لقدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام
تأتي ذكرى حرق المسجد الأقصى الأربعين والألم يعتصر كل فلسطينيٍّ ومسلمٍ لما آل اليه حال الأمتين العربية والإسلامية من الاكتفاء بالفرجة وعدم التحرك الفعال لحمايته، وعدم القدرة على وقف ممارسات تهويد القدس والهدم بحق أولى القبلتين وثاني الحرمين، وفي ظل هدم منازل المقدسيين وبشكل يومي لصالح المغتصبين الصهاينة.
وتعتصر مواطني القدس حرقةٌ وألمٌ لا يمكن وصفهما لنسيان القدس والأقصى وعدم دعم صمودهم وتفانيهم في حماية المقدسات الاسلامية.
حريق مدبر
ففي مثل هذا اليوم 21-8 من العام 1969م أقدم صهيوني اسمه "مايكل روهان"، ويحمل الجنسية الأسترالية، على حرق أفئدة المسلمين في بقاع الأرض بعد أن أحرق المسجد الأقصى.
يقول الدكتور عبد الستار قاسم أن "جولدا مائير" بعد حريق المسجد الأقصى عام 1969م قالت أنها لم تستطع النوم ظنًّا منها أن العرب والمسلمين سيهبون ضد "إسرائيل" في اليوم التالي للحريق، لكن أعصابها ارتاحت عندما وجدت أن العرب لا يتقنون إلا الشجب والاستنكار.
وقد أسفر الحادث الإجرامي عن حرق منبر صلاح الدين بأكمله، وحرق السطح الشرقي الجنوبي للمسجد، وبلغت مساحة الجزء المحترق في المسجد 1500م2 من أصل المساحة الكلية البالغة 4400م2، وهو ما يعادل ثلث مساحة المسجد الأقصى المبارك.
وقد أكملت سلطات الاحتلال الصهيوني الجريمة عن طريق أمر رئاسة بلدية القدس بقطع الماء في نفس يوم الحريق عن المسجد الأقصى، وذلك للحيلولة دون تمكن المصلين والأهالي من إطفاء الحريق الذي التهمت نيرانه أكباد الملايين من المسلمين قبل أن تلتهم جدران المسجد المبارك وخشبه وفراشه.
المقدسيون يتكلمون
المقدسي عبد الله عبد الفتاح (59 عامًا) من حي واد الجوز يوضح أنه لم يتوقف تهويد المقدسات وتهجير أهالي القدس بكل الوسائل وبأساليب متعددة، وما زالت حرب المصادرة والتهويد والتطهير العنصري مستمرة، وما زلنا نحن المقدسيين نعاني على مدار الساعة، وما زال الأقصى يعاني من كل محاولات عزله عن أهله، ومنعهم من الصلاة فيه، فتدريجيًّا فقد الأقصى الكثير ممن كانوا يستطيعون الوصول إليه والصلاة بين جنباته، وبالرغم من أن كل أساليب الاحتلال التي تتعرض للأقصى وتهدف إلى هدمه وتهويده خطيرة، إلا أن أخطر هذه الوسائل هو منع المسلمين من الصلاة فيه بحسب ما يرى.
من جهته يرى المواطن المقدسي سلامة الحسيني (60 عامًا) أن استهداف الأقصى على مدار الساعة لم يمنع المقدسيين ومواطني الـ48 من الدفاع عنه، وشهدت ساحاته والساحات المحيطة بالقدس مذابح قدم فيها الشعب الفلسطيني خيرة أبنائه دفاعًا عن القدس والأقصى، وكلما تم تقليل عدد المسموح لهم بالدخول والصلاة في الأقصى تحجيمهم، كلما يسر الله له من يذود عنه ويرابط فيه ويدافع عن حياضه.
ويضيف الحسيني: "في هذا المقام لا بد من إكبار الجهود الصادقة، التي تقدمها باقة من الشخصيات والأفراد والعائلات والحركات والمؤسسات الأهلية في هذا السياق، ولا بد أيضًا أن يُذكر رجل الأقصى الشيخ رائد صلاح ومن معه، الشيخ صلاح الذي صرح اليوم الجمعة (21-
تصريحًا أثلج الصدور على موقعكم الكريم "المركز الفلسطيني للاعلام"، فهو ومن معه لا ينامون الليل في سبيل الدفاع عن الأقصى وإبقاء ساحاته مليئة بالمسلمين والمصلين، والأسواق المحيطة به مليئة بالمتسوقين، عبر ما يُطلق عليه "مسيرة البيارق"، فوالله إني لأراه رجلاً من أهل الجنة هو ومن معه وكل من يتحرك للدفاع عن المقدسات، في ظل غفوة وسبات من قبل العالم العربي والإسلامي".
وبالرغم من ممارسات الاحتلال وفضحها إلا أن الأقصى في خطرٍ حقيقيٍّ بحسب قول المقدسي حسين موسى من حي الشيخ جراح، فكل يوم نسمع أنباءً عن انهيارات أرضية نتيجة للحفريات أسفل الأقصى، فشجرة معمرة تنهار هنا فجأة، ومدرسة تسقط أرضيتها في سلوان بطلابها نتيجة للحفريات، وهدم منازل أو غرف من قِبل صاحب المنزل تحت تهديد الغرامات الباهظة، وتشققات في ساحات الأقصى ناتجة عن عمليات الحفر المجنونة تحت بلاط الأقصى.
ويضيف: "كلنا سمعنا وقرأنا ما قاله أحد خبراء الآثار الفلسطينيين حين قال: أفقنا يومًا، ولم نجد أي ماء في أحد آبار المسجد الأقصى، وحضروا إليَّ وسألوني عن السبب، فنزلنا في البئر لنعرف السبب، فوجدنا عددًا من المتطرفين اليهود يقومون بأعمال حفريات داخل البئر، وقد وصلوا إليه من الأسفل".
المواطن المقدسي سمير خلدون، والمجاور للأقصى، يقول: "من المهم أن يعرف جمهور المسلمين أن أسفل الأقصى يتعرض لحفريات كبيرة، ليل نهار، وما يتم الآن من هذه الحفريات جعل أسفل المسجد عبارة عن منطقة فارغة في أغلب مناطقها، وهذا الفراغ وما ينتج عنه من انهيارات وتشققات وغيرها لا يمر أسبوع أو شهر حتى نسمع عنها، يجعل جميع الاحتمالات واردة الحدوث، فماذا لو تم العبث بأساسات المسجد عبر الذين يقومون بالحفريات، وافتعلوا انفجارًا أو هزةً ما؟ ما الذي من الممكن أن يحدث؟ وماذا لو وقعت هزة أرضية بفعل الطبيعة؟ ما الذي سيجري حينها؟ هذا الأمر حذر منه شيخ الأقصى الشيخ رائد صلاح أكثر من مرة، ولكن لم يتحرك أحد".
تغيير أقفال الأقصى
المقدسي حسن عبد الله، وهو من رواد المسجد الأقصى في البلدة القديمة، يقول أنه بموازاة الحفريات في القدس وتحت المسجد الأقصى هناك شيءٌ ما يجري نصفه في العلن، والنصف الآخر في الخفاء، حيث يتم التخطيط لبناء جسر، ولعله العمل به قد بدأ، ويمكن لهذا الجسر حمل شاحنات تدخل من باب المغاربة، فيا ترى لماذا يعد هذا الجسر؟ وما الذي ستحمله تلك الشاحنات التي يخطط لإدخالها للأقصى؟.
لقد تم بالأمس إحباط مخططٍ لتغيير أقفال أحد أبواب المسجد الأقصى ومفاتيحها من قِبل مجموعة من المغتصبين الذين يعملون على اقتحام المسجد بشكل شبه أسبوعي، فلماذا يريدون تغيير أقفال ومفاتيح المسجد الأقصى؟ على العرب والمسلمين التنبه لهذا، والإجابة معروفة لدى الكل.
قوات صهيونية خاصة تتسلق الأقصى
الحاجة المقدسية علا الحسيني تتساءل عما جرى مؤخرًا ومعها الكثير من المقدسيين والمقدسيات، وتقول أنه "تم الإعلان قبل أيام عن تدريبات للقوات الصهيونية الخاصة لتسلق جدران المسجد الأقصى واقتحامه، لماذا يتدربون على ذلك؟ إنهم لهم مركز شرطة في وسط ساحة الأقصى، وشرطتهم على الأبواب، ويدخلون ويتجولون في ساحاته يوميًّا؟ لماذا إذن يتدربون على اقتحام المسجد عبر تسلق الأسوار؟ وهل ستستجد أحداث قريبة تستلزم تسلق الأسوار واقتحام المسجد؟ وهل الحدث القادم الذي يُخطَّط له سيجبر المسلمين على إغلاق أبواب المسجد والاعتصام فيه ولهذا تمت محاولات تغيير الأقفال؟ وهل مثل هذا الحدث يمر مرور الكرام؟ على الجميع التحرك السريع".
المقدسيون حائرون في سبب الصمت العربي والإسلامي المطبق على كل هذا الكم من الاعتداءات على الأقصى في ذكرى إحراقه، والتي تشير إلا أن المسجد الأقصى على أبواب خطر كبير وداهم الله وحده يعلم مداه، فهذه التسريبات الإعلامية كلها تشير إلى ما يعده الصهاينة الذين على ما يبدو تجرأوا على الأمتين العربية والإسلامية في ظل اكتفائهما بحملات الشجب والاستنكار التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع.