منتديات صرخة الاقصى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات صرخة الاقصى

مرحبا بكم في منتديات صرخة الآقصى
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 موسوعة كاملة عن الصلاة واحكامها ( 3)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مقبول حسون
الادارة
الادارة
مقبول حسون


عدد المساهمات : 2413
تاريخ التسجيل : 08/12/2009

موسوعة كاملة عن الصلاة واحكامها ( 3) Empty
مُساهمةموضوع: موسوعة كاملة عن الصلاة واحكامها ( 3)   موسوعة كاملة عن الصلاة واحكامها ( 3) Emptyالجمعة أبريل 02, 2010 8:47 am

موسوعة كاملة عن الصلاة واحكامها ( 3) Show5pk



: سجود السهو

بسم اللَّه الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علما ، وأرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلنا في الفقه إلى موضوع سجود السهوِ ، وسجود السهوِ يجبُ لترك واجب ، فإذا تُرِك الواجب يجب سجود السهوِ لترميم النقص ، فيجب سجدتان بتشهد وتسليم ، لترك واجب سهواً وإن تكرر ‍! وإذا ترك المصلي واجباً سهواً ، وإن تكرر ، و ترك أحد أركان الصلاة ، فصلاته باطلة ! ويجب أن يعيدها ، ولو ترك أحد واجبات الصلاة ، فعليه أن يسجد للسهو دون أن يعيدها ، فإذا ترك بعض السنن والمستحبات فلا شيء عليه ، لكنه قد أساء ! لترك واجب سهواً وإن تكرر و لو ترك واجبين أو ثلاثة يجزئهما سجود سهوٍ واحد في نهاية الصلاة ، أما إن كان تركه لهذا الواجب عمداً وجبت إعادة الصلاة! إن تركه سهواً وجب عليه سجود السهو ، فإن تركه عمداً وجب عليه إعادة الصلاة ، لجبر نقصها ، لكن هناك حالات ثلاثاً يسجد فيها الرجل لو ترك واجباً عمداً ! هذه الحالات الثلاث : من ترك القعود الأول .
فلو فرضنا أربع ركعات ، القعود الأول واجب ، فلو ترك الرجل القعود الأول عمداً يُجزِئه سجود السهو ، أو تأخير سجدة من الركعة الأولى إلى آخر الصلاة ، إذا سجد سجدة واحدة ، وما أن يتابع هذه السجدة في آخر الصلاة يجزئه سجود السهو عن هذا السهو ، أو العمد ، ومن تفكّر عمداً حتى شغل باله عن ركن وجب عليه أن يسجد للسهو فمتى يأتي بسجود السهو ؟ العلماء قالوا : بعد السلام ، لا بعد التسليمتين ، ولكن بعد التسليمة الواحدة ، يسلم نحو اليمين ثم يكبر ، ويسجد سجدتين ويقعد ويتشهد ، ثم يسلم تسليمتين .
وإن سجد للسهو قبل أن يسلم كُرِهَ ذلك منه تنزيهاً ، وعليه أن يسلم تسليمة واحدة ، ويسقط سجود السهو في حالات منها : طلوع الشمس بعد السلام في صلاة الفجر ، ولو أن إنساناً يصلي في غرفة مرتفعة تُطِلُّ على المشرق ، وهو يصلي برز قرن الشمس سقط عنه سجود السهو ! لأنه لا يجوز أن تسجد وقت طلوع الشمس ، ولا وقت توسطها في كبد السماء، ولا قُبَيل غروبها ، يجب أن تصلي بعد أن ترتفع الشمس في كبد السماء ، مقدار رمحين ، وحتى تزول من كبد السماء ، و قُبَيل أن تصفرّ إذا آن أوان غروبها ، في هذه الأوقات الثلاثة مكروه أن تصلي ، فلو صدف أنك صليت صلاة الفجر ، وحينما صليت رأيت قرن الشمس قد طلع سقط عنك سجود السهو ، ويسقط أيضاً باحمرارها في العصر ، وما يمنع البناء بعد السلام ، لو أنه سلّم فسال منه دم غزير انتقص وضوءه ، فهذا الدم الغزير يمنعه من
متابعة صلاته ، إذاً هذا الدم الغزير يسقط عنه سجود السهو .
والآن نتحدث عن المأموم الذي لن يسهو ، لكن الإمام سها ، والإمام سجد سجدة السهو ، والمؤتم ملزم أن يسجد مع إمامه ! فالإمام سها في الركعة الأولى ، مثلاً سجد سجدة واحدة ونسي ، ووقف في الركعة الثانية فجاء مؤتم ائتم به في الركعة الثانية فهذا المؤتم ما سها ، ولا رأى إمامه سها ، فإذا سجد الإمام للسهو عليه أن يسجد معه متابعة للإمام .
فيسجد المسبوق مع إمامه ، ثم يقوم لقضاء ما سُبِقَ به ، ولو سها المسبوق فيما يقضيه ، المسبوق وقف ليصلي فسجد سجدة واحدة ، فعليه أن يسجد مرة ثانية لسهوه هو ، لا لسهو إمامه ، وبعضهم اعترض ! كيف يجوز أن نسجد مرتين لسهوين في صلاة واحدة ؟ فكانت الإجابة : أن هذه الصلاة بحكم الصلاتين ، مرة كنت مأموماً ، ومرة كنت مفرِزاً ، ولا يأتي الإمام بسجود السهو في الجمعة والعيدين !
و لو فرضنا تشّهد الإمام أو نسي سجوداً ثم سجد لهذا السهو يحدث بلبلة في الجمعة ! بعضهم يقول : يا إخوان أعيدوا الصلاة ، وأحدهم يقول : لا هي صحيحة ، لئلا تحدث فتنة بين الناس ، ولئلا يحصل بلبلة واضطراب و زعزعة بالثقة لهذا الإمام ، فلا ينبغي للإمام أن يسجد للسهو في الجمعة والعيدين ، هكذا الفقه .
الآن من سها عن القعود الأول من الفرض ، إذا قال : الله أكبر أعطاها نبرة القيام ، وينبغي له أن يقعد ، إذا وصل إلى القيام الكامل عليه أن يسجد للسهو ، فإذا كان أقرب إلى القعود يقعد ولا شيء عليه ، حتى أن بعضهم قال : إذا كان أقرب إلى القيام عليه سجود سهوٍ، وإذا كان أقرب إلى القعود لا شيء عليه !
وهناك أحكام دقيقة في سجود السهو نتابعها إن شاء الله في درس قادم .






[quote]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://samera-1968.yoo7.com
مقبول حسون
الادارة
الادارة
مقبول حسون


عدد المساهمات : 2413
تاريخ التسجيل : 08/12/2009

موسوعة كاملة عن الصلاة واحكامها ( 3) Empty
مُساهمةموضوع: : صلاة الجمعة ( 1 )   موسوعة كاملة عن الصلاة واحكامها ( 3) Emptyالجمعة أبريل 02, 2010 8:49 am



: صلاة الجمعة ( 1 )


بِسْمِ الله الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً و أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه ، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
أيها الإخوة المؤمنون :
موضوع الفقه اليوم صلاة الجمعة ، صلاة الجمعة فرض عين ، وكما تعلمون الفروض على نوعين ؛ فرض عين وفرض كفاية ، فصلاة الجمعة فرض عين لا تسقط عن الفرد في كل الأحوال ، أما صلاة الجنازة فهي فرض كفاية ، إذا قام بها البعض سقط عن الكل ، وطلب العلم بإجماع العلماء فرض عين ، وطلب العلم حتم واجب على كل مسلم ، فمعنى الفرض الشي الذي لا تقوم حياتك من دونه ، فالطعام فرض لبقاء الجسم ، وأكل بعض أنواع الفاكهة ليس فرضاً ، أما تناول الخبز والإدام كل يوم فهو فرض لبقاء الجسم ، فالفرض فرض عين وجب على كل إنسان أن يفعله ، وصلاة الجمعة فرض عين بالكتاب والسنة والإجماع ، أمّا الكتاب فقال تعالى :

( سورة الجمعة )
لو كان عقد بيت ثمنه ثلاثة عشر مليونًا ، تم توقيعه في أثناء آذان الظهر ، ورفع العقد إلى القاضي فالعقد باطل ، أي عقد يوقع مع آذان ظهر يوم الجمعة فالعقد باطل ، لقوله تعالى : يا أيها الذين أمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع .
(سورة الجمعة)
هذا في الكتاب ، أما في سنة النبي عليه الصلاة والسلام ، فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ قَبْلَ أَنْ تَمُوتُوا وَبَادِرُوا بِالأعْمَالِ الصَّالِحَةِ قَبْلَ أَنْ تُشْغَلُوا وَصِلُوا الَّذِي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ بِكَثْرَةِ ذِكْرِكُمْ لَهُ وَكَثْرَةِ الصَّدَقَةِ فِي السِّرِّ وَالْعَلانِيَةِ تُرْزَقُوا وَتُنْصَرُوا وَتُجْبَرُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ قَدِ افْتَرَضَ عَلَيْكُمُ الْجُمُعَةَ فِي مَقَامِي هَذَا فِي يَوْمِي هَذَا فِي شَهْرِي هَذَا مِنْ عَامِي هَذَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَمَنْ تَرَكَهَا فِي حَيَاتِي أَوْ بَعْدِي وَلَهُ إِمَامٌ عَادِلٌ أَوْ جَائِرٌ اسْتِخْفَافًا بِهَا أَوْ جُحُودًا لَهَا فَلا جَمَعَ اللَّهُ لَهُ شَمْلَهُ وَلا بَارَكَ لَهُ فِي أَمْرِهِ أَلا وَلا صَلاةَ لَهُ وَلا زَكَاةَ لَهُ وَلا حَجَّ لَهُ وَلا صَوْمَ لَهُ وَلا بِرَّ لَهُ حَتَّى يَتُوبَ فَمَنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَلا لا تَؤُمَّنَّ امْرَأَةٌ رَجُلاً وَلا يَؤُمَّ أَعْرَابِيٌّ مُهَاجِرًا وَلا يَؤُمَّ فَاجِرٌ مُؤْمِنًا إِلا أَنْ يَقْهَرَهُ بِسُلْطَانٍ يَخَافُ سَيْفَهُ وَسَوْطَهُ *
( رواه ابن ماجة )
لا شيء يؤذي العين كأن ترى رجلاً يعد العدة لقضاء نزهةٍ في أثناء صلاة الجمعة ، وقال عليه الصلاة والسلام في حديث أَبِي الْجَعْدِ الضَّمْرِيِّ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنْ تَرَكَ ثَلاثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا بِهَا طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ *
( الترمذي ـ أبي داود ـ ابن ماجة ـ أحمد ـ الدارمي )
ومن يطبع الله على قلبه يجعله في أسفل درك جهنم ، ثلاث جمع من غير عذر ، وفي رواية أخرى : نكتت نكتة سوداء في قلبه ، ثلاث جمع لا تحضرها تصبح قيمك مثل قيم الناس ، تشعر بالضيق والملل والسأم ، وتحدثك نفسك بأكل المال الحرام ، وتحدثك نفسك بالعدوان على أعراض الناس ، وتشعر بمشاعر أهل الدنيا ، ويصيبك ما يصيبهم هذا هو الران ، وقد قال العلماء : الجمعة فرض آكد من الظهر ، يعني فرضية الجمعة أشد قدسيةً من الظهر ، وهي آكد من الظهر على كل من اجتمع به سبعة شرائط ، فتجب عليه حينئذ صلاة الجمعة ، وهي الذكورة ، وقد خرج بهذا الشرط النساء فلا صلاة جمعة عليهن ، والحرية وخرج بهذا الشرط الأرقاء ، والإقامة وخرج بهذا الشرط المسافر ، والإقامة بمصر ، وخرج به المقيم بقرية لا يوجد فيها مسجد ولا إمام ، ولا خطيب ، فتسقط عنه صلاة الجمعة إلا إذا كانت الشمس تأويه إلى قريته ، هكذا قال رسول الله ، معنى ذلك إذا كانت المسافة بين قريته التي لا مسجد فيها ولا إمام فيها وبين مكان فيه صلاة الجمعة وإن ذهب إليها وصلى الجمعة هناك ، وعاد إلى قريته مع المغيب وجبت عليه صلاة الجمعة ، تصور من الظهر إلى المغرب سيرًا على الأقدام ، فإذا سمحت لك الشمس من بعد صلاة الجمعة إلى غياب الشمس أن تذهب إلى هذه البلدة وتصلي فيها وتعود وجبت عليك صلاة الجمعة ، وبحسب المواصلات الحالية اليوم من حمص إلى الشام مسيرة ساعتين ، إذا انتهينا من صلاة الظهر مثلاً الساعة الثانية ، وركبنا سيارة إلى مركز الانطلاق وصلنا الساعة الثالثة ، وساعتين إلى حمص نصل الساعة الخامسة ، فإذا كان الرجل يسكن في حمص مثلاً ، ولا يوجد هناك صلاة جمعة ، وفي الشام يوجد صلاة جمعة ، وما دامت الشمس تأويه إلى قريته ، وإذا تصورنا قرية تبعد عن دمشق كبعد حمص عن دمشق ، فسكان هذه القرية عليهم أن يأتوا إلى دمشق ليصلوا الجمعة ، لأن الوقت كاف أن يأويهم إلى قريتهم قبل مغيب الشمس .
أنا موجود في قرية لا يوجد فيها مسجد ، فيجب أن تذهب مشياً ، وأن تعود مشياً إلى قريتك، ولا تضيع عليك صلاة الجمعة ، وشرط الإقامة بمصر ، فعَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي جَمَاعَةٍ إِلا أَرْبَعَةً عَبْدٌ مَمْلُوكٌ أَوِ امْرَأَةٌ أَوْ صَبِيٌّ أَوْ مَرِيضٌ *
( أبو داود )
ولقولـه عليه الصلاة والسلام : " لا جمعة ولا تشريق ولا صلاة فطر ولا أضحى إلا في مصر جامع أو مدينة عظيمة *
(رواه ابن أبي شيبة عن علي)
فهذا الكلام بالنسبة لنا محلول ، نحن في الشام وما أكثر مساجدها ، إذاً الذكورة والحرية والإقامة بمصر أو فيما هو داخل في حد الإقامة فيها ، كرجل ساكن مثلاً في داريا ، هي تعد من الشام ، أو يسكن في بيت مثلاً في طريق بين دمشق ودوما ، عمّر بيتًا في طريق عام ، ولكن لا يوجد حوله بيوت ، هذا في حكم الإقامة في الشام ، لأنه إذا خرج منه يقصر في الصلاة، وإذا عاد إليه يتم ، إذاً هذا في حكم الإقامة بالمدينة .
والشرط الآخر في صلاة الجمعة الصحة ، فخرج به المريض بما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والشيخ الكبير ملحق بالمريض ، كشيخ كبير لا تحمله قدماه ، أو بصره ضعيف يحتاج إلى قائد ، أو يحتاج إلى عكاز ، والطريق وعر ، وربما وقع فتنكسر بعض أضلاعه .
والخامس الأمن من ظالم ، فلو أن هذا المصلي خرج من بيته لأصابه ظلم ظالم سقطت عنه صلاة الجمعة ، فلا تجب على من اختفى من ظالم ، ويلحق به المفلس الخائف من الحبس ، وعليه ديون والدائنون يلاحقونه ، فلو عثروا عليه في الطريق لألقوا القبض عليه ، وساقوه إلى السجن ، والشرع ما كلف هذا المفلس بصلاة الجمعة .
لكن إذا قتل رجل مؤمنًا خطأ بسيارة واختفى، فلو ظهر للعيان لألقي القبض عليه ، وهل إلقاء القبض عليه ظلم ؟ لا ، هو عدل ، إذاً فعليه صلاة الجمعة .
السادس سلامة العينين ، فلا تجب على أعمى عند أبي حنيفة ، إلا إذا وجد قائداً يقوده إلى المسجد فتجب عليه صلاة الجمعة .
السابع سلامة الرجلين ، فلا تجب عن المقعد لعجزه عن السعي اتفاقاً ، ومن العذر أيضاً المطر العظيم ، والسيول ، والانهدامات في الطريق ، فهذه أيضاً تسقط عن الرجل صلاة الجمعة، ويشترط أيضاً لصلاة الجمعة ستة أشياء ؛ الأول المصر أو فناؤه ، أي أن تكون في بلد فيه مساجد ، أو محيط في هذا البلد ، تصح إقامة صلاة الجمعة في مواقع كثيرة بالمصر ، فالشام فيها ثلاث مائة مسجد ، وهذه المساجد كلها تصح فيها صلاة الجمعة عند أبي حنيفة ، وعند الشافعي الصلاة لمن سبق ، وقد يستحب أن يصلي الإنسان بعد الجمعة أربع ركعات ، كصلاة ظهر ، هذا مرفوض عند الأحناف ، وضعيف عند الشافعية ، لأن صلاة الجمعة تجزئ عن صلاة الظهر ، فإذا قضيتم الصلاة فانتشروا في الأرض .
و من شروط الصحة أن يصلي بهم الأمير إماماً ، والمفروض الأمير أن يصلي بالناس إماماً ، وهذه لها معنى ، لأنّ هذا الأمير اختير لصلاحه وتقواه ، وهو يستطيع أن يخطب بالناس، ويصلي بهم ، وإن لم يكن فنائبه ، وقد ينيب الأمير عنه القاضي أو الخطيب ، والآن الخطباء نواب الأمير في أداء الصلاة .
والشرط السادس أن يدخل وقت الظهر ، فلا تصح الجمعة قبل دخول وقت الظهر ، فعن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ إِذَا مَالَتِ الشَّمْسُ *
( البخاري ـ الترمذي ـ أحمد )
وتبطل صلاة الجمعة لخروج وقت الظهر ، أي من دخول وقت الظهر إلى خروج وقته ، فإذا خرج وقت الظهر بطلت صلاة الجمعة ، والشيء الذي لا بد منه وهو الخطبة ، وهذه عبادة فيها توجيه ، فأي شيء قاله الخطيب ولو كان آية أو حديثًا ، ذكر الناس بأمر دينهم ، وبكتابهم ، وبسنة نبيهم ، وحذرهم وزهدهم في الدنيا ، ورغبهم في الآخرة ، فهذه الخطبة تساوي شحن هذه البطارية ، وكل أسبوع تشحن ويخرج متحمسًا راغبًا في أن تصلي قيام الليل ، وتعمل الصالحات، وتغض بصرك ، فقد يأتي يوم الثلاثاء والأربعاء وتشعر أنّ حماسك فتر ، فالبطارية فرغت ، فتأتي يوم الجمعة وتشح نها مرة أخرى ، أما إذا كان الشحن مستمرًا ، وهؤلاء عوام الناس يشحنون في الأسبوع مرة ، أما المؤمن الصادق فيشحن كل يوم يصلي صلاة متقنة ، ويلتقي مع أهل الحق يومياً ، ويستمع إلى الحق ، ويدعو إلى الله ، فهذا مشحون دائماً وهذا شحن أتوماتيكي ، فدائماً عنده بطارية من مستوى عالٍ ، ولكن عوام الناس كلما ابتعدت المسافة الزمنية بين الخطبة وبين الوقت الذي هو فيه ضعفتْ همتهم .
والخطبة تكون قبل صلاة الجمعة ، فهكذا السنة ، وهكذا فعل النبي عليه الصلاة والسلام، وأن تكون الخطبة مقصودةً لذاتها ، فإذا أصاب الخطيب عطاس فعطس ، فقال الحمد لله رب العالمين ، فليست هذه خطبة ، وليس لها علاقة بالخطبة ، هذا حمد بعد العطاس ، فيجب أن تكون الخطبة مقصودةً لذاتها ، ويجب أن يحضرها واحد ، وليس لها معنى ألاّ يكون أحد في المسجد ، هذه أشياء بديهية ، ولو كان أصمَّ أو نائماً أو بعيداً ، فلا تنعقد الجمعة إلا بخطبة ومستمع ، ولو كان أصمَّ أو نائماً أو بعيداً ، وقد قال الله عز وجل :

( سورة محمد )
إنّ الله عز وجل وبّخ المنافقين لأنهم إذا حضروا مجلس النبي عليه الصلاة والسلام ثم خرجوا من عنده لا يعرفون ماذا قال لهم ، فهم شاردون غارقون في مشكلاتهم ، غارقون في همومهم ، غارقون في الدنيا ، وألاّ يفصل بين الخطبة والصلاة بأكل أو عمل ، وسوف نتابع هذا الموضوع في درس قادم ، لأنه طويل لا ينتهي في مجلس واحد .

* * *

والحمد لله رب العالمين







[quote]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://samera-1968.yoo7.com
مقبول حسون
الادارة
الادارة
مقبول حسون


عدد المساهمات : 2413
تاريخ التسجيل : 08/12/2009

موسوعة كاملة عن الصلاة واحكامها ( 3) Empty
مُساهمةموضوع: : سنن الخطبة   موسوعة كاملة عن الصلاة واحكامها ( 3) Emptyالجمعة أبريل 02, 2010 8:50 am



: سنن الخطبة



بِسْمِ الله الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا وزدنا علماً و أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه ، و أرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

أيها الإخوة الأكارم :
وصلنا في موضوع الفقه إلى صلاة الجمعة ، وسوف نتحدث عن سنن الخطبة ، وسنن الخطبة ثمانية عشر شيئاً ، أولها الطهارة ، بمعنى الوضوء ، والخطبة ليست صلاةً ، فليس من شروطها الوضوء ، ولكن من سنتها الوضوء ، وستر العورة ، والأكمل للخطيب أن يلبس ثياباً فضفاضة كهذا الثوب الذي يلبس ، وهذه الجبة أو العباءة ، لأن هذه الثياب تستر حجم العورة ، وهذه هي الثياب الكاملة .
والجلوس على المنبر قبل الشروع بالخطبة ، والأذان بين يديه كالإقامة ، ثم قيامه واقفاً، والسيف بيساره متكئاً عليه في كل بلدة فتحت عنوةً ، العلماء فسروا هذه السنة لأن الخطيب يري أهل هذه البلدة أنها فتحت بالسيف ، فإذا رجعتم عن الإسلام فالسيف موجود ، فذلك باق بأيدي المسلمين .
واستقبال القوم بالوجه ، وبدء الخطبة بحمد الله سبحانه وتعالى ، والثناء عليه بما هو أهله، والشهادتان ، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والموعظة والتذكير ، وقراءة آية من القرآن ، وأن تكون الخطبة خطبتين ، والجلوس بينهما بمقدار ثلاث آيات ، وإعادة الحمد والثناء ، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في ابتداء الخطبة الثانية ، والدعاء للمؤمنين والمؤمنات بالاستغفار لهم ، وأن يسمع القوم الخطبة ، وأن تخفف الخطبتان بقدر سورةٍ من طوال المفصل ، من السور التي بين الطويلة والقصيرة ، ويكره التطويل في الخطبة ، وترك شيء من السنن ، ويجب السعي للجمعة ، ولذلك في بعض البلاد الإسلامية يؤذن قبل أذان الظهر بساعة تذكيراً للناس كي يستعدوا ويسعوا إلى صلاة الجمعة ، قال تعالى :

( سورة الجمعة )
وفي بلاد الحجاز فيما أعلم في كل مساجد البلاد يؤذن قبل الفجر بساعة لقيام الليل ، وبعدها أذان الفجر ، وقبل أذان الظهر يوم الجمعة بساعة يؤذن للتذكير ، وعندنا في الشام والحمد لله قبل الصلاة بفترة طويلة يذكر المؤذن ، وقبل الفجر يسبح ويترحم ، والتراحيم والتسابيح هذه كلها من باب التذكير ، ولا أنسى مرة سمعت تذكير مؤذن فخشع قلبي وهو المعطي لا يسأل ، وهو الحليم لا يعجل ، وهو الكريم لا يبخل .
و لما يتعلق الإنسان بالله عز وجل ، و بأسمائه الحسنى ، فإذا كانت له حاجة عند الله عز وجل ، أو يخاف شيئاً ، أو يخشى مرضاً فيطلب حاجته ، أو يسأل تيسير العسير ، وليس للإنسان إلا الله عز وجل ، فكلمة إلهي ليس لي إلا أنت ، هذه الكلمة يجب ألاّ تغادر الإنسان ، إلهي رضاك قصدي ، أنت مقصودي ، ورضاك مطلوبي ، فهذه الكلمات يجب أن يكون الإنسان في مستواها .
ويجب السعي للجمعة ، وترك البيع عند الأذان الأول ، فهذا هو الأذان الأول الذي قبل أذان الجمعة بساعة ، وإذا صعد الخطيب المنبر فلا صلاة ولا كلام حتى يفرغ من صلاته ، وكره لحاضر الخطبة الأكل والشرب والعبث ولو بمسبحته ولو بتقليب الحصى ، ولو أن يقول لصاحبه: اسكت ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْصِتْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ *
(رواه البخاري)
والالتفات يمنةً ويسرة ، فهذا مكروه في صلاة الجمعة ، وكُرِه أيضاً أن ترد سلاماً ، فإذا دخل إنسان جاهل وقال : السلام عليكم فليس لك أن ترد عليه السلام ، ولا تشميت العاطس ، فلو أن إنسانًا عطس لم يشمت ، لأن في تشميت العاطس تشويشاً على المستمعين ، وكره الخروج من المسجد بعد النداء ما لم يصلَ ، إذا سمعت المؤذن يؤذن فقد كُرِه لك السفر قبل أن تؤدي صلاة الجمعة ، ومن لا جمعة عليه إنْ أداءها جاز ، كرجل مسافر وصل إلى مدينة فليس عليه صلاة الجمعة ، ولو كان المسجد قريبًا ، وسمع المؤذن يؤذن ، سعى وصلى الجمعة ، جاز له أن يصلي الجمعة مكان الظهر ، وَمن لا عذر له في التخلف عن الجمعة لو صلى الظهر قبلها حرم عليه ذلك ، وكره للمعذور والمجنون أداء الظهر في جماعة يوم الجمعة ، ويكره أن تصلي صلاة الظهر جماعة ، لأنّ فيها فتنة ، فأناس يصلون الجمعة وآخرون يصلون الظهر جماعة ، فكأنهم انشقوا عن الجماعة ، ولا يصلى المعذورُ الظهر مكان الجمعة إلا فرادى ، وكره أن يصلى الظهر جماعة يوم الجمعة لمن كانوا معذورين كالمساجين مثلاً ، فيجب أن يصلوا الظهر فرادى .
ومن أدرك صلاة الجمعة في التشهد الأخير ، أو في سجود السهو أتم جمعته ، والله أعلم ، لكن بركة صلاة الجمعة في خطبتها ، ولما يأتي الإنسان إلى الجمعة في وقت مبكر فكأنما قدم بدنة جمل ، وإذا جاء في وقت بعده فكأنما قدم بقرة ، ومن جاء في وقت بعده فكأنما قدم شاة ، ومن جاء في وقت بعده فكأنما قدم دجاجةً ، من جاء في وقت قريب من الأذان فكأنما قدم بيضة فإذا صعد الخطيب المنبر طويت الصحف وجلس الملائكة يستمعون الخطبة ، وأغلقت الدفاتر ، فلا تسجيل بعدها ، فقد صحّ من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ *
(متفق عليه)
فالتسجيل يكون قبل أن يصعد الخطيب المنبر ، فإذا جئت في وقت مبكر يسجل لك أجر إنفاق بدنة ؛ جمل ثمنه اثنا عشر ألف ليرة ، وبعدها بوقت الساعة الثانية بقرة ، وفي الثالثة شاة ، وفي الرابعة دجاجة ، وفي الخامسة بيضة ، والمقصود بالساعات هنا الوقت ، في عد تنازلي ، فإذا صعد الخطيب المنبر طويت الصحف وجلست الملائكة تستمع الخطبة .

***
والحمد لله رب العالمين








[quote]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://samera-1968.yoo7.com
مقبول حسون
الادارة
الادارة
مقبول حسون


عدد المساهمات : 2413
تاريخ التسجيل : 08/12/2009

موسوعة كاملة عن الصلاة واحكامها ( 3) Empty
مُساهمةموضوع: : صلاة الجنازة ( 1 )   موسوعة كاملة عن الصلاة واحكامها ( 3) Emptyالجمعة أبريل 02, 2010 8:51 am




: صلاة الجنازة ( 1 )




بِسْـمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

موضوع الفقه اليوم صلاة الجنازة ، وهي فرض كفاية ، ومعنى أنه فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الكل ، ويُقابل فرض الكفاية فرض العين ، الذي إذا لم يقم به المسلم لم يسقط عنه .
وأركان صلاة الجنازة التكبيرات والقيام ، وفروضها ستة :
1- إسلام الميت " أن يكون مسلماً " ، أي إنَّ النبي عليه الصلاة والسلام نُهيَّ عن الصلاة على المنافقين ، قال تعالى :

(سورة التوبة)
شُرِعت صلاة الجنازة وزيارة القبور من هذه الآية : " وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ" ، والنبي عليه الصلاة والسلام لم يكن يُصلي على من عليه دين ، فإذا توفي بعض أصحابه الكِرام يسأل هذا السؤال التقليدي : " أعليه دينٌ " ، فإن قالوا نعم يقول : " صلّوا على صاحبكم " ، إلى أن يقول أحدهم يا رسول الله عليَّ دينه ، فقد روى البخاري في صحيحه عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهَا فَقَالَ هَلْ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ قَالُوا لَا فَصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ أُخْرَى فَقَالَ هَلْ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ قَالُوا نَعَمْ قَالَ صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ قَالَ أَبُو قَتَادَةَ عَلَيَّ دَيْنُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَصَلَّى عَلَيْهِ *
فأركانها التكبيرات ، والقيام ، وفروضُها ستة ؛ إسلام الميت وقد ذكرناه أولاً .
2- وطهارته ، لا يُصلّى على الميت إلا بعد أن يكون قد غُسِّلَ التغسيل الشرعي .
3- وتقدّمه أمام القوم : يجب أن يوضع النعش الذي فيه الميت أمام القوم الذين يصلون عليه .
3- وحضوره : أن يكون الميت في هذا النعش ، أو حضور أكثر بدنه ، أي نصفه مع رأسه ، فنصف المتوفى مع رأسه يدخل في باب حضوره .
4- ويجب أن يكون المصلي غير راكبٍ .
5- وأن يكون الميت على الأرض .
فلا يجوز أن يُصلي المصلي على ميتٍ وهو راكب ، ولا أن يكون الميت محمولاً ويُصلّى عليه ، فيجب أن يكون على الأرض ، فإن كان على دابةٍ أو على أيدي الناس لم تجُزْ عليه الصلاة ، إلا إذا كان هناك عُذر قاهر .
وسُنن هذه الصلاة أربعٌ :
1- قيام الإمام بِحذاء صدر الميت .. فيجب أن يقف أمام صدره ، أي أمام قلبه .. ذكراً كان أو أنثى .
2- والثناء بعد التكبيرة الأولى : سبحانك اللهم وبحمدِكَ ، وتبارك اسمُكَ، وتعالَى جدُكَ ، ولا إله غيرُك ، والصلاة على النبي بعد التكبيرة الثانية اللهم صلِّ على سيدنا محمد وعلى آلِ سيدنا محمد ، بعض الفقهاء " ينصُّ أنهُ قد أُثِرَ عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءة الفاتحة والصلاة على رسول الله ".. فإن صليت على النبي أجزأكَ هذا ، وإن قرأت الفاتحة أجزأكَ ذلك .
3- وأمّا بعد التكبيرة الثالثة فتدعو للميت بما شِئت ، وبأي صيغة شِئت ، وبأي دُعاءٍ شِئت ، لكنَّ النبي عليه الصلاة والسلام وقد أوتي جوامع الكلم كان يدعو بهذا الدعاء ، فعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ يَقُولُ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَنَازَةٍ فَحَفِظْتُ مِنْ دُعَائِهِ وَهُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَنَقِّهِ مِنْ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنْ الدَّنَسِ وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ أَوْ مِنْ عَذَابِ النَّارِ قَالَ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ أَنَا ذَلِكَ الْمَيِّتَ *
(رواه مسلم)
ثم يُكبّر التكبرة الرابعة وبعدها يُسلّم ، وبعض الفقهاء يقولون : " يدعو لنفسِهِ بعد الرابعة ثم يُسلّم " ، فإذا سلّمتَ بعد الرابعة أجزأكَ ذلك ، وإن دعوت لنفسِكَ بعد الرابعة أجزأكَ ذلك ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَنَازَةٍ فَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِسْلَامِ اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلَا تُضِلَّنَا بَعْدَهُ *
(رواه أبوداود)
4- ولا يرفع يديه في غير التكبيرة الأولى ، فقط في التكبيرة الأولى ، أمّا الثانية والثالثة والرابعة فلا يرفع المُصلي يديه ، ولو كبّرَ الإمام خمساً لم يُتبّع .
ومن الأدعية المأثورة : " اللهم اجعله لنا خلفاً واجعله لنا أجراً وذخراً واجعله شافعاً مُشفّعاً " .
هذا الذي جاء في مراقي الفلاح عن صلاة الجنازة .
***
كل ابن أنثى و إن طالت سلامته يوماً على آلة حدباء محمول
فإذا حملت إلى القبور جنــازةً فاعلم بأنكَ بعدها محــمولُ
***
ولا بُد من أن ندخل المسجد ليُصلّى علينا ، فهنيئاً لمن دخله طوالَ حياتِهِ ليُصلي ، فإذا أُدخِلَ المسجد ليصلّى عليه يقال : قد كان من قبلُ يُصلي ، أما إن كان لا يُصلّي وأُدخِلَ إلى المسجد ليُصلّى عليه فلن يسمع المصلون على الميت الآلام التي تعتلج في صدره ، وهو يقول : ليتني كنت أصلي ، قال عز وجل :

(سورة القلم)
أنا وأعوذ بالله من كلمة أنا ، أرى أنَّ مشاهد الموت يجب ألاّ تغيب عن أذهاننا ، إن الموت شيء لا بُدَّ من أن يقع ، وأنت متشائم ، لا علاقة لهذا الكلام بالتشاؤم ولا بالتفاؤل ، الموت لا بُدَّ من أن ينزل بنا جميعاً ، فإذا حضر الإنسان حضرَ مشاهد الموت ، وحالة النِزاع ، أين سيتم تغسيله ؟ وأين سيتم دفنه ، ومن سيخرج في جنازته ، وماذا سيكتب على نعوتهِ ، أولاده ، إخوته ، أصهارُهُ ، انظر ماذا سيُكتب : عميد أسرتهم ، أو الشاب ، أو المحامي ، أو الطبيب ، أو المربي فلان ، فلا بُدَّ من أن يُكتب شيء ، فقُم باستحضار مشاهد الموت ، فإذا استحضرتها صغُرت الدنيا في عينيك ، وانتقلت من قلبِكَ إلى يدِك ، ولقد صدَق مَن قال :
***
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوماً على آلة حدباء محمول
***
تصوّر ما بعد الموت : وماذا سيحصل ؟ وماذا سيفعل أولادك بالسيارة ؟ هل تنتصر أمهم عليهم فيبيعونها ؟ أم ينتصرون عليها فيبقونها ؟ ماذا سيفعلون ؟ ماذا سيفعلون في هذه الخزانة التي فيها محتوياتُكَ الثمينة ؟ ومن سيفتح هذه الخِزانة ، كيف ستوزّع هذه المحتويات ؟ هذه مشاهد تهزُّ النفس ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام :
" إن النور إذا دخل الصدر انفسح قيل هل لذلك من علم يعرف به قال : نعم التجافي عن دار الغرور ، والانابة إلى دار الخلود ، والاستعداد للموت قبل نزوله *
(كنز العمال عن ابن مسعود)
والبطولة كما قُلنا : ليس من يقطع طرقاً بطلاً ، هناك جرائد لمن يحرز أرقامًا قياسية في الجري ، أو في السباحة ، أو في القفز العالي ، أو في هذه اللعبة ، أو في تلك ... وهؤلاء يُسمّونَ في مصطلح الدفتر أبطالَ العالم ، فهذا حاز الميدالية الذهبية ، وذاك البرونزية ، والثالث على الفضي :
***
ليس من يقطع طرقاً بطلاً إنما من يتقِي الله البـــطلُ
***
فإذا جاءه مَلَكُ الموت ، وزُحزِحَ عن النارِ ، وأُدخل الجنة فقد فاز ، قال تعالى :

(سورة الحديد)
أحفظُ حديثاً يقصم الظهر ، قال عليه الصلاة والسلام :
" مَن عدَّ غدًا من أجله فقد أساء صحبة الموت "
(البيهقي في شعب الإيمان عن أنس)
اسطوانة الغاز فرغت ، فقلت في نفسك : غداً سوف أبدلها ، ولم تقل : إن شاء الله ، طبعاً غداً سأعيش ، عندي خمسون أو ستون موعدًا .. " من عد غدا من أجله فقد أساء صحبة الموت "
حدثني أخ قصة عن رجل اشترى بيتًا ، ونصف ثمن البيت من زوجته ، وأهمل إفراغ هذا البيت باسمه وباسم زوجتهِ إلى أن أدركته المنية ، وزوجته بعد أن توفي زوجها لم يعترف لها أهلهُ بأنها دفعت نصف ثمن هذا البيت ، فتألمت ألماً شديداً وأخذت في اجتماعاتٍ مطوّلة بين إخوته وأقربائه ، وقدّمت لهم الأدلة على أنها دفعت نصف ثمن البيت ، باعت هذا المحل التجاري ، وأعطت الثمن لزوجِها ، وبعد اجتماعاتٍ دامت أكثر من سنة ونصف اتفقَ أقرباء زوجها على أن يعطوها عشرة أسهم من أربعة وعشرين سهماً فوافقت ، والآن التقى الجميع بمالك البيت ، هذا البيت تمَّ شراؤه قبل خمس سنوات ، والآن ثمنه مليون ، هل تفرغ لنا البيت؟ قال : نعم حباً وكرامة ، هذا من حقِكم ، فأُعطي الأمر إلى بعض الناس لإجراء معاملة الفراغ ، وانتهت المعاملة ، وبقي أن تنزل إلى دوائر التسجيل العقاري ، وينتقل هذا البيت إليها ، والموعد يوم السبت ، فتوفيت يوم الخميس .. هذا هو الموت .. سنة ونصف من الاجتماعات .. باعت دكانها ... ثم ماتت :
***
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوماً على آلة حدباء محمول
***
البطولة أن تُكثر من هذه اللذّات ، مفرّق الأحباب مُشتت الجماعات .
عِش ما شِئت فإنك ميت وأحبب من شِئت فإنك مفارقه ، واعمل ما شِئت فإنك مجزيٌ به .

بالمناسبة : الفقهاء قالوا : " لا بُدَّ من وصيةٍ واجبة ، الوصية أنواع ، وأحد أنواع الوصايا الوصية الواجبة " ، لمن كان في ذمتهِ حقٌ لم يُصرّح بِهِ ، فهذا إذا نام ليلةً واحدةً من غير وصية فقد نام آثماً ، لماذا ؟ لأنَّ هذا الحق متعلّقٌ بِهِ ، وقد لا يعترف الورثة بهذا الحق .
والحمد لله رب العالمين







[quote]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://samera-1968.yoo7.com
مقبول حسون
الادارة
الادارة
مقبول حسون


عدد المساهمات : 2413
تاريخ التسجيل : 08/12/2009

موسوعة كاملة عن الصلاة واحكامها ( 3) Empty
مُساهمةموضوع: : صلاة الجنازة ( 2 )   موسوعة كاملة عن الصلاة واحكامها ( 3) Emptyالجمعة أبريل 02, 2010 8:53 am



: صلاة الجنازة ( 2 )



بِسْمِ الله الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ


الحمد لله رب العالمين ، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا ، إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا وزدنا علماً و أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
أيها الإخوة المؤمنون :
وصلنا في موضوع صلاة الجنازة إلى فصل " مَن أحقُّ بالصلاة على الميت ؟ " فالسلطان أحق بالصلاة على الميت ، ثم نائبه ، ثم القاضي ، ثم إمام الحي ، ثم ولي الميت ، هذا هو التسلسل ، ولمن له حق التقدم أن يأذن لغيره ، ومن له حق التقدم في صلاة الجنازة إماماً أن يأذن لغيره ، فإن صلى غيرُه من دون إذنه فلصاحب الحق في التقدم إماماً أن يعيد الصلاة ، فلو أن ميتاً أوصى أن يصلي عليه فلان ، و بحسب الشرع ، السلطان ، ثم نائبه ، ثم القاضي ، ثم إمام الحي ، ثم الولي ، تقدم قواعد الشرع على وصية الميت في صلاة الجنازة ، ولو أن ميتاً دفن من غير صلاة جاز أن تصلى صلاة الجنازة على قبره وهو مدفون، أمّا إذا اجتمعت الجنائز فالإفراد بالصلاة لكل منها ، أي الأَولى أن يصلى على كل جنازة على حدة ، و أما في الترتيب الزمني فيقدم الأفضل فالأفضل ، وإن اجتمعت جاز أن يصلى عليها جميعاً مرة واحدة ، بشرط أن تُصَفَّ النعوش على شكل رتل أحادي باتجاه المحراب ، أي الرؤوس مع الرؤوس ، الأول فالثاني فالثالث ، و هكذا ، وجُعلت صفاً طويلاً مما يلي القبلة ، حيث يكون صدر كلٍ قدام الإمام ، ويقف الإمام اتجاه صدر الأول ، ووراء الأول صدر الثاني ، و هكذا ، و يراعى الترتيب ؛ فيجعل الرجال مما يلي الإمام ، ثم الصبيان ، ثم النساء ، ولو دفنوا في قبر واحد لحاجة ماسة عُكِس الترتيب ، فيُبدأ بالنساء ، فالصبيان ، فالرجال باتجاه القبلة ، أي الرجل مما يلي القبلة ، ثم الصبي ، ثم المرأة ، أما في المسجد مما يلي الإمام بعكس القبلة ، وهذا هو الترتيب ، ولو فرضنا أنّ رجلاً دخل مسجدًا يُصلى فيه على ميت فلا يجوز أن يقتدي بين تكبيرتين ، بل ينتظر حتى يكبر الإمام فيدخل معه في أثناء التكبيرة ، وبعد أن يصلي يتابع الذي يصلي متأخراً خلف الإمام ، أما من كبَّر مع التكبيرة الرابعة التي بعدها سلام فقد فاتته صلاة الجنازة ، أي إذا دخل مع التكبيرة الرابعة فقد فاتته صلاة الجنازة ، ومن استهل سُمَّيَ و ُغسل و صلي عليه ، فأيّ طفل ولد حديثاً ، وبمجرد أن ولد مات ، فإذا استهل أي إذا رفع صوته بالبكاء سمِّي وغسل وصلي عليه وورث، فصوت البكاء هذا خلال ثانية غيَّر نظام الإرث كله ، يروون حسب القواعد أن السلطان ثم نائبه ثم القاضي ثم إمام الحي ثم الولي هم أحق الناس على الترتيب بصلاة الجنازة إماماً ، ويروى أن أحد القضاة وكان سيئاً جداً من حيث الأخلاق ، تولى منصب القضاء ، وبحكم هذه الأحكام فهو الذي يجب أن يصلي على الجنازة ، فكان يسير خلفها في أثناء التشييع ، ثم أعطى أمراً أن توضع على الأرض فوضعت ، وأعطى أمراً أن يفتح النعش ففتح ، فتقدم إلى أُذُن الميت وهمس في أذنه بعض الكلمات ، ولشدة قسوته وجبروته وظلمه لم يجرؤ أحد أن يسأله ، يا سيدي القاضي ماذا قلت للميت ؟ قيل بعد أيام وكان في انبساط سأله أحد المقربين إليه : يا سيدي ماذا قلت لهذا الميت ؟ قال له قلت له : لو أنك سئلت في الآخرة عن أحوال أهل الدنيا فقل لهم كلمة واحدة ، قل لهم : إن فلاناً قد صار قاضياً وانتهى الأمر ، أي هذه كلمة موجزة تنبئك عن شيء كثير ، إن قيل لك : كيف أحوال أهل الدنيا ؟ فقل لهم : إنّ فلاناً قد صار قاضياً ، ذكرني هذا أن التسلسل السلطان ، ثم نائبه ، ثم القاضي ثم إمام الحي ، ثم ولي الميت .
أما إذا ولد ميتاً غسل في رأي أكثر الأئمة وأدرج في خرقة ودفن من دون أن يصلى عليه ، ولا يصلى على باغ ، أي على إنسان تجاوز الحدود ، ولا على قاطع طريق قُتِل حال المحاربة ، أي قتل في أثناء قطع الطريق ، ولا على قاتل غيلة ، ولا على مقتول عصبية ، هؤلاء جميعاً لا يصلى عليهم ، لأنهم خرجوا عن قواعد الدين ، وفي درس آخر إن شاء الله تعالى نتابع موضوع الجنازة .
و الحمد لله رب العالمين





[quote
]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://samera-1968.yoo7.com
مقبول حسون
الادارة
الادارة
مقبول حسون


عدد المساهمات : 2413
تاريخ التسجيل : 08/12/2009

موسوعة كاملة عن الصلاة واحكامها ( 3) Empty
مُساهمةموضوع: : القصر في الصلاة للمسافر (1)   موسوعة كاملة عن الصلاة واحكامها ( 3) Emptyالجمعة أبريل 02, 2010 8:54 am



: القصر في الصلاة للمسافر (1)



بسم اللَّه الرَّحمن الرَّحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا بما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ،وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

أيها الإخوة الكرام : تنفيذاً للوعد الذي وعدتكم به من أن مجموعة الأسئلة التي وردتني، والتي وجدناها في صندوق الأسئلة والفتاوى ، سوف نجيب عن بعضها في دروس الأحد تباعاً ، وقد وعدتكم في الدرس الماضي أن يكون موضوع هذا الدرس صلاة القصر ، أو القصر في الصلاة للمسافر ، وهذا الموضوع يحتاجه كل مسلم لأن طبيعة هذا العصر تقتضي كثرة الأسفار فما حكم الصلاة للمسافر ؟
القصر جائزٌ في القرآن ، والسنة ، والإجماع ، فالقصر هو اختصار الصلاة من أربع ركعات إلى ركعتين ، في صلاة الظهر ، والعصر ، والعشاء ، فالصلاة الرباعية ، تغدو ثنائية ، فالقصر جائز في القرآن ، والسنة ، والإجماع ، أما بالقرآن فلقول الله تعالى :

(سورة النساء)
والحقيقة أن القصر جائز حتى في حالة الأمن ، والآية تشير إلى أن الإنسان إذا خاف أن يفتن ، أو خاف من عدوٍ قصر الصلاة ، ولكن النبي عليه الصلاة والسلام قصر الصلاة في الحج، والعمرة ، والسفر ، وفي الغزو ، فسنة النبي عليه الصلاة والسلام مفسرة للقرآن الكريم ، قال عز وجل :
" وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا "

(سورة الحشر)
فالنبي عليه الصلاة والسلام أقواله تشريع ، وأفعاله تشريع ، وقد قصر الصلاة في سفرٍ ، و في حجٍ ، و في عمرةٍ ، و في غزوٍ ، فإذا قيّدت الآية بالخوف من فتنة العدو ، فالنبي بسنته العملية أطلقها ، وجعل مجرد السفر يجوز فيه قصر الصلاة .
ولعلماء التفسير أدلة على أن النبي عليه الصلاة والسلام فهِم من هذه الآية بأن أكثر السفر في عهد النبي عليه الصلاة والسلام سفر غزوٍ ، فهذا ليس قيداً ، بل هو وصفٌ ، وليس قيد احتراز ، بل هو قيد صفة ثابتة ، فقوله تعالى :
" فإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناحٌ أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا " ، هذا قيد وصفي ، لأن أكثر الأسفار في عهد النبي أسفار غزو ، ومن شأن الغازي أن يخاف من عدوه .
وأحد أصحاب النبي عليهم رضوان الله سأل سيدنا عمر عن هذا ، فعَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ : " لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمِ الَّذِينَ كَفَرُوا " ، فَقَدْ أَمِنَ النَّاسُ فَقَالَ : عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ *

(رواه مسلم )
فالقصر جائز في حالة الخوف والأمن ، وفي سفر الغزو والحرب والجهاد في سبيل الله، وفي سفر الحج والعمرة ، وفي سفر مباح ، أو لأي سفر آخر ، ولو لزيارة الأصدقاء أو الإخوة ، أو للسياحة .
أما جواز القصر من السنة فقد تواترت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم : فعن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب قال : كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ فِي سَفَرٍ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى طِنْفِسَةٍ لَهُ فَرَأَى قَوْمًا يُسَبِّحُونَ قَالَ : مَا يَصْنَعُ هَؤُلاءِ ؟ قُلْتُ : يُسَبِّحُونَ ، قَالَ : لَوْ كُنْتُ مُصَلِّيًا قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا لأَتْمَمْتُهَا ، صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ لا يَزِيدُ فِي السَّفَرِ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ وَأَبَا بَكْرٍ حَتَّى قُبِضَ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمْ كَذَلِكَ *
(رواه النسائي)
وأجمع أهل العلم على أن من سافر سفراً تقصر في مثله الصلاة سواء كان السفر واجباً ، كسفر الحج إلى المسجد الحرام ، والجهاد ، والهجرة ، والعمرة ، أو مستحباً كالسفر لزيارة الإخوة ، وعيادة المرضى ، وزيارة أحد المسجدين ؛ مسجد المدينة والمسجد الأقصى إن شاء الله تعالى ، وزيارة الوالدين أو أحدهما ، أو مباحاً كسفر النزهة ، أو الفرجة ، أو التجارة ، أو مُكرهاً على السفر كأسيرٍ اقتيد من مكان لآخر ، أو مكروهاً كسفر المفرد بنفسه ، فإذا سافر الإنسان بمفرده فسفره مكروه من دون جماعة ، ففي كل هذه الأنواع من السفر يجوز قصر الصلاة ، فهذا إجماع أهل العلم بالقرآن والسنة والإجماع .
أمّا تعريف القصر فهو اختصار الصلاة الرباعية إلى ركعتين ، الذي يقصر إجماعاً الصلاة الرباعية من ظهرٍ وعصرٍ وعشاء ، أما الفجر فلا يقصر ، والمغرب لا يقصر أيضا، فلدينا أحكام متعلقة بالسفر ، وهذه الأحكام أساسية وسوف نأخذها إن شاء الله تعالى ، فالجمع : جمع الظهر مع العصر تقديما ، أو جمع العصر مع الظهر تأخيرًا ، والقصر ، والمسح على الخف ثلاثة أيام ، وإباحة الإفطار في رمضان ، وهذه الأربعة تختص بالسفر الطويل ، وحرمة خروج المرأة بغير محرمٍ ، وسقوط الجمعة والعيدين ، والأضحية ، وإباحة أكل الميتة للمضطر ، والصلاة على الراحلة ، والتيمم ، وإسقاط الفرض به ، وهذه متعلقة بالسفر القصير ، فهذه كلها أحكام السفر ، واليوم نأخذ فقط حكم القصر في الصلاة .
وهناك سؤال كبير يتردد بين المسلمين هل القصر رخصةٌ أم عزيمة واجبٍ ؟ أيجب أن نقصر ، أم القصر رخصة نأخذ بها أو لا نأخذ ؟ فعلى اختلاف المذاهب نعرض للآراء الثلاثة ؛ إما أنه فرض ، وإما أنه سنة ، وإما أنه رخصة يخير فيها المسافر ، فالأحناف قالوا : القصر واجب ، وهو عزيمة عليك فعلها ، وفرض المسافر في كل صلاة رباعية ركعتان ، لا تجوز الزيادة عليهما عمداً ، ويجب سجود السهو إن سها وصلاها أربع ركعات ، فإن صلّى أربع ركعات وقعد بينهما إلى التشهد عدت الركعتان الأولى والثانية فرضًا ، والثالثة والرابعة نافلة ويكون مسيئاً ، وإن لم يقعد في الثانية مقدار التشهد بطلت صلاته لاختلاط النافلة بها قبل إكمالها، هذا رأي الأحناف ، وأدلتهم أحاديث ثابتة ، منها حديثٌ عن السيدة عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ :

فَرَضَ اللَّهُ الصَّلاةَ حِينَ فَرَضَهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ فَأُقِرَّتْ صَلاةُ السَّفَرِ ، وَزِيدَ فِي صَلاةِ الْحَضَرِ *

(رواه البخاري)
والدليل الثاني حديث ابن عباس قَالَ : فَرَضَ اللَّهُ الصَّلاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً *

(رواه مسلم)
فالقصر واجب عند الأحناف .
فلو ذهبت إلى بيت الله الحرام وأنت مقيمٌ في الحج ولا عمل لك إلا العبادة ، فالأحناف يقصرون الصلاة في الحج والعمرة وسفر التجارة والسياحة والغزو والجهاد وأي سفر ، بل في مطلق السفر ،
والمالكية يرون أن القصر سنة مؤكدة وليس واجبا ، لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ، فما دام الفعل فعله فهو سنة مؤكدة ، فإنه لم يصح عنه في أسفاره أنه أتم صلاته قط ، فعند الأحناف القصر واجب ، والواجب يقترب من الفرض ، وعند المالكية قصر الصلاة سنة مؤكدة ، كما في الحديث المتقدم ، وأما الشافعية والحنابلة فقالوا : القصر رخصة على سبيل التخيير ، فللمسافر أن يتم أو أن يقصر ، والقصر أفضل من الإتمام ، حتى عند الشافعية مطلقاً ، لأنه صلى الله عليه وسلم داوم عليه وكذلك الخلفاء الراشدون من بعده ، وهو عند الشافعية على المشهور أفضل من الإتمام إذا وجد في نفسه كراهة القصر ، فالقصر أولى من الإتمام .
فما دام العلماء قد اجتمعوا على القصر ففي حكم معروف عندكم اسمه الخروج من الخلاف ، فإذا قصرت الصلاة في السفر فقد خرجت من الخلاف كلياً .
أما أدلة السادة الشافعية فمنها قوله تعالى :
"وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة "
وهذا يدل على أن القصر رخصة مخير على فعله وتركه كسائر الرخص.
والحديث السابق عن عمر : صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ

(رواه مسلم )
وقوله عليه الصلاة والسلام :

إنَّ اللَّهَ يُحِبُ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُه كَمَا يُحِبُ أَنْ تُؤْتَى عَزَائِمُه *
(أخرجه البيهقي عن ابن عمر)
وثبت في صحيح مسلم وغيره أن الصحابة كانوا يسافرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم القاصر ، ومنهم المتم ، منهم الصائم ، ومنهم المفطر ، لا يعيب بعضهم على بعض ، هذه أدلة الشافعية .
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا اعْتَمَرَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ حَتَّى إِذَا قَدِمَتْ مَكَّةَ قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي قَصَرْتَ وَأَتْمَمْتُ ، وَأَفْطَرْتَ وَصُمْتُ ، قَالَ : أَحْسَنْتِ يَا عَائِشَةُ وَمَا عَابَ عَلَيَّ *

(رواه النسائي)
فالشافعية معهم أدلتهم ، والأحناف معهم أدلتهم ، والقصر يتردد بين الواجب عند الأحناف ، وبين السنة عند المالكية ، وبين الإباحة على أنه رخصة يؤخذ بها أو لا يؤخذ عند الشافعية والحنابلة ، واختلاف أمتي رحمة .
فالأحكام المتعلقة بالقصر دقيقة جداً ، فالحكم الأول : المسافة التي تقصر فيها الصلاة ، والثاني : نوع السفر الذي يقصر فيه الصلاة ، والثالث : الموضع الذي نبدأ فيه القصر في الصلاة ، والرابع : الزمان الذي يقصر فيه الصلاة إذا أقام المسافر ، هذه الموضوعات هي المتعلقة بقصر الصلاة .
فالمسافة باختصار شديد ومن دون الدخول في تفاصيل أحكامها ثمانية وثمانون كيلو متر ، أي مسيرة ثلاثة أيام ولياليها من أقصر أيام السنة في البلاد المعتدلة ، تعلمون أن في القطب منطقةً يستمر فيها النهار ستة أشهر ، ومنطقة أخرى يستمر فيها الليل ستة أشهر ، فإذا نزلنا قليلاً فقد تغيب الشمس في الساعة الواحدة ليلاً ، وتشرق في الساعة الواحدة والنصف ، أما المنطقة المعتدلة كمنطقتنا فالنهار والليل يتقاربان ، وفي وقتين في العام يتساويان ، وفي الصيف والشتاء يختلفان ، وأطول أيام الصيف سبع عشرة ساعة ، والليل سبع ساعات ، وأقصر الأيام في الشتاء كما تعلمون ، على كلٍ مسيرة أيام ثلاثة بلياليها من أقصر أيام السنة في البلاد المعتدلة بسير الإبل ، أو سير الأقدام ، وهذه قدرت بثمانية وثمانين كيلو مترًا ، وعند بعض المذاهب لا يضر أن تنقص أو تزيد ، تقريباً أن تتجاوز ثمانين كيلو متر فلك أن تقصر الصلاة .
فلو ركبت سيارة وقطعت المسافة إلى النبك بساعة واحدة تقصر الصلاة ، إذْ ليس المقصود بسفر ثلاثة أيام أن تمضي في هذه المسافة ثلاثة أيام ، بل المقصود أن تقطع مسافة كانت تمضى أو تقطع في ثلاثة أيام ، فلو قطعت بسيارة في ساعة واحدة فلك أن تقصر إذا وصلت إلى النبك ، أما الزبداني فلا داعي للقصر .
فلو أنّ الإنسان طاف الدنيا هائماً على وجهه لم يجُز أن يقصر من الصلاة ، فالسفر المقصود تريد حلب أو حمص أو عمّان ، فإذا أردت مكاناً معيناً وقصدته فأنت مسافر ، أما إنسان خرج على وجهه هائماً دون أن يقصد مكاناً هذا لا يجوز له أن يقصر ،على كلٍ هذه حالات نادرة جداً.
والمسافة في البحر أو الجبل أو الجو أو السهل كالمسافة في البر ، والمهم أن تقطع ثمانين كيلو أو أكثر ، يجوز حينئذٍ أن تقصر الصلاة ، ولا يضر أن تقل هذه المسافة قليلاً أو تزيد ، ويقولون أحياناً في بعض الصفقات : زائد ناقص عشرة بالمائة ، فلا مشكلة .
والسادة المالكية استثنوا أهل مكة من هذه المسافة ، فإذا ذهبوا من مكة إلى منى أو غيرها من المناطق قصروا الصلاة .
أما الأحناف فلهم رأي خاص ، ولبقية المذاهب رأي آخر في نوع السفر الذي تقصر فيه الصلاة ، فالأحناف أيُّ سفر تقصر فيه الصلاة ولو كان سفراً مكروهاً ، أو سفرًا فيه معصية، هذا رأيهم ، فقاطع الطريق الذي ذهب ليزني عليه قصر الصلاة ! أيّة صلاة هذه ! والأئمة الثلاثة يقولون لا بد من أن يكون السفر مباحاً أو سفر طاعةٍ ، فأنتم تبسمتم عندما أخبرتكم برأي السادة الأحناف لكن لهم تخريج دقيق ، فإذا سافر الإنسان هل سفره حرامٌ لعينه ؟ لا فمثلاً : لحم الخنزير حرامٌ بذاته ، فإذا دخلت المطعم وتناولت لحمَ ضأنٍ مذبوح على الشريعة الإسلامية ولم يدفع الثمن هل هذا حرام أم حلال ؟ حرام ، لا لأنه تناول لحم الضأن ، بل لأنه لم يدفع الثمن ، فأصبح بذلك حرامًا ، نقول : أكل هذا الطعام حرامًا ، لكن لا لذاته بل لغيره ، فلو أن السفر محرم بذاته ، حيث يمكن أن تعصي الله فيه أو تطيعه ، فما دام السفر ينفك عن المعصية ، وما دامت المعصية تنفك عن السفر إذاً ما نقوله : إن على المسافر أن يقصر من الصلاة ، ولا علاقة لنا بحال المسافر ، وقد يكون مقيمًا يعصي الله ، أرادوا أنه لا ينبغي لنا أن نربط المعاصي بالعبادات ، فكل عبادة لها أحكامها ، والله أعلم ، ولكن رأي الجمهور أنه لا يجوز أن تقصر الصلاة إلا في السفر المباح ، كالحج والعمرة والهجرة من فرّ بدينه ، فكم مِن سفر مباح اليوم ؟ فهناك أسفار كثيرة ، هؤلاء الذين غادروا بلادهم فراراً بدينهم هذا سفرهم مباح ، أو طلباً للعلم ، أو قصداً للرزق ، أو لزيارة الأهل ؛ كأن تزور ابنتك التي هي في بلد بعيد ،فهذا سفر مباح ، أو لزيارة أخٍ في الله أو صديق ، لكن سفر المعصية كالإباق كعبد أبق من مولاه ؛ أي هرب ، وقطع الطريق ، والتجارة في الخمر والمحرمات ، فهذا السفر معصية ، وهناك من يقصد السفر ليرتكب بعض الموبقات في بلد آخر ، وعلى كلٍ فعند الأئمة الثلاثة لا يصح قصر الصلاة إلا في السفر المباح
لقول الله عز و جل :

(سورة البقرة )
فرخصة أكل لحم الخنزير بشرط أن لا يكون باغيًا ولا عاديًا ، فحينئذٍ لا إثم عليه ، فإذا كان باغياً فعليه إثمٌ كبير ، والعلماء قاسوا على هذه الآية .
أما الموضع الذي يبدأ فيه القصر فنمثِّل له بإنسان يتوهم نفسه أنه اليوم مسافر ، وسفره الساعة الواحدة ، والظهر أذَّن الساعة الحادية عشرة والنصف ، فصلى الظهر وقصر الصلاة ، هذا حرام ، إذْ لا يجوز القصر في الصلاة إلا بعد مباشرة السفر ، لا بعد نيّة السفر ، فالنيّة لا يعتد بها أبداً ، فلا تستطيع قصر الصلاة إلا إذا خرجت من المدينة وتجاوزت ظاهرها ، ونحن نرى أنه حول المدينة مرافق كالمقابر والبساتين ، وكل بلد له ترتيبه ، والمهم أن تتجاوز أبنية المدينة حتى يبدأ حكم القصر في الصلاة ، ولا يجوز أن تتم الصلاة إلا إذا دخلت المدينة ، فبخروجك منها يبدأ القصر وبدخولك إليها ينتهي القصر ، فهذا الموضع الذي يبدأ فيه القصر .
أما مقدار الزمن الذي يقصر فيه إذا أقام المسافر ، فعند الأحناف إذا سافر لإنسان ونوى الإقامة أكثر من خمسة عشر يوماً فعليه أن يقصر الصلاة ، سافر ليقيم تسعة أيام أو سبعة أو أربعة عشر يوماً ، فإذا نوى الإقامة خمسة عشر يوماً فما فوق وجب أن يتم الصلاة ، ولو بقي سنوات وسنوات دون أن ينوي الإقامة فعليه أن يقصر الصلاة ، فأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما فتحوا بلاد أذربيجان وقصروا الصلاة ستة أشهر متتابعة ، فأنت تقصر الصلاة ما لم تنوِ الإقامة ، فإذا نويت الإقامة خمسة عشر يوماً فأكثر عند الأحناف فعليك أن تتم الصلاة ، أما المالكية والشافعية فإذا نوى المسافر إقامة أربعة أيام بموضع أتم الصلاة ، والمالكية قالوا : عشرون صلاة فإذا نقصت قصر الصلاة .
فعند المالكية والشافعية والحنابلة إذا نوى أكثر من أربعة أيام أو أكثر من عشرين صلاة أتمّ الصلاة ، أمّا عند الأحناف فخمسة عشر يوماً فما فوق ، فإذا نويت الإقامة أتممت الصلاة ، ويحسب يوم الدخول والخروج من المدة .
شروط القصر في الصلاة : أن يكون السفر طويلاً ، ويبلغ مسافة ثمانين كيلو مترًا فما فوق ، ويقولون : يأتي يوم على الناس -هذه كلمة قرأتها -يطوف الإنسان حول العالم في ثلاث ساعات وليس هذا ببعيد !
الآن يقطع الإنسان المحيط الأطلسي كله بطائرة تفوق سرعتها سرعة الصوت بمدة يسيرة جداً ، فيدور العالم في ثلاث ساعات : الأولى من بيته إلى المطار ، والثانية حول العالم ، والثالثة من المطار إلى البيت ، واليوم الإنسان يذهب بساعتين من دمشق إلى جدة وينتظر في المطار أربع ساعات ، فهذا يقصر ، فأن يكون السفر طويلاً بمقدار مرحلتين كما تكلمنا من قبل ، أي ثمانين كيلو مترًا وما فوق هذا الشرط الأول .
الشرط الثاني أن يكون السفر مباحاً غير محرم أو محظور ، فقد أمسكوا برجل يسرق في بيت الله الحرام ، فلما حقق معه قالوا له : أنت في الحج ، فقال : لا ، فأنا عندما أحرمت أحرمت سارقاً ، فمن المتوقع أن نشاهد حالات نشل وسرقة كثيرة في الحج .
وإذا سافر إنسان لقطع الطريق ، أو ليسرق ، أو ليزني ، أو ليرتكب إثماً فهل ينعقد قصره لو قصر ؟ يجب أن تقولوا : لا تنعقد صلاته أصلاً ، لأن الإنسان عندما يرتكب ذنباً يضع حجاباً بينه وبين الله ، والمعاصي تقطع وتحجب ، فالشرط الأول أن يكون السفر طويلاً ، والشرط الثاني أن يكون السفر مباحاً ، والشرط الثالث أن تجاوز العمران من موضع الإقامة كما بيَّنا ، والشرط الرابع أن تقصد مكاناً معيناً في السفر ، أما أن تقول : دعوها على التيسير ، فهذا هائم على وجهه ، والعلماء عدُّوا تحديد الهدف شرطاً ، أو البلد الذي تريد الذهاب إليه ، فلا قصر ولا فطر لهائم ، وهو من خرج على وجهه لا يدري أين يتوجه ، والشرط الخامس الاستقلال بالرأي ، فالجندي تابع لقائده ، والخادم تابع لسيده ، والطالب تابع لأستاذه ، والزوجة تابعة لزوجها ، فلو أن الزوج ما تكلم لها أن تقصر الصلاة لم يجز لها القصر ، إذْ لا قصر للصلاة إلا إذا كنت مستقلاً بالرأي في السفر ، فأنت صاحب القرار ، أمّا التابع فإذا بلغه قائده : نحن نتجه للنبك ، فيا أيها الجنود اقصروا الصلاة فيقصرون ، أما جندي يتحرك مع قائده ولا يدري المناورة بعد خمسة كيلو مترات ؟ بالتل أم بالنبك ؟ وبما أنه تابع لا يحق له قصر الصلاة ، فالتابعون ليسوا أصحاب قرار في السفر ، وشرط المسافر أن لا يقتدي بمتم أو مسافر يقيم الصلاة ، فرجل شافعي المذهب أراد أن يصلي الظهر أربع ركعات ، فالحنفي المسافر لا يحل له أن يقتدي به إلا أن يتم معه ، أما أن ينفصل عنه بعد صلاة ركعتين ثم يسلم فليس له ذلك ، إذْ يشترط متابعة المقتدي للإمام في الصلاة .
فكل إخواننا الحجاج حتى العلماء لو صلوا في الحرم الظهر يصلون أربعًا ، لأنه يقتدي بمقيم ، إذا اقتديت بمقيم فعليك إتمام الصلاة ، وإذا اقتديت بمسافر يتم صلاته وجب أن تتم الصلاة معه ، لتحقيق شرط المتابعة في الصلاة ، ولا يجوز أن تقتدي بمشكوك السفر .
دخلت المسجد فوجدت الإمام يصلي صليت خلفه ، هل تعرف حاله ؟ أغلب الظن هو مسافر مثلي ، لكني غير متأكد ، فهذا مشكوك السفر ، إن اقتدى بمقيم أو مسافر يتم الصلاة أو بمشكوك الصلاة في السفر ، فيجب على المسافر أن يتم الصلاة ليحقق متابعة الإمام ، فهو شرط في الاقتداء .
لكن الأحناف ما أجازوا أن تصلي خلف الإمام إلا صلاة الوقت ، أي عندما يؤذن الظهر تقام الصلاة ، وهذه الصلاة التي تُصلى بعد أذان الظهر والإقامة اسمها صلاة الوقت ، فالمسافر يجوز أن يقتدي بمقيم في صلاة الوقت فقط ، فإذا صلى الإمام صلاة الوقت أصبح المسافر في ذمته ركعتان فقط ، عندئذٍ لا ينبغي له أن يقتدي بإمام ثانٍ ، دخلت المسجد فوجدت فيه إمامًا يصلي صلاة الظهر ، لكن بعد أن صلى الإمام الراتب صلاة الظهر في وقتها أنت لا ينبغي لك أن تصلي خلفه ، بل ينبغي أن تصلي وحدك صلاة المسافر قصراً ، حتى لو أدركت الإمام وهو في القعود الأخير في الركعة الرابعة يجب أن تصلي الظهر أربعًا ، لأنك لو صليتها ركعتين وقعت في مخالفة الاتباع ، حتى لو أدركت الإمام في التشهد الأخير يجب أن تتم الصلاة أربع ركعات ، لأنك اقتديت بإمام مقيم ، أو إمام يتم الصلاة في السفر ، أو بمشكوك السفر .
فموضوع النية دقيق جداً ، ويرى بعضهم أن على المصلي الذي يقصر الصلاة في السفر أن ينوي القصر عند الإحرام بالصلاة ، فالأصل أن تتمها ، فما دام هناك استثناء فلابد من النية معه ، وبعضهم قال : لا يكفي أن تنوي القصر في أول صلاة السفر ، والصلوات كلها بعد ذلك تتابعها كذلك .
الأحناف قالوا : إنّ نية السفر وحدها تجزئ عن نية قصر الصلاة في السفر ، والشرط الثاني البلوغ ، وهو شرط عند الحنفية ، فالصبي لا يقصر الصلاة لأنه لم يفقه القصر ، فلابد من البلوغ لإيقاع هذا الحكم ، وهذا ملخص لآراء العلماء في شروط السفر .
فعند الأحناف يقصر الصلاة من نوى السفر ، وقصد موضعاً معيناً ، ومتى جاوز بيوت محل لإقامته ، وكان المكان محدداً جاز أن يقصر الصلاة ، أما في هذه الحالة ، لو أن أحدكم سافر إلى بلد ما ، ودخل المسجد ، ونوى أن يصلِّي صلاة السفر قصراً ، وفجأة رأى خلفه ثلاثين شخصاً ! فهناك مساجد أساسية في البلدة ، وفي مركز المدينة يدخلها الناس دائماً ، فدخل أحدهم ووجد إمامًا يصلِّي أول ركعة ، وخلفه ثلاثون أو أربعون ، وأكثرهم قد يكونون أمييّن يجهلون أحكام السفر ، فعليه أنة يصلّى ركعتين ثم يقول بعد سلامه : أتموا صلاتكم فإني مسافر ! قد أضعتهم بهذا ، وجدت حكماً شرعياً ، إنك إذا خفت ألا يفهم الناس عليك ما معنى قصر الصلاة فينبغي أن تصلِّي الصلاة تامة دفعاً للفتنة ولتشويش المصلين ، فإذا صلى أحدكم في مسجد قصراً، ثم شعر أن وراءه أشخاصًا عديدين اقتدوا به ، وغلب على ظنه أنه لو سلم على رأس الركعة الثانية وقال : أتموا صلاتكم فإني مسافر ، وخاف ألاّ يفهموا عليه فيقع في الاضطراب ، فالأَوْلى أن يتم الصلاة ، أما إذا جاء ليصلي في البيت وصاحب البيت معه قال : أنا مسافر سأصلي ركعتين ، الأولى أن يبلّغه قبل البدء في الصلاة ، فإذا صلى ركعتين ، وتشهد ، وقعد القعود الأخير ، وسلم يقول : أتم صلاتك فإني مسافر ، وإذا قالها الإنسان قبل الصلاة أجزأه ذلك.
فما الذي يلغي القصر ؟ أن تزيد مدة إقامتك عن خمسة عشر يوماً عند الأحناف ، أو عن أربعة أيام عند الحنابلة والمالكية والشافعية .
وما الذي يلغي القصر أيضاً ؟ أن تدخل بلدتك ، فكثيراً من الإخوان أخبروني وهم يجهلون هذه الحقيقة أنه مسافر منهَك القوى دخل بيته، وأكمل قصر الصلاة ، فهذا لا يجوز أبداً، صلّ في النبك العشاء قصرًا فلا مانع ، أما إذا وصلت إلى المدينة ودخلت بيتك فأتمَّ ، ولكن لو أن صلاة فاتتك وأنت مسافر قضيتَها قصراً ، ولو فاتتك الصلاة وأنت مقيم ، وأنت الآن مسافر قضيتها تامة .
وفي حالات نادرة لو أن إنسانًا بلدُ إقامته دمشقُ ، فذهب إلى حمص ، وعُيِّن مدرسًا ونقل معه زوجته وأولاده ، فأين يقصر في دمشق أم في حمص ؟ ما دام عمله وزوجته في حمص ، ومكان إقامته الدائم في حمص ، فهذا لو جاء إلى بلدته بنية الزيارة ؛ يومين أو ثلاثة فإنه يقصر في دمشق .
ولو أنّ شخصًا عنده زوجتان ؛ الأولى في حمص ، والثانية في الشام ، فهل يقصر كلما سافر من زوجة لأخرى ؟ لا ، بل عليه تحديد البلد المقيم فيه مع الزوجة الأولى مثلاً ، والزوجة الثانية بلد السفر ، وإذا كان للإنسان أكثر من بلد ؛ كبلد ولد فيه ،وبلد يعمل فيه ، وبلد له فيه زوجة ، فأصبح التداخل واضحاً ، ولا بد من بلد أَصْليٍّ باختياره .
اختلف العلماء في موضوع صلاة السنن في السفر ، النوافل الراتبة تركها ابن عمر وآخرون ، واستحبها الشافعي وأصحابه ، ودليلهم فالصلاة التي تقصر في السفر الظهر والعصر، فالسنن أيضاً تلغى لكن هذا الموضوع فيه خلاف .
وإن شاء الله سوف نذكره بشكل مفصل في درس قادم ، وننتقل فيه إنْ شاء الله إلى موضوع الجمع بين الصلاتين ، فلدينا صلاة الظهر مع العصر جمع تقديم أو جمع تأخير ، وهذا موضوع خلافي بين المذاهب ، فالأحناف لا يجيزون جمع التقديم أو التأخير إلا في مزدلفة وعرفات ، لكن بقية المذاهب يجيزون الجمع بين الظهر والعصر جمع تقديم أو تأخير ، وبين المغرب والعشاء جمع تقديم وجمع تأخير ، وإلى درس قادم إن شاء الله تعالى .
أيها الإخوة ؛ في الدرس الماضي أجبنا عن بعض الأسئلة ، والحقيقة شعرت أن إخواننا تفاعلوا كثيراً مع هذا النوع من الدروس ، سنستمر فيه إن شاء الله تعالى ، فالأحد الأول من كل شهر نفتح هذا الصندوق ، ونقرأ الأسئلة ، ولكن الأفضل أن تكون الأسئلة كلها مكتوبة ، فالسؤال المكتوب تكون الإجابة عنه متأنية ودقيقة وواضحة ، ولا أرغب في السؤال الارتجالي غير المعد في الدرس ، فنحن إن شاء الله تعالى نتابع الإجابة عن الأسئلة في الدروس القادمة ، وربما كانت الدروس كلها بين درسي المناقشة إجابة عن أسئلة دقيقة وردت إلى الصندوق ، لأن السؤال مهم جداً ، كصلاة السفر ، فكل الناس تسافر ، فيختلف بهذا الحكم المصلون ، يجوز أولا هل هو مباح ، نصلِّي أم لا ، فهذا كله ينبغي توضيحه في أذهان الإخوة الأكارم ، وحينما تنتهي هذه الموضوعات نعود للموضوعات الأساسية ، فدرس الأحد مخصص للسنة النبوية ، إما شرح أحاديث ، أو أحكام ، ودرس الجمعة لكتاب الله عز وجل ، ودرس الاثنين للإسلام مطبقاً ، هذه دروس عامة ، أما الدروس الخاصة كدرس يوم السبت ، ودرس الدعاء ، وعلوم قرآن ، وأصول فقه ... وتاريخ التشريع والأديان ، وعلم الأصول والفرائض ، واللغة العربية والخطابة ، وإخواننا الحمد لله يتعلمون في هذه الدورات ويعينون خطباء ، ولهم دعوة طيبة ، فالدروس العامة شيء ، والخاصة شيء آخر ، الخاصة لتعدك أن تكون خطيباً وداعيةً ، والدروس العامة تعدك لتكون مؤمناً متفوقاً .
والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير ، واجعل الموت راحة لنا من كل شر ، مولانا رب العالمين ، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ، اللهم لا تؤمّنا مكرك ، ولا تهتِك عنا سترك ، ولا تُنسِنا ذكرك ، استر عوراتنا ، وآمن روعاتنا ، وآمنا في أوطاننا ، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين ، واجعل جمعنا هذا جمعاً مباركاً مرحوماً ، واجعل تفرقنا من بعد ه معصوماً ، ولا تجعل فينا شقياً ولا محروماً ، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم .
والحمد لله رب العالمين .








