقي الأديان المختلفة.
ولا شك أن وقائع الاحتلال الإسرائيلي للقدس وطوال ثلاثة عقود (1967 ـ 1997م) كافية للرد على مغالطات الكونجرس التي أوردها وكأنها نتائج مسلم بها. ونسجل هنا أكثر الوقائع خطورة لكي يدرك أعضاء الكونجرس كم هم منحازون إلى ادعاءات ومزاعم وأساطير إسرائيل:
وتبدأ أكثر الوقائع خطورة بمحاولة إحراق إسرائيل للمسجد الأقصى في (12 أغسطس سنة 1969م)، ولم تكن هذه المحاولة إلا بداية مخطط عاجل وآخر آجل، لهدم المسجد الأقصى، فقد سبق المحاولة بدء الحفريات العميقة تحت السجد وحوله، بزعم البحث عن آثار هيكل سليمان المندثرة منذ ألفي سنة، وإقامة نفق سياحي، كما سبق المحاولة البدء في مصادرة وهدم ونسف عقارات الأوقاف الإسلامية الملاصقة للمسجد الأقصى.
ومما يدل دلالة قاطعة على وجود مخطط عاجل وآخر آجل لهدم المسجد الأقصى هو: تساؤل صحيفة " هارتس" الإسرائيلية في (28 مارس سنة 1982م): هل أصبحت مسألة هدم المسجد الأقصى وقبة الصخرة مسألة وقت فقط؟ وجاء في مقال الصحيفة: " إن الحكومة الإسرائيلية تختبئ وراء الحركات الدينية المتطرفة لتحقيق أهدافها في نسف قبة الصخرة وإقامة الهيكل الثالث على أنقاضها".طرحت الصحيفة الإسرائيلية هذا التساؤل أثناء حكم الليكود، وأشارت إلى مناحم بيجن كان قد وعد المتدينين ـ لدي تسلّيه رئاسة الحكومة الإسرائيلية في مايو سنة (1977م) ـ بأن يحقق لهم مطلبهم بإقامة الهيكل الثالث على جبل البيت أو الهيكل، وهو الموقع الذي يقوم عليه الحرم القدسي الشريف.
ولم يكن وعد بيجن وعدًا شخصيًا بقدر ما كان وعدًا من كل مؤسسات الحكومة الإسرائيلية، لتهويد القدس وطمس مقدساتها الإسلامية، ومنح المتطرفين اليهود كل فرصة لتدنيس هذه المقدسات. وعلى سبيل المثال يكفي الإشارة إلى الحكم الصادر من محكمة العدل الإسرائيلية العليا بتاريخ (23 سبتمبر سنة 1993م)، بإعلان الملكية اليهودية على منطقة الحرم القدسي الشريف، وذلك لإفساح المجال أمام اليهود لدخول حرم المسجد ومنع أي أعمال تقوم بها إدارة الأوقاف في ساحات الحرم القدسي الشريف، من ترميم وزراعة أشجار، وإقامة احتفالات دينية، وكانت جماعة " أمناء جبل الهيكل" أسعد الجماعات اليهودية المتطرفة بحكم المحكمة، إذ أصبحت هذه الحركة المتطرفة هي الوحيدة على الحرم القدسي الشريف.
حدث هذا سنوات حكم حزب العمل الإسرائيلي مما يدل ـ أيضًا ـ على لعبة توزيع الأدوار فيما بين رؤساء إسرائيل العشرة ابتداء من ابن جوريون وحتي نيتانياهو، الذي استهل حكمه بتشريع عملية نفق المسجد الأقصى وافتتحه في ( سبتمبر سنة 1996م) مستفزًا بذلك مشاعر العرب والمسلمين، ومتحديًا نداءات الرأي العام العالمي لخطورة افتتاح النفق على أساسات المسجد الأقصى وقبة الصخرة.
تلك مجرد وقائع صارخة من ممارسات إسرائيل العديدة والمتنوعة لانتهاك حرمة المقدسات الإسلامية وأيضًا المسيحية.
والكونجرس الأمريكي عندما يتناسى كل هذا، ويكرر ادعاءات ومزاعم إسرائيل في قوانينه وقراراته، يزج بنفسه ـ كما قلنا ـ دون أن يدري، في معركة عقائدية على جبهة إسلامية مسيحية واسعة، يشهد لها التاريخ أن أعلى مراتب التسامح الديني قد ازدهرت في القدس طوال 14 قرنًا من الزمان، تحت ظلال السيادة العربية الإسلامية .
لقد كشفت أمريكا القناع عن عداوتها لأمة الإسلام، وحقها التاريخي في القدس الشريف، كما أعلنت بوضوح ووجه مكشوف عن انحيازها الكامل والسافر لإسرائيل، ودعاوى إسرائيل، وافتراءات إسرائيل، واعتداءات إسرائيل. في حين وقفت ضد ليبيا، وضد العراق، وضد باكستان، وضد كل من تسول له نفسه أن يقول لأمريكا: لِمَ؟ دعك من أن يقول: لا!
فلنعرف لذلك لأمريكا، وليعرف ذلك الذين يعتبرونها ـ إلى اليوم ـ البلد الصديق، والذين لا يزالون يعتبرونها راعية السلام.
إنها حقًا راعية السلام.بمعنى واحد محدد، وهو سلام إسرائيل وحدها من كل مقاومة أو منافسة، ومن كل سوء يمسها ظاهر أو باطنًا! .
<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<
فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون
منذ كنا طلابًا في المرحلة الابتدائية بالأزهر الشريف، ونحن مشغولون بقضية المسلمين الأولى، قضية أرض النبوات والمقدسات، أرض فلسطين.
وكان مما أكد اهتمامي بهذه القضية: أني انتسبت مبكرًا إلى مدرسة رجل كانت هذه القضية من أكبر شواغله، وفي مقدمة اهتماماته، تلك هي مدرسة حسن البناء الذي كان من الرواد الذين نوروا العقول، وألهبوا العواطف، من أجل فلسطين والمسجد الأقصى.
كنا نسير المظاهرات الصاخبة، ونلقي الخطب النارية، وننشئ القصائد الحماسية، لالهاب المشاعر، وتحريك الشعوب، وتجنيد القوى والطاقات من أجل فلسطين، وخصوصًا في الثاني من نوفمبر كل عام: ذكرى وعد (بلفور) الذي قيل فيه: من لا يملك وعد من لا يستحق!!
وقد علق على هذا الوعد الحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين بقوله: إن فلسطين ليست وطنًا بغير شعب حتى تستقبل شعبًا بغير وطن!!
وحينما فتح باب التطوع سنة 1948م، بادرنا إلى التدريب من جهة، وإلى تعبئة مشاعر الجماهير من جهة أخرى، وذهب من إخواننا وزملائنا إلى أرض المعركة من ذهب، واستشهد من ادخر الله له الشهادة، وسيق إلى المعتقل من كتب الله له الحياة، وشهدنا اندحار الجيوش العربية السبعة أمام عصابات اليهود، بخيانات الخائنين، وتآمر المتآمرين.
إسرائيل المزعومة!:
وهكذا قدر لجيلنا أن يشهد سلسلة دامية الحلقات من المآسي، في قضية فلسطين.
شهدنا قرار التقسيم سنة 1947، الذي رفضناه بالاجماع، لأن أحدا لا يقبل تقسيم داره بينه وبين غاصب ظالم. ثم تمنينا لو قبلنا ما رفضناه بعد أن جرى ما جرى.
ثم شهدنا قيام دولة (إسرائيل) في 15/5/1948، وإخراج مئات الألوف من أبناء فلسطين من ديارهم، وتشريدهم في الأرض.
شهدنا قيام دولة (إسرائيل) التي ظللنا سنوات عدة نطلق عليها اسم (إسرائيل المزعومة) ثم خجلنا من أنفسنا، حين كانت هذه المزعومة تصول وتجول على كل الجبهات، ولا نملك نحن إلا الشجب والشكوى إلى مجلس الأمن! فحذفنا وصف (المزعومة) بعد أن أوشكنا أن نكون نحن (المزعومين)!!
شهدنا النكبتين الكبيرتين: النكبة الأولى سنة1948، والنكبة الثانية 1967، التي احتلت بها إسرائيل ما بقي من فلسطين: الضفة الغربية بما فيها القدس، وغزة، إضافة إلى سيناء والجولان وجنوب لبنان.
فصل جديد في المأساة:
ولكن قضاء الله لهذه الأمة، أنها لا تموت، وأنها أمة ولود لا تزال تنجب الأبطال، الذين لا يدعون الراية تسقط أبدًا، فقامت حركات النضال والجهاد لتحرير الأرض المقدسة، التي بارك الله فيها للعالمين، ابتداء من (فتح) إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وقامت (الانتفاضة) التي بهرت العالم، وزلزلت إسرائيل، وما ذلك إلا لأنها انتفاضة إسلامية، كانت منطلقاتها المساجد، وراياتها المصاحف، وشعاراتها: لا إله إلا الله، والله أكبر؛ ونشيد أشبالها: خيبر، خيبر، يا يهود، جيش محمد سوف يعود!!
ولكن هانحن اليوم نشهد فصلاً جديدًا، لم يكن ليخطر لنا على بال، قلب كل الموازين، ونقض كل القواعد، وغير كل الثوابت التي أصبحنا وأمسينا عليها نصف قرن من الزمان، ونشّأنا على ذلك أطفالنا، وربينا عليه شبابنا، فشب عليه الصغير، وهرم عليه الكبير: أن إسرائيل خطر عسكري وسياسي وديني واقتصادي وثقافي، وصنفت في ذلك مؤلفات، وأنشئت لذلك مراكز ومؤسسات، وعقد له ندوات ومؤتمرات.
وكم ابدأنا وأعدنا في حقنا في الأرض كل الأرض، وأن العدوان لا يكسب المعتدي شرعية، وما قام على الباطل فهو باطل. الخ. . ثم تخاذل المتخاذلون، فإذا هم يرضون بالواقع بعد عدوان 5/6/1967م وإذا هم يبنون سياستهم على مجرد إزالة آثار العدوان، والرضا بالعودة إلى حدود ما قبل 5 يونيو 1967م أي أن العدوان الجديد كأنما أضفى الشرعية على العدوان القديم! عدوان (1967م) أنسى عدوان (1948م).
ثم زاد الطين بلة ـ كما يقولون ـ فرضي من رضي بمجرد حكم ذاتي تحت سلطان إسرائيل!!
ثم انتهى المطاف إلى ما شهدناه اليوم من قبول الدون، والقرار الهون: من تجزئة الحل، وإسقاط القدس، والتنازل عن جزء من دار الإسلام لغاصبيه، والسكوت عن حق الملايين الثلاثة أو الأربعة في العودة إلى ديارهم المغصوبة، ومد يد المصافحة إلى أبطال دير ياسين وصبرا وشاتيلا وغيرها. . كل هذا في مقابل 2% من مجموع أرض فلسطين، على نحو ما قال العربي قديمًا: إذا ما لم تكن إبل فمعزى!!
أنا أعلم أن الشعوب قد تأتي عليها ساعات توقع فيها على هدنة أو صلح، وهي كارهة مرغمة، بعد اندحارها في حرب لا تملك بعدها إلا التسليم. كما فعلت اليابان بعد ضربها بالقنابل الذرية، وكما فعلت ألمانيا بعد هزيمة هتلر.
ولكن أن يستسلم الفارس، وهو شاهر سيفه، حامل رمحه، ممتطِ جواده، وأن يعتبر استسلامه لعدوه مجدًا وفتحًا يحسب له، ويغبط عليه، ويعدّ تنازله عن جزء من وطنه مكسبًا، ويطالب الحناجر أن تهتف باسمه، والأيدي أن تصفق له. . فهذا ما لم نعهده في تاريخ الأبطال والفرسان إلا حين يستحيل الفارس إلى دمية، والفرس إلى حمار، والسيف إلى عكاز!
إنفاق على أبنائنا:
أنني أشفق على أبنائنا وشبابنا الذين حفّظناهم أناشيد الجهاد، وأغاني العودة، وعلقنا قلوبهم وعيونهم بالمسجد الأقصى، وقبة الصخرة، ومسرى الرسول، وأولى القبلتين، وصببنا في عقولهم وضمائرهم ووجدانهم كراهية بني صهيون وظلم إسرائيل التي قامت على اغتصاب الأرض، وانتهاك العرض، وتشريد الأهل. فإذا بنا ـ ما بين عشية وضحاها ـ نشطب هذا كله، وننسخه بجرة قلم، ليصبح العدو صديقًا، والاغتصاب مشروعًا، والعدوان مقبولاً، مع أن الوطن لم يتحرر، والمشرد لم يعد إلى أرضه؛ والأقصى لم يزل أسيرًا، فكأننا نقول لهذا الجيل المسكين: لا تصدقونا فيما كنا نقول لكم، إن الذي كنا نسميه بالأمس جهادًا وبطولة ونضالاً أصبح اليوم عنفًا وإرهابًا، والذي كنا نسميه سفّاحًا غدًا اليوم شريفًا. لا يوجد شيء ثابت عندنا، كل ما كان حقًا يمكن ان يكون باطلاً، افتحوا النوافذ لتهب عليكم نسمات إسرائيل، وافتحوا الأبواب لتدخل عليكم بضائع إسرائيل، وبنات إسرائيل أيضًا، و "إيدز" إسرائيل!!
حفل التوقيع البائس:
لقد أكد رابين عشية سفره إلى واشنطن للتوقيع على الاتفاق المزعوم للسلام أن القدس ستظل عاصمة لإسرائيل، وللشعب اليهودي إلى الأبد، وأن العلم الفلسطيني لن يخفق فوقها يومًا من الأيام!! وهو بهذا يبلغ رسالة إلى الفلسطينيين يؤكد فيها أحد الثوابت التي لا تقبل التغيير، أو التعديل في السياسة الإسرائيلية، فعلى الفلسطينيين أن ينسوا قضية القدس، ويشطبوها من خريطتهم. . وأكد ذلك في حفل التوقيع حين قال أمام العالم: نحن قادمون من القدس، العاصمة التاريخية والأبدية للشعب اليهودي!!
ولقد ذكر أبو عمار، وأبو مازن في كلمتيهما: أنهما يأملان أن تحل المشكلات الصعبة المعلقة في المرحلة القادمة، وهي: مشكلات القدس واللاجئين والمستوطنات والحدود، فإذا كانت هذه هي المشكلات المعلقة، فما المشكلات التي تم حلها إذن؟!
الفرق بين رجلين وكلمتين:
والحق أني كنت أتابع حفل التوقيع الذي يرونه عرسًا، ولا أرى فيه إلا مأتمًا! كنت أقارن بين الموقفين وبين الكلمتين: موقف عرفات ورابين، وكلمتيهما، فأجد ـ وأسفاه ـ فرقًا شاسعًا.
كان موقف رابين موقف المتفضل المتنازل، وموقف عرفات موقف الممتن الشاكر! حتى إنه ختم كلمته بتكرار كلمة: شكرًا (بالإنجليزية) ثلاث مرات!
لم ينس رابين أن يتحدث عن تاريخهم القديم والحديث، وكفاحهم الطويل، وشهدائهم وضحاياهم، تمهيدًا لحديثه عن السلام، واستشهد بالتوراة، وذكر فقرات من (سفر الجامعة)، ودعا إلى الصلاة من أجل السلام، ولم يكن هم عرفات إلا المديح والشكر والعرفان، فلم يلتفت إلى شيء من قبيل ما ذكره رابين، ولم يستشهد بآية من القرآن، ولم يجر على لسانه كلمة واحدة عن الإسلام! ولم يذكر المسجد الأقصى بعبارة واحدة!!
انتهز رابين الفرصة، وعلم أن العالم كله يشاهده ويستمع إلى كلمته، فضمنها ما يدعم قضيته، ويحشد عواطف العالم معه، فتحدث ـ وهو القاتل ـ بلهجة الضحية، وبدا ـ وهو الظالم ـ في صورة المظلوم !
كان رابين صارم التقاطيع، متجهم الوجه، وكان عرفات ضاحك الوجه، صدقًا أو تظاهرًا، ولا أدري علام يضحك؟ إن كانت الظروف أرغمته عل هذا الاتفاق الرخيص ـ فقد كان الواجب أن يبكي، فإن لم يجد بكاء تباكى! أو بدا على الأقل كما بدا خصمه.
لقد عرف تاريخ العمل الفلسطيني من قبل (أيلولا أسود) واليوم نراه يواجه (أيلولا آخر) أشد سوادًا!
سلام السراب أو سراب السلام:
في معرض الكتاب بالدوحة في شهر ديسمبر سنة 1992م، وفي أمسية شعرية ألقيت قصيدة عن (سلام السراب أو سراب السلام) عبّرتْ بها نحو مشاعري عن مسيرة السلام المزعومة، قلت فيها:
فيــا عجبـًا لمن يجري وراء سـرابــه النفسي
يظن لــه به ريـــا ويرجـع فــارغ الكأس
يفرط في دم الشـــهدا ء يـــا للعـار والبؤس!
يبيع الأرض والتاريــخ بــالأرخص من فلس!
بـحكم في حمى صهيون، يـــا للثمـن البخـس!
فـــلا دولته قامــت ولا أبقى على النفســي
وصاع جهـــاد قرن كا مل دفنـوه في الرمـس
جهود كلــــها ذهبت "كأن لـم تغن بالأمـس"!
فمـــا معنى فلسـطين بـلا أقصى ولا قـدس؟!
فلسـطين بـــلا قدس كجثمــان بــلا رأس!
وكنا نحسب الحكم الذاتي في حمى صهيون ـ الذي أنكرناه وعارضناه ـ يمهد لدولة فيما بقى من فلسطين، فإذا الجمل يتمخض لا عن فأر، بل عن صرصور يسمى (السلطة الفلسطينية). فأين حق الفلسطينيين في إقامتهم دولتهم المستقلة على تراب وطنهم الحر؟
إنه الوهن:
إنه (الوهن النفسي) الذي حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم، الأمة في فترات (الغثائية) من تاريخها، حين قال: "ولينـزعن الله من قلوب عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن. قيل: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت".رواه أحمد وأبوداود.
وهو الذي حذر منه القرآن بقوله: ﴿فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وانتم الأعلون، والله معكم ولن يتركم أعمالكم﴾ . ﴿ولا تهنوا في ابتغاء القوم، أن تكونوا تألمون، فإنهم يألمون كما تألمون، وترجون من الله ما لا يرجون﴾ فالمتاعب مشتركة، والمعاناة لنا ولهم. ولكن فرق بين من يعاني في سبيل الله والحق والعدل، ومن يعاني في سبيل الطاغوت والباطل والظلم! إننا لا نـزايد على الفلسطينيين، ولسنا ملكيين اكثر من الملك كما يقال، ولكن هناك حقائق يجب أن تعرف و تذكر وتؤكد، وهي:
1ـ إن الفلسطينيين لم يؤخذ رأيهم في هذا الأمر الجلل الذي غير ثوابتهم، ونقض تاريخهم، فلم تعقد لذلك مؤتمرات، ولا دعي المجلس الوطني الفلسطيني (السلطة العليا للفلسطينيين) .
2ـ إن فصائل عديدة وكبيرة ـ إسلامية ووطنية من الفلسطينيين رافضة لهذا الحل، بل الانقلاب المفاجئ، وتراه استسلامًا لا سلامًا، وتنازلاً عن حقوق ضخمة في غير مقابل.
وشخصيات كبيرة رفضت التوقيع على هذا الهوان، منهم أعضاء في اللجنة التنفيذية، مثل فاروق قدومي الذي قال: لا أوقع على شهادة وفاة قضية فلسطين!، ومنهم أعضاء استقالوا مثل عبد الله الحوراني الذي قال بالحرف الواحد:
إني أرى هذا الاتفاق تنازلاً عن حقوقنا الوطنية والتاريخية، وقرارات مجالسنا الوطنية: في العودة وتقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وتثبيتًا للاستيطان، وتجاوزا لحقوق الإنسان الفلسطيني، واتفاقية جنيف الرابعة، وإسقاطًا لحقنا نحن الأربعة الملايين لاجئ فلسطيني في العودة إلى وطننا، وفق قرار الأمم المتحدة رقم (194) لعام (1949م) لأنه يتجاهل ذلك تمامًا . .الخ ما قال، وما أبلغ وأصدق ما قال.
3ـ ـ إن فلسطين ـ ليست ملك الفلسطينيين وحدهم، والقدس ليست قدسهم وحدهم، والأقصى ليس أقصاهم وحدهم، إنها ملك المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وليست ملك هذا الجيل وحده، بل ملك الأجيال الإسلامية إلى أن تقوم الساعة. فإذا وهن الفلسطينيون أو طائفة منهم لما أصابهم من لأواء وضعفوا واستكانوا، فواجب المسلمين في كل مكان أن يهبوا لإنقاذ القدس، فريضة من الله، والذي أنقذ الله على يديه القدس قديمًا، لم يكن فلسطينيًا ولا عربيًا، بل كان بطلاً إسلاميًا كردي الأصل، عرّبه الإسلام.
4ـ إن المعركة بيننا وبين بني صهيون مستمرة، نقاتلهم ويقاتلوننا، حتى تأتي المعركة الفاصلة التي نبأنا بها من لا ينطق عن الهوى، وهي التي يكون كل شيء فيها معنًا ضد يهود، حتى الشجر والحجر، روى البخاري ومسلم عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"تقاتلكم اليهود، فتسلَّطون عليهم، حتى يختبئ أحدهم وراء الحجر، فيقول الحجر: يا عبد الله، هذا يهودي ورائي فاقتله"!!
وروى مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم! يا عبد الله! هذا يهودي خلفي، فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود".
5ـ إن الرباط مستمر، والجهاد ماض، في أرض النبوات، ومسرى الرسول الكريم حتى يأذن الله وحده بالنصر، وينجزه وعده.
روي الإمام أحمد في المسند، والطبراني بسند رجاله ثقات عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم ـ إلا ما أصابهم من لأواء (أي من أذى) حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك. قيل: يا رسول الله، وأين هم؟ قال: بيت المقدس، وأكناف بيت المقدس".
لماذا سارعت إسرائيل إلى الاتفاق؟
إن إسرائيل قد سارعت بإقامة هذا الاتفاق لتحقيق أمور ثلاثة تهمها:
الأول: ضرب الصحوة الإسلامية في فلسطين وفي العالم العربي، بل في العالم الإسلامي، وقد كشفوا عن ذلك في كلماتهم حين تحدثوا عن قلقهم من تنامي خطر الأصولية الإسلامية ، وقد قال بيريز في زيارته للهند: إننا نضع أيدينا في أيديكم للوقوف في وجه الأصولية الإسلامية المتشددة، أي في قضية كشمير وجامو.
وقد نقلت وكالة رويتر منذ أيام حديثًا لمسؤول إسرائيلي قال فيه: أننا لو تباطأنا عن هذا الاتفاق فقد نفاجأ بعد ثلاث سنوات أو أربع بقوة إسلامية تملك صواريخ بعيدة المدى، وربما تملك القنبلة النووية.
وإسرائيل تريد أن تكون هي القوة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تملك الصواريخ، وتحتفظ وحدها بترسانتها النووية.
الثاني: الاختراق الإسرائيلي للعالم العربي، ثم العالم الإسلامي كله، ليصبح سوقًا مفتوحة لبضائعها، ومصنوعاتها، ولغزو خبرائها، وغزو نسائها أيضًا. فإسرائيل ـ كما قال بيريز ـ تبحث عن الثروة والقوة، فإذا الغيت المقاطعة وكسر الحاجز النفسي، فتح الطريق أمام إسرائيل، لتكسب على كل صعيد.
الثالث: الأمل في أن يتصارع الفلسطينيون فيما بينهم ما بين مؤيدين للاتفاق منتفعين من ورائه، ومعارضين له، رافضين له شكلاً ومضمونًا، وأن يتحاوروا بينهم بلغة السلاح، لا بالألسنة والأقلام. وبذلك يصفي بعضهم بعضا، وإسرائيل تتفرج مشرقة الأسارير!.
الصحوة الإسلامية لن تموت:
ونود أن نقول لإسرائيل: أن الصحوة الإسلامية لن تموت بإذن الله، وأن الأصولية ستزداد قوة وإصرارًا، كلما هاجمتها القوى المعادية للسلام.
وعلينا أن نوعّي قومنا بما يدبر لهم، حتى يقفوا كما وقف الشعب المصري من قبل ضد التطبيع، وعلينا كذلك: أن نناشد أخوتنا الفلسطينيين أن يتقوا الله في أنفسهم، وأن يحذروا من أي قطرة دم تراق عل أيدي فئة منهم، وألا يكونوا سياط عذاب في يد إسرائيل ـ تجلد بها ظهر الانتفاضة المؤمنة ـ ما دام المسجد الأقصى أسيرًا، والملايين مشردين.
دعوة لعلماء المسلمين:
ثم إني أدعو الأحرار من علماء المسلمين، ودعاة الإسلام، ومفكريه: أن يسارعوا بالاجتماع ويتنادوا لإنقاذ الأقصى، وليقولوا كلمتهم فيما يجري من أحداث، وقد قالوها من قبل منفردين، فليقولوها اليوم مجتمعين.
<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<
توصيات
نحن المسلمين دعاة سلام، ولسنا هواة حرب، ولكنا نخوض الحرب مستميتين للدفاع عن أنفسنا وكياننا ومقدساتنا، لأن حربنا عندئذ في سبيل الله ، وهذا شأن أهل الإيمان أبدًا ﴿الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله، والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت﴾ النساء: 76
وإذا انتهى اللقاء بيننا وبين خصومنا بغير معركة كما في غزوة الخندق كان تعليق القرآن:
﴿وكفى الله المؤمنين القتال﴾ الأحزاب: 25، وقرآننا يقول بعد ضرورة الالتجاء إلى القتال:
﴿وإن جنحوا للسلم فأجنح لها وتوكل على الله﴾ الأنفال: 61.
ولكن إسرائيل لم تجنح للسلم يومًا، لأن هذا ضد طبيعتها وتكوينها، وكيف يجنح للسلم من قام كيانه على الدم والعنف والاغتصاب والعدوان؟ وهي تعمل اليوم جاهدة لتفريغ القدس من أهلها مسلمين ومسيحيين، لنملأها بالمستوطنين القادمين من الغرب والشرق.
ومن هنا كانت مسالمة المعتدين مرفوضة دينًا وخلقًا وقانونًا وعرفًا، فلا يفل الحديد إلا الحديد، وما اغتصب بالقوة لا يرد إلا بالقوة، وفي ضوء ذلك نوصي بما يلي:
1ـ يجب أن تعود "ثورة المساجد" التي سميت بعد ذلك "الانتفاضة"، والتي أجبرت إسرائيل على الاعتراف بمنظّمة التحرير، وساقتها إلى الجلوس معها للتفاوض، وأن تعود بأقوى مما كانت، مسنودة من جميع الفلسطينيين، سلطة وشعبًا، ومؤيدة من جميع العرب، وجميع المسلمين، وجميع الأحرار والشرفاء في العالم.
إن (إسرائيل) هي الإرهابي الأكبر في العالم. إنه إرهاب الدولة، أو دولة الإرهاب. إنها الدولة التي قننت الظلم والتعذيب، وهدم البيوت، وانتهاك حقوق الأفراد والأسر.
والسبيل الوحيد للشعب الفلسطيني هو (المقاومة). ومن حق كل شعب أن يقاوم المحتل الغاصب، بكل ما يستطيع من قوة. وإذا كان (مناحم بيجن) قد رفع شعار:أنا أحارب إذن أنا موجود!! فإن الشيخ أحمد ياسين رفع شعار مضادا: أنا أقاوم، إذن أنا موجود!! وسيغلب حق (أحمد ياسين) باطل (مناحم بيجن).
2ـ يجب رفض ما سمى " التطبيع" مع إسرائيل، عل كل صعيد، سياسيًا، أو اقتصاديًا، أو اجتماعيًا، أو ثقافيًا، فلا يجوز التبادل الدبلوماسي مع إسرائيل، ولا التعامل الاقتصادي مع إسرائيل، ولا فتح مكاتب لإسرائيل، ولا يحل لمسلم السفر إلى إسرائيل، ولو بدعوى الصلاة في " المسجد الأقصى"، فإنما يشد المسلم رحاله إلى هذا المسجد حينما يتحرر من سلطان اليهود.
يجب أن نرفض اختراق العقل العربي والإسلامي بأي صورة، وأن نقاوم غزو (الإسرائيليات الجديدة) لثقافتنا الإسلامية والعربية، وأن نتمسك بهويتنا خالصة لا تشوبها شائبة.
3ـ يجب إعادة " المقاطعة" الاقتصادية لإسرائيل، واستمرارها حية فعالة، وتوسيعها لتكون مقاطعة عربية إسلامية، فلا يحل لمسلم أن يبيع لها أو يشتري منها، وهذا واجب الدول الإسلامية، وواجب الأفراد المسلمين، ويجب على كل مسلم أن يعلم أن أي دينار أو درهم أو جنيه أو ريال، يذهب إلى إسرائيل يتحول إلى صاروخ أو قنبلة أو رصاصة تقتلنا بها أو تهددنا بها إسرائيل، بل يجب أن تتسع هذه المقاطعة لتشمل كل من يساند إسرائيل، وخصوصًا أمريكا التي تقف بكل قوتها مع إسرائيل. ويجب على المسلمين كافة: مقاطعة البضائع الأمريكية، ابتداء بالطائرات، ومرورًا بالسيارات، وانتهاء بالهامبرجر والبيتزا والكولا والسجائر ونحوها.
4ـ يجب أن يعلو العرب والمسلمون على خلافاتهم، وينسوا معاركهم الجانبية، ويقفوا صفًا واحدًا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضًا، فالمعركة كبيرة، لا يجوز أن تشغلنا عنها النـزاعات الصغيرة، وقد قال الشاعر: إن المصائب يجمعن المصابين! فكيف بأم المصائب: إسرائيل وغطرستها واستكبارها في الأرض؟!
وقد قال تعالى: ﴿إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفًا كأنهم بنيان مرصوص﴾ الصف: 4
يجب أن نقاوم كل محاولة لتمزيق الأمة أكثر مما هي ممزقة، وأن نسعى إلى توحيد الكلمة في ضوء كلمة التوحيد، فإن لم نستطع الارتقاء إلى أفق التوحيد، ولنسع إلى التقريب، وذلك أضعف الإيمان.
لا مجال لإثارة الخلافات الدينية: سنة وشيعة، ولا الخلافات العرفية: عرب وأكراد، أو عرب وبربر، ولا الخلافات الإيدولوجية؟ يمين ويسار.
ونركز على مقاومة الخلاف بين الفصائل الفلسطينية بعضها وبعض، فالجميع في خندق واحد، هو مواجهة الاحتلال والعدوان الصهيوني.
وما أروع ما قال الشيخ أحمد ياسين في قطر: إذا قاتلتنا السلطة الفلسطينية فلن نقاتلها، وإذا آذتنا فلن تردالسفعة بمثلها، سنكون كخير ابن آدم حين قال له أخوه! لأقتلنك، قال: ﴿لئن بسطت إلى يدك لتقتلني، ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك، إني أخاف الله رب العالمين﴾ المائدة: 28
5ـ يجب أن نعلن بوضوح "إسلامية المعركة"، فالقدس ليست مجرد شأن فلسطيني، بل ولا مجرد شأن عربي، بل هي شأن إسلامي. ولهذا نرفض ما يردد أحيانًا من أن الفلسطينيين هم أصحاب الشأن، ولا ينبغي أن نكون ملكيين أكثر من الملك، فالقدس شأن الأمة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها، ولو أن الفلسطينيين تخاذلوا وسلّموا في شأنها، لوجب على مسلمي العالم أن يرفضوا ذلك، ويقاموا الفلسطينيين أنفسهم، وكما لا يجوز أن يقال: إن مكة والكعبة والمسجد الحرام هي شأن سعودي، لا يخص سائر المسلمين، فكلك يقال عن القدس الشريف والمسجد الأقصى.
6ـ يجب أن نسعى لتأسيس "هيئة إسلامية شعبية عالمية" من أجل إنقاذ القدس، فلو كان لنا خليفة مبايع من المسلمين، يجسد وحدتهم، ويقود أمتهم ـ كما كان عليه حال الأمة أكثر من ثلاثة عشر قرنًا ـ لنادى في المسلمين: أن هبّوا لتحرير الأقصى، ولاستجاب الملايين لندائه، وأقبلوا بكثافة ليواجهوا قوة إسرائيل، وأسلحة إسرائيل، ولْتقتل منهم ألوفًا أو عشرات الألوف، ولكنها لن تستطيع أن تقتل كل المجاهدين، وتواجه كل المسلمين.
فإذا لم تكن لدينا خلافة تملك حق التوجيه والأمر، فليكن بديلَنا عن ذلك "مؤتمر عالمي لعلماء المسلمين" يدعى إليه، بعيدًا عن تأثير السياسات المحلية، والتوجيهات الرسمية، ليقول كلمته، ويوجه بيانه إلى الأمة، وينشئ هذه الهيئة العالمية المنشودة "هيئة إنقاذ الأقصى".
7ـ وعلى هذه الهيئة أن تنشئ "صندوق القدس" صندوقًا شعبيًا إسلاميًا عالميًا، يساهم كل المسلمين ـ بل كل الأحرار الشرفاء ـ من أقصى الأرض وأدناها، بما يقدرون عليه، والقليل على القليل كثير، وذلك لإنقاذ القدس والمسجد الأقصى، ومواجهة خطط إسرائيل الجهنمية في إقامة المستوطنات، والترحيل الصامت لأهل القدس، والحفر المتواصل تحت المسجد المبارك، والتدمير المرتقب للمسجد الأقصى.
نتوجه بهذه التوصيات إلى كل الفلسطينين: سلطة ومعارضة وإلى كل العرب: مسلمين ومسيحيين، وإلى كل المسلمين: عربًا وعجما، وإلى كل الشرفاء والمنصفين، وأعداء البغي في الشرق والغرب، ليساندونا في معركتنا العادلة، وليقفوا مع قوة الحق، لا مع حق القوة.
وإن الحق لمنصور ولو بعد حين. وقد قال تعالى: ﴿وكان حقًا علينا نصر المؤمنين﴾ .
#,#,#
[quote]
مقدسية الهوى عضو متميز
عدد المساهمات : 862 تاريخ التسجيل : 11/12/2009
موضوع: رد الخميس فبراير 25, 2010 8:14 pm
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
موضوع جد مميز و شامل . موسوعة طيبة تحمل الكثير من المعاناة التي مرت بها القدس و لا زالت
و نعم كما ذكرت الصهيونية هي الاخطر على القدس و الاسلام و المسلمين و كل العالم
انها الارهاب بعينه .
املنا في الله قائم على الدوام حتى تحرر القدس و بعد ان تحرر فهو الخالق ناصر جنده
فما النصر الا من عنده سبحانه و تعالى . لا اله الا هو
نداء الاقصى مشرف
عدد المساهمات : 461 تاريخ التسجيل : 27/01/2010
موضوع: رد: أقسم أنك تأثم أن لم تدخل ......... موسوعة شاملة ......... القدس قضية كل مسلم الجمعة فبراير 26, 2010 7:48 am
قرات الموضوع من البداية الى النهاية ووجدت نفسي اتابع الموضوع بلهفة كبيرة.فعلا ينقصنا معرفة عدونا وعدو العالم حتى نعرف كيف نحاربه. موضوع اخي سامر لن اقول عنه مميز وشامل لكن فاق التميز بكثير وفاق الشمولية باشواط. بارك الله فيك وجزاك الله كل خير وجعله في ميزان حسناتك يارب. اللهم حرر فلسطين واجعلنا ممن يفتحون ابواب القدس.
عاشقة الشهادة مشرف
عدد المساهمات : 560 تاريخ التسجيل : 15/12/2009 العمر : 42
موضوع: رد: أقسم أنك تأثم أن لم تدخل ......... موسوعة شاملة ......... القدس قضية كل مسلم الجمعة أبريل 09, 2010 5:12 pm
بارك الله فيك اخي سامر ورزقك الجنة فعلا قسم رائع والاروع فيه ما تنتقيه عن تاريخ وحاضر ارض الرباط الحبيبة
أقسم أنك تأثم أن لم تدخل ......... موسوعة شاملة ......... القدس قضية كل مسلم