مقبول حسون الادارة
عدد المساهمات : 2413 تاريخ التسجيل : 08/12/2009
| موضوع: ثقافة "القتل".. عبارات على ملابس جنود الاحتلال تحولت إلى واقع (تقرير) الأربعاء ديسمبر 30, 2009 5:38 am | |
|
نموذجان من ثقافة "القتل" على ملابس جنود الاحتلال غزة - المركز الفلسطيني للإعلام
في تقرير نشرته صحيفة "هاآرتس" إبان الحرب الأخيرة على قطاع غزة نشرت فيه صورًا لملابس يحبذها جنود الاحتلال، وخاصة ما يسمى بـ"الوحدات المختارة"، مطبوع عليها عبارات تعبر بوضوح عن العنصرية ضد الفلسطينيين، وعن التلذذ بقتلهم، وخاصة الأطفال والنساء، الأمر الذي تؤكده الوقائع على الأرض وجرائم الاحتلال المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني. ويشير التقرير إلى أن من حق الجنود أن يختاروا، إلى جانب الشعارات الخاصة بوحداتهم العسكرية، شعارات ورسومات أخرى يتم طبعها على الملابس، وتحمل رسائل عنصرية تحرِّض على القتل، حيث يظهر فيها ما ينفيه جيش الاحتلال بشكل رسمي، وهو ثقافة "القتل" التي شاعت بين جنوده، والتي تستهدف النساء والأطفال. وضمن الرسومات التي يختارها الجنود، رسومات تظهر أطفالاً قتلى، وأمهات يبكين على قبور أولادهن، وبنادق موجهة إلى الأطفال، ومساجد مدمرة، ونساء محجبات في مرمى النيران، ومكتوب أسفلها كلها عبارات باللغة العبرية تؤكد معنى القتل والإبادة. في إحدى هذه الرسومات ظهرت امرأة فلسطينية حامل في مرمى نيران القناصة، وكُتب تحتها: "رصاصة واحدة تقتل اثنين". كما يظهر في رسومات أخرى ما يعني تبريرًا لقتل الأطفال قبل أن يصبحوا مقاتلين، حيث يظهر طفل فلسطيني يتحول إلى طفل مقاتل، وبعد ذلك إلى رجل مسلح، وكُتب تحتها: "ليس مهمًّا كيف بدأ ذلك.. سوف نضع له حدًّا". كما تظهر كتابة في رسومات أخرى تقول: "لن نهدأ قبل التيقن من القتل". هذه العبارات التي تدلل على العقلية التي يحملها هؤلاء الجنود تمت ترجمتها عمليًّا في الحرب الأخيرة على قطاع غزة أواخر العام المنصرم، وتمثلت في جرائم بشعة رواها من بقى حيًّا ليكون الشاهد على الجريمة، وعلى العقلية الدموية التي يحملها جنود الاحتلال الصهيوني. شهادتان رواهما آبوان فقدا أطفالهما وزوجاتهما وبيوتهما، تكشفت معالمها الوحشية برحيل الاحتلال عن غزة يوم 18 كانون الثاني (يناير) الماضي، لتخلف مئات القصص العصية على النسيان، إذ تركت في كل بيت جريمة.
ثقافة "القتل" استهدفت الأطفال في صباح يوم الأربعاء السابع من كانون الثاني (يناير) استهدفت صواريخ الاحتلال الطفلين الشقيقين رضوان عاشور (12 عامًا), وشقيقه عبد الرحمن (11 عامًا), وهما من حي الزيتون بمدينة غزة، الوالد المفجوع محمد عاشور (41 عامًا) يروي تفاصيل الجريمة: "بعد بدء الاجتياح البري على منطقة الزيتون تكثف القصف الجوي والمدفعي, فاخترت ترك المنزل لأنه يقع في منطقة خطرة, وذهبنا إلى منزل أقاربنا في مدينة غزة بالقرب من مسجد صلاح الدين, وكنت قد تركت ورائي ماشيتي، فرجعت في اليوم التالي للاطمئنان عليها وإطعامها". يضيف: "وفي اليوم الثالث، وعند الساعة الحادية عشر صباحًا ذهبت أنا وصديقي يحيى كريم المدعو بأبي ونيس على عجل إلى المنزل لتقديم العلف للماشية, وتفقد المنزل, وفي طريق العودة سلكنا طريقًا آخر غير الذي جئنا منه, لأن الوضع الأمني كان خطيرًا في تلك الأيام, إذ كان المرء منا يمشي بمفرده بعيدًا عن أي أحدٍ معه بحيث لو استهدفنا صاروخ أو قذيفة ينجو الآخر, ويستطيع إسعافه، سبقني أبو ونيس بحوالي خمسة عشر مترًا, وفجأة توقف ووضع يده على وجهه، فاستغربت من تصرفه, فإذا به يمشي مسرعًا ويطلب مني الإسراع في المشي, وعندما وصلت إلى المكان الذي توقف عنده رأيت جثة طفل ملقىً على وجهه، ولم أتمكن من معرفة هويته, ولكن ما لفت انتباهي هو الحذاء الذي يرتديه؛ إذ كان يشبه حذاء أحد أولادي، واصلنا طريقنا مسرعين، فالخطر يتربصنا من كل مكان، وبعد أن تجاوزنا منطقة الخطر؛ أخذت أفكر في تلك الجثة، وبدأت أقول في نفسي: كأنه ابني رضوان, ثم أسرعت بالذهاب إلى بيت أقاربي، وسألت زوجتي عن الأولاد, فقالت لي: ظننت أنهم برفقتك!! لم أرهم منذ الساعة التاسعة صباحا حين خرجت أنت, فخرجت إلى الشارع أسأل الأولاد والأقارب عنهما فلم يعرف أحد عنهم شيئًا". ثم يقول عاشور: "حينها تيقنت أن تلك الجثة تعود لابني البكر رضوان, فرجعت مع قريبي إلى المنطقة, لكنه لم يستطع مواصلة المسير معي نحو الجثة نظرًا لخطورة المكان, فبقي بالقرب من مسجد مصعب, وتوجهت بمفردي إلى مكان الجريمة, وهناك كانت الصدمة قاتلة، فقد كانت الجثة لابني رضوان, ولما قلبته وجدت أن الشظايا قد نالت من وجهه الصغير ومزقت ثيابه, فأخذت أبحث عن شقيقه عبد الرحمن، فوجدته هو الآخر قريبًا منه, ولم يكن يفصله عن شقيقه سوى مترين, حملت نفسي وعدت إلى المسجد, وحاولنا طلب الإسعاف مرات ومرات, وأجرينا اتصالاتنا مع كل معارفنا، إلا أنهم أكدوا لنا أن المنطقة خطرة وغير مسموح لهم الوصول إليها". يكمل عاشور حديثه قائلاً: "ترجَّل أحد شباب المنطقة، واسمه إبراهيم أبو الخير، وتطوع للذهاب معي لإحضار الجثث, وقال لي أن المقدَّر هو ما سيحدث, فأحضر عربة يجرها حصان "كارة"، ونقلنا على متنها الشهيدين إلى المستشفى, وعند العصر تم دفنهما, وشاءت الأقدار أن يستشهد إبراهيم أبو الخير من بين كل أفراد عائلته في قصف استهدف منزله بعد ثلاثة أيام من ذلك الحدث". يضيف عاشور: "لم تتوقف المعاناة عند هذا الحد فقد استهدفت طائرات الاحتلال منزل أقاربنا الذي أوينا إليه بقنابل الفسفور الأبيض, وبسبب رائحته الخانقة فقدت زوجتي الحامل جنينها، وبذلك أكون قد فقدت ثلاثة أبناء بسبب وحشية الاحتلال الغاشم". الشاهد الوحيد يروي "ثقافة القتل" لم تكن حالة عائلة عاشور الحالة الوحيدة التي تثبت تنكُّر هذا الجيش لكل الأخلاقيات التي تنص عليها معاهدة جنيف، فقد سجلت حرب غزة الكثير من المآسي؛ منها مأساة عائلة الرميلات من حي الشيخ زايد غرب مخيم جباليا، والتي راح ضحيتها عائلة بأكملها، ولم يتبق منها إلا الوالد عطا الرميلات الذي أخبرنا القصة وهو يتقطع ألمًا لما حلَّ بعائلته وأطفاله: "أبادوا عائلتي أمام عيني, ففي يوم الخميس 15 كانون الثاني (يناير) استيقظت وعائلتي باكرًا, وكنا قد هربنا من بيتنا في الحي المجاور بسبب أننا كنا نعيش في بيت من "الزينكو"، واستأجرنا شقة في حي الشيخ زايد، وبسبب ظروف الحرب لم يكن لدينا غاز أو كهرباء, فاضطررت للذهاب إلى بيتي الأول في الجهة المقابلة للحي لأحضِّر الحليب لأطفالي الجياع على موقد مصنوع من الحطب كنت أستخدمه في إعداد الطعام, ذهبت وحدي وطلبت منهم أن يلتزموا البيت وألا يخرجوا، وبينما كنت أعد لهم الحليب سمعت دوي انفجارٍ قويٍّ هزَّ أركان العريشة التي كنت فيها, خرجت لأستطلع ما حدث, إذ كان الانفجار قريبًا مني, ولم يكن أحد غيري هناك, وكان الدخان كثيفًا, اقتربت أكثر من مكان القصف, فوجدت بعض الأشلاء المتناثرة والدماء, وعندما تحققت من أشلاء الجثث صعقت من هول ما رأيت، وكانت فاجعتي كبيرة، لقد كانت الأشلاء المتناثرة في المكان أشلاء أطفالي أريج (شهران), وبراء (عام واحد), وصابرين (14 عامًا), وزوجتي أمل عيد شتيوي (28 عامًا), وأمي (65 عامًا)". ويضيف الرميلات: "لم أكن أعلم أنهم لحقوا بي عندما تأخرت عليهم، وربما كانت شدة الجوع هي السبب في ذلك، لملمت بسرعة ما تبقى من أشلائهم, وحملت ابنتي الرضيعة التي لم تتجاوز السبعين يومًا بين ذراعي وأنا أصرخ وأنادي: "يا رب، يا رب"، كنت في حالة من الذهول لا توصف، وبعد فترة قصيرة أتى الناس وحضرت سيارات الإسعاف, وأخذوا رضيعتي من بين ذراعي، حينها انهرت ودخلت في غيبوبة مدة أسبوعين كاملين, وحتى الآن لا أستوعب أنني فقدتهم جميعًا، وأنني بقيت وحدي في هذه الدنيا". شهادات حية ما زالت تعاني مرارة الفقد وألم الحرمان، وما زال قادة الجيش الصهيوني يتبجحون أمام العالم بإنسانيتهم، بينما يتباهى الجنود بقدرتهم على "القتل"، وباستهدافهم الأطفال والنساء في ضرباتهم القادمة. | |
|