[quote]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://samera-1968.yoo7.com
مقبول حسون
الادارة
الادارة
مقبول حسون


عدد المساهمات : 2413
تاريخ التسجيل : 08/12/2009

موسوعة كاملة عن الصلاة واحكامها ( 3) Empty
مُساهمةموضوع: : القصر في الصلاة للمسافر (2)   موسوعة كاملة عن الصلاة واحكامها ( 3) Emptyالجمعة أبريل 02, 2010 8:56 am




: القصر في الصلاة للمسافر (2)



بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا بما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

أيها الإخوة الكرام ؛ بدأنا في الدرس الماضي موضوع فقه القصر في الصلاة ، وبقي لنا في هذا البحث بضعة أحكام نوجزها فيما يلي .
قضاء الصلاة الفائتة في السفر ، فلو أن المسلم فاتته صلاةٌ في أثناء سفره ، فعند الأحناف والمالكية من فاتته صلاة في السفر قضاها في الحضر ركعتين ، ومن فاتته صلاة في الحضر قضاها في السفر أربع ركعات ، أما إذا فاتته في السفر وقضاها في السفر فحكم واضحٌ أنْ يصليها ركعتين ، وإن فاتته في الحضر وقضاها في الحضر فالحكم أربع ركعات ، أما إذا فاتته في السفر وأراد أن يقضيها في الحضر فيقضيها ركعتين ، وإذا فاتته في الحضر وأراد أن يقضيها في السفر يقضيها أربع ركعات ، هذا عند السادة الأحناف والمالكية ، أما عند الشافعية والحنابلة فمن فاتته الصلاة في الحضر ُتقضى أربعًا ، سواء في السفر أو الحضر ، وعندنا شيء في الفقه اسمه الجمع بين المذاهب ، وأوضح ذلك ممثِّلاً له ؛ عند الأحناف إذا مست يد الرجل يد زوجته لم ينقض وضوءه ، وعند الشافعية ينقض وضوءه ، فهناك حكمان متناقضان في المذهبين المختلفين ، فالاتجاه الدقيق هو الجمع بين المذهبين مع التفصيل ، فلو أن الإنسان مست يده يد زوجته وما شعر بشيء ، بل ما شعر إلا كما يشعر لو مست يده أي قطعة أثاث ، فهذا لا شيء عليه ، ولا وضوء عليه ، ولو كان شافعياً ، ولو مست يده يد امرأته وشعر بشيء فعليه الوضوء، ولو كان حنفياً ، وهذا هو الجمع بين المذهبين مع التفاصيل ، فلو تتبعنا العلة التي حملت الإمام أبي حنيفة أن يقول : لا وضوء عليه ، ثم تتبعنا العلة التي حملت الإمام الشافعي على أن يقول عليه الوضوء ، ولو أردنا التفصيل والتبيين لأمكن أن نبحث عن علة إضافية .
بقي موضوع صلاة السنن في السفر ، فللإمام الشافعي قول شهير يجعل الإنسان أحياناً في حيرة من أمره ، ولكن الواقع أحياناً يؤكد قول الإمام الشافعي ، حيث يقول : " من لم يعهد منه سفرٌ لم يعهد منه علمٌ " ، فالسفر أنواع ؛ سفر لطلب العلم ، وسفر لطلب الرزق ، وسفر فرار بالدين ، وأرقى أنواع السفر ما كان في طلب العلم ، ويأتي بعده السفر فراراً بالدين ، ثم السفر في طلب الرزق ، لكن الإمام الشافعي يقول : " من لم يعهد منه سفرٌ لم يعهد منه علمٌ " ، شيء من الخبرات التي يكتسبها الإنسان في السفر أنه كلما توسعت دائرة اتصالاته عرف حجمه وموقعه الحقيقي .
فما من سبيل إلى أن ينتصر المسلم على الطرف الآخر إلا إذا عرف الطرف الآخر ، وعرف حجمه وإمكاناته ، وطريقة تفكيره ، والمبادئ التي يرتكز عليها ، وبهذه الطريقة يمكن تمهيد السبيل إلى نشر هذا الدين في الآفاق ، وهناك قول دقيق استنبطه الإمام الشافعي من تجربته فقال : " من لم يعهد منه سفرٌ لم يعهد منه علمٌ ".
فذكرت لكم في دروس مضت أن الإنسان عاجز وضعيف وجاهل ، والدليل قوله تعالى :


(سورة البقرة)

(سورة الإسراء)


(سورة البقرة)
فالإنسان في الأصل ضعيف وعاجز وجاهل ، لكن الإنسان بالله قوي ، وبالله عالم ، ماذا قال عليه الصلاة والسلام ؟ .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلا تَعْجَزْ ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا ، وَلَكِنْ قُلْ : قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ *
(رواه مسلم)
فإذا كان أمامكم طموحات ترونها بعيدة المنال ومستحيلة فلا ينبغي لكم أن تيئسوا ، ولا أن تشعروا أن الله سبحانه وتعالى لن يعطيكم هذا الهدف ، وهذا الشيء في نص القرآن الكريم والسنة المطهرة ، يقول عليه الصلاة والسلام : " وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلا تَعْجَزْ " ، فعلى الإنسان أن يسعى ، وليس عليه إدراك النجاح ، فالقرار الذي يتخذه في نفسه بشأن مصيره قلّما تنقضه الأيام إذا كان صادراً حقاً عن إرادة وإيمان ، والحديث الآخر المتمم لهذا الحديث ؛ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَقَالَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ لَمَّا أَدْبَرَ حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْكَيْسِ فَإِذَا غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ *
(رواه أبو داوود)
أحياناً تصادف الإنسان مشكلات أو عقبات أو طموحات ، فيتمنى أن يكون في هذا المستوى والمكانة والعلم ، ويتمنى أن يحقق الله على يديه هذه الأعمال الجليلة ، فحينما تشعر أنه أقل من أن يجري الله على يديك هذه الأعمال فهذا من ضعف إيمانك ، أما المؤمن الصادق يشعر أنه بالأصل ضعيف ، والله القوي ، لكن الله لم يطلب إلا أن تسأله بصدق وإخلاص ، فإذا سألته بصدق وإخلاص أنَالك مرادك ، فلذلك النبي عليه الصلاة والسلام قال : " إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ " ، ففي العجز تستسلم ، كأن تقول : إنك ضعيف ، وخصمك قوي ، ولن تقوم للمسلمين قائمةٌ ، وهذا الكلام عين العجز .
فعندما تسمع خبرًا سيئًا يترك في نفسك تأثيرًا سلبيًا عادة ، ويسيطر عليك ، أما المؤمن القوي فمتفائل ، ويعتقد أن الله هو القوي ، وهو على كل شيء قدير، وأن قدرته تتعلق بكل ممكن، وما عليك إلا أن تسأل الله بصدق ، ولذلك ورد في بعض الأحاديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ الْوُضُوءِ وَلَأَخَّرْتُ الْعِشَاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفِ اللَّيْلِ فَإِذَا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفُ اللَّيْلِ نَزَلَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا جَلَّ وَعَزَّ فَقَالَ هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ هَلْ مِنْ تَائِبٍ فَأَتُوبَ عَلَيْهِ هَلْ مِنْ دَاعٍ فَأُجِيبَهُ *

(رواه أحمد )
فيمكننا القول بدقة : إنّ محصلة الإيمان أن تكون بينك وبين الله علاقة متينة ، وأن تكون ربانياً ، وأن تكثر من سؤاله ، وتستغفره ، وتطمح في نواله ، وتطمح بعطائه ، وأن تشعر أن الله قادر على إعطائك أي شيء ، فما عليك إلا أن تطلبه صادقاً مخلصاً ، لأنهما ثمن أي إنجاز تظنه كبيرًا ، ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام قال : "وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْكَيْسِ " ، أي تحرك ، واسأل ، واطلب ، وادعُ ، وفكر ، وتأمل ، وخذ رأي الآخرين ، فعندما تتحرك الله معك إذا تحركت ، فعَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي تَجْرَاةَ قَالَتْ دَخَلْنَا دَارَ أَبِي حُسَيْنٍ فِي نِسْوَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَالَتْ وَهُوَ يَسْعَى يَدُورُ بِهِ إِزَارُهُ مِنْ شِدَّةِ السَّعْيِ وَهُوَ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ اسْعَوْا فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمْ السَّعْيَ *
(رواه أحمد)
فعلى الإنسان أن يسعى ، وليس عليه إدراك النجاح ، وأخبركم بهذه الخواطر ، لأنني عاينتها ، فالإنسان عندما يرى الطرف الآخر قويًّا ، وفي أعلى درجات العلم يشعر أن المسلمين بينهم وبين هذا المستوى مراحل فسيحة ، وما عليهم إلا أن يتعاونوا ويتعلموا حتى يحقق الله على أيديهم النصر ، ويردوا على قوة عدوهم ، وأن يتفقوا ليتفوقوا على عدوهم ، وعندئذٍ ربما كان الله سبحانه وتعالى مستجيباً لدعائه .
فالله عز وجل يلوم على العجز وعلى الاستسلام وعلى الاستخذاء ، وعلى أن تقول : أنا لا أستطيع أن أفعل ، ولكن عليكم بالكيس ، فكلمة لا حول ولا قوة إلا بالله متى تقولها ؟ عندما يغلبك الأمر ، فإذا غلبك أمر فقل : (حسبي الله ونعم الوكيل) ، فأمامنا طالب لم يدرس ، فالنتيجة الحتمية أنه لم ينجح ، فلما فوجئ بهذه النتيجة قال : حسبي الله ونعم الوكيل ، فهذه كلمة حق أريد بها باطل ، فخطأ أن تقول هذه العبارة وأنت مقصر وكسول ، فأصابه سيئات أعماله ، أما هذا الطالب لو درس الدراسة التي يستطيعها ثم أصيب بمرض منعه من أداء الامتحان ، فعندها تقول: حسبي الله ونعم الوكيل ، وأحياناً تاجر يجتهد اجتهادًا جيدًا ، فيصدر قرار يمنعه من استيراد البضاعة ، فيقول : حسبي الله ونعم الوكيل ، فلكي لا ينهار فالإسلام منهج كامل ، فأنت تسعى وتعمل وتفكر وتتأمل ، وبعدها تتوكل على الله ، فإذا غلبك أمر فوق طاقتك ، ولئلا تصاب بالإحباط تقولها ، فهذا الذكر هو صمام أمان ، وهذا الحديث من الأحاديث الأساسية في حياة المؤمن ، فيمكننا القول : إن سبب تخلف المسلمين أنهم يتوكلون في غير وقت التوكل ، ويفهمون القضاء والقدر فهماً سقيماً ما أراده الله عز وجل ، وربما يكون سبب تخلف المؤمنين كما قلت لكم أن الطرف الثاني قوي جداً ، والمسلمون لا يستطيعون أن يردوا على هذه القوة إلا بتعاونهم ووحدتهم ...
قال تعالى :


(سورة المائدة)
والمسلمون إذا استعانوا بالله عز وجل صادقين فهم أقوياء ، فنحن لاشيء ، واللهُ كل شيء ، فأنا لا أقول هذا الكلام لشيء دون آخر ، أو حقل دون آخر ، أقولها لكل الأهداف ؛ للطالب والتاجر ولطالب العلم الشرعي .
ودائماً إذا رأيت الأهداف التي تسعى إليها بعيدة عنك ، وأنك لست في مستواها ، إذا رأيت هذه الأهداف التي تطمح إليها لن تجري على يديك فهذا من ضعف إيمانك ، فاستعن بالله ولا تعجز ، أما إذا غلبك أمر قاهر في أيِّ حقل من حقول الحياة فعندئذٍ قل : (لا حول ولا قوة إلا بالله) ، وهذه كلمة حق تقال في مكانها الصحيح ، أما إذا كنت مقصراً وأصابك جزاء عملك وقلت : ( حسبي الله ونعم الوكيل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله) فهي كلمة حق أريد بها باطل .
وشيء آخر الله سبحانه وتعالى إلهنا وربنا وخالقنا الذي نصر أصحاب رسول الله وقد فتحوا أطراف الدنيا ، فعقبة بن نافع قطع مسافات بعيدة جداً إلى أن وصل إلى المحيط الأطلسي، قطع القارة الإفريقية ، ووصل إلى الطرف الآخر ، وقال قولته الشهيرة : (لو لا هذا البحر يا رب لتابعت الجهاد في سبيلك) ، فمن هم هؤلاء القلة القليلة التي كانت في مكة والمدينة وعرفوا الله عز وجل وانطلقوا يفتحون البلاد وينشرون هذا الدين القوي من هي الدولة العظمى ؟ إندونيسيا التي تعد مائة وخمسين مليونًا فتحت من خلال التجار المسلمين ، ففي اللحظة التي يستقر فيها الإسلام في قلبك لابد أن يعبر عن ذاته بحركة نحو خدمة الخلق ، ونحو الدعوة للحق، فأيُّ مؤمن ساكن لا وجود له ، مؤمن سكوني يؤثر الراحة ، ويميل للانسحاب من الحياة ، يملك فقط قناعات إسلامية فهذا المؤمن على إيمانه أكبر إشارة استفهام ، والأصح أنه ليس مؤمناً ، فالمؤمن يعبر عن ذاته بالحركة .
الآية الكريمة :

(سورة النور)
استخلاف في الأرض وتمكين ، ثم يقول الله عز وجل يقول : (يعبدونني) ، لا شيء أمامنا كي ننتصر ونقوى إلا أن نعبد الله ، وكلما بحثنا عن نصر بعيد عن طاعة الله ، وعن نصر بعيد عن تطبيق منهج الله ، وعن نصر بعيد عن الصلح مع الله ، فهذا نصر كالسراب ، ولن تصل إليه ، فهذا ملخص الملخص ، إذا أردنا الانتصار ولو على أضيق مستوى ، ولو على مستوى خاص بنا فلا بد من أن نعود إلى الله ، ونصطلح معه ، ونستقيم على أمره حتى يعطينا سؤلنا ، فبعض الأفكار التي تتسرب إلى المؤمن تلقي عليه بعض ظلال اليأس ، وهذه المسافة الكبيرة جداً بين قوتنا وقوة خصومنا .
قال تعالى :

(سورة الأنفال)
إذا بذلنا القوة المتاحة بين أيدينا فإنّ ربنا سبحانه وتعالى يتولى الباقي ، وتغير موازين القوى ، فلا بد من الصلح والتوبة والعودة إلى الله حتى نستحق أن تعاد سيرة المسلمين الأولى ، حينما نصرهم الله عز وجل ورزقهم عزاً وكرامةً ونصراً ، فيمكن أن تفهم أي حديث فهمًا سهلاً، فمثلاً تقول : ألف مليون هذه سهلة ، لكن أن تملكه فليس بالشيء السهل ، ولذلك لا نستطيع قطف ثمار الإسلام إلا إذا عشنا هذا الدين العظيم ؛ عشناه في بيوتنا وأعمالنا … فإذا فعلنا ذلك أذاقنا الله عز وجل من ثمار الإيمان اليانعة ، وكلمة أذاقنا أقصدها بالذات ، لقول النبي عليه الصلاة والسلام في حديث الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا*
(رواه مسلم)
قال الإمام الشافعي : من لم يعهد منه سفر لم يعهد منه علم " ، وكلما اتسعت دائرة اتصالاتك ، وأنت يمكن أن تخاطب المؤمنين بقواسم مشتركة كبيرة جداً ، فإذا خاطبت أي مؤمن تقول له : قال الله سبحانه وتعالى ، أو قال الرسول في الحديث الذي رواه مسلم .... تقول له : سمعاً وطاعةً ، فهي قضية سهلة ، وقال سيدنا سعد بن أبي وقاص : "ما سمعت حديثاً من رسول الله إلا علمت أنه حق من الله تعالى" .
فمخاطبة المؤمنين قضية سهلة ، ولكن إذا أردت أن تنشر هذا الدين في الآفاق وجب عليك أن تخاطب الطرف الآخر ، ومحتمل أن الطرف الآخر لا يقتنع بالقرآن الكريم ، والسنة المطهرة، فيحتاج إلى أدلة عقلية ، ومعطيات علمية وموضوعية دقيقة ، وفكر واقعي ، ولذلك الإنسان حينما يحتك مع عقول الطرف الآخر يعرف طبيعته ، ويعرف طبيعة تفكيره باللغة التي يفهمها ، فقضاء الصلاة الفائتة في السفر تقضى ركعتين في الحضر ، وتقضى أربع ركعات في السفر إذا فاتتك في الحضر ، هذا عند الأحناف والمالكية ، والشافعية لهم مذهب آخر .
بقي موضوع ثانٍ هو صلاة السنن في السفر فقد اتفق الفقهاء على استحباب النوافل المطلقة في السفر ، واختلفوا في استحباب النوافل الراتبة ، الظهر قبله ركعتان أو أربع ركعات ، والمغرب بعده في ركعتان ، هذه السنن التي صلاها النبي عليه الصلاة والسلام مع الفرائض ، اسمها سنن الرواتب ، واتفق الفقهاء على استحباب النوافل المطلقة في السفر واختلفوا في استحباب النوافل الراتبة ، فقد تركها ابن عمر وآخرون ، واستحبها الشافعي وأصحابه ، وجمعُ المذهبين مع التفاصيل أنْ يأتي المسافر بالسنن الرواتب إن كان في حال أمن وقرار ، أي مستقراً، وإلا إن كان في حالة سفر وارتحال يصلي الفرائض من دون سنن الرواتب ، وهذا التوجيه يجمع بين المذهبين مع التفاصيل ، ففي السفر يكون أحياناً اضطرابات وحاجات لم تؤمن ، والمواعيد دقيقة المواصلات صعبة ، ففي أيام السفر يمكن أن تستقل بالفرائض التي قصرتها أو جمعتها ، ولكن حينما تستقر في السفر ولو لم تنوِ الإقامة فيمكن أن تصليها كما أمر النبي عليه الصلاة والسلام .
والجمع بين الصلاتين يجوز في كل المذاهب إلا الحنفية ، فلم يسمحوا بالجمع إلا في عرفات ومزدلفة ، جمع الظهر مع العصر جمع تقديم ، والمغرب والعشاء جمع تأخير ، فالصلوات التي تجمع الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء ، في وقت إحداهما ، والأفضل عدم الجمع خروجاً من الخلاف ، فإذا وجد مذهب يمنع الجمع كالأحناف ، ومذاهب يجيز الجمع ، ووُجِد الخلاف ، فكيف أخرج من هذا الخلاف ؟ بعدم الجمع ، أخذت الأحوط ، والقاعدة الفقهية نحن دائماً نستخدم الأحوط عند اليسر ، والأسهل عند العسر ، فنأخذ بالأحوط ونحن في حالة اليسر ، ونأخذ بالأسهل ونحن في حالة العسر ، والله عز وجل قال :

(سورة الحج)
والقاعدة الفقهية تقول : الأمر إذا ضاق اتسع ، وكل إنسان يأخذ بالأشد الأصعب في أوقات الشدة والعسر، فهذا ليس فقيهاً في الدين ، لأن الله عز وجل ما أراد منا المشقة التي لا جدوى منها ، بل أراد منا إقبالنا عليه ، وإخلاصنا له ، فإذا توافر هذا فلا بد من اليسر ، فالذين أجازوا جمع الصلوات؛ صلاتي الظهر والعصر جمع تقديم أو تأخير ، وصلاتي المغرب والعشاء جمع تقديم أو جمع تأخير ، فهؤلاء الذين أجازوا الجمع وهم المذاهب الثلاثة ؛ الشافعية ، والمالكية ، والحنابلة ، لهم شروط ؛ منها : قالوا : اتفق المجيزون للجمع تقديماً أو تأخيراً على جوازه في أحوال ثلاثة : هي السفر ، والمطر ، ونحوه من ثلج وبرد ، والجمع بعرفة ومزدلفة ، عرفة ومزدلفة بند ، والأحوال الجوية بند ، والسفر بند .
وأحياناً يتداخل عند الإنسان حكمة الحكم الشرعي وعلته ، والحكمة غير العلة ، فعلة الإفطار في السفر هو السفر فقط ، وهذه هي العلة الفقهية التي تجيز الإفطار ، السفر فقط ، ولكن الحكمة من الإفطار في السفر هي المشقة ، ولو جعلناها هي العلة ، وقلنا : إن المشقة هي سبب الإفطار في السفر ، وكان السفرُ مريحاً ، فلربما كان في هذا السفر مشقة على الإنسان الكبير في السن ، ولربما إنسان آخر قوي البنية لا يأبه بالسفر الشاق ، لأن الحكمة لا يمكن ضَبْطُهَا ، فيدخل المسلم في متاهة واضطراب وأخذ ورد ، فالفقهاء بحثوا عن العلل ، واستأنسوا بالحكم ، فعلة الإفطار في السفر السفر فقط ، أي سفر كان ؟ ولكن الله عز وجل قال :


(سورة البقرة)
فأنت بعد أن جعلت علة الإفطار في السفر هو السفر فقط فهو علة ثابتة ، والآن تستأنس بالحكمة التي هي دفعُ المشقة ، فلو كان السفر مريحًا وأنت قوي البنية ، فلا ينبغي لك الإفطار ،" وأن تصوموا خير لكم " ، وفي كل حكم شرعي اسأل عن العلة ، واسأل عن الحكمة ، فالعلة قابلة للضغط ، والحكمة ليست قابلة للضغط ، فالأفضل أن نأخذ بالعلة ونستأنس بالحكمة ، وتنفيذاً لهذه القاعدة فالجمع بين الصلاتين أحياناً لا داعي له ، والحكمة دفع المشقة ، كما قال أحد العلماء الكبار : " الشريعة رحمة كلها ، عدل كلها ، مصلحة كلها ، فكل قضية خرجت من الرحمة إلى القسوة ، ومن العدل إلى الجور ، ومن المصلحة إلى المفسدة ، فليست من الشريعة ولو أدخلت عليها بألف تأويل وتأويل ".
فموضوع الشريعة مبنية على المصلحة والرحمة والعدل ، فإنسان يدخل في الدين قضايا ليست من صلبه ، و ما أضر الدينَ إلا إدخالُ أشياء غريبة عنه ، وحذفُ أشياء من صلبه، و هذا ممَّا شوَّه الدين حقيقة ؟ فنحن لا نخشى على الدين من أعدائه ، بل من أدعيائه ، فماذا يفعل أدعياؤه ؟ يضيفون إليه ما ليس منه ، و يحذفون منه ما هو من صلبه ، فإذا أضفتَ إليه ما ليس منه فقد أخرجته عن مساره الصحيح ، و شوهت صورته النقية ، و عطلت حكمه البالغة ، و جعلته أداة للارتزاق ، أما إذا عطلت فيه ما هو من صلبه ، فقد قطعت ثماره اليانعة التي كان من الممكن أن تُقطَف .
ولذلك أيها الإخوة الكرام ؛ دائماً وأبداً أذكِّركم بالآية الكريمة :

(سورة المائدة)
فالإتمام عددي ، والإكمال نوعي ، وهذا الدين لا يحتمل أن تضيف إليه شيئاً لا في العقائد ، ولا في العبادات ، إلا أن الله سبحانه وتعالى تكريماً للإنسان سمح للعلماء أن يجتهدوا ، لأن الله جل جلاله جعل بعض نصوص القرآن الكريم احتمالية الدلالة ، حتى تتسع هذه المعاني المتعددة لمصالح الخلق جميعاً ، فالخلق جميعاً لهم ظروف وبيئات وأطوار متباينة ، فمن أجل تحقيق هذه المصالح أنزل ربُّنا سبحانه وتعالى بعضَ النصوص ذات الدلالة الظنية ، حيث إن المجتهدين في أمور الفقه فقط ، وكما تعلمون لا اجتهاد في مورد النص ، فأن تضيف على الدين ما ليس منه أخطر ما يصيبه ، وكذا أن تحذف منه ما هو من صلبه ، أما من أجل استمراره كما بدأ ، وأن ترى ديننا الحنيف اليوم كما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ، من أجل ذلك لا بد أن نحافظ على أصوله ؛ الكتاب والسنة والسيرة النبوية ، فالكتاب خطاب السماء للأرض ، والسنة بينت وفصلت ، والسيرة جسدت ووضحت ، هذه الأصول ، فأي كلام آخر جاءنا موافقاً للكتاب والسنة فعلى العين والرأس ، أما إذا كان مخالفاً فهو رد ، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ *
(رواه البخاري)
كما ورد في الحديث الصحيح .
وهذا الحديث يوحي للمتوهمين أن كل شيء تحدثه في الدين سنة حسنة ، فلك أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة .
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْتَقَصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ ، وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْتَقَصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ *
(رواه أحمد )
لكن هذا الحديث (مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْتَقَصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ) يصطدم مع حديث مخيف ، فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ يَحْمَدُ اللَّهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ يَقُولُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ ثُمَّ يَقُولُ بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ وَكَانَ إِذَا ذَكَرَ السَّاعَةَ احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ وَعَلَا صَوْتُهُ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ كَأَنَّهُ نَذِيرُ جَيْشٍ يَقُولُ صَبَّحَكُمْ مَسَّاكُمْ ثُمَّ قَالَ مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ أَوْ عَلَيَّ وَأَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ *
(النسائي)
فكيف نوفق بين الحديثين ؟ القضية سهلة ، العلماء قالوا : هناك البدعة اللغوية ، وهناك البدعة في الدين ، فالبدعة اللغوية : كل شيء مستحدث ، في اللغة : فلان ابتدع تدفئة مركزية للمسجد ، فهذه بدعة لم تكن في عهد النبي ، لكنها بدعة لغوية ، لا علاقة لها بالدين أبداً، فكل إنسان أحدث شيئًا في الحياة لم يكن من قبل ، وهذا الشيء متوافق مع مصالح الدين الكبرى فلا مانع منه ، مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْتَقَصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ )
ومرة حضرت عقد قران أحد إخواننا ، ففاجئنا أنه لم يوزع أي نوع من الهدايا إطلاقاً ، على غير العادة ، وخطيب الحفل قال : إننا جمعنا المبالغ التي كان من الممكن أن تنفق كهدايا للإخوة الحضور فبلغت مبلغًا كبيرًا ، وأودع عند الجهة الفلانية ليتزوج بها الشباب المؤمنون ، وهذا شيء جميل ! ، فالجميع توجد عندهم من هذه الهدايا لدرجة أنه لا مكان لها ، فبهذا المبلغ الكبير زوجنا خمسة شباب ، هذا الرجل دعا ثمانمائة شخص للحفل ، وكل مدعو ثمن هديته سبع مائة أو ثمان مائة ، فجمعها ، وإذا بها مبلغ كبير ، فقرر تقديمها إلى جهة أمينة وحريصة لتزويج الشباب ، وهذه سنة حسنة ، وأنا واللهِ أرحب بهذا ، فلو أصر أحدكم على تقديم أي شيء فقدم كتابًا يا أخي في الحديث أو الفقه أو السيرة ، فهو شيء يتأثر به ، وهذه الكتب ثمينة جداً ، وهي سنّة حسنة (مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْتَقَصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ )
أما كل محدثة بدعة ؛ فإذا أضفت إلى الإسلام عقيدة ليست من صلبه ، أو حذفت منه فهذه هي البدعة الضالة ( وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ ) فيجب أن نفهم السنة الحسنة اللغوية كاستحداث شيء ، والتعليق الدقيق أن هذا الشيء المستحدث يقيَّم بشرع الله عز وجل ، فإن وافقه كان سنة حسنة ، وإن لم يوافقه كان سنة سيئة .
والتصوير في عرس النساء على أفلام الفيديو لا أعتقد وجود معصية أشد منها ، فإنسان يستخدم شريطًا ليرى النساء ، وهنّ بأبهى زينة ، وهذه زوجة فلان ، وهذه زوجة فلان ، وهو جالس في غرفته ليشاهد الفيلم فهذه سنّة سيئة ، "وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْتَقَصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ" ، فأنت كمسلم لا يحق لك إرسال زوجتك إلى أي حفل فيه تصوير فيديو ، أو تصوير عادي ، فهي عرضك يراها الناس جميعاً في بيوتهم بأبهى زينة ، وأنت مسلم ، أحياناً يظن بعضهم أن ربنا عز وجل كأنه تخلى عنه ، ابحث عن السبب فإنّ الله عز وجل قال : " وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا َيعْبُدُونَنِي "
(سورة النور)
فإذا أَخَلَّ الطرف الثاني بما عليه فإنّ الله في حلٍّ من وعوده الثلاثة ، قال العلماء : هذه السنة اللغوية ، أو الشيء المستحدث اللغوي إذا وافق مقاصد الشريعة على العين والرأس ، وكثير من الأشياء أصبحت في المسجد لطيفة ، فالمسجد هو بيت الله ، تجد الماء الساخن ، و لم يكن هذا من قبل ، وهذه سنّة حسنة ، وماء بارد للشرب وهذه سنّة حسنة ، أو عزل تحت السجاد ليقي من البرد ، وهذه سنّة حسنة ، وتكبير الصوت ، والإضاءة ، ووجود مكتبة في المسجد ، وبعض المرافق ، هذه كلها جديدة لم تكن من قبل ، وهي سنّة حسنة ، فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ، ومن سنّ سنّة سيئة ، اليوم يدخل الشاب إلى عرس النساء ليجلس إلى جانب زوجته ، وأمامه جمع غفير من النساء الأجنبيات اللاتي لا يحللن له ، فهل هذه مِن عاداتنا ؟ لا ، هذا كلام فارغ بل هي سنّة سيئة ، فالمستحدثات نقيسها بالشرع ، فإن وافقت فعلى العين والرأس، وإن خالفت فهي مرفوضة ، إلا شيئًا فيه مستحدثات موقوفة على نوع استعمالها ، كأن تسمع بالمسجلة القرآن الكريم ، أو دروس العلم ، فهذه سنّة حسنة ، أما أنْ تسمع الغناء فسنّة سيئة ، فهذه الآلة تجوز أولا تجوز ؟ الحكم فيها موقوف على نوع استخدامها ، فهناك شيء حرام مطلقاً كالتصوير ، وشيء حلال مطلقاٌ ، وشيء موقوف على استعماله ، هذا كل شيء مستحدث، لكن الدين في عقيدته وعباداته لا يحتمل أن تضيف إليه شيئاً ، لأن مجرد الإضافة أو الحذف اتهام له بالنقص ، فلا نستطيع التقدم والتفوق إلا إذا اعتقدنا أن هذا الدين تام كامل ، أي عدد القضايا التي عالجها الدين تام ، وطريقة المعالجة كاملة ، وعندئذٍ حرية الحركة تكون بالأحكام الفقهية الشرعية المستنبطة من أحكام كلية ، ومرة أخيرة أقول لكم : الله عز وجل جعل بعض الآيات ذات أحكام احتمالية ، أي ذات دلالات ظنية ، أراد الله جل جلاله كل المعاني المحتملة من هذا النص رحمة بالخلق ، إلى أن قال أحدهم : اختلاف العلماء رحمة واسعة ، واتفاقهم حجة قاطعة ، ولتتجسد الفكرة أمامكم إليكم هذا المثل : موضوع المرأة في الحج إذا جاءتها الدورة الشهرية ، فعند السادة الأحناف عليها أن تقدم جملاً ، وثمن الجمل اليوم مائة وأربعون ألفًا ، ومذهب آخر تصبح أميرة ركبها ، فينتظرونها إلى أن تطهر وهذا مذهب الشافعية ، فالموضوع الجمع بين المذاهب ، والتفصيل ، والبحث عن علة كل اتجاه في المذاهب ، فلو أن هذه المرأة لها ابن في جدة ، وجاءتها الدورة قبل أن تطوف طواف الإفاضة ، وزوجها تاجر ولم يكونوا على عجلة من أمرهم ، فذهبت إلى بيت ابنها في جدة ، وانتظرت سبعة أيام حتى طهرت ، فإنها قلدت المذهب الشافعي ، وهذا شيء جميل ، فلو أنها في فوج ، وهذا الفوج لا ينتظرها ، ولا تملك ثمن جمل تنحره جزاء أمرها فماذا تفعل ؟ عند المالكية تطوف البيت ولا شيء عليها ، لأن هذا عارض سماوي ، فلو فرضنا أنها امرأة ثرية ، وذبحت هذا الجمل ، وأطعمته الفقراء فلا مانع ، فأحياناً تجد أن الأحناف حكمهم أمثل حكم ، وأحياناً الشافعية ، وأحياناً المالكية ، فاختلاف أمتي رحمة ، وفي حالات الإعسار نبحث عن الأسهل ، وفي حالات اليسر نبحث عن الأحوط ، ولا زلنا في الجمع بين الصلاتين في السفر ، أو في الحضر لأحد الأسباب ، كالمطر ونحوه من ثلج وبرد ، أي الظروف الجوية السيئة جداً ، وهذه قد تدعو إلى الجمع في صلاة الجماعة ، والجمع بعرفة ومزدلفة ، وفيما سوى ذلك فموطن خلاف بين العلماء ، وإن شاء الله في درس قادم ننتقل إلى بقية الأسئلة التي طرحت قبل أسبوعين ، لأننا اتفقنا أنّ كل أول شهر نفتح الصندوق ، ونأخذ الأسئلة ونجيب عن المهم منها في درس عام ، وعن بعضها بشكل مباشر ، والحمد لله رب العالمين.

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول بيننا وبين معصيتك ، ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك ، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ، ومتعنا اللهم بأسماعنا ، وأبصارنا ، وقوتنا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منا ، واجعل ثأرنا على من ظلمنا ، وانصرنا على من عادانا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ، ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا ، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم .
والحمد لله رب العالمين .









[quote]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://samera-1968.yoo7.com
مقبول حسون
الادارة
الادارة
مقبول حسون


عدد المساهمات : 2413
تاريخ التسجيل : 08/12/2009

موسوعة كاملة عن الصلاة واحكامها ( 3) Empty
مُساهمةموضوع: : صلاة الكسوف   موسوعة كاملة عن الصلاة واحكامها ( 3) Emptyالجمعة أبريل 02, 2010 8:58 am



: صلاة الكسوف



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة والتسليم على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
أيها الإخوة الكرام :
وعدتكم في درس سابق أن يكون هذا الدرس عن الكسوف وصلاة الكسوف ، لأنه بحسب الحسابات الفلكية سوف نشهد كسوفاً في هذا البلد يوم الأربعاء 11 من شهر آب ، بعد الظهر بقليل ، ولأن صلاة الكسوف مشروعة في الإسلام ، وهي سنة مؤكدة ، وعند الأحناف واجبة ، فلا بد من الحديث عن الكسوف أولاً ، ثم عن صلاة الكسوف ، وكيف تؤدى ، وعن شروطها ، وما إلى ذلك .
أيها الإخوة :
الكون مصطلح معاصر ، بينما مصطلح القرآن الكريم السماوات والأرض ، والسماوات والأرض من خلق الله عز وجل ، وتوجد إحصاءات أخيرة أن في الكون ما يقترب من مائة ألف مليون مجرة ، ونحن في مجرة معتدلة ، هي درب التبانة ، شكلها على شكل مغزل، لو صورناها على شكل مغزل طوله 40 سم تقريباً ، وعليه نقطة لا تزيد عن ربع ميليمتر ، وهذه النقطة هي المجموعة الشمسية ، والمجموعة الشمسية هي الشمس تدور حولها نجوم ، والأرض أحد الكواكب التي تدور حول الشمس .
الشمس أيها الإخوة ؛ لو وازناها مع الأرض لزاد حجمها عن حجم الأرض بمليون وثلاثمائة مرة ، أي إن جوف الشمس يتسع لمليون وثلاثمائة ألف أرض ، والشمس حرارتها في جوفها عشرون مليون درجة ، وعلى سطحها ستة آلاف ، فلو ألقيت الأرض في الشمس لتبخرت في ثانية واحدة في جوفها الداخل ، وبين الشمس والأرض 156 مليون كيلومترًا يقطعها الضوء في ثماني دقائق ، والأرض تدور حول الشمس بسرعة ثلاثين كيلومترًا في الثانية ، وقد مضى عن بدء الدرس الآن خمس دقائق ، دارت الأرض خلالها ألفًا وثلاثمائة كيلو مترًا ، وفي خمس دقائق تقريباً عشرة آلاف كيلو مترًا ، فمنذ أن قلت بسم الله الرحمن الرحيم حتى الآن الأرض قطعت عشرة آلاف كيلو مترًا في دورتها حول الشمس ، وتقطع هذه المسافة في ثلاثمائة وخمس وستين يومًا وربعًا ، وهي السنة الشمسية ، والقمر يدور حول الأرض دورة كل شهر ، فلو أخذنا مركز الأرض ومركز القمر ، فالأرض يدور حولها القمر ، فلو أخذنا مركز الأرض ومركز القمر ووصلنا بينهما بخط ، وهذا الخط هو نصف قطر الدائرة التي هي مسار القمر حول الأرض ، و بحساب بسيط نصف القطر ضرب اثنين ضرب بي (14ر3) نحصل على محيط الدائرة ، يعني بالأمتار إذا عرفنا نصف قطر دائرة مسار القمر حول الأرض عرفنا محيط هذه الدائرة ، و نعرف كم كيلومترًا يقطع القمر في رحلته حول الأرض ، فلو ضربناها بـ 12 لعرفنا كم كيلو يقطع في السنة ، ولو ضربناه بـ ألف لعرفنا كم كيلو يقطع في ألف عام ، قال تعالى :

( سورة الحج : 47 ) .
لو أخذنا الرقم الذي حصلنا عليه من ضرب نصف قطر ضرب 2 ضرب بي (14ر3) لعرفنا المحيط ، ضرب 12 ضرب 1000 ، هذا الرقم الكبير لو قسمناه على ثواني اليوم ، 60 ضرب 60 ضرب 24 لكانت سرعة الضوء الدقيقة ( 299752 ) هذه الآية مضمون نظرية انشتاين ، التي تاه الغرب بها ، وقال كشفنا سرعة الضوء ، وبني على هذه السرعة النظرية النسبية ، وقال علماء هذه النظرية : إن الشيء إذا سار بسرعة الضوء أصبح ضوءاً ، فأصبحت كتلته صفراً ، وحجمه لا نهائياً ، وهذا هو الضوء .
وهذه الآية :

( سورة الحج : 47 )
يعني ما يقطعه القمر في رحلته في ألف عام حول الأرض ، يقطعه الضوء في يوم واحد ، هذا معنى الآية بالضبط ، ما يقطعه القمر في رحلته حول الأرض في ألف عام ، يقطعه الضوء في يوم واحد ، طبعاً قسمنا المسافة على الزمن فكانت السرعة ، وقد لا يخطر في بال الإنسان أن هذه الآية تلخص النظرية النسبية ، لأن الله عز وجل جعل هذا القرآن معجزة مستمرة .
والنبي عليه الصلاة والسلام أحجم عن طرح الآيات الكونية لحكمة بالغةٍ بالغة ، أو لأن الله أمره بذلك ، فلو شرحها شرحاً مبسطاً يفهمه أصحابه لأنكرنا عليه ، ولو شرحها شرحاً مفصلاً نفهمها نحن لأُنكِر عليه ، بل تركت هذه الآيات لتكون إعجازاً مستمراً لكتاب الله على مدى الأعوام ، وإلى نهاية الدوران .
فالمجموعة الشمسية ، الزهرة ، وعطارد ، والمريخ ، والأرض والمشتري ، و نيوتن ، وبلوتن ، هذه الكواكب كلها ممثلة على المجرة درب التبانة بدقة ، وقال العلماء : قطر المجموعة الشمسية 13 ساعة ، أما طول درب التبانة 150 ألف سنة ضوئية ، والمجموعة الشمسية قطرها 13ساعة فقط ، فالآن القمر يدور حول الأرض ، والأرض تدور حول الشمس ، وأحياناً وبحسابات فلكية دقيقة جداً ، يمكن أن يأتي القمر بين الأرض والشمس ، فيحجب عنا أشعة الشمس ، وهذا هو الكسوف ، أن يقع القمر بيننا وبين الشمس ، لا على كل الأرض ، بل على بقعة منها ، ولذلك فالبعثات الآن جاءت من أمريكا ، ومن أوربا ، ومن فرنسا ، ومن بريطانيا إلى منطقة عين ديوار في شمال شرق سوريا ، والكسوف هناك سيكون تاماً ، مدته دقيقتان ، وخلال دقيقتين تصبح الأرض ليلاً تماماً ، وعندئذٍ يرى سكان هذه المناطق النجوم ظهراً حقيقة هذه المرة ، وليس أنْ يقول مزاحا : واللِه لأرِينّك نجوم الظهر ، هؤلاء سوف يرون نجوم الظهر تماماً ، ويرون المشتري ، والزهرة ، وعطارد ، ونيوتن ، وبلوتن ، حتى العلماء ذكروا أسماء النجوم التي ترى ظهراً بعد أيام ، إلا أن في منطقة عين ديوار والحسكة إلى الموصل هذه المنطقة المحدودة كسوفها تام ، يمكن أن ترى ألسنة اللهب حول دائرة الشمس ، وقد يزيد طول هذا اللسان عن مليون كيلومترًا ، وقد يقول قائل : هل مِن المعقول أنّ القمر بحجمه الصغير يحجب عنا أشعة الشمس ؟ الجواب أن قرص الشمس أكبر من قرص القمر بأربعمائة مرة ، ولكن بُعد القمر عن الأرض إذا قسناه إلى بعد الشمس عن الأرض ، فبُعد الشمس عن الأرض يزيد عن بُعد القمر عن الأرض فبأربعمائة مرة ، فلو جئت بليرة سورية معدنية ووضعتها أمام عينك لحجبت عنك جبل قاسيون بأكمله ، لأنّ بُعدها عن عينك خمسة سانتي ، أما بُعد العين عن جبل قاسيون فخمسة كيلو متر فإذا اختلفت المسافة فإنّ الشيء الصغير يحجب الكبير ، فالكسوف يكون القمر بين الأرض والشمس ، أما عندنا في الشام فيبدو كسوف جزئي كوقت المغرب ، طبعاً ليس هناك شمس ، وليس هناك ظلام دامس ، وهذا اسمه كسوف جزئي ، وذكرت هذا في درس اليوم في الطاووسية أن شبكية العين فيها مائة وثلاثون مليون مخروط وعصية ، وهذه مستقبلات للضوء ، وهذه الشبكية مؤلفة من عشر طبقات ، و هي حساسة جداً ، وأخطر ما في العين ، و الذي كشف العدد نال جائزة نوبل عام 1967 ، 130مليونًا مستقبلاً ضوئيًا ، من أجل أن تأتي الصورة ناعمة تماماً ، والذي عاصر الصحف في البدايات ، يذكر أنّ الصور كانت نقطًا خشنة ، وهي مجموعة نقاط ، والآن في الكمبيوتر ، بالطابعة ، يقول لك مثلاً 900 نقطة في مم، أو 600 ، أو 300 ، وكلما كثرت النقاط تصبح الصورة طلسًا ، و جميلة جداً ،ف الله وضع لك في الشبكية 130 مليونًا من أجل أن ترى الصور بدقة بالغة ، فلو صورنا الإخوان بآلة تصوير الآن ، وحمضناها نفاجأ بأن ألوان الوجوه كلها واحدة تقريباً ، ما عدا واحدًا أبيض ناصعًا ، وآخر أسود داكنًا ، أما الأغلبية فلون واحد ، فالأفلام التي يصنعها الإنسان ليس فيها قدرة على أن تظهر تفاوت الألوان ، بينما العين البشرية لو درجت اللون الأخضر 800 ألف درجة ، فإنّ العين البشرية تفرِّق بين درجتين ، السليمة منها طبعاً ، فهذه 130 مليون عصية ومخروط لاستقبال الألوان الأبيض والأسود ، ومن نعم الله علينا وفضله أننا نرى الصور ملونة ، بينما القطط والكلاب لا يرونها ملونة ، بل أبيض وأسود ، أمّا نحن فنراها ملونة ، وهذا من فضل الله علينا ، وهذه الشبكية ليس فيها مستقبلات للألم ، إذْ عندنا أعصاب حس وأعصاب ألم ، وأعصاب حركة ، واللهُ عز وجل ما وضع في الشعرة أعصاب حس ، وإلاّ للزِمك تخدير لقص أظافرك ، ولكن لحكمة بالغةٍ بالغة ما جعل في الأظافر أعصاب إحساس ، ولا في الشعر ، ولحكمة بالغة أيضاً ما جعل في الجهاز الهضمي أعصاب حس ، فلو فتحت حنجرة إنسان ، ووضعت فيها ماءً يغلي لم يشعر بشيء أبداً ، لأنّ أعصاب الحس في اللسان ، ولذلك قال تعالى:

( سورة محمد 15 ) .
ما قال : فأحرقهم قال : " فقطع أمعاءهم " ، كلام القرآن دقيق ، والآن إذا كانت عندنا بحرة فيها صنبور ، وفيها مصرف ، والصنبور إنش ، والمصرف إنش ، وهي ممتلئة لن تفيض، فمتى تفيض ؟ إذا صار الصنبور إنشين ، والمصرف إنشًا ، أو بالعكس ، فقد ضيّقنا المصرف ، وأبقينا الصنبور إنشًا ، قال الله عز وجل :

