رسائل تتعلق بأحداث ليبيا
د. مهران ماهر عثمان
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله مذلِّ المتكبرين، والصلاة والسلام على من بعثه الله لجهاد الكافرين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد؛
فمَن من المؤمنين لم تبك عينه ولم يتفطر قلبه وهو يشاهد ما حلَّ بإخواننا في ليبيا من بلاء عظيم؟! وهذه رسائل دفعني إلى كتابتها طمعي في أن تكون شفيعةً لي يوم يسأل المتخاذلون عن نصرة إخوانهم من المؤمنين، ثم رجائي أن ينفع الله بها المجاهدين في ليبيا ومن سيثورون في وجه الطغاة غداً، وإنَّ غداً للناظرين قريبُ!
أول رسالة: للطاغية الأعظموخطاب هذا خطابٌ لغيره الطغاة الباقين، والحكام الظالمين، فهو لا يستحق -كما قال العلاَّمة القرضاوي حفظه الله- أن نتوجه إليه بخطاب؛ لأنه لا يعقل، وإنما يخاطب العقلاء!
يا قذافي: اعلم أنَّ الظالم لا نصير له، يقول الله: { وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ } [البقرة/270]. ويقول: { وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ } [الحج/71] أي: يمنع عنهم عذاب الله .
الظالم يبغضه الله ولا يحبه: { وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } [آل عمران/ 57] .
الظالم معذب بعذاب الله في الآخرة: { وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء } [إبراهيم/ 42-43] .
ولا يظنن أحدٌ أنَّ إمهال الله يعني الغفلة، إنّ الله لا يغفُل ولا ينام، وإنما يؤخر ويمهل، فهو الصبور الحليم، وهذا المعنى حدّث به النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «إِنَّ الله لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ» قَالَ ثُمَّ قَرَأَ: { وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ } [هود/102] متفق عليه.
الظالم يكون في سخط الله حتى ينزع. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَعَانَ عَلَى خُصُومَةٍ بِظُلْمٍ، أَوْ يُعِينُ عَلَى ظُلْمٍ، لَمْ يَزَلْ فِي سَخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَنْزِعَ» رواه ابن ماجة. هذا المعين، فكيف بالمعان؟!!
الظالم ملعونٌ على لسان المظلومين. قال صلى الله عليه وسلم: «وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ» متفق عليه. وقال: «دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ وَإِنْ كَانَ فَاجِرًا فَفُجُورُهُ عَلَى نَفْسِهِ» رواه أحمد. وقال: «دعوة المظلوم -وإن كان كافراً- ليس دونها حجاب» رواه أبو يعلى. فكيف إذا كان المظلوم مؤمناً والظالم فاجراً؟!
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً --- فالظلم ترجع عقباه إلى الندم
تنام عينك والمظلـوم منتبـه --- يدعو عليك وعين الله لم تنم
يا خبيث:لتجدنَّ شؤم هذه الدماء التي أرقتها، والأرواح التي أزهقتها في الدنيا قبل الآخرة..
إنَّ حرمة المؤمن أعظم عند الله من حرمة الكعبة، لكن أنَّى لمنكر السنة القالي لها أن يعقل ذلك؟!
يقول ابن عمر رضي الله عنهما: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول: «ما أطيبك وأطيب ريحَك! ما أعظمَك وأعظمَ حرمتَكَ! والذي نفس محمدٍ بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمةً منك؛ مالِه ودمِه» رواه ابن ماجة.
أوما قرأ صاحب الكتاب الأخضر قول الله: { مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعً } [المائدة/32]؟ ألم يقرأ: { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمً } [النساء/93]؟
أولم تسمع يا خبيث بقول نبينا صلى الله عليه وسلم: «كل ذنب عسى الله أن يغفره، إلا الرجلُ يموت مشركا أو يقتلُ مؤمنا متعمدا» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قتل مؤمنا فاغْتَبَط بقتله لم يقبل الله منه صرفا ولا عدلا» رواه أبو داود. أي: قتله وهو يرى أنه على الحق!
وثبت عن أبي سعيد رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يخرج عنق من النار يتكلم، يقول: وُكِّلتُ اليوم بثلاثة: بكل جبار عنيد، ومن جعل مع الله إلها آخر، ومن قتل نفسا بغير حق. فينطوي عليهم فيقذفُهم في غَمَرات جهنم» رواه أحمد.
إنَّ قتلَ المؤمنين كفرٌ برب العالمين، قال سيد المرسلين: «لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض» متفق عليه.
أين هؤلاء الطواغيت من فعل عثمان بن عفان رضي الله عنه ؟! كان على الحقِّ المبين، وقد بشره النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة، وبين أنه لن تكون عليه تبعةُ ذنب ما دام حياً «ما ضرَّ عثمانَ ما فعل بعد اليوم» مهما فعل فلن يؤاخذ! ومع ذلك يقسم على رعيته بالله ألا يتحرك أحد للدفاع عنه؛ حقناً لدماء الناس. ولو شاء لقاتل، ولو شاء لأذن للناس في قتال البغاة، ولو شاء لبقي على كرسي الخلافة، ولو فعل لكان محقاً! ولكنها دماءُ المسلمين التي لم يرد أن يكون سبباً في إراقتها، فأين حكام المسلمين من هذا؟!! فما أصدق هذه الآيةَ فيهم { لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ } [الأعراف/179].
ولا ينقضي العجب من حال الطاغية وأنت تسمع وترى قتله لشعبه بالطائرات الحربية! وماذا يقال في التعليق على هذا إلا: حسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله!
شعب أعزل يقتلون بالطائرات التي اشتريت بمالهم من أجل أن يدافع بها عنهم! تقتل قومك بالطائرات الحربية! نجا من سلاحك اليهود وأعداء دين الله لتمزق به شعبك وتحرق به قومك!
يا خبيث!ليس غريباً ألا تعتبر بجاريك؛ فرعون مصر وشينِ الهاربين! لأن العقل هو الذي يحمل على الاعتبار، فقد قال تعالى: { فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ } [الحشر/2]، أي: يا أولي العقول. أما من لا عقل له فإنه فاقد لأداة الاعتبار، وآلة التفكير. وهذا حال الظالمين، لا يكبح جماح غطرسته، ولا يكفكف ذيلَ كبره إلا إذا فات الأوان وحلَّ بأس الله! إنَّ فرعون عليه لعنة الله لما رأى البحر وقد انشق لموسى عليه السلام قال لأتباعه: انظروا كيف انحسر البحر لي؛ لأدرك عبيدي، الآبقين من يدي، الخارجين على طاعتي وبلدي؟ [قصص الأنبياء لابن كثير، ص 195]. فهذا حال المتكبرين من قديم، وإلا فقد كان الأجدر أن يعتبر بحال اثنين قبله. وقد قال ربنا: { إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آَيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ } [يونس/96، 97].
يا طاغوت!اعلم أنَّ الله يقول: { وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ } [الشعراء/227].
الرسالة الثانية: رسالة لأعوان الظالمليس يخفى على أحد أن هذا الخبيث لا طاعة له ولو لم يأمر بمعصية الله، فكيف يكون الإنسان أداته التي يقمع الناس بها! وفي الصحيحين بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية، واستعمل عليهم رجلاً من الأنصار، وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا، فأغضبوه في شيء، فقال: اجمعوا لي حطبا، فجمعوا له. ثم قال: أوقدوا نارا، فأوقدوا. ثم قال: ألم يأمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسمعوا لي وتطيعوا؟ قالوا: بلى. قال: فادخلوها. فنظر بعضهم إلى بعض، فقالوا: إنما فررنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النار! فكانوا كذلك، وسكن غضبه، وطفئت النار، فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «لو دخلوها ما خرجوا منها، إنما الطاعة في المعروف» متفق عليه.
ولا يفوتني هنا أن أترحم على الطيارِين الذين أعدمهم هذا الزنديق بسبب رفضهم لتوجيهاته، ونحسب أنهم من الشهداء الخالدين. وأسأل الله أن يجزل المثوبة للطيارَيْن اللذين هبطا في مالطا وخالفا أمره بضرب قومهما. وهذا صنيع يشكره لهما كل مؤمن.
كما لا يفوتني أن أذكر من كان في قلب منكم بقيةٌ إيمانٍ بفُتيا الشيخ العلامة القرضاوي حفظه الله التي تقتضي بمشروعية قتل القذافي، فمن وجد سبيلاً إلى ذلك فلا يفوتنَّه هذا الشرف.
رسالة إلى حكام المسلمينوأعلم أنه لن يقرأها منهم من أحد حتى ينتفع بها! ولكني أثبتها لما فيها من بشارة تدخل السرور على المؤمنين.
يا أيها المؤمنون: جميعنا يعلم أنه لا تستقر قدمُ عبد في الإسلام حتى يؤمن بكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، فكل أمر غيبي صح في سنته لابد أن يكون، وإن مما جاء فيها: «مَا مِنْ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ، وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، إِلَّا خَذَلَهُ الله فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ. وَمَا مِنْ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ، وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ، إِلَّا نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ» رواه أحمد وأبو داود.
هذا كلام من لا ينطق عن الهوى، فهؤلاء الظالمون الجاثمون على صدورنا لابد أن يتحقق فيهم خبر نبينا صلى الله عليه وسلم بخذلان الله لهم كما خذلوا إخوانهم، وحينها يفرح المؤمنون.
فقمنٌ بكل ساكت خانس من الحكام أن ينتظر مصيره، وإنَّا منتظرون!!
رسالة إلى أسر الشهداءأذكركم بحديث ثبت في سنن الترمذي، قال فيه جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: «يا جابر ما لي أراك منكسرا»؟ قلت: يا رسول الله استشهد أبي، قُتِل يوم أحد، وترك عيالا ودينا. قال: «أفلا أبشرك بما لقي الله به أباك»؟ قال: قلت: بلى يا رسول الله. قال: «ما كلم الله أحدا قط إلا من وراء حجاب، وأحيا أباك فكلمه كِفاحا، فقال: يا عبدي تمن علي أعطْك. قال: يا رب تحيِيِني فأقتلَ فيك ثانية. قال الرب عز وجل: إنه قد سبق مني: أنهم إليها لا يُرجعون. وأُنزلت هذه الآية: { وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ } [آل عمران/169-171].
يا أمَّ الشهيد:يقول نبينا صلى الله عليه وسلم: «للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منها خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويُشَفَّعُ في سبعينَ من أقاربه» رواه الترمذي.
يا أيها الجرحى:بالصبر يكون الأجر: ففي الصحيحين قال نبينا صلى الله عليه وسلم: «مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ، وَلَا وَصَبٍ، وَلَا هَمٍّ، وَلَا حُزْنٍ، وَلَا أَذًى، وَلَا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ».
يا أهل ليبيا..
يا أيها الثوار الشرفاء..
اثبتوا على ما أنتم عليه، فلقد قال الله تعالى في آخر آل عمران: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }.
ولن يكون تمكينٌ إلا بالصبر، قال تعالى: { وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُو } [الأعراف 137]. وقال: { وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ } [السجدة 24].
والله يقول في كتابه: { إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمً } [النساء/104].
يا أيها الشرفاء: يقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا» رواه أحمد.
يا أيها الشرفاء:لقد رأفعتم –والله- رؤوسنا، وأثلجتم صدورنا، فأسأل الله أن يحفظكم، وأن يحقق آمالكم.
يا أيها الشرفاء:أحاديث في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تنبئ عن زوال عرش هذا الطاغية..
فلقد دلت السنة على أنَّ المتكبر يلقى عقوبته في الدنيا قبل الآخرة..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَجُرُّ إِزَارَهُ مِنْ الْخُيَلَاءِ خُسِفَ بِهِ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِي الْأَرْضِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» رواه البخاري ومسلم. وثبت عند مسلم أَنَّ رَجُلًا أَكَلَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ بِشِمَالِهِ فَقَالَ: «كُلْ بِيَمِينِكَ». قَالَ : لَا أَسْتَطِيعُ. قَالَ: «لا اسْتَطَعْتَ، مَا مَنَعَهُ إِلَّا الْكِبْرُ». قَالَ فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ. ولا يخفى عليك ما حل بقارون لما تكبر وعتا.
ودلت السنة على أن الظالم لابد أن تقرَّ عين المظلوم بهلاكه في الدنيا، مع ما ينتظره من أليم عذاب الله له في الآخرة..
فلقد ثبت عند الترمذي قول نبينا صلى الله عليه وسلم: «ما من ذنب أجدرُ أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخرُ له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم». فالباغي لابد أن نرى مصيره في الدنيا.
رسالة إلى عامة المسلمين:لقد قتل سبعون من قراء المسلمين فقنت النبي صلى الله عليه وسلم شهراً يدعو على من قتلهم، وحديثهم في الصحيحين، فأين قنوتكم، وأين دعاؤكم لإخوانكم؟!
ولقد ثبت في صحيح ابن حبان أنَّ رجلاً عُذِّب في قبره بسبب أنه مرَّ على مظلوم فلم ينصره. وإنَّ من أعظم سبل نصرة إخواننا الدعاءَ لهم.
يا أيها المؤمنون:
أمِّنوا بقلوب حاضرة:اللهم أزل حكم القذافي، اللهم دلَّ عرشه، اللهم زلزلزل الأرض من تحته، اللهم جمِّد الدماء في عروقه، اللهم إنَّا أسألك أن يتمنى الموت فلا يجده، اللهم اخذله، اللهم نكس رايته، اللهم احرق قلبه، اللهم أذله، اللهم أرنا فيه قدرتك، اللهم أرنا فيه عاقبة ظلمه، اللهم عجل بزوال ملكه، اللهم اجعله آية لكل طاغية، اللهم اجعله للناس عبرة، اللهم اقتله بسلاحه.
اللهم انصر إخواننا المؤمنين في ليبيا، اللهم حقق آمالهم، اللهم كن لهم، اللهم ارحم ضعفهم، واجبر كسرهم، وتقبل شهيدهم، وداو جريحهم، واشف مريضهم، واحفظهم من بين أيديهم ومن خلفهم، وعن أيمانهم، وعن شمائلهم، ونعوذ بك أن يخلص إليهم شيء يكرهونه، اللهم أمن روعاتهم، وأسكن خوف قلوبهم، وأبدلهم بالحزن فرحاً. اللهم ول عليهم خيارهم، واجعل ثورتهم مباركة فلا يلتف عليها صاد عن دينك.
رب صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.