( سورة المائدة : 83 ) .
وعندنا صنبور مفتوح على قرنية العين ، وعندنا قناة للدمع هي المصرف ، وثمّة تناسب بين صنبور الدمع والمصرف ، والإنسان حينما يبكي يزيد الصنبور على المصرف ، فيحدث فيضان للدمع ، وكلام القرآن كلام خالق الأكوان قال : " ترى أعينهم تفيض من الدمع "، فالله عز وجل ما جعل في شبكية العين مستقبلة للألم ، ولو أن الإنسان الآن من دون كسوف حدق في أشعة الشمس ملياً لاحترقت شبكية عينه دون أن يشعر ، ولعانى من ضعف في البصر، لذلك يُمنع أن تنظر إلى قرص الشمس ، ولكن كسوف الشمس مناسبة مغرية جداً ، كي تحدق في قرصها ، و حينما تحدق في قرص الشمس يمكن أن تصاب الشبكية بأذى خطير ، والأذى الذي قاله الأطباء لا يصحح ، ولا يرمم ، بل تحترق طبقة من طبقات الشبكية ، إذا حدقت في قرص الشمس في أثناء الكسوف تحترق والعلماء قالوا : إذا كان هذا الخطر قائماً على الكبار فهو على الصغار أشد ، لأن شبكية العين عند الصغار حساسة جداً ، وضعيفة المقاومة ، فلو سمحنا لأطفالنا أن يحدقوا في قرص الشمس في أثناء الكسوف لأصاب شبكيتهم خلل خطير قد لا يرمم ، ولعل النبي عليه الصلاة والسلام لحكمة بالغةٍ بالغة أمرنا أن نصلي وقت الكسوف ، وأن نطيل الركوع والعين نحو الأرض ، وأن نطيل السجود والعين على سطح الأرض ، وأن نطيل الركوع والسجود كي لا نرى قرص الشمس في أثناء الكسوف .
أيها الإخوة :
مات ابن رسول الله عليه الصلاة والسلام ، وهو سيدنا إبراهيم ، ورافق هذا الموت كسوفٌ للشمس ، فتوهم الصحابة الكرام لعظم قدر النبي عندهم أن الشمس كسفت لموت إبراهيم ، فقام النبي عليه الصلاة والسلام خطيباً وقال : إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَادْعُوا اللَّهَ وَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِيَ *
(رواه البخاري عن المغيرة بن شعبة)
والنبي أمرنا أن نصلي صلاة الكسوف ، فهذه مقدمة عن الكسوف ، وعن أصله .
أما الخسوف فتقع الأرض بين الشمس والقمر ، وأما الكسوف فيقع القمر بين الشمس والأرض .
تعريف الكسوف : ذهاب ضوء أحد النيرين ؛ الشمس والقمر أو بعضه ، ذهابًا كليًّا فنقول عنه : إنه كسوف كلي ، أو ذهابًا جزئيًا فنقول : إنه كسوف جزئي ، و تغيره إلى سواد ، يقال : كسفت الشمس ، وكذا خسفت ، كما يقال : كسف القمر أو خسف ، كلاهما جائز ، كسوف أو خسوف للشمس والقمر ، ولكن المصطلح أن الكسوف للشمس ، والخسوف للقمر.
صلاة الكسوف : صلاة تؤدى بكيفية مخصوصة ، عند ظُلمة أحد النيرين أو بعضها ، وهذا هو الحكم التكليفي ، والصلاة لكسوف الشمس سنة مؤكدة عند جميع الفقهاء ، و في قولٍ للحنفية إنها واجبة ، أما الصلاة لخسوف القمر فهي سنة مؤكدة عند الشافعية والحنابلة ، وهي حسنة عند الأحناف ، ومندوبة عند المالكية ، والأصل في ذلك الأخبار عن رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فعن زِيَادُ بْنُ عِلاقَةَ قَالَ سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ يَقُولُ انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ فَقَالَ النَّاسُ : انْكَسَفَتْ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَادْعُوا اللَّهَ وَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِيَ*
(أخرجه الشيخان وغيرهما ).
ولأنه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاها لكسوف الشمس كما رواه الشيخان ، ولخسوف القمر كما رواه ابن حبان في كتابه الثقات .
وعن الحسن عن ابن عباس : أنَّ القمر كَسَف وابنُ عباس بالبصرة فخرج ابن عباس فصلى بنا ركعتين في كل ركعة ركعتان ثم ركب فَخَطَبَنا فقال : إنما صليتُ كما رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يصلي وقال : إنما الشمسُ والقمرُ آيتان من آيات اللَّه لا يُخْسَفَانِ لِمَوْتِ أحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ ، فإذا رَأيتُمْ شيئاً منها كاسفاً فليكُن فَزَعُكم إلى ذكر اللَّه عز وجل ‏.
(مسند الإمام الشافعي)
وهي صلاة ذات ركوع وسجود ، لا أذان لها ولا إقامة ، أما وقت هذه الصلاة فمِن ظهور الكسوف إلى حين زواله ، لقول النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَادْعُوا اللَّهَ وَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِيَ ، فصار وقتها من بدء الخسوف أو الكسوف إلى انجلاء الكسوف أو الخسوف ، فجعل الانجلاء غاية الصلاة ، ولأنها شرعت رغبة إلى الله في رد نعمة الضوء .

( سورة القصص : 71 ) .
ومعنى حكمة صلاة الكسوف ، أن نعرف نعمة الضوء ، وقد كان يقول عليه الصلاة والسلام : يَا سُبْحَانَ اللَّهِ أَيْنَ اللَّيْلُ إِذَا جَاءَ النَّهَارُ *
(رواه أحمد عن سعيد بن أبي راشد في حديثه الطويل)
تكون مستوحشًا خائفًا من أشباح ، شاعرًا بخوف ، وقلق ، فتشرق الشمس ، ومع إشراق الشمس يمتلئ القلب شعوراً بالأمن ، والطمأنينة ، فنعمة الضوء نعمة كبيرة جداً ، وقد أعجبني في بعض البلاد الأجنبية ، أنه ما من بيت إلا ويستخدم أشعة الشمس في الإضاءة ، عن طريق فتحات في السقف ، وهذا شيء مطبق في معظم البيوت ، فتحات في السقف يستخدمون أشعة الشمس في الإضاءة ، لأنها أشعة ربنا ، فلا ثمن للكهرباء آخر الشهر ، والآية الكريمة :

( سورة القصص : 71 ) .
في هذه الآية قال :

أما الآية الثانية فقال تعالى :

( سورة القصص : 72 ) .
والعلماء قالوا : في النهار الحاسة الأولى هي البصر ، أما في الليل فالسمع ، سمعنا صوتًا ، لكن لم نرَ شيئًا ، سمعنا صوتا فقط ، يقلق في الليل الحاسة والأولى هي السمع ، في النهار الحاسة الأولى هي البصر ، إذاً لعلها شرعت لتقدير نعمة الضوء في حياة الإنسان ، وربنا عز وجل حرك أشياء وثبت أشياء ، فثبت أشعة الشمس ، إنها في شروق دائم .
صلاة الكسوف في الأوقات التي تكره فيها الصلاة : اختلف الفقهاء في ذلك ، فذهب الأحناف إلى أنها لا تصلى في هذه الأوقات التي ورد فيها النهي عن الصلاة ، من شروق الشمس حتى ترتفع ، ومن كون الشمس في كبد السماء حتى تزول ، ومن اصفرار الشمس حتى تغيب ، فهذه ثلاثة أوقات تكره فيها الصلاة ، فلو كان الكسوف في هذه الأوقات كُرِهت عند الأحناف ، لأنها أوقات مكروهات ، أما عند السادة الشافعية فصلاة ذات السبب تصلى في وقت الكراهة ، أما أن تصلي نفلاً مطلقاً فمكروه ، فإذا وُجد سبب للصلاة صلِّيتْ في وقت الكراهة ، فإذا كنت مع المذهب الحنفي ، وكان الكسوف في وقت مكروه فتجعل مكانها تسبيحًا و تهليلاً و استغفارًا ، و تفوت صلاة كسوف الشمس لأحد أمرين ؛ الآن إذا أراد شخصٌ أن يصلي الجنازة ، و قد انتهت الصلاة عليها فقد فاتته ولا يصليها ، و متى تفوت صلاة الكسوف ؟ تفوت لأحد أمرين ؛ انجلاء جميعها ، ؛ انتهى الكسوف ، و انتهت معه الصلاة ، فإن انجلى البعض فلك أن تصلي صلاة الكسوف ، فإن انجلى البعض فله الشروع للصلاة للباقي .
والشيء الثاني أن صلاة الكسوف تنتهي بغروب الشمس ، ولو كانت مكسوفةً ، ولو قبل الغروب بربع ساعة ، كسفت ، ثم غابت ، فغياب الشمس إنهاء لصلاة الكسوف ، والمعنى الذي أراده النبي أن تكون في أثناء الكسوف مصلِّيًا ، وتطيل الركوع والسجود .
أما السنن ؛ فيسن لمن يريد صلاة الكسوف أن يغتسل ، لأنها صلاة شرع لها الاجتماع ، وأن تصلى حيث تصلى الجمعة ، لأن النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاها في المسجد ، إذاً أول سنة ـ الاغتسال ـ وثانيها أن تصلى في المسجد ، في مكان صلاة الجمعة ، وأن يدعى له :
" الصلاة جامعة " ، و ليس لها أذانٌ ، ولا إقامة ، اتفاقاً ، ومن السنة أن يكثر ذكر الله فيها والاستغفار ، والتكبير ، والصدقة ، والتقرب إلى الله تعالى بما استطاع من القرب ، لقول النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَادْعُوا اللَّهَ وَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِيَ " ، فعليك بالإكثار من الصدقة ، والأعمال الصالحة ، و القرب من الله ، والدعاء والاستغفار ، والتكبير ، وأن تصلى جماعة ، لأن النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاها في جماعة .
و قال أبو حنيفة والإمام مالك : يصلى لخسوف القمر وحداناً فرادى ، ركعتين ركعتين ، ولا تصلى جماعة لخسوف القمر ، لأن الصلاة جماعة لخسوف القمر لم تنقل عن النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مع أن خسوفه كان أكثر من كسوف الشمس ، ولأن الأصل أن غير المكتوبة لا تؤدي في جماعة إلا بالدليل .
إذاً خسوف القمر تصلى صلاته فرادى ، و كسوف الشمس تصلى صلاتها جماعةً .
وأبو حنيفة رحمه الله تعالى قال : لا خطبة لصلاة الكسوف ، وذلك لقول النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَادْعُوا اللَّهَ وَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِيَ ، أمرهم عليه الصلاة والسلام بالصلاة ، والدعاء ، والتكبير والصدقة ، ولم يأمرهم بخطبة ، ولو كانت الخطبة مشروعة فيهم لأمرهم بها ، و لأنها صلاة قد يفعلها الفرد في بيته فلم تُشرع له خطبة .
وقال الشافعية : يسن أن يَخطب لها الإمام بعد الصلاة خطبتين كخطبتي العيد والجمعة ، لما روى لسيدة عائشة عن رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه لما فرغ من الصلاة قام وخطب في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَادْعُوا اللَّهَ وَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِيَ *
(رواه البخاري عن عائشة )
أيها الإخوة :
تشرع صلاة الكسوف للمنفرد ، والمسافر ، والنساء ، المسافر يصليها ، والمنفرد يصليها ، والنساء يصلينها ، لأن عائشة وأسماء رَضِي اللَّه عَنْهما صلتا مع النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ويستحب للنساء غير ذوات الهيئات أن يصلين مع الإمام ، أما مَن تخشى الفتنة منهن فيصلين في البيوت ، لأن الفتنة ينبغي أن تُبعَد عن الصلاة .
والحقيقة عند الأحناف صلاة الكسوف ركعتان كأي صلاة ، ركعتان وركوعان ، و أربع سجدات، لكل ركعة قيام ، وقراءة ، وركوع ، وسجدتان ، كأية صلاة .
أيها الإخوة :
بقي علينا كيفية صلاة الكسوف ، لا خلاف بين الفقهاء في أن صلاة الكسوف ركعتان، و اختلفوا في كيفية الصلاة بها ، فذهب الأئمة الإمام مالك والشافعي وأحمد إلى أنها ركعتان ، وفي كل ركعة قيامان ، وقراءتان ، وركوعان ، وسجودان ، واستدلوا لما رواه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ قَالَ : انْخَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا نَحْوًا مِنْ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ تَجَلَّتْ الشَّمْسُ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْنَاكَ تَنَاوَلْتَ شَيْئًا فِي مَقَامِكَ ثُمَّ رَأَيْنَاكَ كَعْكَعْتَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي رَأَيْتُ الْجَنَّةَ فَتَنَاوَلْتُ عُنْقُودًا وَلَوْ أَصَبْتُهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتْ الدُّنْيَا وَأُرِيتُ النَّارَ فَلَمْ أَرَ مَنْظَرًا كَالْيَوْمِ قَطُّ أَفْظَعَ وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ قَالُوا بِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ بِكُفْرِهِنَّ قِيلَ يَكْفُرْنَ بِاللَّهِ قَالَ يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ وَيَكْفُرْنَ الْإِحْسَانَ لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ كُلَّهُ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا قَالَتْ مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ *
(متفق عليه)
وقالوا : وإن كانت هناك رويات أخرى إلا أن هذه الرواية هي أشهر الرويات في الباب ، و الخلاف بين الأئمة في الكمال لا في الإجزاء والصحة ، فيجزئ في أصل السنة ركعتان كسائر النوافل عند الجميع ، فيجزئك أن تصلي ركعتين فقط كأية صلاة عادية ، وهذا الحد الأدنى ، والحد الأعلى من الأدنى ، وأدنى الكمال عند الأئمة الثلاثة أن يحرم بنية صلاة الكسوف ، نويت أن أصلي صلاة الكسوف ، و يقرأ فاتحة الكتاب ، ثم يركع ، ثم يرفع رأسه ويطمئن ، ثم يركع ركوعاً ثانياً ، ثم يرفع رأسه ويطمئن ، ثم يسجد سجدتين ، فهذه ركعة ، ومقبول منك ركعتان كأية صلاة ، قيام ، وقراءة ، و ركوع ، و سجدتان ، أي ركعتان ، فالحد الأدنى من الكمال كما ذكر قبل قليل أنْ تقف ، وتقرأ ، وتركع ، ثم تقف ، وتطمئن وتركع ، ثم تقف وتطمئن ، وتسجد سجدتين ، وتعيدها كالركعة الثانية .
إذاً هي ركعتان ، وفي كل ركعة قيامان ، وركوعان ، وسجودان ، و باقي الصلاة من قراءة ، وتشهد ، وطمأنينة كغيرها من الصلوات أعلى الكمال ، الآن المدارس درجات ؛ مقبول ، وناجح ، و شرف ، فأدنى النجاح مقبول كما قلت قبل قليل ، وأعلى الكمال أن يحرم ، و يستفتح، و يستعيذ ، ويقرأ الفاتحة ، ثم سورة البقرة ، أو قدرها في الطول ، ثم يركع ركوعاً طويلاً ، و يسبح قدر مائة آية ، ثم يرفع من ركوعه فيسبح ويحمد الله عز وجل في اعتداله ، ثم يقرأ الفاتحة ، و سورة دون القراءة الأولى آل عمران ، أو قدرها ، ثم يركع فيطيل الركوع ، وهو دون الركوع الأول ، ثم يرفع من الركوع فيسبح و يحمد ، ولا يطيل الاعتدال ثم يسجد سجدتين طويلتين ، ولا يطيل السجود بين السجدتين ، ثم يقوم إلى الركعة الثانية فيفعل مثلما فعل في الأولى ، لكن يكون دون الأول في الطول في كل ما يفعل ، ثم يتشهد ويسلم ، فعندك حد مقبول ومتوسط ، وعالٍ .
المقبول : ركعتان ، كأية صلاة .
المتوسط : ركعتان كل ركعة بقيامين وركوعين وسجودين .
العالـي : تقرأ البقرة ، وتسبح مقدار مائة آية ، وتقف مرة ثانية وتقرأ آل عمران ، و تسبح مقدار مائة آية ، أو أقل بقليل ، ثم تقف وتطمئن ، ثم تسجد ، وتسجد ، و تعيد في الثانية ما فعلته في الأولى .
والآن يجهر بالقراءة في خسوف القمر ، لأنها صلاة ليلية ، والصلوات الليلية جهرية ، والنهارية سرية ، و لخبر عائشة أن النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جهر في صلاة الخسوف ، ولا يجهر في صلاة كسوف الشمس ، والنبي ما صلاها جماعة الخسوف ، بل صلاها فرداً في بيته ، فمَن الحجة في ذلك ؟ السيدة عائشة ، صلاها بقراءة جهرية ، لأنها صلاة ليلية .
إن النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى صلاة الكسوف فلم نسمع له صوتاً ، لأنها صلاة نهارية ، وإلى هذا ذهب الحنفية والمالكية والشافعية .
أما الخطبة فليست واردة كما قلت في صلاة الكسوف ، إلا أن بعض الأئمة قالوا : لأن النبي قام وقال : إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَادْعُوا اللَّهَ وَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِيَ .
(متفق عليه)
وهذه الصلاة أيها الإخوة سنة مؤكدة عند جميع الأئمة ، وهي واجبة عند الأحناف ، ونحن إن شاء الله تعالى نصليها يوم الأربعاء ، فإذا لم أسافر سأكون معكم إن شاء الله ، وعلى كلٍ فأبو محمد الله جزاه الله خيرًا يصلي بنا إماماً الحد المتوسط ، حتى لا ننفر الإخوان ، إن شاء الله نصليها يوم الأربعاء في أثناء الكسوف ، إذا لم أسافر سأصليها معكم ، فإذا سافرت فاعذروني ، أصليها منفردا .
والحمد لله رب العالمين






[quote]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://samera-1968.yoo7.com
 
موسوعة كاملة عن الصلاة واحكامها ( 3)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» موسوعة كاملة عن الصلاة واحكامها ( 1 )
» موسوعة كاملة عن الصلاة واحكامها ( 2 )
» موسوعة الأربعين النووية كاملة
» تعليم الصلاة بالصور للكبار و تعليم الصلاة للأطفال
» موسوعة الأخلاق

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات صرخة الاقصى :: ##### المنتديات الآسلامية ##### :: منتدى فقة العبادات-
انتقل الى: